المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(84) دكر اخد الكرك من الملك المغيث - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ٨

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر ابتدا الدوله التركيه ادام الله ايامسلطانها وعز نصره

- ‌ذكر سلطنه الملك المعز اول ملوك التركاعز الله نصر صاحب عصرها وادام ايامه

- ‌ذكر تمليك الملك الاشرف مظفر الدين موسى بن الملك المسعود

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع واربعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر قتلة الفارس اقطاى

- ‌(24) ذكر المدينه الخضراء

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(27) ذكر [حوادث] سنه خمس وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر قتلة الملك المعز المشار اليه

- ‌(29) ذكر تملك نور الدين علىّ الملك المنصور بن الملك المعز

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر اخذ التتار لبغداد وقتل الخليفه

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سلطنه الملك المظفر سيف الدنيا والدين قطز رحمه الله

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(42) ذكر وقعه عين جالوت وكسره التتار

- ‌ذكر قتلة الملك المظفر رحمه الله وسلطنة الملك الظاهر

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر نسبة الفتوة

- ‌(75) ذكر [حوادث] سنة ستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر ما نقله ابن شداد من دلك

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر بيعه الامام الحاكم بامر الله ابى العباس المشار اليه وخبره

- ‌(84) دكر اخد الكرك من الملك المغيث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وستين وستمايه

- ‌(91) ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر غازيه الخناقه

- ‌ذكر [حوادث] سنه ثلث وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حواث] سنة اربع وستين وستمايه

- ‌ذكر فتح صفد المحروسه

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر الشقيف وفتحها

- ‌ذكر انطاكيه وفتحها ومبتدا امرها

- ‌ذكر بغراس ومبدا امرها

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر فتح حصن الاكراد

- ‌ذكر نبد من اخبار حصن الاكراد

- ‌(140) دكر فتح حصن عكّار

- ‌ذكر غرقة دمشق هده السنه

- ‌ذكر فتح القرين فى هده السنه

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر شئ من بلاد الحبشه

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر نوبه سيس وماتم فيها

- ‌(160) دكر شى من بلاد سيس واخبارها

- ‌(161) دكر استيلا بيت لاون صاحب سيس عليها

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر فتح القصير

- ‌ذكر من غزا النوبه من أول الاسلام

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر دخول السلطان الروم

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر وفاه السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر فتوحاته رحمه الله

- ‌(195) ذكر السلطان الملك السعيد ونسبه وما لخّص من سيرته وخبره

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سلطنه مولانا السلطان الملك المنصورسيف الدنيا والدين قلاوون

- ‌ذكر تملك الملك الكامل شمس الدين سنقر الاشقروما لخص من خبره

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر وقعه حمص المعروفه بمنكوتمر

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(233) دكر وصول الشيخ عبد الرحمن دمشق

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر قتلة الملك احمد اغا وتمليك ارغون بن ابغا بن هلاوون

- ‌ذكر بعض شئ من محاسنه رحمه الله

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(238) دكر فتح حصن المرقب

- ‌(241) دكر المولد الشريف السلطانى الملكى الناصرى عزّ نصرهبشاير النصر لاوحد ملوك العصر:

- ‌[البشارة] الأوله

- ‌البشاره الثانيه

- ‌البشاره الثالثه

- ‌(244) البشاره الرابعه

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(248) ذكر [حوادث] سنه ست وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر فتح طرابلس الشام

- ‌ذكر شى من نسخ البشاير

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر وفاته رحمه الله تعالى

- ‌ذكر بعض شى من محاسنه رحمه الله وصفته

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك الاشرف صلاح الدنيا والدين خليل

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر نبد من اخبار هده القلاع

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(284) دكر فتح قلعه الروم

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(302) ذكر استشهاد السلطان الملك الاشرف

- ‌ذكر بعض شى من محاسنه رحمه الله

- ‌ذكر سلطنه مولانا السلطان الاعظم الملك الناصر عز نصره وهى الاوله

- ‌ذكر قتلة الشجاعى وسببها

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر تغلب الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى على الملك

- ‌ذكر دخول الاوراتيه مصر

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌[دكر العلاء العظيم فى هده السنه-لا اعاده الله]

- ‌ذكر خلع الملك العادل كتبغا وولايه الملك المنصور لاجين

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(326) دكر سبب تقفيز الامراء الى غازان

- ‌(329) ذكر قتلة السلطان لاجين رحمه الله والسبب فى دلك

- ‌ذكر الساده الاجلاء الايمه الفضلاء الدين ادركهم العبد بالمولد

- ‌الشيخ صدر الدين المعروف بابن المرحّل رحمه الله

- ‌(341) الشيخ شمس الدين بن تازمرت المغربى

- ‌الشيخ اثير الدين ابو حيان المغربى

- ‌(342) القاضى ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر-رحمه الله

- ‌(343) القاضى شهاب الدين محمود كاتب الانشا-رحمه الله

- ‌(344) القاضى فتح الدين بن سيّد الناس-رحمه الله

- ‌(346) الحكيم شمس الدين بن دانيال رحمه الله

- ‌(347) الحكيم شهاب الدين الصفدى

- ‌القاضى شهاب الدين بن النويرى رحمه الله

- ‌(348) شرف الدين بن أسد

الفصل: ‌(84) دكر اخد الكرك من الملك المغيث

دليله رجل من اهل الفوعه يسمى بن الظهير (1) الفوعى. فاخذ من الفوعه ثلاثمايه وثمانين رجل (2)، وكبس سرمين وكان بها الامرا مجردين وهم: الامير بها الدين الحموى، وركن الدين السروى، وعلم الدين قيصر الظاهرى، فانحازوا الى دار الدعوه بسرمين. واجتمع عليهم خلق كثير وحوصروا بها. ثم ان الامير ركن الدين عيسى السروى ركب، وركبت (5) الامرا المدكورون، وفتح باب الدعوه وخرجوا وحملوا عليهم. فصادف رجل منهم تكفور صاحب سيس. وهو لا يعرفه، فطعنه اقلبه عن جواده. فانفلّ عزم اصحابه بعده، وولوا منهزمين لا يلوى احد على احد.

وخلصوا من كان معهم من الاسرا.

وفيها خرج السلطان الملك الظاهر من الديار المصريه متوجها الى الشام يوم السبت سابع ربيع الاخر، ونزل مسجد التبن، واقام الى يوم الاربعا عاشر الشهر المدكور، ورحل وسار حتى نزل غزه. فوفدت عليه ام الملك المغيث فتح الدين عمر صاحب الكرك شافعة فى ولدها، فأقبل عليها واكرمها. ثم ادن لها فى العوده، ثم رحل ونزل الطور.

(84) دكر اخد الكرك من الملك المغيث

ولما نزل السلطان الطور، ارسل الله سبحانه الامطار ما منعت الجالب، فغلت الاسعار، ولحق العساكر مشقه عظيمه. وارسل السلطان الى الملك المغيث يطلبه، فسوّف واحتجّ خوفا لما كان قد اسلفه من الافعال القبيحه الدميمه (17) واسااته القديمه.

ثم ان المغيث، لما غلب عن المدافعه، خرج من الكرك {خائِفاً يَتَرَقَّبُ} (18).

(1) بن الظهير: ابن الظهير، م ف؛ فى اليونينى ج 1 ى 531 وج 2 ص 192 «ابن ماجد»

(2)

رجل: رجلا--الحموى: فى ذيل مرآة الزمان «الخضر الحميدى»

(5)

وركبت: وركب

(17)

الدميمه: الذميمة--واسااته: وإساءاته

(18)

القرآن 28:18

ص: 95

فلما وصل الى العسكر، ركب السلطان والتقاه فى جماعه الامرا، فلما وقعت عينه عليه امر بقبضه، ثم سيره الى مصر صحبة الامير شمس الدين اق سنقر الفارقانى، واعتقل وكان اخر العهد به.

ولما قبض عليه ظهر فى وجوه بعض الامرا تغيّر، كراهيه لدلك؛ فانه كان حلف له اربعين يمين (5)، من جملتها الطلاق من ام الملك السعيد بنت بركه خان. فلما فهم السلطان دلك جمع الامرا والقضاه والشهود، واخرج اليهم كتب المغيث الى التتار، وهو يدعوهم الى البلاد ويهوّن عليهم المسالك، ويصغّر عندهم الامور، واخرج فتاوى العلما انه لا يحل بقا (8) المدكور بسبب دلك. فعند دلك عدروه الامرا، وزال ما كان بخواطرهم من الكراهيه لمسك المغيث، وكان فى الجمله الملك الاشرف صاحب حمص.

ثم ان السلطان توجّه الى الكرك، وكتب الى من فيه بان يسلّموا. فشرطوا شروطا من جملتها، انه ينعم على الملك العزيز فخر الدين عثمان بن الملك المغيث بامريه (11) مايه فارس. وتسلم الكرك يوم الخميس ثالث عشرين جمادى الاخره من هده السنه، ودخل قلعه الكرك المحروس الساعه الثانيه من يوم الخميس (13) رابع عشرين الشهر المدكور من هده السنه. وانعم على من بها من حاشية المغيث، (85) وسارت البشاير الى ساير الممالك بتمليك الكرك. ثم خرج قاصدا الى ديار مصر، واستصحب معه اولاد الملك المغيث وحريمه. فلما حصل بمصر انعم على العزيز بامرة، وانزله فى دار القطبيه بين القصرين.

وفى ثانى وعشرين رجب قبض السلطان على ثلاثه من الامرا الكبار وهم:

الامير سيف الدين بلبان الرشيدى، والامير عز الدين ايبك الدمياطى، والامير حسام الدين لاجين البرلى، وأودعهم الاعتقال بالقلعه المحروسه.

(5) يمين: يمينا

(8)

بقا: بقاء--عدروه: عذره

(11)

بامريه: بإمرة

(13)

يوم الخميس: كذا فى الأصل والصحيح «يوم الجمعة» كما يفهم من سياق الحديث وكذلك فى م ف واليونينى ج 1 ص 533.

ص: 96

وفيها وصل رسولان من عند بركه، احدهما يسمى جلال الدين بن قاضى دوقات و [الآخر] (2) عز الدين التركمانى فى البحر الى الاسكندريه. ومضمون الرساله:«أنت تعلم انى محب لهدا الدين، وان هدا العدو-يعنى هلاوون-كافر ملعون، وقد تعدا (3) على بلاد الاسلام، وقتل وسفك، وسبى ونهب، وقد وجب علىّ وعليك غزوه وأخذ ثار المسلمين منه، والراى ان تقصده انت من جهتك وانا من جهتى، ونصدمه يد (6) واحدة، ونزيحه عن البلاد، واعطيك ما فى يده من بلاد الاسلام» .

قال: فاستحضر السلطان رسله، واقبل عليهما، وأنعم لهما بانعام كثير، وشكر له دلك. ونفّد اليه هديه سنيه، وجهز اليه رسول (8)، وهو الامير فارس الدين المسعودى الامدى وصحبته السيد الشريف عماد الدين عبد الرحيم الهاشمى العباسى.

وفى جمله الهديه: فيل، وزرافه، وقرود. وحمير وحشيه عتّابيه، وحمير فرّه مصريه، وهجن بيض، وجمله كبيره من ملبوس ومصاغ وزركش، وشمعدانات فضه وكفت، وحصر عبدانيه، واوانى صينى، وقماس سكندرى ومن عمل دار الطراز، وسكر نبات، وسكر بياض- (86) شئ كثير جدّا. وكان ضمن الرساله الموافقه لما اشار اليه (13)، وطلب الصلح والاتفاق والمعاضده على هلاوون.

فلما وصل الرسل الى القسطنطينيه [وجدوا](15) الباسلوس، وهو كر ميخاييل صاحبها، غايبا فى حرب كان بينه وبين الفرنج. فلما بلغه وصول الرسل طلبهم اليه، فساروا فى مده عشرين يوم (17) فى عماره متصله، واجتمعوا به فى قلعه كساثا؟؟؟. فاقبل عليهم واكرمهم ووعدهم المساعده على التوجه الى البلاد. ووجدوا عنده رسل (18) من

(2) أضيف ما بين الحاصرتين من م ف

(3)

تعدا: تعدّى

(6)

يد: يدا

(8)

رسول: رسولا

(13)

الموافقه لما اشار اليه: فى م ف «الدخول فى الطاعة»

(15)

أضيف ما بين الحاصرتين من م ف

(17)

يوم: يوما--كساثا؟؟؟: كذا فى الأصل وم ف، فى ذيل مرآة الزمان، ج 1 ص 538 وج 2 ص 197 «اكشاثا»

(18)

رسل: رسلا

ص: 97

جهه هلاوون، فاعتدر عليهم انه لخوفه من هلاوون لا يمكنه ان يسفرهم على فورهم.

ثم امرهم بالرجوع الى قسطنطينية وان يقيموا بها الاّ (2) حين عودته ويجهزهم. ثم لم يزل يماطلهم ويسوّف بهم الى ان مضت لهم عنده سنه وثلثه اشهر. فلما طال مكثهم نفدوا اليه يقولون له: «ان لم يمكنك المساعده على توجهنا، فاعيدنا (4) الى مصر» . فادن للشريف بالعوده الى مصر وحده، واعتدر انه يخشى من هلاوون. فعاد الشريف، وتاخر الفارس المسعودى مدة سنتين حتى هلك اكثر ما كان معه من الحيوان.

ثم ان عسكر بركه قصد القسطنطينيه وغاروا على اطرافها. وهرب الباسلوس الدى كان فيها، وبعث الفارس الى مقدم عسكر بركه يقول له:«ان البلاد فى عهد السلطان الملك الظاهر وصلحه، وان القان فى صلح من صالحه [الملك الظاهر] وعهد من عاهده» . وطلب [مقدم عسكر بركه] خطه بدلك، فكتب [الفارس] له خطه بدلك، وانه مقيم باختياره، وانه لم يمنع من التوجه الى القان. فرحل عسكر بركه من على القسطنطينيه، واستصحب معه السلطان عز الدين فانه كان محبوسا فى قلعه من قلاع القسطنطينيه. (87) ثم ان الباسلوس جهز الفارس الى بركه، وسير معه رسول (14) من جهته برساله مضمونها ان يقرر على نفسه، من جملة ما يحمله كل سنة، ثلاثمايه ثوب اطلس على ان يكون فى معاهدته، ومدافعا عن بلاده. ثم توجه الفارس المسعودى الى بركه. فلما اجتمع به انكر عليه تاخيره، فقال [الفارس]:

«ان صاحب القسطنطينية منعنى» . فاخرج [بركة] اليه خطه بما كتب [الفارس] لمقدم عسكره ثم قال له: «انا ما اواخدك (18) لاجل الملك الظاهر» . ثم ان السلطان عزّ الدين كتب الى السلطان الملك الظاهر يعرفه جميع ما جرا (19) وما صدر من الفارس المسعودى من التقصير.

(2) الا: إلى

(4)

فاعيدنا: فأعدنا

(14)

رسول: رسولا

(18)

اواخدك: أؤاخذك

(19)

جرا: جرى

ص: 98

قال ابن شداد صاحب السيره، قال ابن عبد الظاهر انه كان اجتماع رسل السلطان الملك الظاهر بالملك بركه فى سنه سبع وستين (2) وستمايه، وانهم مرّوا فى طريقهم بالملك الاشكرى فى مدينه اينه، ثم رحلوا الى قسطنطينيه فى عشرين يوم (3)، ثم منها الى مدينه اصطنبول، ومنها الى دقسيتا وهى ساحل سوداق. فالتقاهم الوالى بها، واسمه طايوق، وعنده خيل اليولاق، يعنى البريد؛ واسم هده الارض قرم، ويسكنها عده من القفجاق والروس والعلان وغيرهم، ومن الساحل الى هده القريه مسيره يوم واحد. ثم ساروا الى يوم اخر، فوجدوا مقدما اسمه طق بغا، وهو مقدم عشره آلاف، وهو الحاكم على تلك الجهات جميعها. ثم ساروا عنه مسيره عشرين يوم (9) فى صحراه عامره بالخركاوات والاغنام والمواشى الى ان وصلوا الى بحر ايتل، وهو بحر حلو عدب (10) سعته سعة نيل مصر، وفيه مراكب الروس، وهو منزله الملك بركه. وهدا الساحل تحمل اليه (88) الاقامات من ساير تلك الاراضى.

قال: فلما قاربوا المنزله التقاهم الوزير شرف الدين القزوينى، وهو يتحدث العربيه والتركيه والمغليه، فانزلهم فى منزله حسنه، وحمل اليهم الضيافه من اللحم والسمك واللبن وغير دلك. ونزل بعد دلك الملك بركه فى منزله قريبه واستحضرهم. وكانوا قد عرّفوهم ما يفعلونه عند دخولهم عليه؛ وذلك ان يكون الدخول من جهه اليسار، فادا اخذ الكتب منهم ينتقلون إلى جهه اليمين، فادا امرهم بالجلوس يكون على الركبتين، ولا يدخل احدا منهم معه فى الخركاه بسيف ولا سكين ولا عده؛ ولا يدوس عتبه الخركاه احد منهم برجله، وادا قلع احد منهم عدته فليقلعها على الجانب الايسر، وينزع قوسه من القربان، ويفك وتره، ولا يترك فى تركاشه نشاب (20)، ولا ياكل ملح (21) ولا يغسل ثوبه، وان اتفق غسيله ينشره خفيه.

(2) وستين: فى الأصل «وثلثين»

(3)

يوم: يوما

(9)

يوم: يوما--صحراه: صحراء

(10)

عدب: عذب

(20)

نشاب: نشابا

(21)

ملح: ملحا، فى م ف «ثلجا»

ص: 99

ثم انهم وجدوا الملك بركه فى خركاه كبيره تسع خمس مايه فارس، وهى مكسوه لبد ابيض كباس، ومن داخلها مستّرة بخطايى واطلس وصندات مكلله بجواهر وحب لولو كبار. وهو جالس على تخت مرخى الرجلين، وعلى التخت مخده؛ فانه كان به وجع النقرس. والى جانبه الخاتون الكبرى، واسمها طقطقاى (4)، وله امراتان غيرها، واسمهما الواحده ججك خاتون والاخرى كهار خاتون، وليس له ولد.

والمشار اليه بولاية العهد بعده ابن اخيه (6)، واسمه تمرقان ابن طغوان بن تشو قاآن ابن باتوا (7) قاآن، والملك بركه وتشو قاآن اخوان من ام واب؛ ويعرف تمر قاآن بامير غلو يعنى الامير الصغير. وكان عمر بركه الى دلك التاريخ ست وخمسين سنه.

(89)

وصفته انه كان خفيف اللحيه، كبير الوجه، فى لونه صفره، يلف شعره عند ادنيه، فى ادنه حلقه دهب [فيها جوهره](10)، وفى رجليه خفّ احمر كيمخت، وليس فى وصطه (11) سيف، وفى حياصته قرون سود معوجه مقمعه وهى ذهب مجوهره بسولق بلغارى اخضر، وعليه قبا خطايى، وعلى راسه سراقوج. وعنده تقدير خمسين اميرا كبار جلوس (13) على كراسى.

فلما دخلوا عليه وادوا الرساله. اعجبه دلك عجبا كبيرا، واخد الكتاب وامر الوزير بقراته (15). ثم نقلهم عن يمينه، واسندهم مع جانب الخركاه، واحضر لهم القمز، وبعده العسل المطبوخ ثم احضر لهم (16) لحما وسمكا فاكلوا. ثم امر بانزالهم عند زوجته ججك خاتون، فضيفتهم الخاتون فى خركاتها، ثم انصرفوا اخر النهار الى منازلهم. وعاد (17)[السلطان بركه](18) يطلبهم فى ساير اوقاته، ويسالهم عن الفيل والزرافه، وسال عن النيل

(4) طقطقاى: طغطغاى، م ف واليونينى ج 1 ص 541

(6)

ابن أخيه: فى اليونينى «ابن ابن أخيه» --ابن طغوان: بن طغوان

(7)

باتوا: باتو

(10)

ما بين الحاصرتين مكتوب بالهامش

(11)

وصطه: وسطه

(13)

كبار جلوس: كبارا جلوسا

(15)

بقراته: بقراءته--جانب: جنب، م ف

(16)

لهم: فى الأصل «له»

(17 - 18) أضيف ما بين الحاصرتين من م ف

ص: 100

وعن مطر مصر. وقال: «سمعت ان عظما لابن آدم ممتدّ على النيل يعبروا (1) الناس عليه» .

فقالوا: «هدا ما رايناه، ولا هو عندنا» .

واقاموا عنده سته وعشرين يوما، واعطاهم شى جيد (3) من الدهب الدين يتعاملون به فى بلاد الاشكرى. ثم خلعت زوجته على الفارس، واعطاهم جوابهم وسفرهم، ومعهم ثلاث (5) رسل من جهته، وهم: اربوقا وارتيور وارنماش. وكان عند الملك بركه رجل فقير من اهل الفيوم اسمه الشيخ احمد المصرى، وله عنده حرمه كبيره. وعند كل امير من امرايه مودن (7) وامام، ولكل خاتون مودن وامام، وللصغار مكاتب يتعلمون القرآن. وكان غيبه الفارس الى سنه سبع (8) وستين وستمايه والله اعلم.

(90)

وفيها توفى ريدا فرنس واسمه تولين (9)، وهو من اكبر ملوك الفرنج، واعظمهم قدرا، واسعهم (10) مملكه، واكثرهم عساكر. وكان قد قصد الديار المصريه واستولى على طرف منها، وكان قد استولى على ثغر دمياط وملكها فى سنه سبع واربعين وستمايه-كما دكرناه فى الجزء الدى قبله. ثم خدله (12) الله وامكن المسلمون من ناصيته، وهو المعروف بفرنسيس. وتوجه الى بلاده بعد اطلاقه، وفى قلبه نار لا تطفى (13) لما جرا (14) عليه. واضمر فى نفسه العوده الى الديار المصريه لأخد ثاره. فجمع جموعا عظيمه، واهتمّ اهتماما زايدا فى مده سنين الى هده السنه عزم على التوجه الى الديار المصريه.

فقالوا (16) له كبار دولته: «انت قصدت ديار مصر فى الاول، وانت أخبر بما جرا لك، ومن المصلحه ان تقصد تونس من بلاد افريقيه-وكان ملكها يوميد محمد بن يحيى بن عبد الوهاب ويلقب المستنصر. ويدعا (18) له على جميع منابر بلاد افريقيه-فادا ملكت

(1) يعبروا: يعبر

(3)

شى جيد: شيئا جيدا--الذين: الذى

(5)

ثلاث: ثلاثة

(7)

مودن: مؤذن

(8)

سبع: خمس، م ف

(9)

تولين: كذا فى الأصل وفى م ف؛ ويعنى بها «لويس» ، انظر اليونينى ج 1 ص 549 وج 2 ص 199

(10)

واسعهم: وأوسعهم

(12)

خدله: خذله--المسلمون: المسلمين

(13)

تطفى: تطفأ

(14)

جرا: جرى

(16)

فقالوا: فقال--جرا: جرى

(18)

ويدعا: ويدعى

ص: 101