المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(195) ذكر السلطان الملك السعيد ونسبه وما لخص من سيرته وخبره - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ٨

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر ابتدا الدوله التركيه ادام الله ايامسلطانها وعز نصره

- ‌ذكر سلطنه الملك المعز اول ملوك التركاعز الله نصر صاحب عصرها وادام ايامه

- ‌ذكر تمليك الملك الاشرف مظفر الدين موسى بن الملك المسعود

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع واربعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر قتلة الفارس اقطاى

- ‌(24) ذكر المدينه الخضراء

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(27) ذكر [حوادث] سنه خمس وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر قتلة الملك المعز المشار اليه

- ‌(29) ذكر تملك نور الدين علىّ الملك المنصور بن الملك المعز

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر اخذ التتار لبغداد وقتل الخليفه

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سلطنه الملك المظفر سيف الدنيا والدين قطز رحمه الله

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(42) ذكر وقعه عين جالوت وكسره التتار

- ‌ذكر قتلة الملك المظفر رحمه الله وسلطنة الملك الظاهر

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر نسبة الفتوة

- ‌(75) ذكر [حوادث] سنة ستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر ما نقله ابن شداد من دلك

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر بيعه الامام الحاكم بامر الله ابى العباس المشار اليه وخبره

- ‌(84) دكر اخد الكرك من الملك المغيث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وستين وستمايه

- ‌(91) ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر غازيه الخناقه

- ‌ذكر [حوادث] سنه ثلث وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حواث] سنة اربع وستين وستمايه

- ‌ذكر فتح صفد المحروسه

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر الشقيف وفتحها

- ‌ذكر انطاكيه وفتحها ومبتدا امرها

- ‌ذكر بغراس ومبدا امرها

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر فتح حصن الاكراد

- ‌ذكر نبد من اخبار حصن الاكراد

- ‌(140) دكر فتح حصن عكّار

- ‌ذكر غرقة دمشق هده السنه

- ‌ذكر فتح القرين فى هده السنه

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر شئ من بلاد الحبشه

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر نوبه سيس وماتم فيها

- ‌(160) دكر شى من بلاد سيس واخبارها

- ‌(161) دكر استيلا بيت لاون صاحب سيس عليها

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر فتح القصير

- ‌ذكر من غزا النوبه من أول الاسلام

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر دخول السلطان الروم

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر وفاه السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر فتوحاته رحمه الله

- ‌(195) ذكر السلطان الملك السعيد ونسبه وما لخّص من سيرته وخبره

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سلطنه مولانا السلطان الملك المنصورسيف الدنيا والدين قلاوون

- ‌ذكر تملك الملك الكامل شمس الدين سنقر الاشقروما لخص من خبره

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر وقعه حمص المعروفه بمنكوتمر

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(233) دكر وصول الشيخ عبد الرحمن دمشق

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر قتلة الملك احمد اغا وتمليك ارغون بن ابغا بن هلاوون

- ‌ذكر بعض شئ من محاسنه رحمه الله

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(238) دكر فتح حصن المرقب

- ‌(241) دكر المولد الشريف السلطانى الملكى الناصرى عزّ نصرهبشاير النصر لاوحد ملوك العصر:

- ‌[البشارة] الأوله

- ‌البشاره الثانيه

- ‌البشاره الثالثه

- ‌(244) البشاره الرابعه

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(248) ذكر [حوادث] سنه ست وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر فتح طرابلس الشام

- ‌ذكر شى من نسخ البشاير

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر وفاته رحمه الله تعالى

- ‌ذكر بعض شى من محاسنه رحمه الله وصفته

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك الاشرف صلاح الدنيا والدين خليل

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر نبد من اخبار هده القلاع

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(284) دكر فتح قلعه الروم

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(302) ذكر استشهاد السلطان الملك الاشرف

- ‌ذكر بعض شى من محاسنه رحمه الله

- ‌ذكر سلطنه مولانا السلطان الاعظم الملك الناصر عز نصره وهى الاوله

- ‌ذكر قتلة الشجاعى وسببها

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر تغلب الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى على الملك

- ‌ذكر دخول الاوراتيه مصر

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌[دكر العلاء العظيم فى هده السنه-لا اعاده الله]

- ‌ذكر خلع الملك العادل كتبغا وولايه الملك المنصور لاجين

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(326) دكر سبب تقفيز الامراء الى غازان

- ‌(329) ذكر قتلة السلطان لاجين رحمه الله والسبب فى دلك

- ‌ذكر الساده الاجلاء الايمه الفضلاء الدين ادركهم العبد بالمولد

- ‌الشيخ صدر الدين المعروف بابن المرحّل رحمه الله

- ‌(341) الشيخ شمس الدين بن تازمرت المغربى

- ‌الشيخ اثير الدين ابو حيان المغربى

- ‌(342) القاضى ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر-رحمه الله

- ‌(343) القاضى شهاب الدين محمود كاتب الانشا-رحمه الله

- ‌(344) القاضى فتح الدين بن سيّد الناس-رحمه الله

- ‌(346) الحكيم شمس الدين بن دانيال رحمه الله

- ‌(347) الحكيم شهاب الدين الصفدى

- ‌القاضى شهاب الدين بن النويرى رحمه الله

- ‌(348) شرف الدين بن أسد

الفصل: ‌(195) ذكر السلطان الملك السعيد ونسبه وما لخص من سيرته وخبره

(195) ذكر السلطان الملك السعيد ونسبه وما لخّص من سيرته وخبره

هو السلطان الملك السعيد ناصر الدين محمد بركه خان ابن (2) السلطان الشهيد الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقدارى الصالحى. امه بنت الامير حسام الدين بركه خان الخوارزمى. ولد بمنزله العشّ من ضواحى القاهره فى شهر صفر سنه ثمان وخمسين وستمايه. جلس على تخت الملك بالديار المصريه بقلعه الجبل المحروسه يوم وصول الامير بدر الدين بيليك الخزندار بالجيوش فى تاريخ ما تقدم، وخطب له فى ساير الممالك الاسلاميه. واستقر بنيابه السلطنه الامير شمس الدين اقسنقر الفارقانى بعد وفاه الامير بدر الدين الخزندار بالسبب المقدم دكره. وله من الاخوه نجل السلطان الشهيد الملك الظاهر من الدكور: الملك المسعود نجم الدين خضر، كان سماه السلطان باسم الشيخ خضر لمحبته فيه، والملك العادل بدر الدين سلامش. ومن الخوات (10) البنات سبع.

وكان السلطان الملك الظاهر قد تزوّج من النسا: ام الملك السعيد المدكوره، وبنت الامير سيف الدين نوكلى (12) التترى، وبنت الامير سيف الدين كراى التترى، وبنت الامير سيف الدين تماجى (13) التترى، وشهرزوريه اول ما قدم ديار مصر فى ايام الملك المظفر قطز رحمه الله.

ولمّا استقر السلطان الملك السعيد بالملك قبض على الامير شمس الدين سنقر الاشقر يوم الجمعه [خامس وعشرين ربيع الأوّل](16)، والامير بدر الدين بيسرى معه.

وفى يوم السبت [ثامن عشر ربيع الآخر](17) قبض على الامير شمس الدين الفارقانى مع

(2) ابن: بن

(10)

الخوات: الأخوات

(12)

نوكلى: كذا فى الأصل وفى المقريزى، السلوك ج 1 ص 640؛ بينما ورد الاسم فى ابن تغرى بردى، النجوم الزاهرة، ج 7 ص 179 «نوكاى»

(13)

تماجى: كذا فى الأصل والمقريزى؛ فى ابن تغرى بردى «نوغاى»

(16)

أضيف ما بين الحاصرتين من اليونينى ج 3 ص 234

(17)

أضيف ما بين الحاصرتين من اليونينى ج 3 ص 235

ص: 219

جماعه من الامرا، واعتقلهم بقلعه الجبل المحروسه، واقام فى النيابه الامير شمس الدين سنقر الالفى. وفى يوم الاحد تاسع عشر (2) الشهر أفرج الله عز وجل عن الاميرين (196) شمس الدين سنقر الاشقر، وبدر الدين بيسرى. وفى الجمعه الاخرى قبض على خاله الامير بدر الدين محمد بن بركه خان.

وفيها فى سابع المحرّم توفى الشيخ خضر بن ابى بكر بن موسى العدوى المهرانى، شيخ السلطان الملك الظاهر بقلعه الجبل المحروسه فى الاعتقال. وكانت وفاته قبل وفاه السلطان باحد وعشرين يوم (7)، ودفن فى سفح الجبل المقطّم.

ذكر الشيخ خضر وبدو (8) شانه الى وفاته

كان مبتدا امره يخدم ببلد الجزيره أكابرها. وخدم عند نور الدين علىّ، ثم انتقل من عنده الى عند الشيخ شمس الدين محمد بن (10) اخت الشيخ جمل الحريرى الشاعر؛ وشمس الدين المدكور صاحب الملك المعظم صاحب الجزيره العمريه. ثم رتبه الشيخ شمس الدين المدكور لشيل زبايل دور السلطان والقلعه بجامكيه وجرايه، ومعه بهيمتين (12) يشيل عليهما.

فاستمر على دلك مده، ثم انهم اطلعوا عليه انه قد افسد بعض جوار (14) الدار، فرسموا بقطع عصبه فهرب الى حلب، وخدم عند ابن قراطاى صوره بابا. ثم انه حصل منه ما لا يليق مع بعض الجوار (16)، فاطلع عليه فهرب الى دمشق، والتجا الى الامير ضياء الدين القيمرى، واستمر عنده بجبل المزه، واقام بمغاره فى زاويه. فيقال عنه انه اجتمع بجماعه من الصالحين وبشروه بما يكون منه، واطلعوه على كثير

(2) تاسع عشر: فى الأصل «عاشر» ، والصيغة المثبتة من اليونينى ج 3 ص 235.

(7)

يوم: يوما

(8)

وبدو: وبدء

(10)

بن: ابن--جمل الحريرى: كمال الجزيرى، م ف

(12)

بهيمتين: بهيمتان

(14)

جوار: جوارى

(16)

الجوار: الجوارى

ص: 220

من احواله مع السلطان الملك الظاهر. واتفق ان السلطان طلع يوما الى سطح المزه، فساق الى تلك المغار (2) التى فيها الشيخ خضر. فنظر اليه، فسلم عليه وتحدث معه، فبشره بالملك، وعرفه متى يصير اليه.

فلما حصل للسلطان الظاهر المقصود، كان الشيخ خضر قد احتوى على عقل (197) الامير سيف قشتمر العجمى، احد الامراء البحريه من الصالحيه الكبار، وكان يخبره عن السلطان الملك الظاهر قبل تملكه بجميع ما يتم له. فلما ملك السلطان، قال له قشتمر العجمى:«عندى شخص فقير خبرنى عنك كيت وكيت» .

فتدكره السلطان. فلما نزل على الطور، نوبة توجه (8) الى الكرك، سأل من قشتمر عنه، فاخبره انه انقطع فى مغار عند قبر ابى هريره رضى الله عنه، فقصده السلطان واجتمع به، ودكره اجتماعه به بسطح المزه، فامره بملازمته.

وكان يخبره بساير احواله قبل وقوعها، فلم يخرم شئ وكدلك فى ساير فتوحاته متى يكون فتحها، فلا يتعدا (12) دلك. فحيّر عقل السلطان، وعاد الغالب على امره فى جميع احواله؛ ومن جملة دلك: لما عاد السلطان من دمشق استشاره فى توجهه الى الكرك، فلم يشر عليه بدلك وقال:«ليس لك فى دلك خيره، بل اقصد مصر» . فخالفه [السلطان الملك الظاهر] وتوجه الى نحو الكرك، فتقنطر وانكسر فخده (15).

واتفقت له معه اشياء، إمّا عن اطلاع وإما صدفيات، والله اعلم.

ثم ان السلطان اعتبق به اعتباقا عظيما، وبنى له زاويه على الخليج بظاهر القاهره، واوقف عليها احكار (18) عظيمة يجبا منها فى السنه فوق العشرين الف درهم، وكدلك بالقدس الشريف زاويه، وبدمشق زاويه، وببعلبك وبحماه، وبحمص،

(2) المغار: المغارة

(8)

توجه: توجهه

(12)

يتعدا: يتعدى

(15)

فخده: فخذه

(18)

احكار: أحكارا--يجبا: يجبى

ص: 221

فى كل منهم (1) زاويه وفقرا ومريدين ونواب. وكان يتصرف فى جميع مملكه السلطان الملك الظاهر تصرّف الحكام، وكتبه ممثّله لا تردّ فى ساير الممالك الاسلاميه الداخله فى سلطان الملك الظاهر.

ثم انه هدم بدمشق كنيسه اليهود وبناها زاويه. وهدم بالقدس كنيسه النصارا، تعرف بالمصلبه، وكانت عظيمه عند النصارا (5)، وقتل قسيسها بيده، وعملها زاويه له. وكدلك (198) باسكندريه هدم كنيسه الروم، كانت كرسيا من كراسيهم، يعتقدون (7) فيها البتركيه، ويزعمون ان راس يحيى بن زكريا-عليهما السلام-مدفونا (8) بها، فصيرها مسجدا وسماها المدرسه الخضراء.

وكان له فى كل مدينه زاويه، وله بها نايبا (9). وكانوا جميعهم على غير الطريق الحميده، يقطعون الطريق، ويحمون المفسدين، وياخدون المصانعات، ويرتكبون الفواحش، ويفسدون فى نساء العالم (11) واولادهم لهم وللشيخ خضر. ولم يزل دلك فعلهم القبيح حتى مسك.

وسبب مسكه انه كان تسلط على الامير بدر الدين الخزندار، وعلى الصاحب بها الدين بن حنا تسليطا عظيما حتى لا عادت لهم (14) معه يد تبسط. وكان السلطان قد اطلق له شيا، فتوقف فيه الخزندار. فقال له بحضره السلطان:«كانك تشفق على السلطان واولاده مثلما فعل قطز باولاد استاده الملك المعز» . فخافه الخزندار، وكدلك الصاحب بها الدين. فاتفقا عليه مع الامير عز الدين ملك الامراء بدمشق، فانه طلب نواب الشيخ خضر الدين بالشام؛ وهم الشيخ اسماعيل، والشيخ مظفر،

(1) منهم: منها--ومريدين: ومريدون

(5)

النصارا: النصارى--المصلبه: فى الأصل وفى ابن الفرات ج 7 ص 103 «المصليه» ، والصيغة الصحيحة المثبتة من م ف واليونينى ج 3 ص 267

(7)

يعتقدون: يعقدون، م ف--البتركيه: البطركية، م ف

(8)

مدفونا: مدفون

(9)

نايبا: نائب

(11)

العالم: الناس، م ف

(14)

لهم: لهما

ص: 222

واخر من اتباعه يسمى محمد بن بطيح، وخوّفهم ثم قال لهم:«اعترفوا على الشيخ بما صنع، وانا اصطنعكم واجعل لكم راتبا، وتكونوا (2) انتم اصحاب هده الزوايا، لا يغيّر عليكم فيها مغيّر» . فدكروا عنه اشيا قباح (3) تسدّ المسامع، واشهدوا عليهم فى محاضر بعدّه من العدول مثبوته على قاضى دمشق.

وكاتب النايب بالشام فى دلك للسلطان، فسير طلب هولاء المدكورين على البريد، وعقد لهم مجلسا (6) بين يدى السلطان. واحضر الشيخ خضر، وقالوا له:

«هولاء نوابك، ايش تقول فيهم» . فقال «مهما قالوه عنّى صحيح» . فقابلوه على اشيا كثيره قبيحه مثل اللواط والزنا. ومن جمله دلك: كان (199) قد نفّد صاحب اليمن للسلطان هديه، فى جملتها كرّ يمنى ما رئ (9) مثله، فاخده الشيخ خضر من السلطان، ثم انه دفعه لبعض ملاح القاهره. فقابلوه ايضا على دلك، وربما احضروا التى أخدت دلك الكرّ، واحضرته، واعترفت على الشيخ بالزناء. فلما تبث (11) دلك عليه، وتحققه السلطان أمر بالحوطه عليه، واطلق اصحابه، وعادوا الى دمشق. واجتمع عند السلطان جماعه من الامراء، منهم الامير فارس الدين اتابك، والامير سيف الدين قلاوون، وقشتمر العجمى، وبيسرى، والامير بدر الدين الخزندار. فشاورهم السلطان فى امره فقال اتابك:«هدا مطلع على اسرار الدوله وبواطن احوالها، ولا يجب ابقاه (16) فى الوجود» . ووافقوه الحاضرين على دلك.

فلما تعين للشيخ خضر الموت قال: «يا بيبرس، انا اعلم ان اجلى (17) قد قرب وايضا اجلك، وبينى وبينك مده يسيره، ايام لا اشهر ولا اعوام. من مات منا قبل صاحبه، لحقه الاخر عن قريب. فافهم هدا، ولا تعجل على دهاب نفسك» . فلما سمع السلطان دلك منه وجم، ولم يردّ جواب (20)، وقال للامرا:«ما ترون فى امره؟» .

(2) وتكونوا: وتكونون

(3)

قباح: قباحا

(6)

مجلسا: مجلس

(9)

رئ: رئى

(11)

تبث: ثبت

(16)

ابقاه: ابقاؤه--ووافقوه الحاضرين: ووافقه الحاضرون

(17)

اجلى: فى الأصل «أجله» والصيغة المثبتة هى الصحيحة من م ف

(20)

جواب: جوابا

ص: 223