الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اخى (1) ملكين، استاد ثلاث ملوك، كلهم ملوك مصر. فتعدّ من المناقب التى (309) افترد بها هدا الملك دون غيره من ساير الملوك، اولهم واخرهم، بدوهم وحاضرهم. ومنها انه لم يعدّ قط الا فى طبقات ابناء الملوك واخاء الملوك وطبقات الملوك. ومنها انه لم يعى (4) نفسه قط الا ملك، فكان مبتداه منتهى غيره من الملوك.
فهو الدى قيل فيه <من الكامل>:
ملك بدايته نهاية غيره
…
كالبدر أوّل ما يكون هلالا
كمل الشجاعة والفصاحة والحجى
…
فالله يكفيه الزمان كمالا
ذكر قتلة الشجاعى وسببها
كان قد استمال الامرا البرجيه-حسبما دكرناه-واستعبدهم بالاموال والعطايا والمواعيد. وكان من جمله الامرا الدين استمالهم: اللقمانى، والدكر الشجاعى، وبيبرس الجاشنكير، والبندقدارى، وبرلغى، مع جماعه اخر. فلما علم انهم عادوا قاتلين معه مقتولين عليه، اتفق معهم وقال: «لا يتم لنا ما نريد حتى تقتلوا هولاء الثلثه:
كتبغا، والحسام استادار، وبيسرى». فاتفقوا انهم يكبسوا (13) عليهم ويقتلوهم فى بيوتهم.
فلما كان نصف الليل خرجوا (15) الامرا البرجيه شاكين فى سلاحهم فقصدوا دار كتبغا. وكان قد بلغه خبرهم من النهار، فاوقف لهم خلف بابه جماعه من مماليكه لابسه، فى ايديهم السيوف والرماح، ومن فوق السطح بالنشاب وقوارير النفط،
(1) اخى: أخا--ثلاث: ثلاثة
(4)
يعى: يع--ملك: ملكا
(13)
يكبسوا: يكبسون--ويقتلوهم: ويقتلونهم
(15)
خرجوا: خرج
فلم يصلوا اليه. واما الحسام استادار، فانه بلغه دلك فى تلك الساعه، فخرج من فوره يعدوا (2)، وهجم على اللقمانى فمسك ادياله، واستجار به، فاجاره ومنع عنه وقال:«هدا رجل غريب منا، ولا يحل لنا قتله بلا ذنب صدر منه» . واما بيسرى فانه سيب منزله وهرب. فهجموا بيته، وهتكوا حريمه، وجرا (4) فى بيته كل شى ردى، ونهبوا ماله، ولم يقعوا به لأجله. (310) فلم يظفروا تلك الليله باحد من الامرا المدكورين.
فلما كان من الغد، خرج الامرا الى سوق الخيل كجارى العاده. وفتح باب القلعه، ونزل الامرا بالقلعه. وقعد الشجاعى والحسام استادار بباب القلعه، وقال الشجاعى للبرجيه:«ان كنتم ما قدرتم عليه فى الليل، فاقضوا شغلكم (9) فى النهار» . واتقن الامر معهم على قتل الامرا فى سوق الخيل هدا. والامرا ايضا ما ركبوا الا معتدّين بساير مماليكهم ومن يعتقدون عليه. فعندما استقر بالقوم الوقوف، حملوا (11) البرجيه على كتبغا وبيسرى وارادوا (12) قتلهما. فقتل فى تلك الساعه البندقدارى، وكان حاميتهم وأشرهم. وخرج كتبغا وبيسرى سوقا، وطلبوا (13) قبة النصر. ودارت النقبا والحجاب على الجيش من الامرا والمقدمين والجند، فخرجوا كالجراد المنتشر، ثم احاطوا بالقلعه كالبياض بسواد العين.
ووقف بكتوت العلايى فى جماعه من الامرا محاصرين للقلعه من جهه سوق الخيل، ويعقوبا وجماعه من الامرا من جهه باب القرافه. وجدّوا فى الحصار، وقطعوا الماء عن القلعه، ومنعوا من يطلع ومن ينزل. واقام الحال على دلك يومين وليلتين، ثم اتفق الحال بينهم ان يكون كتبغا نايبا بحاله، والشجاعى وزيرا كعادته.
(2) يعدوا: يعدو
(4)
وجرا: وجرى--ردى: ردئ
(9)
شغلكم فى الأصل «شغلهم»
(11)
حملوا: حمل
(12)
وارادوا: فى الأصل «واردوا»
(13)
وطلبوا: وطلبا
فلم يقف عند دلك الشجاعى لاجله المحثوث، وحدثته نفسه بقتل الحسام استادار. فلما احس الحسام استادار بدلك، وظهر له من عيونهم الغدر، ولى منهزما الى نحو باب الساعات، ثم جلس عند باب الستاره التى للحريم. ثم ان الامرا المحاصرين القلعه بعثوا الى مولانا السلطان-عز نصره-ووالدته يقولون:«نحن مماليكك، ومماليك السلطان الشهيد والدك والسلطان الشهيد اخوك (5)، ونحن تحت الطاعه. ولنا (311) غريم، وهو الشجاعى، امسكه واعتقله، ونحن عبيدك» . فاتفق الحال على مسكه وحبسه، ويكون أمنا على نفسه. ولما بلغ الشجاعى دلك، ولى منهزما وطلب باب الستاره، فوجد الحسام استادار جالسا فجلس الى جنبه.
قال والدى-رحمه الله-ان مولانا السلطان-عز نصره-وزين الدين كتبغا والحسام استادار وبيسرى لم يقصدوا قتل الشجاعى، ولكنه قتل نفسه بيده. وسبب دلك انهم لما مسكوه وأتوا به الى السجن، كان صحبته الحسام استادار ومعه ألاقوش وصمغار، وارادوا اعتقاله لا غير. وسلموه للجانداريه، وارادوا تقييده داخل الزردخاناه. فقال له بعض الجانداريه:«اقعد، ومد رجلك، ما كان اظلم نسمتك» .
قال: فلكم الشجاعى لدلك الجاندار، كسر صف اسنانه، ثم قفز يدور فى الزردخاناه على سلاح. فخافوا منه، وجدبوا سيوفهم. فتناول رمحا وحمل عليهم، فضربه بعض الحاضرين بسيف قطع يده. فلما احس بالبلا هرب الى داخل البرج الدى كان فيه الافرم، فوقف حتى تصفى دمه. ولم يستجرى (17) احدا عليه حتى شكّوه بالرماح عن بعد منه، خوف (18) منه لما راو من شجاعة نفسه. ثم انهم قتلوه، وقطعوا راسه، واتوا بها كتبغا. فرفعت على رمح، ونودى عليها بالقاهره:«هده راس الملعون» .
وقيل ان الدى ضربه اولا كان الأقوش.
(5) اخوك: أخيك
(17)
يستجرى: يستجر
(18)
خوف: خوفا--راو: رأوا