الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لخص من الحوادث
الخليفه الامام الحاكم بامر الله ابى (2) العباس امير المومنين. والسلطان الملك الظاهر، سلطان الاسلام. والملوك حسبما تقدم من دكرهم.
وفيها وفد على السلطان جماعه من اعيان المغل تقدمهم اميران؛ وهما سكتاى واخوه جاورجى. واخبرا ان الامير حسام الدين بيجار (5) البايبرى الرومى صاحب خرتبرت، وولده سيف الدين بهادر مع جماعه اهاليهم قاصدين (6) الابواب العاليه.
وكان سبب حضور هدان الاميران (7) ان بهادر بن بيجار تزوج اختهما. وكان لهما أخ كافر، فوصل اليهما ومعه جماعه من اقاربه، فطلبوا منهما مالا، وقالوا لهما:
«انتما هاهنا فى الراحه تسكنا (9) المدن، ونحن فى التعب وملازمه الاسفار. فاعطونا (10) شئ نستعين به، والاّ احضروا (10_) معنا الى (168) الاردوا بين يدى القان ابغا يحكم بيننا» . فشاوروا (11) معين الدين البرواناه، فاشار عليهم ان يدفعوهم بشئ يعطونهم.
فلما اخدوه ثم توجهوا الى الاردوا (12)، قال البرواناه لبهادر بن بيجار:«هولاء قد توجهوا الى ابغا، ولا تامن غايلتهم» . فتبعهم بهادر واصهاره، فقتلوهم فى الطريق، واخدوا ما معهم.
وكان رسل ابغا ترد فى كل وقت الى البرواناه يحثونه على الحضور، وهو يمنيهم ويسوّف بهم كل دلك، وهو ينتظر السلطان الملك الظاهر. فلما يأس (16) منه، توجّه
(2) ابى: أبو
(5)
بيجار: كذا فى الأصل، واليونينى، وأبو الفداء ج 4 ص 9؛ بينما ورد الاسم فى م ف «بينجار» --البايبرى: لعل المقصود بهذا الاسم «البايبرتى» ، انظر بلوشيه فى P .O .XIV ص 403
(6)
قاصدين: قاصدون
(7)
هدان الاميران: هذين الأميرين
(9)
تسكنا: تسكنان
(10)
فاعطونا شئ: فأعطيانا شيئا
(10_) احضروا: احضرا-- الى: مكرر بالأصل--الاردوا: الأردو
(11)
فشاوروا: فشاورا--عليهم: عليهما-- يدفعوهم: يدفعاهم--يعطونهم: يعطيانهم
(12)
الاردوا: الأردو
(16)
يأس: يئس
وصحبته اخت السلطان غياث الدين، ليدخل بها [الى](1) ابغا. واستصحب البرواناه معه من الامول والتحف والهدايا شئ (2) كثير، وتوجه صحبته خواجا علىّ الوزير.
فلما عزم على المسير، حرّض الامير سيف الدين بهادر بن بيجار على التوجه الى السلطان الملك الظاهر، لانه علم ان ابغا اطلع على قتله اوليك (4) التتار. فخاف على بهادر وابنه لا ينتقم منهم (5)، ويكون سببا لاخد نفوسهم. فتقدم بهادر لسكتاى وجاورجى بان يتقدماه ويعرفا السلطان ما تقرر من عزمهم. فلما وصلا (6) هدان الاميران الى السلطان احسن اليهما. وكان السلطان بدمشق، فانفد (7) بهما الى الديار المصريه، فتلقاهما الملك السعيد ملتقا (8) حسنا، واكرمهما واحسن اليهما، وردهما الى السلطان مكرمين.
وفيها فى اواخر العشر الاول من المحرم سير السلطان الامير بدر الدين بكتيت الاتابكى، وصحبته الف فارس، الى بلاد الروم. وكتب على يده كتاب (11) الى الامراء بالروم، وهو يحثهم على طاعته والانقياد اليه. واول هده المكاتبه يقول:«{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَ [أَطِيعُوا] الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (13). فمن اطاعنى حقن دمه وماله وربح الجنه، (169) ومن عصانى فلا يلوم (14) الى نفسه» .
وكان سبب هده المكاتبه ان شرف الدين مسعود بن الخطير-بعد سفر البرواناه فى السنه الخاليه الى ابغا-كتب الى السلطان الملك الظاهر يحثه على العبور الى الروم بعساكره لينتظم فى سلكه. وبعث الكتاب الى الامير سيف الدين بن جندر (17)، مقطع البلستين، فبعثه الى السلطان ولده بدر الدين قوش (18). وكان ابوه قد اوصاه ان
(1) أضيف ما بين الحاصرتين من اليونينى ج 3 ص 165
(2)
شئ كثير: شيئا كثيرا
(4)
اوليك: أولائك
(5)
منهم: منهما--نفوسهم: نفوسهما--بهادر: فى الأصل «بهاد»
(6)
وصلا: وصل
(7)
فانفد: فأنفذ
(8)
ملتقا: ملتقى
(11)
كتاب: كتابا
(13)
القرآن 4:59
(14)
يلوم الى: يلومنّ إلا
(17)
جندر: كذا فى الأصل وم ف واليونينى؛ بينما ورد الاسم فى ابن الفرات ج 7 ص 65 «حيدر»
(18)
قوش: كذا فى الأصل وم ف؛ وفى اليونينى ج 3 ص 166 «أقوش»
يتمسك به ولا ينفده (1). ثم ان شرف الدين بن الخطير، لما بعث الكتاب، داخله الندم وخاف انه إن خرج من الروم لا يعود اليها. فبعث الى سيف الدين بن جندر يقول له: لا تبعث الكتاب. فطلب [ابن جندر] ولده وساله عن الكتاب، فاخبره انه بعثه الى السلطان ليكون له بدلك عنده يد.
فلما وصل بدر الدين [بكتوت] الاتابكى الى البلستين صادف من عسكر الروم جماعه من امراء الروم، وهم: الامير مبارز الدين سوارى الجاشنكير، والامير سيف الدين بن جندر، وبدر الدين قوش ولده، والامير بدر الدين مكاييل. فعندما وقعت عينه عليهم ترجلوا، ولم يترجل هو، ثم انه (8) ركبوا وسايروه، وانزلوه وسيروا له الاقامات الحسنه. وسالوه فى المهله عليهم حتى يقتلوا من فى البلستين من التتار.
ويتوجهوا الى خدمه السلطان. فاجابهم الى دلك، فقتلوا جميع من كان هناك من التتار.
وتوجهوا مع بدر الدين الاتابكى حتى قدم بهم على السلطان، وهو نازل على مرج حارم.
فاقبل عليهم واحسن إليهم.
وفيها قدم الامير حسام الدين بيجار وولده بهادر بالسبب المقدم دكره. وامر السلطان لجمال الدين محمد بن نهار (14) بالخروج اليهما. وكان وصولهما الى المخيم المنصور بباب الدهليز السلطانى بظاهر دمشق السابع (15) عشر (170) من شهر الله المحرّم.
وانزلهما فى النيرب. وكان بهادر ولده قد تأخر بعد والده، ووصل الى ابيه بدمشق فى التاسع والعشرين من الشهر المدكور. وكان سبب تاخيره انه جمع اطرافه من البلاد.
وكان مهدب (18) الدين علىّ بن معين الدين البرواناه نايبا عن ابيه فى البلاد. فلما بلغه رحيلهم، انفد (19) خلفهم عسكرا من التتار، وقدّم عليهم مقدم يسمى قنجى، فساق
(1) ينفده: ينفذه
(8)
انه: إنهم
(14)
نهار: كذا فى الأصل واليونينى ج 3 ص 166؛ بينما ورد الاسم فى م ف «بهادر»
(15)
السابع: كذا فى الأصل وم ف؛ فى اليونينى ج 3 ص 166 «التاسع»
(18)
مهدب: مهذب
(19)
انفد: أنفذ مقدم: مقدما
خلفهم الى خرتبرت، فلم يلحقهم (1) ولا وجد من اخبره عنهم، غير انه وجد خيلا كان بهادر قد قدمها بين يديه، فتاهت عن الطريق، وكان عدتها خمس مايه فرسا (2)، فاخدها وعاد الى مهدب (3) الدين.
ولما اجتمعا (4) وحضرا بين يدى السلطان اقبل عليهما، ثم انفدهما الى الديار المصريه صحبه الامير بدر الدين بيسرى وشرف الدين ألجاكى، فالتقاهما الملك السعيد ملتقا (5) حسنا.
واما تاثير الكتب التى كانت على يد الامير بدر الدين بكتوت الاتابكى، لما وصلت الى اربابها من امراء الروم، مثل شرف الدين مسعود بن الخطير، وتاج الدين كيوى (8) -وكانا هذان الاميران مقدّمان على العساكر الروميه من جهه البرواناه-فلما وصلت اليهم الكتب امروا لسنان الدين ابن (9) سيف الدين طرنطاى ان يقراهما (10) ويرد جوابهما.
ثم ورد فى دلك الوقت قاصدا (11) اخر، وعلى يده كتب اليهم من السلطان مضمونها: ان نحن واصلين (12) اليكم عقيبها. فاجالوا قدح الراى بينهم، فاشار عليهم تاج الدين كيوى ان:«يكتب كل واحد منا كتاب (13) الى السلطان الملك الظاهر نعرفه ان نحن مماليكه، والبلاد بلاده، وان معين الدين قد توجه الى ابغا، والسلطان غياث الدين فى قيساريه، ونحن نتوجه اليه (15)، ونجتمع به وبمن فيها من الامراء، ونعرفهم بما وقع عليه الاتفاق، ونطالع السلطان بما يتحرر» . فكتبوا بذلك
(1) يلحقهم: فى الأصل «يحلقهم»
(2)
فرسا: فرس
(3)
مهدب: مهذب
(4)
ولما اجتمعنا: اى حسام الدين بيجار وولده بهادر--انفدهما: أنفذهما
(5)
ملتقا: ملتقى
(8)
كيوى: فى الأصل «كفوى» ، بينما ورد الاسم فى م ف «كفرى» ، وصححه بلوشيه فى حاشية 3 فى P .O .XII ص 409 «كنوى» ؛ والأرجح «كيوى» نسبة إلى كيا، انظر ابن تغرى بردى، النجوم الزاهرة، ج 7 ص 169 - -وكانا: وكان--مقدمان: مقدمين
(9)
ابن: بن
(10)
يقراهما: يقرأها، م ف--جوابهما: جوابها، م ف
(11)
قاصدا: قاصد
(12)
واصلين: واصلون
(13)
كتاب: كتابا
(15)
اليه: إلى قيسارية، م ف
(171)
واما ما كان من السلطان، فانه توجه من حلب الى حمص، فوصل ثالث (1) شهر صفر. فوافا (2) بها الامير ضيا الدين محمود بن الخطير والامير سنان الدين بن طرنطاى. وكان السبب فى وصولهما ان الامراء الدين بالروم، لما اجابوا السلطان بدلك الجواب، شرع شرف الدين بن خطير (4) فى تفريق العساكر الروميه، وادن لهم فى نهب من يجدوه (5) من التتار وقتله. وانحاز الامير بدر الدين محمد بن قرمان واخوته واولاده بمن معه من التركمان الى السواحل بالروم، وباينوا التتار، وغاروا على من جاورهم منهم. وكاتب [الأمير بدر الدين] السلطان الملك الظاهر بدلك.
ثم بلغ السلطان غياث الدين ومهدب (9) الدين ابن البرواناه ما فعله شرف الدين بن الخطير من اظهار العداوه للتتار، فبعثوا طلبوه (10) فحضر. فلما وصل أمر-دلك الوقت-مهدب ان يحضر جميع رسل التتار ونوابهم، ومن كان من المغل بقيساريه، فاحضروهم مكتفين مكشفين الرؤس، فاعتقلهم. ثم نفد مهدب (12) الدين الى شرف الدين بن الخطير ليحضر اليه ويستشيره، فلم ياتيه (13) واوجس منهم خيفه.
فخرج اليه تاج الدين كيوى، وسيف الدين طرنطاى، فتاخر سيف الدين طرنطاى لحاجه وسبق تاج الدين. فلما اجتمع بشرف الدين، عنّفه واغلظ عليه فى القول لعدم حضوره. فامر شرف الدين لمن عنده من خاصته فوثبوا على تاج الدين وسنان الدين بن ارسلان طغمش فقتلوهما جميعا. ثم خشى عاقبه امره مع مهدب الدين، فتوجه من فوره الى الابواب السلطانيه، [ثم استمسك](18).
(1) ثالث: كذا فى الأصل وم ف؛ وفى اليونينى ج 3 ص 167 «ثالث عشر»
(2)
فوافا: فوافى
(4)
خطير: الخطير
(5)
يجدوه: يجدونه
(9)
مهدب: مهذب-- ابن: بن
(10)
فبعثوا طلبوه: فبعثا طلباه
(12)
مهدب: مهذب
(13)
ياتيه: يأته
(18)
ما بين الحاصرتين مذكور بالهامش
فلما بلغ مهدب (1) الدين قتل تاج الدين ورجوع سيف الدين طرنطاى الى منزله، بعث اليه يستدعيه فلم يجبه، فتخيّل انه مع شرف الدين [بن الخطير]. ثم بعث اليه شرف الدين فاتاه، فساله ان يوفّق بينه (172) وبين مهدّب (3) الدين. فعاد سيف الدين [طرنطاى] وسأل مهدب (4) الدين، فاجاب الى دلك.
ثم خرج السلطان غياث الدين الى ظاهر قيساريه. فلما رآه شرف الدين وضياء الدين ترجلا وقبلا الارض، ثم نادوا فى البلد بشعار السلطان الملك الظاهر. واتفقوا مع السلطان غياث الدين انهم يتوجهوا (7) الى مدينه مكنده، يقيموا بها، ويبعثوا قصّاد (8) الى الملك الظاهر يستوثقوا (8_) منه بالأيمان للسلطان غياث الدين ولانفسهم. ثم استادنهم مهدّب (9) الدين ان يدخل قيساريه، ويحمل اثقاله ثم يخرج اليهم، فأدنوا له.
فلما دخل اليها اخد امواله وحريمه، وخرج ليلا وقصد دوقاق فتحصّن بها. فلما تحققوا توجّهه الى دوقاق، بعث شرف الدين اخوه (11) ضيا الدين، وصحبته سبع وثلثون نفر، وبعث سيف الدين طرنطاى ولده سنان الدين، وصحبته عشرون نفر (12)، الى السلطان الملك الظاهر، يحثونه على العبور الى البلاد، ويعرّفونه بما جرا (13). وسار شرف الدين ابن الخطير والسلطان غياث الدين الى مكنده. فلما اجتمعا (14) الاميران المذكوران بالسلطان على حمص، وعرّفاه الاحوال، وحثاه على الدخول الى البلاد، كان جواب السلطان لهما: «انتم استعجلتم (16)، فانى كنت قد وعدت معين الدين البرواناه قبل توجهه الى الاردوا (17) انى فى اواخر السنه ادخل البلاد بعساكرى فانها فى مصر،
(1) مهدب: مهذب
(3)
مهدب: مهذب
(4)
مهدب: مهذب
(7)
يتوجهوا: يتوجهون--يقيموا: يقيمون
(8)
ويبعثوا قصاد: ويبعثون قصادا
(8_) يستوثقوا: يستوثقون
(9)
استادنهم مهدب: استأذنهم مهذب
(11)
اخوه: أخاه-- سبع وثلثون: سبعة وثلاثين--نفر: نفرا
(12)
عشرون نفر: عشرين نفرا
(13)
جرا: جرى
(14)
اجتمعا: اجتمع
(16)
انتم استعجلتم: أنتما استعجلتما
(17)
الاردوا: الأردو
وما يمكنى (1) ادخل البلاد بمن معى من العساكر. واما رحيل مهدب الدين الى دوقاق، فنعم ما فعل، فانه كان مطلع (2) على ما كان بينى وبين والده». ثم ان السلطان انزلهما، فلما استقر بهما القرار طلب ضياء الدين ان يجتمع بالسلطان خلوة، فاجابه فقال:«الله يحفط (4) السلطان، متى لم يقصد البلاد فى هدا الوقت، لم آمن على اخى شرف الدين ان يقتل هو ومن معه (173) من الامراء الدين حلفوا للسلطان، وان تاخر ركاب السلطان فى هدا الوقت، فيتصدق السلطان، ويبعث من فيه نجدة حتى يكونوا له ظهرا، ويتمكن من الخروج والحضور الى خدمه السلطان» . فقال [السلطان الملك الظاهر]: «الدى اراه من المصلحه ان ترجعوا الى بلادكم، وتتحصنوا بقلاعكم، وتحتموا بها الى ان ارجع الى مصر، واربع خيلى، واعود اليكم فى زمن الشتا؛ فان ابار الشام فى هدا الوقت قد غارت وقل ما بها، وعسكرى ثقيل لا يحمله» . ثم ان السلطان استصحبهم معه، فلما وصل الى حماه استصحب معه صاحبها وسار الى حلب. ثم انه جهز سيف الدين بلبان الزينى (12) فى عسكر، وبعثه الى الروم ليحضر السلطان غياث الدين والامير شرف الدين بن الخطير ومن معهما من الامراء الروميين.
فلما وصل الزينى (15) الى كينوك، وردت القصّاد واخبروا ان البرواناه قد عاد الى الروم، وهو فى خدمه منكو تمر واخوته، اولاد هلاوون، وهم فى ثلثين الف فارس من كبار المغل. فكتب الى السلطان وعرفه دلك، فظن السلطان ان التتار، ادا سمعوا انه عسكر قليل، يقصدونه، فعاد من حلب الى دمشق، ثم توجه الى مصر.
وعاد الزينى بمن معه بمرسوم السلطان له فى دلك.
(1) يمكنى: يمكننى--مهدب: مهذب
(2)
مطلع: مطلعا
(4)
يحفط: يحفظ
(12)
الزينى: فى الأصل «الزيتى» ؛ انظرم ف، واليونينى ج 3 ص 170، وابن الفرات ج 7 ص 67
(15)
الزينى: فى الأصل «الزيتى» --كينوك: فى الأصل «كوك» ؛ انظر ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ق 185 ب، تحقيق الخويطر ص 1255، واليونينى ج 3 ص 170، وابن تغرى بردى، النجوم الزاهرة، ج 7 ص 167؛ وفى ابن الفرات ج 7 ص 67 «كوكصو»
ولمّا وصل البرواناه فى خدمه منكو تمر اخو (1) ابغا الى الروم، ودلك فى اوايل شهر ربيع الاخر، وبلّغهم جميع ما جرا (2) من بن الخطير، فاظهر لهم المباينه، وعزم على ان يلتقيهم. فسفّه رايه من معه وقالوا:«كيف نلتقى باربعه الاف فارس، ثلثين الف (3) من خيار المغل» . فعلم انه مقتول لا محاله، فقصد قلعه لولوه ليتحصّن بها، فلم يمكنه واليها ان يدخلها بجماعته بل بمفرده. فدخل اليها ومعه امير علم لا غير. وكان شرف الدين (174) قد أسى (6) الى هدا أمير علم من مده ست عشر سنه، فقال للوالى فى تلك الساعه:«احتفط (7) بغريم ابغا حتى تسلمه اليه» . فقبض عليه [الوالى] وبعثه الى عند البرواناه. فلما وقع نظره عليه سبّه وشتمه وبصق فى وجهه، وأمر ان يحتاط عليه. وكان مع البرواناه فى دلك الوقت من مقدمين (9) التتار ثلاثه، وهم: تتاوون وكراى وبقونوين (10). فجلسوا هؤلاء المقدمين والبرواناه فى مجلس واحد، وحضّروا جميع التتار. واحضروا السلطان غياث الدين ومن وافقه من الامرا على طاعه السلطان الملك الظاهر. ثم قالوا لغياث الدين:«ما حملك على خلعك طاعه القان ابغا وانقيادك الى صاحب مصر؟» فقال لهم: «انا صبى، وما علمت الصواب حتى اتبعه. ولما رايت اكابر دولتى قد فعلوا دلك خشيت ان متى لم اوافقهم سلمونى» .
قال: فعند دلك نهظ (15) البرواناه الى شجاع الدين الالا، واسمه قايبا الحصنى، فقتله فى تلك الساعه بيده. ثم احضر (16) سيف الدين طرنطاى، ومجد الدين اتابك، وجلال الدين المستوفى، وسالوهم عن سبب انقيادهم الى طاعه صاحب مصر وخلعهم طاعه ابغا. فقالوا كلهم:«شرف الدين بن الخطير امرنا بدلك، وخففنا إن نحن خالفناه فعل بنا كما فعل بتاج الدين كيوى» .
(1) اخو: أخى
(2)
جرا: جرى--بن: ابن
(3)
الف: ألفا
(6)
أسى: كذا فى الأصل وم ف، فى اليونينى ج 3 ص 171 «اذاه» --عشر: عشرة
(7)
احتفط: احتفظ
(9)
مقدمين: مقدمى
(10)
وبقونوين: انظر ص 178 س 7 - - فجلسوا: فجلس--المقدمين: المقدمون
(15)
نهظ: نهض--شجاع--شجاع: فى الأصل «شاع» ، انظر م ف، واليونينى ج 3 ص 171 - -الالا: اللالا.
(16)
احضر: احضروا.
قال: فاحضروا شرف الدين بن الخطير وسالوه عن دلك. فقال شرف الدين للبرواناه: «انت الدى حرضتنى على دلك» . ودكر له المكاتبات التى كاتب بها السلطان الملك الظاهر. فانكر البرواناه ما ادعاه ابن الخطير. فكتبوا بجميع دلك الى ابغا. ثم سالوا شرف الدين عن سيف الدين طرنطاى ومجد الدين اتابك هل كانا موافقان (5) للانقياد، فقال «انا كلفتهما كدلك» . فامر عند دلك تتاوون بضربه بالسياط حتى يقر بمن كان معه. فاقر على نور الدين (175) جنجا؟؟؟ (6)، وسيف الدين قلاوز، وعلم الدين سنجر الجمقدار وغيرهم.
فلما تحقق البرواناه انه مقتول باقرار شرف الدين عليه بعث اليه يقول: «متى قتلونى لم يبقوك بعدى، فاعمل على خلاص نفسك ونفسى بحيث ادا حضرت وضربت ثانى مره وسئلت عن الحال، فارجع عمّا قلت، واعتدر انك اعترفت من الم الضرب» . فلما احضر وضرب، سئل فقال:«ما امرنى الا البرواناه» . فبعث تتاوون الى بغا، وعرفه ذلك، وامر ان يضرب فى كل يوم مايه سوط حتى يعود جواب ابغا. فعاد جوابه بقتله، فقتل. وبعث الى قونيه براسه واحدى قدميه، وفرق جميع اعضايه فى ساير بلاد الروم. وقتل معه قلاوز، وسنجر الجمقدار، وشرف الدين محمد الاصبهانى نايب الروم، وجماعه كبيره من التركمان. وفدا (15) نفسه طرنطاى بمايتى فرس واربع مايه الف درهم، بعد ان دخل على بقو نوين، فشفع فيه حتى ابقوه. ثم خرج البرواناه الى البلاد، فطاف بها بعسكره، وقتل من وجد بها من ضواحيها من المفسدين.
وكان لما قتل شرف الدين اتصل خبره باخيه ضياء الدين محمود، وهو فى خدمه السلطان بالقاهره المحروسه. فسأل السلطان عن خبره، فاخبره انه قد قتل. وقال له:
(5) موافقان: موافقين--فقال: فأنكر وقال، م ف
(6)
جنجا؟؟؟: كذا فى الأصل وم ف؛ بينما ذكر ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ق 187 ب، تحقيق الخويطر ص 1259، وابن تغرى بردى، النجوم الزاهرة، ج 7 ص 169 «جاجا» --قلاوز: فى الأصل «قلاون»
(15)
وفدا: وفدى