الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لخص من الحوادث
الخليفه الامام الحاكم بامر الله امير المومنين ابى (2) العباس. والسلطان الملك الظاهر سلطان الاسلام الى ان توفى فى هده السنه فى تاريخ ما يدكر. وصاحب الحجاز نجم الدين ابو نمى. وصاحب المدينه-على صاحبها وساكنها افضل الصلاه والسلام- عز الدين جماز بن شيحه. وصاحب اليمن الملك المظفر شمس الدين يوسف ابن (5) الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول. وصاحب حماه الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقى الدين عمر. وصاحب ماردين الملك المظفر قرا ارسلان ابن (7) الملك السعيد الارتقى. وصاحب الروم غياث الدين كيخسروا ابن (8) السلطان ركن الدين السلجوقى. والعراق بالشرق كله فى مملكه ابغا ابن (9) هلاوون. وما ورا دلك لملوك التتار من ولد جكز خان المقدم دكره فى هدا التاريخ المبارك.
ذكر وفاه السلطان الملك الظاهر
رحمه الله تعالى (186) لما كان يوم الخميس رابع عشر شهر الله المحرم من هده السنه، جلس السلطان الملك الظاهر بالقصر الابلق المطلّ على الميدان الاخضر بدمشق المحروسه لشرب القمز مع الامراء الكبار، وهو فى غايه الفرح والسرور والغبطه والحبور لما فتح الله على يديه من البلاد وملكه نواصى العباد.
وبات على تلك الحاله، وشرب اكثر من طاقته. فاحسّ تلك الليله بفتور فى جسده. ثم اصبح نهار الجمعه، فشكا دلك للامير شمس الدين سنقر الالفى السلحدار.
(2) ابى: ابو
(5)
ابن: بن
(7)
ابن: بن
(8)
كيخسروا ابن: كيخسرو بن
(9)
ابن: بن
فاشار عليه بالقئ. فلما كان بعد صلاه الجمعه ركب من الجوسق الى الميدان ليزيل عنه وهم التمعّك وفتور الكسل، وهو لا يزداد الى توهج وتململ وقلق وتوعك (2). ثم عاد الى القصر، فبات بحراره شديده، واصبح كدلك ظاهره وباطنه. فصنع له بعض خواصه دواء بالتركى لم يكن عن راى طبيب، فلم ينجح واصبح كاشد من أمسه.
فاحضر الاطبا، فلما راوه أنكروا على من صنع دلك الدواء، وأجمعوا رايهم على دواء مسهل يدفع ما فى جسده من الفضلات الرديه (6)، فسقوه فلم يجيبه شى. فحركوه بدواء اقوى منه كان سببا للافراط فى الاسهال، ودفع دما كثيرا فضعفت قواه لدلك.
فتخيل خواصه ان كبده تتقطع وان دلك عن سقية سقيها، فعولج بالجواهر-ودلك يوم الثلثا-فما افاد شى (9): فلما كان يوم الخميس ثامن عشرين المحرم توفى الى رحمة الله تعالى.
واخفا (11) الامراء دلك، ومنعوا من يدخل ومن يخرج. فلما كان اخر الليل حمله من اكابر الامراء الامير شمس الدين سنقر الاشقر، والامير بدر الدين بيسرى، والمقر السيفى قلاوون الالفى، والامير بدر الدين بيليك الخزندار، وعز الدين الافرم، والامير عز الدين (187) ايدمر الظاهرى ملك الامرا بدمشق، وتولوا غسله، وتحنيطه وتصبيره، وتكفينه. وكدلك معهم الامير سيف الدين بلبان الدوادار، والمهتار شجاع الدين عنبر، والفقيه كمال الدين المنبجى. ثم جعلوه فى تابوت، وعلقوه فى بيت من بيوت القلعه بدمشق حتى يحصل الاتفاق على مكان دفنه.
ثم كتب الامير بدر الدين الخزندار كتابا الى الملك السعيد يطالعه بدلك. وسيره على يد الامير بدر الدين بكتوت الجوكندار الحموى والامير علا الدين ايدغمش
(2) الى توهج وتململ وفلق وتوعك: إلا توهجا وتململا وقلقا وتوعكا
(6)
الرديه: الرديئة-- يجيبه: يجبه [كذا]
(9)
شى: شيئا
(11)
واخفا: وأخفى
الحكيمى. فلما وصلا الى الملك السعيد، خلع عليهما وانعم على كل واحد منهما بخمسه الاف درهم، على ان دلك بشاره بعود السلطان الى مصر وهو طيب سالم.
فلما كان صبيحه يوم السبت ركبوا (3) الامرا على عادتهم بسوق الخيل، ولم يظهروا شئ (4) من الحزن. ثم ان الامير بدر الدين الخزندار اخد العساكر المصريه، وتوجه الى الديار المصريه-فى مستهل شهر صفر-على عادتهم مع السلطان. واخرجوا محفه على انه فيها مريض، وجعلوا فيها مملوكا، والفراريج والاشربه يدخلوا (6) بها الى المحفه، ودلك المملوك ياكل ما يعبر اليه، والحكما ملازمين (7) المحفه الى ان وصلوا الى القاهره المحروسه.
ودخل الامير بدر الدين الخزندار تحت السناجق، وطلع الى القلعه. وجلس الملك السعيد بالايوان، ثم اظهروا بعد دلك موت السلطان الملك الظاهر رحمه الله تعالى. وجددت الأيمان للملك السعيد، والامير بدر الدين الخزندار متولى دلك جميعه. ثم بعد دلك دخل الى الستاره الى خدمه ام الملك السعيد ليعزيها بالسلطان الملك الظاهر، ويهنيها بالسلطان الملك السعيد. قشكرت له دلك شكرا كثيرا، واخرجت له هنّاب سكر وليمون، وحلفت عليه ان يشرب (188) بعد ان اوهمته انها شربت منه. فشرب جرعتين لا غير، وفى الثالثه من كثره ما ألحّوا عليه تخيّل ودفعه من يده، وكانت القاضيه فيه. ثم عاد (16) الى داره، فتوعك بدنه، وحصل له تقطيع المعاء، وادعى انه قولنج. وكان حكيمه عماد الدين بن النابلسى، فسيّر اليه الف دينار (17)، وقالوا له:«تساعدنا (18) على هلاكه، وتكون لك عندنا اليد البيضاء، ولا تعرفه انه مسقى» . فاخد الدهب، وتغافل عنه، ووصف له ما يقوى ويحرك فعل السقيه، فمات الى
(3) ركبوا: ركب
(4)
شئ: شيئا
(6)
يدخلوا: يدخلون
(7)
ملازمين: ملازمون
(16)
عاد: فى الأصل «عادا»
(17)
الف دينار: فى م ف وتاريخ ابن الفرات ج 7 ص 94 «ثلاثة آلاف دينار»
(18)
تساعدنا: ساعدنا، م ف
رحمه الله تعالى. وخلف والدته وبنتين، ولم يكن له دكر، فورثه السلطان. واشترى الملك السعيد جميع ما خص البنات من الضياع، واوقف دلك على مدرسه ابيه الظاهريه.
ثم توجه بريد بسبب مدفنا (4) للسلطان الملك الظاهر بدمشق. فوجدوا المسجد الدى للمدرسه الكامليه، وفيه شباكا (5) الى الجامع الاموى. فافتى قاضى القضاه عز الدين ابن الصايغ ان هدا لا يجوز، واشار بمشترى دار العقيق (6)، وتبنا مدرسه. فكتبوا الى السلطان الملك السعيد بدلك، وان هده اشاره القاضى، فكان دلك سببا لعزله.
فاشترى دار العقيق (8) بستين الف درهم، وكان يسكنها بدر الدين الاتابكى فانتقل منها، وكان له بها حصه فاشتروها منه. ثم بدوا (9) فى بنايه التربه خامس جمادى الاولى، وكان فراغ القبه فى اواخر جمادى الاخره. ثم ورد الامير علم الدين ابو حرص، والطواشى صفى الدين الامدى. فلما كان ليله الجمعه خامس شهر رجب، نقلوا السلطان الملك الظاهر من القلعه، ودفنوه فى مدفنه بالقبه المدكوره. وألحده القاضى عز الدين، ورتبوا له المقرئين، ثم شرعوا فى تتمه بنايه المدرسه.
ذكر نبد (14) من اخباره رحمه الله
كان مده مرضه ثلثه عشر يوما، وهده مدة مرض سيدنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم، (189) وكدلك مده مرض السلطان صلاح الدين يوسف بن ايوب رحمه الله. ومنها ان اول فتوحاته قيساريه بالساحل، واخر فتوحاته قيساريه بالروم. ومنها
(4) مدفنا: مدفن
(5)
شباكا: شباك
(6)
العقيق: كذا فى الأصل وم ف؛ وفى ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ق 195 آ، تحقيق الخويطر ص 1271، واليونينى ج 3 ص 246، وابن الفرات ج 7 ص 97 ورد الاسم «العقيقى» --وتبنا: وتبنى
(8)
العقيق: انظر حاشية 6
(9)
بدوا: بدؤوا
(14)
نبد: نبذ
أن [أول](1) جلوسه فى دست المملكه يوم الجمعه سابع عشر دى القعده، واخر جلوسه على تخت الملك بقيساريه يوم الجمعه سابع عشر دى القعده. ومنها ان اول من بنا (2) انطاكيه الملك قلستما (3)، وقد شرحه بعض اليهود انه بالعربيه. الظاهر، واخر من اخربها هدا الظاهر. ومنها ان الدى قام بالدوله (4) التركيه السلجوقيه السلطان ركن الدين طغريل بك، وقام بهده الدوله التركيه المصريه السلطان ركن الدين بيبرس المشار اليه. وركن الدين طغريل بك الدى رد الخطبه لبنى العباس بعد ان قطعها عنهم فى تلك الايام البساسيرى-حسبما تقدم من دكر دلك-وركن الدين هدا الدى رد الخطبه لبنى العباس بعد انقطاعها من التتار. ومنها ان الاسكندر كان على مقدمه جيشه الخضر عليه السلام، وهدا السلطان الملك الظاهر كان على مقدمه جيشه الشيخ خضر رحمه الله. وفى دلك قال الشريف محمد بن رضوان يمتدح <من الكامل>:
ما الظاهر السلطان إلاّ مالك ال
…
دنيا بذاك لنا (12) الملاحم تخبر
ولنا دليل واضح كالشمس فى
…
وسط السماء بكلّ عين تنظر
لمّا رأينا (14)
…
الخضر يقدم جيشه
أبدا علمنا أنّه الإسكندر.
ومما امتدحه سيف الدوله المهمندار بالقصيده الطويله التى منها يقول <من البسيط>:
يوما بمصر ويوما بالحجاز ويو
…
ما بالشام ويوما فى قرى حلب
وتارة فى أرض سيس ينهبها
…
ومرة للتتار المغل فى الطلب.
(1) أضيف ما بين الحاصرتين من المقريزى، السلوك، ج 1 ص 639، وابن الفرات ج 7 ص 84
(2)
بنا: بنى
(3)
قلستما: كذا فى الأصل
(4)
الدوله: فى الأصل «الدوليه» ، والصيغة الصحيحة المثبتة من ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ق 194 ب، تحقيق الخويطر ص 1281، وابن الفرات ج 7 ص 84
(12)
لنا: فى الأصل «اتتنا» والصيغة المثبتة من ابن الفرات ج 7 ص 102، واليونينى ج 3 ص 265، وابن تغرى بردى، النجوم الزاهرة، ج 7 ص 277
(14)
رأينا: فى الأصل «رينا»