الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وملك اليمن المويد هزبر الدين داود (1) المقدم دكره. وصاحب مكه-شرفها الله تعالى- ابو نمى بحاله. وصاحب المدينه-على ساكنها السلام-جماز بن شيحه بحاله.
وصاحب حماه الملك المظفر تقى الدين محمود المقدم دكره. وصاحب ماردين الملك السعيد شمس الدين داود الارتقى. وصاحب الروم غياث الدين مسعود ابن كيخسروا (4) السلجوقى. وامير العربان بالشام حسام الدين مهنا بن عيسى، وقد افرج عنه وعاد الى امرته. وصاحب سيس لاوون، وهو تحت الطاعه. والنايب بمصر الامير حسام الدين لاجين المنصورى. والنايب بدمشق الامير سيف الدين اغزلوا (7)[العادلى](8).
[دكر العلاء العظيم فى هده السنه-لا اعاده الله]
(9)
(318)
وفيها كان الغلاء العظيم الدى ما عهد دلك الجيل مثله؛ بلغ الاردب القمح مايه وثمانين درهم، والشعير والفول ثمانين درهم (11)، وعدم ساير الحبوب. ووقع مع الغلاء والقحط وباء عظيم وموت كثير جدا فى السعداء والفقراء. اما الفقراء فاكثرهم من الجوع؛ كان يقول الانسان الفقير: لله لبابة، لله لبابة، ويموت مكانه.
وعادوا يخرجون الى الكيمان يلتقطون ما يكون مدفونا بها من حبة قمح او حبة شعير او فول وما اشبه دلك.
ولقد نظرت بعينىّ برا باب البرقيه ظاهر القاهره، فى الخندق برا السور، جماعه كبيره شبه الوحوش الضاريه؛ قد تغيرت عنهم معالم الانسانيه، وكل جماعه عندهم قدر ينتظرون الميتات التى تخرج وترمى بكيمان البرقيه، فياخدونها بالضراب بينهم
(1) داود: فى الأصل «دواد»
(4)
ابن كيخسروا: بن كيخسرو
(7)
اغزلوا: أغزلو
(8)
ما بين الحاصرتين مكتوب بالهامش
(9)
ما بين الحاصرتين مكتوب بالهامش
(11)
درهم: درهما
من قوى على صاحبه، فيطبخونها وياكلونها. وكانوا ياكلون الكلاب والقطاط وساير ما يجدون حتى بعضهم البعض.
حكى لى رجل عدل (3) كان يخدم بديوان شمس الدين سنقر السعدى نقيب المماليك السلطانيه، قال: طلعت فى الغلا دات يوم الى القلعه فى صحبه حسام الدين لاجين اخو (5) الامير المدكور. فنظرت تحت القلعه الى جماعه كبيره مجتمعين وبينهم شى.
فاتيت اليهم، فوجدت ثلاث (6) نفر قد مسكهم متولى القاهره، واحد مع الجانداريه صغير (7) سباعى العمر، قد قطّع يديه ورجليه، وجوف ودهن بزعفران، وقد شوى كما يشوى الجدى او الخروف. فسالت، فقيل لى: ان هولاء الثلث (8) وجدناهم، وهدا الصغير قدامهم على ما يده عليها خلّ وبقل وليمون مالح، وهم جلوس حوله يريدون اكله. فهجمنا عليهم، وقررناهم، فاعترفوا انهم فعلوا بالامس بأخرى مثله هدا الفعل. قال العدل: فرسم بشنقهم، فشنقوا بباب زويله. ولم يصبح (319) منهم شى، بل اكلوهم (12) غيرهم، فكما أكلوا أكلوا، وهده من غرايب البلايا.
وكانوا يدفنون فى كل جوره واحده الميتين من الآدميين على بعضهم البعض، بغير غسل ولا كفن. ويسندون الكبار بالصغار، ويسمون الصغار التقشوم، اعنى الحجاره الصغار. واما الاغنياء من الناس، فوقع فيهم الوباء والفناء حتى بلغت الاوقيه الشراب ثلث (16) دراهم نقره، والفرّوج ثلثين درهم نقره واكثر واقل.
وكان للعبد-واضع هدا التاريخ-اخوين (17) اسنّ منه. وكان قد جرّد الوالد والاخوه والعم الى برقه فى تلك السنه معمن (18) جرّد، فرجعوا الجميع مرضا. فامّا الاخ الكبير، فحضّروا
(3) حكى لى رجل عدل: فى ابن الدوادارى (درر التيجان وغرر تواريخ الأزمان، مخطوطة آل داماد ابراهيم باشا 913، حوادث 695)«حكى لى فخر الدين الحميرى»
(5)
اخو: أخى
(6)
ثلاث: ثلاثة--واحد: وواحدا
(7)
صغير: صغيرا--يديه ورجليه: يداه ورجلاه
(8)
الثلث: الثلاثة
(12)
اكلوهم: أكلهم
(16)
ثلث: ثلاثة--درهم: درهما
(17)
اخوين: أخوان
(18)
معمن: مع من--مرضا: مرضى