الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أمر الله الحذر، ولا يحمى (1) من جنده محجوز البناء بصخور الحجر. نعلمه بما سهّل الله من فتوح حصن الاكراد، الذى حصنته وبنيته وعليته وملحته وحليته، وكنت الموفق لو خليته. واتكلت على اخوتك فى حفظه فما نفعوك، وقصدت (3) بصنيعهم فيه بالاقامة فضيعوا أنفسهم وضيعوك. ولا شك أنهم ابذلوا جهد الاستطاعة، ولكن الكثرة غلبت الشجاعة، خصوصا إذا اجتمعت الكثرة والشجاعة. وما كانت هذه العساكر تنزل على حصن فيبقى، ولا تخدم (6)(138) سعيدا فيشقى، ولا يتأخر عن طاعتها سيف ولا سنان. فلذلك ما نزلت على حصن إلا وأخذ إما بالسيف وإما بعد الامتنان بالأمان. وعلى كل حال نحن نبشّر المقدم بسلامة نفسه إذ كانت له الحقيقة فى البشارة، ويتيقن أن الربح فى باطن الأمر، وإن كان فى الظاهر الخساره؛ وهى سلامة النفس التى لا يتعوّض عن ذهابها الميت. وينبغى للعاقل أن لا يفوّت المصلحة حتى يقول ليت، ويقول بعد [الأخ لا كانت] (11) الأخوه: وبعد رب البيت لا كان البيت. فهذه أمور لله يصرفها، والعاقل يتفكر فيها ويعرفها، فالله يلهمك رشدا تحفظ به ما بقى، ويرزقك توفيقا تختار به لنفسك السلامة وتبقى».
ذكر نبد من اخبار حصن الاكراد
كان الملك صنجيل لما نزل طرابلس لا يقطع الغارات عن هدا الحصن وما قاربه من الحصون. ثم انه قصده فى سنه ست وتسعين واربع مايه، وحاصره واشرف على اخده. فاتفق قتل جناح الدوله صاحب حمص، فطمع فى حمص، ورحل عنه، ثم انه هلك. وملك بعده ولده بدران، فمشا (18) على عاده ابيه فى اديه هذا الحصن،
(1) ولا يحمى. . . الحجر: فى ابن عبد الظاهر ق 146 ب، تحقيق الخويطر ص 1184 «ولا يحمى منه محجور البناء ولا مبنى الحجر»
(3)
وقصدت. . . بالإقامة: فى ابن عبد الظاهر «وضيعتهم بالإقامة»
(6)
ولا تخدم: مكرر فى الأصل
(11)
ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش
(18)
فمشا: فمشى--اديه: أذية
فخافه من كان فيه. فتوجه الى حصار بيروت، فخرج اليه الملك طنكلى صاحب انطاكيه، واستولى على اكثر البلاد، ونزل على هدا الحصن، وكان اهله قد بقوا فى غايه الضعف، فنزل اليه صاحبه وسلمه له يرجوا (3) انه يبقيه كونه اختاره على بن صنجيل (4). فملكه طنكلى واستمر فى يده. هدا ما دكره ابن عساكر-رحمه الله فى تاريخه.
واما ابن منقد (6)، فدكر فى كتاب البلدان ان الشهيد نور الدين محمود بن زنكى صاحب الشام-رحمه الله-كان قد عامل رجالة بعض التركمان (139) المستخدمين من جهه الفرنج بهدا الحصن، على انه ادا قصد [الشهيد](8) هدا الحصن يقوم دلك التركمانى وجماعته فى الحصن، ويرفعون علم نور الدين على الحصن، وينادون باسمه. وكان هدا التركمانى فى جماعه كبيره من اولاده واقاربه وعشيرته، وقد وثق الفرنج بهم فى هدا الحصن. وكانت العلامه بينه وبين نور الدين انه يقف على راس الباشورة. فاتفق للامر المقدر ان نور الدين لم يظهر احدا على هدا الاتفاق. وتقدمت اوايل العساكر، فنظروا دلك التركمانى واقف (13)، وهو آمن على راس الباشوره، فرموه بسهم فقتلوه.
واشتغل اهله بموته، فبطلت الحيله ولم يقدر عليه نور الدين. ولم يزل [حصن الأكراد] فى ايدى الفرنج الى هده السنه، فيسّر الله تعالى فتحه على يد من شاء.
ولما فتحه السلطان الملك الظاهر كتب اليه صاحب انطرطوس مقدّم الديويه، وهو يسال المهادنه، وبعث مفاتيح حصنه. فصالحه على نصف ما يتحصل من غلال بلاده، وجعل عنده نايبا من جهته وعاملا. وكدلك وصلت اليه رسل الاسبتار من
(3) يرجوا: يرجو
(4)
بن صنجيل: ابن صنجيل؛ فى م ف «صنجيل وولده» ؛ بينما فى ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ق 147 آ، تحقيق الخويطر ص 1185 «صنجيل»
(6)
منقد: منقذ
(8)
أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ق 147 آ، تحقيق الخويطر ص 1186
(13)
واقف: واقفا