الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه قال النجم ابن (1) السحت كمال يهجوا الصاحب بها الدين <من الكامل>:
خربت ديارك، يا بن حنّا، وانقضا (3)
…
زمنا به أسرفت فى الطغيانى
ونقلت من دار النعيم الى لظا (4)
…
بفضاضة ملأت فضاء النيّران
وتركت رهطك فى العذاب فلم يفد
…
ما نلت من عزّ بذا (5) الخسران
كم ذا تزخرف باطلا (6)
…
لبطالة
قام الدليل عليك بالبرهان
وفيها كان الرخاء بالديار المصريه، حتى بلغ الاردب القمح سته الدراهم، والشعير والفول اربعه الى ثلاثه. حكى لى والدى-رحمه الله-قال: وصل لى مركب فول تقدير ثلثمايه اردب، فاعرضه السمسار بثلاثه نقره الاردب، وحسب ما عليه من الموجب السلطان (10)، واجرة المركب، ففضل لى خمسه وثمانين درهم نقره من ثمن ثلثمايه اردب فول.
ذكر [حوادث] سنة ثمان وسبعين وستمايه
النيل المبارك فى هده السنه: الما القديم سته ادرع فقط. مبلغ الزياده ثمانيه عشر دراعا واصبع واحد.
ما لخص من الحوادث
(202)
الخليفه الامام الحاكم بامر الله ابى (16) العباس امير المومنين. والسلطان الملك السعيد، سلطان الاسلام الى حين خلعه فى هده السنه حسبما ياتى.
(1) ابن: بن--يهجوا: يهجو
(3)
وانقضا: وانقضى--زمنا: زمن-- الطغيانى: الطغيان
(4)
لظا: لظى
(5)
بذا: بذى
(6)
باطلا: باطل
(10)
السلطان: للسلطان--وثمانين درهم: وثمانون درهما
(16)
ابى: أبو
ذكر خلع الملك السعيد وتمليك أخوه (1) الملك العادل سلامش
كان قد غلب عليه الخاصكيه، وعاد يطلق لهم الاموال بلا حساب. ولم يزل فى دمشق فى احسن الامور واطيب الاوقات حتى حصلت المنازعه بين كوندك (3) والخاصكيه، ودلك فى شهر ربيع الاول. والسبب فى دلك انه اطلق لبعض الخاصكيه مال كثير (4)، فتوقف الامير سيف الدين كوندك النايب فى دلك، فاجتمعوا (5) الخاصكيه اليه وعنّفوه، وسمّعوه ما يكره. ثم دخلوا الى السلطان فقالوا:«تعزل عنا كوندك» . فأجابهم لدلك. ثم انهم خرجوا الى عند كوندك وقصدوا قتله او القبض عليه. وكان الامير شمس الدين سنقر الاشقر حاضر (8)، فخلّصه منهم، واخده اليه. ثم خرج له منشورا ثانى يوم بامريه اربعين فارس (9) فى حلب. فاقام عند سنقر الاشقر سبعه ايام، والدوله بغير نايب، والتشويش واقع.
فلما كان ثامن يوم وصل الخبر ان العساكر الدين كانوا فى سيس قد وصلوا.
فركب كوندك فى جماعه من جنسه التتار، والتقا (12) الامرا القادمين وقال لهم:«ان الملك السعيد عازم على القبض عليكم الجميع عند عودته الى مصر، وانه لا يبقى على احد من الامرا الكبار، وقد اعطى اخبازكم لمماليكه الخاصكيه» . وعرفهم اماير صححوا بها قوله. فعندها احضروا المصاحف، وحلفوا لبعضهم البعض على مصالحهم.
وكان المقر السيفى قلاوون قد ترك خلفه الفى فارس مجردين بحلب من عسكر الشام. فلما وصلوا الى عدرا (18)، سيروا راسلوا الملك السعيد (203) ان: «فرّق هولاء
(1) اخوه: أخيه
(3)
كوندك: فى المتن «كونك» والاسم مصحح بالهامش
(4)
مال كثير: مالا كثيرا
(5)
فاجتمعوا: فاجتمع
(8)
حاضر: حاضرا-- بامريه: بإمرة
(9)
فارس: فارسا
(12)
والتقا: والتقى
(18)
عدرا: عذراء
الخاصكيه الصبيان الدين قد لعبوا بعقلك، وأخرجهم من عندك، ونحن نحضر ونتفق معك على المصلحه». فاعتدر (2) انه خايف منهم، ولا يقدر على دلك. ولم يكن عنده من الامراء الكبار غير الامير شمس الدين سنقر الاشقر، والحلبى، وعز الدين ملك الامرا.
واتا (5) الى المقر السيفى قلاوون من الامرا الشاميين سيف الدين الهارونى، وسيف الدين بيدغان الركنى، والباشقردى، وبيبرس المجنون، وبكتاش النجمى مع عده امرا اخر، وكدلك بقيه الامرا المصريين، والمقدمين، واعيان الدوله من الجيوش.
وعاد الامير شمس الدين سنقر الاشقر وعز الدين ملك الامرا يمشون (9) فى الصلح بينهم. فاوعدوهم (10) انهم يدخلوا دمشق، ثم ساقوا من عدرا، ونزلوا مصطبه السلطان عند الكسوة. فسير السلطان الملك السعيد اليهم والدته، ومعها سنقر الاشقر، لتسترضيهم. فاوعدوها انهم فى غد يدخلوا (12) دمشق. فعند عودتها رموا خيامهم، وتوجهوا طالبين مصر. ونزلوا راس الما.
وخرج السلطان يوم الخميس [سلخ شهر ربيع الأوّل](14) حتى يلتقيهم، فوجد جماعه اخبروه برحيلهم من امس. فرجع الى دمشق، وطلب الامير علم الدين الحلبى، واستشاره. فقال:«المصلحه انك تتبعهم منزله بمنزله، ولا تدعهم يتمكنوا (16) من قلعه الجبل، والضمان عليه ان أوصلك القلعه وأجلسك مكانك» . فخلع عليه (17)، وجمع الاموال وبقية الجيش، وخرج من دمشق يوم الجمعه ثانى شهر ربيع الاخر (18)،
(2) فاعتدر: فاعتذر
(5)
واتا: وأتى
(9)
يمشون: يمشيان
(10)
فاوعدوهم: فأوعدوهما--يدخلوا: يدخلون--عدرا: عذراء
(12)
يدخلوا: يدخلون
(14)
أضيف ما بين الحاصرتين من ابن تغرى بردى، النجوم الزاهرة، ج 7 ص 267
(16)
يتمكنوا: يتمكنون
(17)
عليه: علىّ، م ف
(18)
ثانى شهر ربيع الاخر: كذا فى الأصل ومن ف؛ بينما فى اليونينى ج 4 ص 3، وابن تغرى بردى ج 7 ص 267 «مستهلّ ربيع الآخر»
وصحبته العساكر الشاميه. ولم يزل حتى وصل الى بلبيس، فخامر عليه العسكر الشامى صحبه عز الدين ملك الامرا، ورجع الى الشام.
واما السلطان فان الامير علم الدين الحلبى اخده، وحطم به، وطلع القلعه، والعساكر جميعها مطليه (4) حول القلعه. وكان حال (204) وصول المقر السيفى قلاوون والامير بدر الدين بيسرى الى القلعه، سيروا طلبوا الامير عز الدين الافرم، وكان النايب بالقلعه، فامتنع عليهم. فلما وصل السلطان القلعه. فتح له وطلع، وغلق بابها، وأظهر الحرب. فعندها قطعوا الماء عن القلعه، وطمعوا فيه، وحاصروه ثلثه ايام، وخامر ايضا عليه بعض الخاصكيه. فسير [السلطان] الامام الحاكم بامر الله الخليفه الى الامرا يقول لهم:«ما الدى تريدونه، وما هو غرضكم؟» فقالوا: «يخلع نفسه من الملك، ونولى اخوه (10)، لان لابيه فى اعناقنا ايمان بان لا نقتله، وإن كان ما يصلح، نسيره الكرك فيخلع نفسه، ويتوجه فى دعة الله الى الكرك، وهو آمن على نفسه وحريمه وماله» . فوقع الاتفاق كدلك. فتوجه الملك السعيد الى الكرك، وصحبته الامير سيف الدين بيدغان الركنى، بعد ما خلع نفسه بالقاضى والشهود، وأبرأ الناس من بيعته. ثم ان الامرا حلفوا لاخيه بدر الدين سلامش، ولقبوه الملك العادل، والمقر السيفى اتابك الجيوش. واستقر الامر كدلك حسبما ياتى من تتمته.
واما العسكر الشامى فانه عاد الى دمشق، ودخل مستهل جمادى الاخره (17).
وكان العسكر المجرد فى حلب، لما بلغهم هده الاخبار، وصلوا الى دمشق فى شهر جمادى الاولى (19)، والمقدم عليهم الامير ركن الدين بيبرس الجالق، والامير عز الدين
(4) مطليه: مطلبه، م ف
(10)
اخوه: أخاه--ايمان: أيمانا
(17)
جمادى الاخره: كذا فى الأصل؛ فى م ف وابن الفرات ج 7 ص 148 «جمادى الأول [كذا]»
(19)
جمادى الاولى: كذا فى الأصل؛ فى م ف وابن الفرات «ربيع الآخر»
ازدمر العلايى، والامير شمس الدين قرا سنقر المعزى، والامير جمال الدين اقوش الشمسى وغيرهم. فاتفقوا مع الامراء الدين بدمشق ان يكون الامير جمال الدين اقوش الشمسى مقدما على الجيوش، ويمسكوا عز الدين [ايدمر الظاهرى](3) النايب، المعروف بملك الامرا، كونه ترك ابن استاده وخامر عليه، ورجع من بلبيس.
فلما كان يوم الاحد مستهل جمادى الاخره (5)، دخل عز الدين ملك الامرا، (205) وصحبته العسكر الشامى. فطلع الامرا المقيمين (6) ليلتقوهم. فلما وصلوا ميدان الحصا، ثم الى باب الجابيه قال الامير جمال الدين اقوش الشمسى لعز الدين ملك الامرا:«المصلحه انك تدخل معى دارى، ولا تكن (8) سبب الفتنه بين المسلمين الى حيث يرد مرسوم السلطان» . فعلم الامير عز الدين انهم عملوا على مسكه، فما امكنه غير العبور الى دار الامير جمال الدين. فاقام عنده الى بعد صلاة العصر، فحضر العلايى، والحاج ازدمر، والجالق، ومسكوا عز الدين ملك الامرا من عند جمال الدين الشمسى وطلعوا به القلعه، وسلموه للامير علم الدين الدوادارى نايب القلعه يوميد. فجعله فى البحرة تحت الترسيم، ومكّنه من عبور الحمام. فبلغ دلك الامرا، وانكروا على الدوادارى فقال:«ما جانى مرسوم من السلطان فى امره بشئ، ولا لكم أيضا، وقد مسكتوه (15) انتم بايديكم» . فاغلظوا عليه فى الكلام، وكان جالس (16) بينهم فى دركاة القلعه، فقفز من بينهم ودخل القلعه، وامر القلعيه والمقدمين، فجدبوا (17) سيوفهم. فخرجوا الامرا ايضا وقد جردوا سيوفهم. وغلقت ابواب القلعه، ووقع الجفل والتشويش فى الناس.
(3) أضيف ما بين الحاصرتين من ابن الفرات ج 7 ص 148.
(5)
جمادى الاخره: كذا فى الأصل؛ بينما فى م ف «جمادى الاول» وفى اليونينى ج 4 ص 6 «جمادى الأولى»
(6)
المقيمين: المقيمون
(8)
ولا تكن: ولا تكون
(15)
مسكتوه: مسكتموه
(16)
جالس: جالسا
(17)
فجدبوا: فجذبوا--فخرجوا: فخرج.