الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر فتح القرين فى هده السنه
لما كان يوم الجمعه بعد الصلاه ثامن وعشرين شوال (2) خرج السلطان من مدينه دمشق، فنزل على القرين. ونصبت المناجنيق، ولم تتمكن المسلمون عليها من الزحف، ولا من نصب المناجنيق لكثره اوعارها. ولم يكن بها غير رجال مقاتله من غير نساء ولا اطفال فقاتلوا اشد قتال.
(145)
ووصل رسول صاحب جزيره قبرس الى السلطان، وصحبته رسول صاحب طرابلس، بعد ما دخل الى اهل القرين ورغبهم فى الصلح. وكان اهل عكا -لما نزل السلطان على حصن الاكراد-قد سيّروا الى صاحب قبرس يطلبوا (8) منه النجده فاخرج اليهم عده مراكب، فهاج عليهم البحر فكسر منها ستين مركب (9). فلما وصل عكا من تبقى منهم، حفروا (10) اهلها خندقا خوفا من السلطان. ثم ان رسول صاحب طرابلس قال للسلطان:«البرنس غلام السلطان، وهو يشفع عندك فى هدا الحصن، ويسالك ان ترحل عنه» . فقال السلطان: «كلامه عندى مقبول، ولو جانى رسوله قبل نزولى عليه ما خالفته، وقد نزلت عليه ولا يمكنى (13) الرحيل عنه» . فقال رسول صاحب قبرس: «صاحبى سيرنى لانظر الى السلطان هل رحل ام لا، فانه بلغه ان العساكر تقدمت الى مصر» . فقال السلطان: «رحلت من عساكرى الاثقال والضعفا» ، ثم قال:«فهل لصاحبك عندنا من حاجه فتقضى، فانه عندنا ضيف» .
(2) يوم الجمعه. . . ثامن وعشرين شوال: كذا فى الأصل وم ف؛ وفى اليونينى ج 2 ص 453 «يوم الجمعة. . . خامس عشرى شوال» ، ومن المعروف أن الرابع والعشرين من شهر شوال سنة 669 كان يوافق يوم الجمعة.
(8)
يطلبوا: يطلبون
(9)
ستين مركب: ستون مركبا
(10)
حفروا: حفر
(13)
يمكنى: يمكننى
فقال [رسول صاحب قبرس]: «لم يامرنى بشى» . ثم مضا (1) وعاد، فقال:«حاجته عندك ان تدفع له بعلبك ونابلس» . فقال السلطان: «صاحبك فى عقله ام لا، انا باخد منكم حصونكم اول (3) باول، تطلب منى بلادى» . ثم صرفه من بين يديه.
وفى اثناء دلك وصل بريدىّ من مصر عاشر شهر دو (4) القعده، وعلى يده كتاب من الامير شمس الدين اقسنقر الفارقانى يخبره ان الشوانى، التى خرجت من مصر ومن ثغرى اسكندريه ودمياط وقصدت جزيره قبرس، لما وصلت اليها اصابها ريح قبل دخولها المرسى، القت منها بعضها ببعض، فانكسر منها احدى (7) عشر مركبا، واخدت رجالها اسرا، ولم يسلم منها سوى سته مراكب عادت الى مصر. فكتب [السلطان] الجواب (146) بعماره غيرها والاهتمام بدلك. ولم يكن غير خروج البريد من المخيم المنصور حتى عاد رسول صاحب قبرس، وهو يقول:«ان صاحبى يسلم عليك، وقال لك قد اخدت مراكبك بمن فيها» . فقال السلطان: «قل له لا تفرح بهدا، فما اخدتها بسيفك. ولو سلمت كانت اخدت جزيرتك بحول الله وقوته، وقد اخدت فى سفرتى هده اربعه عشر حصنا. ولا شك ان العين لها حق. والحمد لله الدى فدى عسكرى بالفلاحين ورعاع الناس. وارجوا (14) من الله تعالى تعويض دلك، فليكن على حدر» .
ثم جدّ فى حصار [القرين] الى ثالث وعشرين دى القعده اخر النهار طلبوا (15) الامان، فانزلهم وركبهم الجمال، وبعث معهم الامير بدر الدين بيسرى يوصلهم الى عكا، وتسلم الحصن المدكور بما فيه. وكان حصن (17) صعب المرام، بناؤه بالحجر الأصم، بين كل حجرين عمود حديد ملزوم بالرصاص، فأقاموا فى هدمه اثنا (18) عشر يوما، وفى حصاره خمسه عشر يوما. ورحل عنه سادس عشرين الشهر المدكور،
(1) مضا: مضى
(3)
اول: أولا
(4)
دو: دى
(7)
احدى: أحد--واخدت: وأخذ
(14)
وارجوا: وأرجو
(15)
طلبوا: فطلبوا
(17)
حصن: حصنا
(18)
اثنا: اثنى
ونزل على كردانه، وهى قريه من قرا (1) عكا، حتى اشرف عليها. ثم عاد الى منزله، ثم رحل وقصد الديار المصرية، وعيّد عيد الاضحى على منزلة الصالحيه، ودخل الى القاهره وقد زينت له.
وفيها فى خامس عشر دى الحجه قبض على جماعه من الامراء، وهم: علم الدين سنجر الحلبى، جمال الدين اقوش المحمدى، جمال الدين ايدغدى الحاجبى، عز الدين ايغان سم الموت، شمس الدين سنقر المساح، سيف الدين بيدغان الركنى، علم الدين طرطج الامدى. واعتقلوا بقلعه الجبل المحروسه. وكان السبب فى دلك انهم كانوا اتفقوا على قتله لما كان على الشقيف، فخبأها لهم فى نفسه، بعد ما احترز منهم، الى ان دخل القاهره فقبض عليهم. وبعد خمسه عشر يوم (9) اخرج علم الدين طرطج (147) الامدى، ونادا (10) عليه فى باب القلعه، ثم اشتراه بالف دينار معامله، فاخدوها اولاد استاده صاحب امد. ثم بعد ايام اخرج بيدغان الركنى، واقطعه بالشام المحروس، (12) [ثم احضره وقلاجا الركنى واشتراهم، وجعلهم سلاح داريه.
ثم توجه الى الشام على البريد] (13)(12_). وكان دلك فى سابع عشرين المحرم، ودخل الى الكرك، ثم خرج منه واخد معه عز الدين ايدمر.
(1) قرا: قرى
(9)
يوم: يوما
(10)
ونادا: ونادى--فاخدوها: أخذها
(12 - 13) ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش
(12_) واشتراهم: واشتراهما--وجعلهم: وجعلهما