الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغلقت ابواب دمشق ايام (1) غير باب النصر، وباب الجابيه، وباب الفرج. وسبب دلك ان الخبر وصل ان كوندك قد هرب، ومعه الف (2) فارس من التتار، وانهم واصلين (3) ينهبون البلاد، وكانوا العسكر القادمين. ثم ان العشير ايضا هاج وقتل، وسفك فى جميع بلاد الشام.
فلما كان يوم الجمعه سادس جمادى الاولى (5) حضروا الناس والامرا الجامع، وخطبوا للملك العادل بدر الدين سلامش، والاتابك (6) الجيوش المنصوره الامير سيف الدين قلاوون الالفى، والرحمه (7) على السلطان الملك الظاهر.
وفى عشرين (8) منه وصل الامير سيف الدين الباخلى، وجمال الدين الكنجى (206) وجماعه من مماليك المقر السيفى قلاوون الالفى، وحلّفوا الامرا للملك العادل سلامش ولاتابك الجيوش المقرالسيفى قلاوون. ثم وصل الامير شمس الدين سنقر الاشقر الى دمشق نايبا، ونزل بدار السعاده. وعند استقراره بها طلب الامير علم الدين الدوادارى وامره ان يسلم القلعه للامير سيف الدين الصالحى الواصل صحبته، فسلمه. وحكم الامير شمس الدين سنقر الاشقر كعاده النواب.
ذكر سلطنه مولانا السلطان الملك المنصور
سيف الدنيا والدين قلاوون
لمّا كان يوم الاحد العشرين (16) من شهر رجب الفرد-سنه ثمان وسبعين وستمايه- جلس مولانا وسيدنا السلطان الشهيد الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون
(1) ايام: أياما
(2)
الف: الف وخمس مايه، م ف
(3)
واصلين: واصلون-- القادمين: القادم من حلب، م ف
(5)
الاولى: فى هامش المتن «الآخرة» ، بينما فى م ف «الأول» وفى ابن الفرات ج 7 ص 149 «الأولى» --حضروا: حضر
(6)
والاتابك: ولأتابك
(7)
الرحمه: بالرحمة، م ف
(8)
عشرين: العشرين
(16)
العشرين: العشرون
الالفى الصالحى على تخت الملك بالقلعه المحروسه بالديار المصريه. ووصلت البشاير الى ساير الممالك الاسلاميه. وساق بعض مماليكه على البريد من مصر الى دمشق فى يومين وسبع ساعات، وهدا لم يعهد من قبله. فعند دلك دقت البشاير، واستبشر البادى والحاضر، واستقامت الامور بعد الاعوجاج، واستقرت النفوس بعد الانزعاج، وسكنت الاحوال بعد الارتجاج، وعادت امور الاسلام الى الصلاح، ونادى مناديهم: حى على الفلاح. وزالت الاراجيف، واتضع السخيف، وارتفع الشريف. وعدل فى الرعيه، وعادت ارباب البيوت حقوقهم مرعيه.
واطمأنت النفوس، وزالت العكوس، وقطع المكوس، واطلق الحبوس.
ونفّس عن المكروب، وعزم كل جان على الهروب. ونظر فى مصالح الجيوش، ورعت فى ايامه المواشى مع الوحوش. وبدا للاسلام من اول ايامه (207) السعود، ومات الظلم رغم أنف الحسود. فيا لها من أيّام، قرّت فيها عيون الانام، بتاييد ملة الاسلام، بحامى حوزة امة النبى عليه السلام، الأسد الهصور، مولانا وسيدنا السلطان الملك المنصور.
فلما كان يوم الجمعه [ثانى شعبان](14) قرئ الكتاب الوارد على الامير شمس الدين سنقر الاشقر بملك مولانا السلطان ما هدا نسخته:
«ولا زالت أيامه بمحيّاها (16) تهنأ، وترى من النصر ما كانت تتمنا، ويتأمل آثارها فتملأها حسنا، وتشاهد من أماير الظفر ما يوسع على العباد أمنا، ويستزيد الحمد على ما وهب من الملك الذى أولى كلاّ منّا منّا المملوك يهدى من لطيف ثنايه (19)، ووضايف دعايه، وما استقرت من عوارف الله لديه، وما حبا به من النعم
(14) أضيف ما بين الحاصرتين من اليونينى ج 4 ص 8
(16)
بمحياها: كذا فى الأصل، فى ابن الفرات ج 7 ص 153 «بمحابها» --تتمنا: تتمنى
(19)
ثنايه: فى ابن الفرات ج 7 ص 153، واليونينى ج 4 ص 9 «أنبائه» --ووضايف: ووظائف
التى ملأت يديه ما يستروح بنسيمه (1)، ويستفتح [لسان] الحمد بتقديمه، وتزداد به مسرة وابتهاجا، ويزدان عقود السعود. وإنما تزين اللآلئ فى العقود ازدواجا، ويقوى به قوى العزايم، وتمثله الاعداء فى افكارها. فتكاد تجر ذيول الهزايم، وتبعث الآمال على تمسكها بالنصر، وتظهر منه المحابّ التى لو قصدت الأقلام لحصرها لعجزت عن الحصر. وهو أن العلم الكريم قد أحاط بالصورة التى استقرت من دخول الناس فى طاعة المملوك، ولم يختلف بحمد الله عن الدخول فيها غنى ولا صعلوك.
فلما كان يوم السبت الثالث من شعبان المبارك سنة ثمان وسبعين وستمايه ركب المملوك بشعار السلطنة، وأبّهة الملك. وسلك المجالس العالية، الأمراء والمقدمين (10)، والمفاردة والعساكر المنصورة، من آداب الخدمة وإخلاص النيا وحسن الطاعة، كلّما (11) دلّ على انتظام الأمر، واتّساق (208) عقد النصر. ولما قضينا من أمر الركوب وطرا، وأنجزنا للأولياء وعدا من السعادة منتظرا، عدنا إلى قلعة الجبل المحروسة والأيدى بالأدعية الصالحة لنا مرتفعة، والقلوب على محبة أيامنا مجتمعة، والآمال قد توثقت بالعدل واستمراره، والأبصار قد استشرقت من التأييد مطلع (15) أنواره. وشرعنا من الآن فى أسباب الجهاد. وأخذنا فى كل ما يؤذن إنشاء الله تعالى لفتح ما فى أيدى العدو من البلاد، ولم يبق إلاّ أن نثنى الأعنّة، ونسدد الأسنّة، ونظهر ما فى النفوس من مضمرات المقاصد المستكنّة.
[ورسمنا](18) بأن تزين دمشق، وتضرب البشاير فى البلاد، وأن يسمعها كل حاضر وباد. والله تعالى يجعل أوقاته بالتهانى مفتتحة، ويشكر مساعيه التى
(1) بنسيمه: فى الأصل «تنسيمه» ، انظر ابن الفرات--أضيف ما بين الحاصرتين من ابن الفرات ج 7 ص 153، واليونينى ج 4 ص 9
(10)
والمقدمين: والمقدمون
(11)
كلما: كلّ ما
(15)
مطلع: فى ابن الفرات ج 7 ص 153 «مطالع»
(18)
أضيف ما بين الحاصرتين من ابن الفرات