الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لخص من الحوادث
الخليفه الامام الحاكم بامر الله ابى (2) العباس امير المومنين. والسلطان الملك المنصور، سلطان الاسلام. وتوجه طالبا للشام، فدخل دمشق يوم الاثنين ثالث عشر شهر صفر من هده السنه. فاقام الى العشرين منه، ووجه قدّامه المناجنيق وآلات الحصار الى نحو طرابلس.
ذكر فتح طرابلس الشام
(251)
خرج السلطان الملك المنصور رحمه الله من دمشق العشرين من شهر صفر، فنزل على طرابلس، ورتب المناجنيق والحجارين برسم النقوب.
حكى لى والدى (9) رحمه الله-ان كان عده المناجنيق على طرابلس تسع عشر، منها افرنجيه ست (10)، وقرابغا ثلثه عشر. وكان عده الحجارين والزرّاقين الف وخمس مايه نفر. وكان مده الحصار لها اربعه وثلثين يوم (11). ويسّر الله عز وجل فتحها يوم الثلثا رابع عشر (12) ربيع الاخر سنه ثمان وثمانين وستمايه فى سابع ساعه من دلك اليوم المبارك. ووصلت البشاير بدلك الى ساير الحصون والقلاع بالممالك الاسلاميه.
واستشهد عليها من امرا المسلمين نفرين (14)، وهما عز الدين معن، ومنكورس الفارقانى، [وبكجا العلايى-ختم الله بالسعاده](15). ومن اجناد الحلقه المنصوره خمسه وخمسين نفر (16).
(2) ابى: أبو
(9)
حكى لى والدى: كذا فى الأصل؛ فى تاريخ الجزرى، مخطوطة جوتا 1561، ق 26 آ «حكى الأمير سيف الدين ابن المحفدار امير جاندار» --تسع: تسعة
(10)
ست: ستة--الف: ألفا
(11)
يوم: يوما
(12)
رابع عشر: فى الجزرى ق 26 آ، وابن الفرات ج 8 ص 80، والمقريزى، السلوك، ج 1 ص 747 «رابع»
(14)
نفرين: نفران
(15)
ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش
(16)
وخمسين نفر: وخمسون نفرا
وقال رحمه الله (1): لما رسم السلطان بهدمها، طلعت فرأيت بنايها بناء عجيب، عرض السور مقدار مشى ثلاث (2) خيّاله جميع. قال: وكانت اشبه المدن باسكندريه.
ذكر اطرابلس ونبد (3) من اخبارها
لما دكرنا فتحها اتبعناه بطرف من اخبارها-حسبما اشترطناه ووضعناه فى جميع الحصون التى قبلها من فتوحات الاسلام فى الدوله التركيه. وجدت فى مسوداتى ان هده اطرابلس من المدن القديمه من قبل الاسلام، وكانت فى قديم الزمان ثلث مدن مجتمعه.
فلما ولى معويه (8) ابن ابى سفيان-رضى الله عنه-فى خلافه الامام عثمان -رضى الله عنه-وجه سفيان ابن (9) مجيب الازدى الى طرابلس هده، وهى ثلث مدن، فبنا برج (10) على اميال منها، وسماه حصن سفيان. (252) وقطع عن اهل اطرابلس الماده، وقوّى عليهم الحصار. فلما اشتدّ بهم الامر، كتبوا الى ملك الروم يسالوه (11) ان يمدهم او ينفد مراكب يهربون فيها؛ فقد فنى صبرهم، وعدم جلدهم. فوجه اليهم مراكب، فركبوا فيها ليلا وهربوا.
فلما اصبح سفيان، عاودهم القتال، فلم يجد بها احد (14)، فملكها وكتب بالفتح الى معويه (15). فاسكنها معويه بعد دلك لجماعه من اليهود. وكان ينفد اليهم فى كل سنه جيش (16) اليها يحفضونها الى ان يغلق البحر المالح فيعودون، ويسير فى قابل غيرهم.
(1) وقال رحمه الله: فى الجزرى ق 26 آ «هكذا حكى لى الأمير سيف الدين احسن الله اليه وحكى لى ايضا قال» --بنايها بناء عجيب: بناءها بناء عجيبا
(2)
ثلاث: ثلاثة
(3)
ونبد: ونبذ
(8)
معويه ابن: معاوية بن
(9)
ابن: بن--مجيب: فى الأصل «نجيب» ، والصيغة المثبتة من البلاذرى، فتوح البلدان (ط. القاهرة)، ص 150، والجزرى، حوادث الزمان، مخطوطة جوتا 1561، ق 26 ب
(10)
فبنا برج: فبنى برجا
(11)
يسالوه: يسألونه
(14)
احد: أحدا
(15)
معويه: معاوية
(16)
جيش: جيشا--يحفضونها: يحفظونها
فتقدم اليه بطريق من الروم، وساله الاقامه بها، وانه يدى (1) الخراج ويحفضها، فاجابه الى دلك. فلم يلبث الملعون على دلك الا سنين يسيره، ثم انه اغلق بابها، وقتل واليها الدى بها من قبل المسلمين وجماعه اليهود، واسر جماعه من المسلمين، وهرب الى الروم. فلحقوه (4) المسلمون وقتلوه وخلصوا الاسرا منه.
وحكى المداينى رحمه الله قال: فتح طرابلس سفيان بن مجيب (5) يوم نقض [اهلها] العهد ايام عبد الملك بن مروان. ولم تزل فى ايدى المسلمين الى ان ملكها جلال الملك [على بن محمّد بن عمّار](7) المقدم دكره. وما زال حاكما فيها حتى خرج الفرنج فى سنه تسعين واربع مايه، وفتحوا انطاكيه فى مستهل رجب سنه احدى وتسعين واربع مايه، فنزل عليها الملك صنجيل-لعنه الله-، واسمه ميمنت (9). قال القاضى عز الدين بن عساكر رحمه الله فى تاريخه ان نسبه صنجيل الى صنجله (10)، وهى مدينه بالمغرب. فنزل بجموعه على اطرابلس فى رجب سنه خمس وتسعين واربع مايه، وعمّر قبالها حصنا، وضايقها مده طويله.
فلما طال مقامه، خرج صاحبها يستغيث بالمسلمين، بسلطان بغداد يوميد (253) ابن بويه. وترك ابن عمه ابو (14) المناقب، ورتب معه رجلا يعرف بسعد الدوله بن الاغر. فاتفق انه جلس يوما فى مجلسه، وعنده جماعه من كبار الدوله واهل البلد، فشرع يتحدث (16) ويخلط فى حديثه، فنهاه سعد الدوله، فلم يقبل منه، فحذفه بالسيف فقتله.
(1) يدى: يؤدّى--ويحفضها: ويحفظها
(4)
فلحقوه: فلحقه
(5)
مجيب: فى الأصل «مجيب» انظر ما سبق ص 284 - -أضيف ما بين الحاصرتين من الجزرى، ق 26 ب، وابن عبد الظاهر، الروض الزاهر (مخطوطة استانبول)، ق 107 آ
(7)
أضيف ما بين الحاصرتين من الجزرى وابن عبد الظاهر
(9)
ميمنت: كذا فى الأصل وابن الفرات، ج 8 ص 77؛ فى الجزرى وابن عبد الظاهر ق 107 آ «ميمنث»
(10)
صنجله: فى ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ق 107 آ «صنجيلية» ، وفى الجزرى ق 26 ب «صنجيله»
(14)
ابو: أبا
(16)
يتحدث: فى الجزرى، ق 26 ب، وابن عبد الظاهر ق 107 ب «يتجنن»
فقام اهل البلد عليه ومسكوه، ونادوا بشعار الافضل امير الجيوش بمصر. وحموا البلد الى ان مات صنجيل وهو فى حصار طرابلس.
ولم تزل الفرنج عليها حتى تسلموها بعد حصار سبع سنين جدّ. واخدوها (3) الفرنج يوم الثلثا ثالث دى الحجه سنه اثنتين وخمس مايه.
وتولاها مقدم منهم يعرف بالسرتانى (5). فملكها مده، حتى قدم مركب من بلاد المغرب، وفيه صبى من اولاد صنجيل اسمه تبران (6)، ومعه جماعه شيوخ من اصحاب ابيه يخدمونه. فحضروا عند (7) السرتانى وقالوا له:«هدا ولد الملك صنجيل، وهو يريد مدينه والده» . فقام السرتانى، ورفسه برجله، رماه من على السرير، واخرجه.
فاخدوه (9) اصحاب صنجيل، وطافوا به على الفرسان من الفرنج. فرحموه، وتدكروا الأيمان الدى (10) لابيه، وقالوا:«ادا كان غد، احضروه، ونحن جلوس عند السرتانى» . فلما حضروا وخاطبوه فيه، قام الفرسان كلهم على السرتانى، واخرجوه من مملكته، وسلموها للصبى ابن صنجيل.
فاقام مالكها الى ان قتله مرواج (13) فى يوم الاحد رابع رجب سنه احدى وثلثين وخمس مايه، وقتل اكثر اصحابه. واستخلف فى طرابلس ولده القمص. فلم يزل مالكها الى ان كسر نور الدين الشهيد الفرنج على حارم، وقتل منهم مقتله عظيمه، وقتل القمص فى الجمله، ودلك فى سنه تسع وخمسين وخمس مايه. فيكون ما (254) بين ملكها الفرنج وعودها للمسلمين مايه سنه واربع وعشرون (17) سنه، واربعه اشهر،
(3) واخدوها: وأخذها
(5)
بالسرتانى: كذا فى الأصل وم ف؛ فى الجزرى ق 27 آ، وابن عبد الظاهر ق 107 ب، وابن الفرات ج 8 ص 79 «السردانى»
(6)
تبران: فى الأصل «تيران» ، والصيغة المثبتة من الجزرى وابن عبد الظاهر؛ بينما ورد الاسم فى حاشية بلوشيه فى P .O .XlV ص 529 «بتران (Bertrand) «
(7)
عند: فى الأصل «عيد»
(9)
فاخدوه: فأخذه
(10)
الدى: التى--غد: غدا
(13)
مرواج: كذا فى الأصل وم ف؛ فى الجزرى ق 27 آ، وابن عبد الظاهر ق 108 آ «برواج» ؛ بينما فى ابن الفرات، ج 8 ص 79 «بزواج»
(17)
واربع وعشرون: كذا فى الأصل وم ف؛ فى الجزرى ق 27 ب «وخمسة وثمانون»