المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما لخص من الحوادث - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ٨

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر ابتدا الدوله التركيه ادام الله ايامسلطانها وعز نصره

- ‌ذكر سلطنه الملك المعز اول ملوك التركاعز الله نصر صاحب عصرها وادام ايامه

- ‌ذكر تمليك الملك الاشرف مظفر الدين موسى بن الملك المسعود

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع واربعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر قتلة الفارس اقطاى

- ‌(24) ذكر المدينه الخضراء

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(27) ذكر [حوادث] سنه خمس وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر قتلة الملك المعز المشار اليه

- ‌(29) ذكر تملك نور الدين علىّ الملك المنصور بن الملك المعز

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر اخذ التتار لبغداد وقتل الخليفه

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سلطنه الملك المظفر سيف الدنيا والدين قطز رحمه الله

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(42) ذكر وقعه عين جالوت وكسره التتار

- ‌ذكر قتلة الملك المظفر رحمه الله وسلطنة الملك الظاهر

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وخمسين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر نسبة الفتوة

- ‌(75) ذكر [حوادث] سنة ستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر ما نقله ابن شداد من دلك

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر بيعه الامام الحاكم بامر الله ابى العباس المشار اليه وخبره

- ‌(84) دكر اخد الكرك من الملك المغيث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وستين وستمايه

- ‌(91) ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر غازيه الخناقه

- ‌ذكر [حوادث] سنه ثلث وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حواث] سنة اربع وستين وستمايه

- ‌ذكر فتح صفد المحروسه

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر الشقيف وفتحها

- ‌ذكر انطاكيه وفتحها ومبتدا امرها

- ‌ذكر بغراس ومبدا امرها

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وستين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر فتح حصن الاكراد

- ‌ذكر نبد من اخبار حصن الاكراد

- ‌(140) دكر فتح حصن عكّار

- ‌ذكر غرقة دمشق هده السنه

- ‌ذكر فتح القرين فى هده السنه

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر شئ من بلاد الحبشه

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر نوبه سيس وماتم فيها

- ‌(160) دكر شى من بلاد سيس واخبارها

- ‌(161) دكر استيلا بيت لاون صاحب سيس عليها

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر فتح القصير

- ‌ذكر من غزا النوبه من أول الاسلام

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر دخول السلطان الروم

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر وفاه السلطان الملك الظاهر

- ‌ذكر فتوحاته رحمه الله

- ‌(195) ذكر السلطان الملك السعيد ونسبه وما لخّص من سيرته وخبره

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سلطنه مولانا السلطان الملك المنصورسيف الدنيا والدين قلاوون

- ‌ذكر تملك الملك الكامل شمس الدين سنقر الاشقروما لخص من خبره

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وسبعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر وقعه حمص المعروفه بمنكوتمر

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(233) دكر وصول الشيخ عبد الرحمن دمشق

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر قتلة الملك احمد اغا وتمليك ارغون بن ابغا بن هلاوون

- ‌ذكر بعض شئ من محاسنه رحمه الله

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(238) دكر فتح حصن المرقب

- ‌(241) دكر المولد الشريف السلطانى الملكى الناصرى عزّ نصرهبشاير النصر لاوحد ملوك العصر:

- ‌[البشارة] الأوله

- ‌البشاره الثانيه

- ‌البشاره الثالثه

- ‌(244) البشاره الرابعه

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(248) ذكر [حوادث] سنه ست وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر فتح طرابلس الشام

- ‌ذكر شى من نسخ البشاير

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وثمانين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر وفاته رحمه الله تعالى

- ‌ذكر بعض شى من محاسنه رحمه الله وصفته

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك الاشرف صلاح الدنيا والدين خليل

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر نبد من اخبار هده القلاع

- ‌ذكر [حوادث] سنة احدى وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(284) دكر فتح قلعه الروم

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلث وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(302) ذكر استشهاد السلطان الملك الاشرف

- ‌ذكر بعض شى من محاسنه رحمه الله

- ‌ذكر سلطنه مولانا السلطان الاعظم الملك الناصر عز نصره وهى الاوله

- ‌ذكر قتلة الشجاعى وسببها

- ‌ذكر [حوادث] سنة اربع وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر تغلب الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى على الملك

- ‌ذكر دخول الاوراتيه مصر

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌[دكر العلاء العظيم فى هده السنه-لا اعاده الله]

- ‌ذكر خلع الملك العادل كتبغا وولايه الملك المنصور لاجين

- ‌ذكر [حوادث] سنة ست وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وتسعين وستمايه

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌(326) دكر سبب تقفيز الامراء الى غازان

- ‌(329) ذكر قتلة السلطان لاجين رحمه الله والسبب فى دلك

- ‌ذكر الساده الاجلاء الايمه الفضلاء الدين ادركهم العبد بالمولد

- ‌الشيخ صدر الدين المعروف بابن المرحّل رحمه الله

- ‌(341) الشيخ شمس الدين بن تازمرت المغربى

- ‌الشيخ اثير الدين ابو حيان المغربى

- ‌(342) القاضى ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر-رحمه الله

- ‌(343) القاضى شهاب الدين محمود كاتب الانشا-رحمه الله

- ‌(344) القاضى فتح الدين بن سيّد الناس-رحمه الله

- ‌(346) الحكيم شمس الدين بن دانيال رحمه الله

- ‌(347) الحكيم شهاب الدين الصفدى

- ‌القاضى شهاب الدين بن النويرى رحمه الله

- ‌(348) شرف الدين بن أسد

الفصل: ‌ما لخص من الحوادث

‌ذكر [حوادث] سنة تسع وخمسين وستمايه

النيل المبارك فى هده السنه: الماء القديم خمسه ادرع وعشرون اصبعا. مبلغ الزياده سبع (3) عشر دراعا وثلثه عشر اصبعا.

‌ما لخص من الحوادث

لم يكن للمسلمين خليفه فيذكر فى هده السنه، بمقتضى تغلب التتار على بغداد.

والسلطان الملك الظاهر ركن الدنيا (6) والدين بيبرس البندقدارى، سلطان الاسلام يوميد. والمتغلب على دمشق سنجر الحلبى الملقب الملك المجاهد. وصاحب حماه الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر. (59) وصاحب حمص الملك الاشرف المقدم ذكره مع هلاوون، استاد ازبك. وصاحب الكرك الملك المغيث بحاله.

وحلب فى يد التتار المتغلبين عليها، [ومقدمهم بيدرا](10). وصاحب ماردين الملك المظفر المقدم ذكره فى السنه الخاليه. وصاحب الموصل الملك الصالح بن الملك الرحيم بدر الدين لولو النورى. وملك التتار بممالك الشرق كله مع العراقين وبلاد العجم الى اخرها هلاوون، وجميع ملوك الاسلام بالشرق من تحت طاعته.

وصاحب اليمن الملك المظفر بن رسول المقدم ذكره فى الجزء الدى قبله. وصاحب مكه -شرفها الله تعالى-أبو نمى حسبما ذكرناه من خبره من قبل. وصاحب المدينه-على ساكنها افضل الصلاه والسلام-جماز بن شيحه. وصاحب الهند السلطان غياث الدين المقدم ذكره فى الجزء الدى قبله. والغرب جميعه فى ايدى عده ملوك متفرقه، البعض من بنى عبد المومن، والبعض قد تغلبوا، كما جرا (18) للتتار من تغلبهم على البلاد.

(3) سبع: سبعة

(6)

ركن الدنيا والدين: فى الأصل «ركن الدين الدنيا والدين»

(10)

ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش

(18)

جرا: جرى

ص: 67

وفيها كانت كسره التتار على حمص. وسببها (1)، أن القول تقدم من العبد، انهم وصلوا فى السنه الخاليه بغارتهم الى حماه، وان الملك المنصور [صاحبها](2) كان قد خرج مع الامرا العزيزيه والناصريه. فلما دخلت هده السنه وصلوا (3) التتار الى حمص، فوجدوا بها من كان من الامرا الحلبيين، والملوك، صاحب حماه، وصاحب حمص وهو الملك الأشرف-الدى ذكرناه-مظفر الدين موسى ابن بن (5) اسد الدين شيركوه -المقدم ذكره فى الجزء الدى قبله-، وعدّة من معهم الف واربع مايه فارس، وكانوا (6) التتار فى سته آلاف. فاستعان المسلمين (7) بالله عز وجل على قتالهم، وبايعوا الله تعالى بنيه خالصه، والتقوا معهم عند قبر خالد بن الوليد، رضى الله عنه. وحملوا عليهم (60) حمله رجل واحد. فنظر الله الى قلتهم وحسن يقينهم (9)، فاجاب دعاهم، وخدل عداهم، وانكسروا كسره عظيمه، وهرب بيدرا مقدمهم، ولم يلوى (10) على احد، ووقع فيهم السيف.

وحكى عن الامير بدر الدين القيمرى قال: كنت فى الوقعه هده (12) مع الملك المنصور صاحب حماه. فرايت بعينى طيور بيض (13) وهى تضرب وجوه التتار باجنحتها. وكان النصر من الله تعالى، ويقال ان هده الوقعه كانت اعظم من وقعه عين جالوت، لكثره التتار وقله المسلمين.

والدى سلم من التتار، فانهم عادوا الى حلب، واخرجوا من كان بها من الرجال والنساء، ولم يبق بها الا من ضعف عن الحركه فاختفا (17) خوفا على نفسه. ثم نادوا فيهم:

«من كان من اهل حلب يعتزل» . فلم يعلم الناس ما يراد بهم؛ فظن الغرباء أن النجاه لهم،

(1) وسببها: فى الأصل «سيها»

(2)

ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش

(3)

وصلوا: وصل

(5)

ابن بن: ابن ابن

(6)

وكانوا: وكان

(7)

المسلمين: المسلمون

(9)

يقينهم: نيتهم، م فى--وخدل: وخذل

(10)

يلوى: يلو

(12)

الوقعه هده: هذه الوقعة

(13)

طيور بيض: طيورا بيضا

(17)

فاختفا: فاختفى

ص: 68

وظن الحلبيين (1) أن النجاه لهم. فاعتزل جماعه من الحلبيين مع الغرباء، وجماعه من الغرباء مع الحلبيين. فلما تميّز الفريقين (2) اخدوا الغرباء، فضربوا رقابهم. وكان فيهم جماعه من اقارب الملك الناصر، ومن جملتهم امين الدين بن تاج الدين الحموى، والقاضى أسد الدين بن مسلم بن منير. ثم عدّوا من بقى من الحلبيين، وسلّموا كل طايفه الى رجل منهم ضمنوه اياهم. ثم ادنوا لهم فى العود الى البلد، واحاطوا بها، ولم يتركوا احدا يخرج منها، ولا يدخل إليها. واقاموا على دلك اربعه اشهر؛ فغلت الاسعار، وقلت الاقوات حتى بلغ الرطل اللحم سبعين درهما، ورطل اللبن خمسه عشر درهما، ورطل السكر مايه درهم، ورطل العسل النحل خمسين درهم (8)، ورطل الشراب سبعين درهم (9)، والجدى مايه درهم، والدجاجه عشره الدراهم، (61) والبيضه درهم ونصف (9_)، والبصله نصف درهم، والخسه (10) نصف درهم، وحزمه البقل درهم، والتفاحه خمسه الدراهم. واكات الناس الميته والجلود والنعال.

وحكى عن بدر الدين ابن (12) الصرخدى التاجر، قال: كنت مقيما بحلب تلك الايام، وعندى اربع بقرات حلابات. فكنت احلب منهم كفايتى لاهلى، وابيع منهم (13) فى كل يوم بمايه واربعين درهم (14). وأعطيت فيهما سته الاف درهم، فأبيت، وابعت خمس نعاج وثلثه خراف بتسع مايه درهم، والدى شراهم (15) كسب فيهم مايتى درهم.

وفيها كاتب السلطان الملك الظاهر للامرا (16) الدين كانوا مع الحلبى، فاجابوه وخرجوا من دمشق، وفيهم الامير علاء الدين البندقدار، وبها الدين بغدى الاشرفى.

فتبععهم الحلبى بمن تبقى معه من الامرا والاجناد، وحاربهم فهزموه الى القلعه فدخلها وغلقها. ثم حمله الخوف الى ان خرج من القلعه فى تلك الليله، وطلب بعلبك. ودخل

(1) الحلبيين: الحلبيون

(2)

الفريقين: الفريقان

(8)

خمسين درهم: خمسين درهما

(9)

سبعين درهم: سبعين درهما

(9_) درهم ونصف: درهما ونصفا

(10)

والخسه: والجبنة، م ف--البقل درهم: البقل درهما

(12)

ابن: بن

(13)

منهم: منها

(14)

واربعين درهم: وأربعين درهما--فيهما: فيها

(15)

شراهم: اشتراها--فيهم: فيها

(16)

للامرا: الأمراء

ص: 69

الامير علاء الدين البندقدار الى دمشق واستولى عليها، وعلى من (1) بجوارها من القلاع، وأعلن بشعار الملك الظاهر. وعاد نايبا له مده شهرين ثم عزل عنها، ووليها الحاج علاء الدين طيبرس الوزيرى. وعمل [طيبرس] على الحلبى ومسكه، وبعثه من ساعته صحبه الامير بدر الدين بن رحّال الى الديار المصريه، فأدخل على السلطان الملك الظاهر ليلا بقلعة الجبل. فقام اليه واعتنقه، واجلسه وعاتبه فى دلك، ثم عفا عنه، وخلع عليه، ورسم له بالخيل والبغال والجمال والقماش، وانعم عليه بجمله كبيره من المال.

وفى يوم الاثنين ثامن ربيع الاول، فوّض الملك الظاهر امر الوزاره (62) وتدبير المملكه للصاحب بها الدين على بن محمد بن القاضى سديد الدين ابى عبد الله محمد بن سليم المعروف بابن حنّا، وخلع عليه. وركب فى خدمته جميع روسا مصر والقاهره، والامير سيف الدين بلبان الدوادار الرومى مخدومنا، فى خدمته مع جماعه كبيره من اعيان الامرا. وجلس [ابن حنا] للحكم فى دلك اليوم.

وفيها قبض السلطان الملك الظاهر على جماعه من الامرا المعزيه؛ فانه حضر اليه جندى من اجناد الصيقلى، واخبره أنه فرّق ذهبا كثيرا على جماعه من خشداشيته، وقرر معهم قتل السلطان الملك الظاهر. والدى اتفق معه من الأمراء: علم الدين الغتمى، وسيف الدين بهادر المعزى، وشجاع الدين بكتوت، مع جماعة اخر. فقبض على الجميع.

وفيها اخد السلطان الظاهر الشوبك من نواب الملك المغيث فتح الدين عمر. ودلك فى شهر ربيع الآخر.

وفى هدا الشهر، قبض السلطان ايضا على الامير بها الدين بغدى الاشرفى.

وحمل الى القاهره، واعتقل بالقلعه المحروسه، ولم يزل فى السجن حتى توفى به.

(1) من: ما

ص: 70

(1)

[ومن ما يحكى من جمله سعاده السلطان الملك الظاهر انه لعب هده السنه بدمشق الاكره، وفى خدمته اثنى (2) عشر ملك من كبار ملوك الاسلام، وهم: الملك الصالح والملك المجاهد ولدى (3) بدر الدين لولو صاحب الموصل، واخوهما صاحب سنجار الملك المظفر، والملك الاشرف صاحب حمص، وعمه الملك الزاهد ابن (4) اسد الدين، والملك المنصور صاحب حماه واخوه الملك الافضل، والملك السعيد والملك المسعود اولاد الملك الصالح اسمعيل، والملك الامجد تقى الدين ابن (6) الملك العادل، والملك الأشرف من سبط الملك المسعود، والملك الأمجد وأخوته أولاد الملك الناصر داود. وهدا امر ما تم لملك قبله.

وحكى ابن الاثير فى تاريخه (8) قال: ركب السلطان صلاح الدين يوسف ابن ايوب رحمه الله فى بعض الايام فقصده (9) رجل كان فى خدمته من ابناء الملوك السلجوقيه، وعدل ثيابه رجل من بيت أتابك. فرآه فقال:«ما بقيت تبالى بعدها بالموت يا بن ايوب (10)، سلجوقى يقصدك (11)، واتابكى يعدل الى ثيابك» . فاين هدا من ما جرى للملك الظاهر مما ذكرناه] (12).

وفيها رحل التتار عن حلب. وسبب دلك ان السلطان الملك الظاهر كان جهّز فى العشر الاول من ربيع الاخر الامير فخر الدين ألطنبا الحمصى، والامير حسام الدين لاجين الجوكندار، والامير حسام الدين العنتابى، فى جيش ثقيل ليرحّل التتار عن حلب.

فلما وصلوا الى غزه، كتبوا (16) الفرنج من عكا الى التتار يخبروهم بخروج العساكر اليهم.

(1 - 12) ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش، انظر أيضا مختارات من كتاب الروض الزاهر فى سيرة الملك الظاهر لمحيي الدين بن عبد الظاهر فى) Sadeque،Baybars l of Egypt ط. داكا، باكستان 1956) ص 47 - -ومن ما: ومما

(2)

اثنى: اثنا--ملك: ملكا

(3)

ولدى: ولدا

(4)

ابن: بن

(6)

ابن: بن

(8)

تاريخه. . .: انظر ابن الأثير، الكامل فى التاريخ (ط. بيروت 1966) ج 12، ص 76 - 77 - -ابن ايوب: بن أيوب

(9)

فقصده: فى ابن الأثير وابن عبد الظاهر «فعضده»

(10)

بن ايوب: ابن أيوب

(11)

يقصدك: فى ابن عبد الظاهر «يعضدك» --الى: -فى الروض الزاهر--ثيابك: فى الأصل «تابك» --من ما: مما

(16)

كتبوا: كتب--يخبروهم: يخبرونهم

ص: 71

فرحلوا عن حلب فى اوايل شهر جمادى الاولى. وتغلب على حلب جماعه من شطارها، فقتلوا ونهبوا، ونالوا اغراضهم ممن كان فى صدورهم منه حقد وحسيفه.

(63)

فلما وصل اليها الامرا المدكورين (3)، خرجوا منها تلك الشطار هاربين.

ثم ان الامرا صادروا اهلها، واستخرجوا منهم ألف الف درهم وستمايه الف درهم بيروتيه. واقام بها الامير حسام الدين لاجين الجوكندار [والامير فخر الدين](5) حتى وصل الامير شمس الدين البرلى فى شهر جمادى الآخره. فخرج اليه الامير فخر الدين ألطنبا يلتقيه، وظنّ انه اتاه نجدة له. وكان البرلى قد خرج من دمشق هاربا لما علم بقبض الامير بها الدين بغدى، فتحقق انه يقبض عليه معه. فلما دخل حلب طمعته نفسه ان يغلب عليها. فخافه الامير فخر الدين لما اشتم خبره، فعمل فى الحيله على الخلاص منه، وطلب السفر الى السلطان ليتوسط له عنده ويستميله اليه، فمكّنه من دلك. فلما خرج اخد البرلى ايضا فى مصادرة الحلبيين وعقوبة من كان فى صحبه الامير فخر الدين. وامّر الامريات، واقطع الاقطاعات. ووفد عليه الامير زامل ابن على بن حديثه فى اصحابه، ففرّق عليهم تسعه آلاف (13) مكوك مما احتاط عليه من الغلال التى كانت مخزونه بحلب، وفرّق فى التركمان اربع (14) آلاف مكوك. وتغلب بحلب، وظن بنفسه ما ظنه غيره.

وفيها وصل المستنصر بالله الى القاهره. وكان هدا المستنصر محبوسا ببغداد مع جماعه من بنى العباس فى ايام الخلفا. فلما ملك التتار اطلقوهم، فسار هدا الى عرب العراق، واختلط بهم. فلما ملك السلطان الملك الظاهر وفد عليه مع جماعه من بنى مهارش، وهم عشره نفر تقدمهم الامير ناصر الدين مهنا. فركب السلطان

(3) المدكورين: المذكورون--خرجوا: خرج--تلك: هؤلاء

(5)

ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش

(13)

تسعه آلاف: سبعة آلاف، م ف

(14)

اربع: أربعة

ص: 72

والتقاه، وصحبته الصاحب بها الدين ابن (1) حنا، والقضاه والعدول، والنصارا بالانجيل، واليهود بالتوراه، وكان يوما مشهودا. (64) ودلك يوم الخميس-وقيل يوم الاثنين- ثالث عشر شهر رجب الفرد من هده السنه.

وجلس السلطان الملك الظاهر بالايوان والقبه، والخليفه الى جانبه، واحضر القضاه والصاحب [بهاء الدين]، وجميع ارباب المناصب، وقروا (5) نسبة الخلافه على القاضى تاج الدين، وشهدوا على دلك بالصحه، وحكم به. ثم مدّ [تاج الدين] يده اليه، وبايعه، وبايعه السلطان والصاحب، ثم الامرا على طبقاتهم.

فلما كان مستهل شعبان امر بعمل خلعه سودا، وطوق ذهب، وقيد دهب.

وكتب تقليدا عظيما بسلطنه السلطان الملك الظاهر، ونصب الدهليز بظاهر القرافه.

وركب الخليفه والسلطان الملك الظاهر، والوزير، ووجوه الدوله، وساير الجيش.

وانزل السلطان فى الدهليز، ولبس الخلعه السودا وطوّق وقيّد، ودلك يوم الاثنين رابع شعبان المكرم. وصعد القاضى فخر الدين بن لقمان-وهو يوميد صاحب ديوان الانشاء-على منبر، وقرا دلك التقليد، وهو بخطه وانشايه، فكان ما هدا نسخته:

«بسم الله الرّحمن الرّحيم. الحمد لله الذى أضفا (15) على الاسلام ملابس الشرف، وأظهر بهجة درره، وكانت خافية بما استحكم عليها من الصدف، وشيّد ما وهى من علايه حتى أنس (17) ما سلف، وقيّض لنصره ملوكا اتفق عليهم من اختلف،

(1) ابن: بن--والنصارا: والنصارى

(5)

وقروا: وقرأوا

(15)

أضفا: أضفى، فى المقريزى، السلوك، ج 1 ص 453، «اصطفى»

(17)

أنس ما سلف: فى ابن عبد الظاهر (ed .Sadeque) ص 37، واليونينى، ذيل مرآة الزمان، ج 1 ص 443 وج 2 ص 98، والمقريزى ص 453 «أنسى ذكر ما سلف» --عليهم: فى ابن عبد الظاهر والمقريزى «على طاعتهم»

ص: 73

أحمده على نعمه التى تسرح (1) الأعين منها فى الروض الانف، وألطافه التى وقف عليها الشكر فليس له عنها منصرف. وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له شهادة توجب فى المخاوف أمنا، وتسهل من الأمور من كان حزنا. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذى جبّر من الدين ما وهنا، وأظهر من المكارم (65) فنونا لا تفنا (4)، صلّى الله عليه وعلى آله الذين أضحت مناقبهم باقية لا تفنا (5)، وأصحابه الذين أصبحوا فى الدنيا فاستحقوا الزيادة من الحسنى، وسلم تسليما.

وبعد فإن أولى الأوليا بتقديم ذكره، وأحقهم من يصبح القلم راكعا وساجدا فى تسطير مناقبه وبره، من سعى فاضحى بسعيه للحمد متقدما، ودعا الى طاعته فاجابه من كان منجدا او متهما، وما بدت يد المكارم (9) إلا كان لها يدا ومعصما، ولا استباح بسيفه حما وغا (10) الاّ أضرمه نارا وأجراه دما.

ولما كانت هذه المناقب الشريفة مختصة بالمقام العالى المولوى السلطانى الملكى الظاهرى الركنى شرفه الله وأعلاه، ذكرها الديوان العزيز النبوى (12)[الامامى المستنصرى أعزّ الله سلطانه،](13) تنويها بشريف قدره، واعترافا بصنعه اليه الذى. . . (14) لا يقوم العباد بشكره، وكيف لا وقد أقام الدولة العباسية بعد أن أقعدتها زمانة الزمان، وأذهبت ما كان لها من محاسن الإحسان، وعتّب دهرها المسئ [لها](15) فأعتب،

(1) تسرح: فى ابن عبد الظاهر ص 37، والمقريزى ص 453، «رتعت»

(4)

تفنا: تفنى، فى ابن عبد الظاهر، واليونينى ج 1 ص 444 وج 2 ص 99، والمقريزى «فنا»

(5)

تفنا: تفنى

(9)

يد المكارم: فى ابن عبد الظاهر واليونينى والمقريزى «يد من المكرّمات» --يدا: فى ابن عبد الظاهر واليونينى والمقريزى «زندا»

(10)

حما وغا: حمى وغمى

(12 - 13) أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص 37

(14)

الذى. . . بشكره: فى ابن عبد الظاهر ص 37 واليونينى ج 1 ص 444 ج 2 ص 99 والمقريزى ص 454 «الذى تنفد العبارة المبهة ولا تقوم بشكره»

(15)

اضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص 37

ص: 74

فأرضا (1) عنها زمنها وقد كان صال عليها صولة مغضب. وأعاد إليها سلما بعد أن كان عليها حربا، وصرف إليها اهتمامه فرجع كل مضيق من أمرها واسعا رحبا. ومنح أمير المؤمنين عند القدوم عليه حنوا وعطفا، وأظهر له من الولاء رغبة فى ثواب الله ما لا يخفا (4). فأبدى من الاحتفال بأمر الشريعة والبيعة أمرا لو رامه غيره لا متنع عليه، ولو تمسك بحبله متمسك لا نقطع به قبل الوصول اليه. لكن الله ادّخر هذه الحسنة ليثقل بها ميزان ثوابه، ويخفف بها يوم القيمة (6) حسابه. فالسعيد من خفف من حسابه. فهذه نعمة (7) أبى الله إلاّ أن يخلدها فى صحيفة صنعه، (66) ومكرمة [قضت](8) لهذا البيت الشريف النبوى بجمع شمله بعد أن حصل الإياس من جمعه.

وأمير المؤمنين يشكر الآن (9) هذه الصنايع، ويعترف ان لولا اهتمامك بأمره لا تسع الخرق على الراقع. وقد قلدك الديار المصرية، والبلاد الشامية، والديار البكرية، والجزيرية، والحجازية، واليمنيه [والفراتية](11)، مع ساير ما يتجدد من الفتوحات غورا ونجدا. وفوّض أمر جندها ورعاياها إليك حين أصبحت بالمكارم فردا، وما جعل منها بلد (13) من البلاد ولا حصن من الحصون مستثنا، ولا جهة من الجهات تعدوا (14) فى الأعلا ولا الأدنا.

فلاحظ أمور الأمة فقد أصبحت لثقلها حاملا، وخلص نفسك اليوم من التبعات ففى غد تكون مسؤل (16) عنها لا سايلا، ودع الاغترار بأمر الدنيا فما نال أحد منها

(1) فارضا: فأرضى

(4)

يخفا: يخفى--الاحتفال: فى ابن عبد الظاهر ص 37، والمقريزى ص 454 «الاهتمام»

(6)

يوم القيمة: يوم القيامة

(7)

نعمة: فى ابن عبد الظاهر ص 38، واليونينى ج 1 ص 445 وج 2 ص 100، والمقريزى ص 454 «منقبة»

(8)

أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص 38

(9)

الآن: فى ابن عبد الظاهر ص 38، والمقريزى ص 454 «لك» --ان: أنه

(11)

أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص 38، والمقريزى ص 454

(13)

بلد: بلدا--حصن: حصنا-- مستثنا: مستثنى

(14)

تعدوا: تعد--الأعلا: الأعلى--الأدنا: الأدنى

(16)

مسؤل: مسئولا

ص: 75

طايلا، وما لحظها أحد بعين الحق إلاّ رآها خيالا زايلا. فالسعيد من قطع منها آماله الموصولة، وقدم لنفسه زاد التقوى، فتقدمة غير زاد التقوى لا مقبولة (2). وابسط يدك بالإحسان والعدل، فقد أمر الله بالعدل والإحسان، وكرر ذلك فى مواضع كثيرة من القرآن. وكفّر به عن المرء ذنوبا كتبت عليه وآثاما، وجعل يوما واحدا منه كفارة (5) ستين عاما. وقد سلكت سبيل ذلك وأحييت ثماره من أفنان، ورجع الأمر (6)[به بعد] بعد تداعى اركانه مشيد الاركان، وتحصن به من حوادث [زمانه والسعيد من تحصن من حوادث] الزمان، فكانت أيامه فى الأيام أبها (7) من الأعياد، وأحسن [فى العيون] من الغرر فى وجوه الجياد، وأحلى من العقود اذا حلّى بها عطل الأجياد.

وهذه الاقاليم المنوطة بنصرك الكريم تحتاج الى [نواب و](10) حكام، وأصحاب نظر ورأى من أرباب السيوف (67) والأقلام. فإذا استعنت بأحد منهم فى أمورك فنقب عليه تنقيبا، واجعل عليه فى تصرفاته رقيبا، *وسل عن أحواله، ففى يوم القيمة (12) تكن عنه مسؤلا وبما اجترح (13) مطلوبا؛ ولا تولى منهم إلاّ من تكون مساعيه حسنات لك لا ذنوبا. وامرهم بالأناة فى الأمور والرفق، ومخالفة الهوى اذا ظهرت أدلة الحق، وأن يقابلوا الضعفا فى حوايجهم بالثغر الباسم والوجه الطلق. وأن لا يعاملوا أحدا على الاحسان والإساءة إلاّ بما يستحق؛ وأن يكونوا لمن تحت أيديهم

(2) غير زاد التقوى لا مقبولة: فى ابن عبد الظاهر ص 38، واليونينى ج 1 ص 445 وج 2 ص 100، والمقريزى ص 455 «غير التقوى مردودة لا مقبولة»

(5)

كفارة: فى ابن عبد الظاهر والمقريزى «كعبادة العابد» --وقد. . . ثماره: فى ابن عبد الظاهر ص 38، واليونينى ج 1 ص 446 وج 2 ص 100، والمقريزى ص 455 «وما سلك أحد سبيل العدل إلا اجتنيت ثماره»

(6 - 10) أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص 38

(7)

أبها: أبهى

(12)

يوم القيمة: يوم القيامة

(13)

اجترح: فى ابن عبد الظاهر ص 39، والمقريزى ص 455 «أجرم»؛ وفى اليونينى ج 1 ص 446 وج 2 ص 100 «اجترم» -- تولى: تول

ص: 76

من الرعية إخوانا، وأن يوسعوهم برّا وإحسانا، وأن لا يستحلوا حرماتهم إذا استحل لهم الزمان حرمانا، فالمسلم أخو المسلم وإن كان عليه أميرا أو سلطانا. فالسعيد من نسج ولاته فى الخير على منواله، واستّن سنته فى تصرفاته وأحواله، وتحمل عنه ما تعجز قدرته عن حمل اثقاله. ومما يؤمرون به أن يحلوا (4) من سيئ السنن ما أحدث وجدد من المظالم التى هى أعظم المحن، ويشترى بابطالها المحامد فإن المحامد رخيصة الثمن.

ومهما جبى منها من الأموال فإنها باقية وإن كانت حاصلة (6)، واجياد الخزاين وإن أصبحت بها حالية فانّما هى على التحقيق (7) عاطلة. وهل أشقا ممن احتقب إثما، واكتسب بالمساعى الذميمة ذما، وجعل السواد الأعظم يوم القيمه (8) له خصما، وتحمل ظلم العبّاد ممّا صدر عنه من اعماله {وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} (9).

وحقيق بالمقام [الشريف](10) السلطانى الملكى الظاهرى الركنى أن تكون ظلامات الانام مردودة بعدله، وعزايمه تخفف عن الخلايق ثقلا لا طاقة له بحمله. فقد أضحى على الاحسان قادرا، (68) وخضعت (12_) له الأيام ما لم تصنعه ل (12)[غيره م] ممن تقدم من الملوك وان جا آخرا. فاحمد الله على أن وصل إلى جنابك إمام الهدى وأوجب لك [مزية](14) التعظيم، وينبّه الخلايق على ما حصل (14_) الله به [من] هذا الفضل العظيم.

وهذه أمور ينبغى أن تلاحظ وترعا (15)، وأن يوالى عليها حمد الله فإن الحمد يجب عليها عقلا وشرعا، وقد تبيّن انك صرت فى الأمور أصلا وصار غيرك فرعا.

(4) يحلوا: فى ابن عبد الظاهر ص 39، واليونينى ج 1 ص 447 وج 2 ص 101، والمقريزى ص 455 «يمحى»

(6)

وإن كانت حاصلة: فى ابن عبد الظاهر والمقريزى «فى الذمم حاصلة»

(7)

على التحقيق: فى ابن عبد الظاهر والمقريزى «على الحقيقة منها» -- أشقا: أشقى

(8)

يوم القيمة: يوم القيامة

(9)

القرآن 20:111

(10)

أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص 39

(12_) وخضعت: فى ابن عبد الظاهر ص 39، واليونينى ج 1 ص 447 وج ص 102، والمقريزى ص 456 «صنعت»

(12 - 14) أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص 39

(14_) حصل: خصك

(15)

وترعا: وترعى

ص: 77

ومما يجب [أيضا](1) تقديم [ذكره أمر] الجهاد الذى أضحى على الأمّة فرضا، وهو العمل الذى تصبح به سود (2_) الصحايف مبيضّا. وقد وعد (2)[الله] المجاهدين بالأجر العظيم، وأعد لهم عنده المقام الكريم، وخصهم بالجنة [التى](3){لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ} (4). وقد تقدمت لك فى الجهاد يد بيضا أسرعت فى سواد الحسّاد، وعرف منك عرفة (5) هى أمضى مما تحت ضماير الأغماد، واشتهرت لك مواقف فى القتال هى أبهى وأشهى إلى القلوب من الأعياد. وبك صان الله حمى الإسلام من أن يتبدّل، وبعزمك حفظ على المسلمين نظام هذه الدول، وبسيفك الذى أثر فى [قلوب](7) الكافرين قروحا لا تندمل، وبك يرجى أن يرجع مقر الخلافة المعظمة إلى ما كان عليه فى الزمان الأول. فأيقظ لنصرة الإسلام جفنا ما كان قط هاجعا (9)، وكن فى مجاهدة أعداء الله إماما متبوعا لا تابعا، وأيّد كلمة التوحيد فما تجد فى تأييدها إلا مطيعا سامعا.

ولا تخل الثغور من اهتمام بأمرها تبتسم (12)[له] الثغور، واحتفال يبدّل ما دجا (12_) من ظلماتها بالنّور. وأجعل أمرها على الأمور مقدما، وسدّ (13) منها [كل] ما غادره العدو متداعيا متهدما؛ فهذه حصون [بها](14) يحصل (69) الانتفاع، وبها تختم الاطماع، وهى على العدو داعية افتراق لا اجتماع. ولولاها (15) بالاهتمام لما كان البحر لها مجاورا، والعدوّ إليها

(1) أضيف ما بين الحاصرات من ابن عبد الظاهر ص 40.

(2_) سود: فى ابن عبد الظاهر ص 40، واليونينى ج 1 ص 446 وج 2 ص 102، والمقريزى ص 456 «مسودّ»

(2 - 3) أضيف ما بين الحاصرات من ابن عبد الظاهر ص 40.

(4)

القرآن 52:23

(5)

عرفة. . . مما تحت: فى ابن عبد الظاهر ص 40، واليونينى ج 1 ص 448 وج 2 ص 102، والمقريزى ص 456 «عزمة هى أمضى مما تجنه»

(7)

أضيف ما بين الحاصرات من ابن عبد الظاهر ص 40.

(9)

قط هاجعا: فى ابن عبد الظاهر ص 40، واليونينى ج 2 ص 103، والمقريزى ص 456 «غافيا ولا هاجعا»

(12 - 14) أضيف ما بين الحاصرات من ابن عبد الظاهر ص 40.

(12_) دجا: دجى

(13)

وسد: وشيد

(15)

ولولاها. . . لما: وأولاها. . . ما.

ص: 78

شزرا ناظرا، لا سيما ثغور الديار المصرية، فإن العدو كان وصل اليها رابحا ورجع خاسرا، واستأصلهم الله فيما مضى (2) حتى ما أقال منهم عاثرا.

وكذلك الاصطول (3) الذى [ترى] خيله كالأهلّة، وركايبه [سابقة] بغير سايق مستقلة. وهو أخو الجيش السليمانى: فان ذلك عدت (4) له الرماح حاملة، وهذه تكفلت بحمله المياه السايلة. فإذا لحضها (5) الطرف سايرة فى البحر [كانت] كالاعلام، وإذا شبهها قال هذه ليال تقلع فى أيام.

وقد سنا (7) الله لك من السعادة كل مطيب، وأتاك من أصالة الرأى الذى يريك المغيب، وبسط بعد القبض منك الأمل، ونشط من السعادة ما كان من كسل، وهداك إلى مناهج الحق وما زلت مهتديا إليها، وألهمك (9) المراشد ولا تحتاج إلى تنبيها عليها.

والله تعالى يؤيدك بأسباب نصره، ويوزعك شكر نعمته، فإن النعم تستّم بشكره عنه وكرمه».

ولما تمت البيعه أخد السلطان فى تجهيز الخليفه الى بغداد، ورتب له الطواشى بها الدين صندل الصالحى شرابيا، والامير سابق الدين بوزبا الصيرمى (13) اتابكا، والسيد الشريف شهاب الدين (14) جعفر استاددارا، والامير فتح الدين بن الشهاب احمد امير جاندارا، والامير ناصر الدين بن صيرم خازن دارا، والامير سيف الدين بلبان

(2) فيما مضى: فى ابن عبد الظاهر ص 40، واليونينى ج 1 ص 448 وج 2 ص 103، والمقريزى ص 457 «فيها»

(3)

الاصطول: الاسطول--أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص 40

(4)

عدت له الرماح: غدت له الرياح

(5)

لحضها: لحظها-- أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص 40

(7)

سنا: سنى--مطيب: فى ابن عبد الظاهر ص 40، واليونينى ج 1 ص 449 وج 2 ص 103، والمقريزى ص 457 «مطلب»

(9)

وألهمك: فى ابن عبد الظاهر ص 41، والمقريزى ص 457 «وألزمك» --تنبيها: تنبيه

(13)

بوزبا الصيرمى: فى م ف «أبو زبا الصيرفى» ، انظر حاشية رقم 1 لبلوشيه فى P .O .Xll p .38

(14)

شهاب الدين: فى المقريزى، السلوك، ج 1 ص 458 «نجم الدين»

ص: 79