الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد دلك يسّر الله فتحه على يد السلطان صلاح الدين بن ايوب، لما نازلها على ما هى عليه من التحصين. فتسلّمها من غير تعب ولا كد ولا نصب فى ثانى شهر رمضان المعظم سنه اربع وثمانين وخمس مايه، وكدلك درب ساك حسبما تقدم فى دكر السلطان صلاح الدين بالجزء المختص بدكر بنى ايوب. ثم تغلبت عليها الفرنج، ولم تزل فى ايديهم الى حين فتحها السلطان الملك الظاهر فى هده السنه حسبما دكرنا من امرها، والله اعلم.
ذكر [حوادث] سنة سبع وستين وستمايه
(125)
النيل المبارك فى هده السنه: الما القديم خمسه ادرع وسته عشر اصبعا.
مبلغ الزياده سبعه عشر دراعا واحد عشر اصبعا.
ما لخص من الحوادث
الخليفه الامام الحاكم بأمر الله ابى (10) العباس احمد امير المومنين. والسلطان الملك الظاهر، سلطان الاسلام بالديار المصريه والبلاد الشاميه الى حدود الفراه (11). وما ورا دلك فى مملكه التتار، والملك عليهم يوميد ابغا بن هلاوون. وساير الملوك بمهالكهم، خلا صاحب الروم، فانه توفى الى رحمة الله تعالى، وولى ملك الروم غياث الدين كيخسروا (14)، والبرواناه مدبر ممالكه.
وفيها وصل رسول من ابغا ملك التتار الى دمشق، وصحبته مجد الدين دوله خان، وسيف الدين سعيد ترجمان، يقول: «ان الملك ابغا، لمّا خرج من الشرق، تملك جميع العالم ودخلوا تحت طاعته، ولم يخالفه مخالف، ومن خالفه مات.
(10) ابى: أبو
(11)
الفراه: الفرات
(14)
كيخسروا: كيخسرو
وانت لو صعدت الى السماء وهبطت الى الارض ما تخلص (1) منا، والمصلحه ان تجعل بيننا وبينك صلحا». ومن جمله المشافهه يقول:«انت مملوك وانبعت فى سيواس، فكيف تشاقق (3) ملوك الارض» . فكان من جوابه أن: «تنظر لنفسك بعين الشفقه، وتخرج عما فى يدك من العراق والروم والجزيره والموصل وديار بكر، وتحقن دمك ودم جيوشك» . وكان السلطان بدمشق، فردهم بهدا الجواب.
ثم اوقع الله تعالى الخلف بين التتار ابغا وبنى عمه، والسبب فى دلك ان براق ابن هلاوون بعث الى عمه ناكودر يشير عليه ان يخرج عن طاعه ابغا وينضم الى طاعه منكوتمر. فاطّلع ابغا على دلك، فطلب ناكورد واوهمه انه يستدعيه لمشوره، فامتنع عن الحضور. وكان بالقرب من بلادهم (126) طايفه من عسكر ابغا، فسيّر اليهم وتوعدهم ما لم يدخلوا تحت طاعته ويخالفوا طاعه ابغا، فاتوه على كره منهم.
فرحل بهم الى مكان يعرف بماية صنعه، وهو من اعمال تفليس، فنزل به. فاظهرت تلك الطايفه المباينه عنه، وكانوا زهاء عن ثلاثه الاف فارس، فلما راى ناكودر انحرافهم عنه، تخوّف منهم. ثم انهم بعثوا الى ابغا يعرفونه امرهم وشانهم معه.
فجمع ابغا كبار دولته وخواتينه، وضرب مشور. فاتفق الحال على انفاد عسكر يقفوا (14) اثر ناكودر. فسير عسكر كثيف (15)، ومقدمهم يسمى اياطى، ومعه ثلثه الاف من المغل. ونفد الى الروم يستدعى البرواناه وصمغار (16) وعساكرهما، واردف بهم اياطى فلحقا به. واجتمعت العساكر ودخلوا الى بلاد بابا سركيس ملك الكرج فى طلب ناكودر. وعضدهم ملك الكرج ايضا بالفى فارس. ولحقوا ناكودر بمكان يسمى
(1) تخلص: فى المقريزى، السلوك، ج 1 ص 574 «تخلصت»
(3)
تشاقق: تشاق
(14)
يقفوا: يقفون
(15)
عسكر كثيف: عسكرا كثيفا--اياطى: كذا فى الأصل؛ بينما ورد الاسم فى اليونينى، ذيل مرآة الزمان، ج 2 ص 411 «اباطى» ؛ وفى رشيد الدين، جامع التواريخ (ط. باكو 1957)، ج 3 ص 112 «أبتاى»
(16)
صمغار: ورد هذا الاسم فى اليونينى «صمغرا» ؛ وفى رشيد الدين ص 104 «سماغر»
باجان (1)، والتقا الجمعان. فانكسر ناكودر، ونجا بنفسه فى قريب من ثلثمايه فارس.
وانحاز بقيه عسكره الى عساكر ابغا، ودخلوا تحت الطاعه. واخد ناكودر نحو جبال الكرج مستعصما بها. وكان بتلك الجبال نبات مسموم، وهم لا يعرفونه، فرعته خيولهم، فهلكت حتى لم يبق معه غير اربعه عشر فرسا. فلما راى نفسه فى الهلاك، عاد قاصدا الى ابغا مستسلما له، فاقبل عليه وعفا عنه.
ولمّا سكن الخلف بينهم، قصد ابغا بلاد بابا سركيس ملك الكرج بمن معه من العساكر. واستولى على عدة قلاع كان قد تغلب عليها الكرج، واخدوها من الملك الاشرف موسى شاه ارمن ابن العادل الكبير بن ايوب، وهم (8): قلعه بركرى، وقلعه مامروان (9)، وقلعه اولنى. وكان بها بعض الكرج وطايفه من المسلمين. فلما اخدها ابغا اجلا (10) الكرج عنها، وابقى (127) بها المسلمين. ثم عاد الى الاردوا، وسفّر البرواناه الى بلاده.
فلمّا بلغ براق ما جرا (12) على ناكودر من ابغا، جمع وحشد وقصد تبشير اخو ابغا، وكسره واستاصل رجاله، ونهب حريمه. فبعث تبشير الى اخيه ابغا مستصرخا به من براق. فلما بلغ ابغا نفد بجميع جموعه وعساكره وحشوده-حسبما ياتى بقيه دكر دلك فى تاريخه انشاء الله تعالى.
وفيها رسم السلطان الملك الظاهر بازاله ساير المحرمات من الديار المصريه، ودلك فى تاسع جمادى الاخره. ونهبت الخانات التى كانت مشهوره بدلك، وطهر الديار المصريه من هدا المنكر. وكتب بدلك الى ساير الاعمال الاسلاميه، وحطّ المقررات عنهم. ثم عوّض الحاشيه عن جميع دلك.
(1) باجان: فى الأصل «باجان» --والتقا: والتقى
(8)
وهم: وهى
(9)
ما مروان: فى اليونينى ج 2 ص 411 «مامرون» --اولنى: فى اليونينى «اولى»
(10)
اجلا: اجلى--الاردوا: الأردو
(12)
جرا: جرى--تبشير: كذا فى الأصل، والصحيح «تبشين»، انظر ما سبق ص 115 وانظر أيضا، Spuler،Mongolen،S .343 ومير خواند، روضة الصفا (ط. طهران 1339 ش) ج 5 ص 293؛ فى ابن تغرى بردى، النجوم، ج 7 ص 221 «تمشين» --اخو: أخا