المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أثر عقيدة الإيمان بالآخرة في حياة الإنسان - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ نقول من أقوال المفسرين:

- ‌ ابن جرير رحمه الله:

- ‌ الجصاص رحمه الله:

- ‌ ابن كثير رحمه الله:

- ‌ القرطبي رحمه الله:

- ‌ ابن العربي رحمه الله:

- ‌ محمد رشيد رضا:

- ‌ أحاديث وآثار و‌‌نقول عن المحدثينوشراح الحديث:

- ‌نقول عن المحدثين

- ‌ ما ورد من الأحاديث المرفوعة في أن دية الذمي كدية المسلم:

- ‌ ما ورد مرفوعا في دية المجوسي:

- ‌ ما ورد مرفوعا في تحديد دية المعاهد بألف دينار:

- ‌ تحديد عمر لدية اليهودي والنصراني والمجوسي:

- ‌ نقول عن الفقهاء:

- ‌ الحنفية:

- ‌ صاحب فتح القدير

- ‌ صاحب بدائع الصنائع

- ‌ المالكية:

- ‌ صاحب المدونة الكبرى

- ‌ صاحب بداية المجتهد

- ‌ الشافعية:

- ‌ صاحب نهاية المحتاج

- ‌ صاحب المجموع شرح المهذب

- ‌ الحنابلة:

- ‌ صاحب المغني

- ‌ صاحب كشاف القناع

- ‌ صاحب الإنصاف

- ‌ خلاصة ما تقدم بإيجاز:

- ‌ هل الشيعة الحاليون كفار كلهم أو أئمتهم

- ‌ توضيح الاختلاف بين السنة والشيعة وأقرب الفرق إلى السنة

- ‌ هل طريقة الشيعة الإمامية من الإسلام؟ ومن الذي اخترعها

- ‌ حقيقة الشيعة الإيرانية

- ‌ حكم المبتدع المواظب على بدعته

- ‌ البدعة وأنواعها

- ‌ هل يرد على البدعي عمل البدعة فقط أم جميع أعماله

- ‌ كم قسما تنقسم البدعة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ التثبت في الفتوى

- ‌ النيل من شباب الصحوة، بحجة أن فيهم تطرفا وتزمتا

- ‌ تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

- ‌ تشجيع الدعاة وطلبة العلم على إقامة الدروس والمحاضرات في كافة أنحاء البلاد

- ‌بحث في الوعدوحكم الإلزام بالوفاءبه ديانة وقضاء

- ‌ البحوث

- ‌خلاصة القول في المسألة

- ‌المبحث الأولصفات الدعاة

- ‌ الإيمان العميق:

- ‌ العلم الدقيق:

- ‌ الخلق الوثيق:

- ‌المبحث الثانيطرق الدعوة

- ‌تمهيد:

- ‌العوامل التي تنهض بها الدعوة

- ‌ من ندعو:

- ‌أسلوب القرآن في الدعوة:

- ‌مكان الدعوة

- ‌أين ندعو:

- ‌إلى من ندعو:

- ‌أسلوب السلوك والأخلاق:

- ‌من وسائل الدعوة الخطابة والمحاضرة والدرس:

- ‌ ابتغاء وجه الله:

- ‌ الثقة بالله:

- ‌ اتقاء ما يغضب الله لفظا ومعنى:

- ‌ الصدق:

- ‌ الإحساس بالأمانة:

- ‌أهمية الوقفوحكمة مشروعيته

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأولفي تعريف الوقف

- ‌المبحث الأول: تعريف الوقف لغة:

- ‌المبحث الثانيتعريف الوقف اصطلاحا

- ‌ تعريف الوقف عند الحنفية:

- ‌ تعريف الوقف عند أبي حنيفة

- ‌ تعريف الوقف عند الصاحبين:

- ‌ تعريف الوقف عند المالكية:

- ‌ تعريف الوقف عند الشافعية:

- ‌التعريف المختار:

- ‌الفصل الثانيلمحة من تاريخ الوقف عند المسلمين

- ‌الفصل الثالثفي أهداف الوقف وحكمة مشروعيته

- ‌الهدف العام للوقف:

- ‌الأهداف الخاصة للوقف:

- ‌الفصل الرابعفي حكم الوقف وبيان مشروعيته

- ‌أدلة عامة شملت جميع أنواع التبرعات ومنها الوقف:

- ‌أدلة نصت عن جواز الوقف كوقف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما ثبت من وقف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وموافقته على ذلك وحثه عليه

- ‌إجماع العلماء من السلف ومن بعدهم على القول بصحة الوقف

- ‌ أدلة الفريق الثاني. وهم القائلون بجواز الوقف في السلاح والكراع فقط

- ‌الخاتمة

- ‌ مشروعية تعدد الزوجات في الإسلام:

- ‌ شروط تعدد الزوجات في الإسلام:

- ‌ العدد

- ‌ النفقة:

- ‌ العدل بين الزوجات:

- ‌ مبررات تعدد الزوجات في الإسلام:

- ‌ موقف أعداء الإسلام من تعدد الزوجات:

- ‌قائمة مصادر ومراجع البحث

- ‌سجود الشكروأحكامه في الفقه الإسلامي

- ‌المبحث الأول: حكم سجود الشكر:

- ‌المبحث الثاني. متى يشرع سجود الشكر

- ‌المسألة الأولى: السجود عند حدوث نعمة خاصة:

- ‌المسألة الثانية: السجود عند حصول نعمة تسبب فيها:

- ‌المسألة الثالثة: السجود عند رؤية مبتلى:

- ‌المبحث الثالث: هل لسجود الشكر شروط

- ‌المبحث الرابع: صفة سجود الشكر وكيفيته:

- ‌المسألة الأولى: هل يجب لسجود الشكر تكبير في أوله أو في آخره

- ‌المسألة الثانية: هل يجب في سجود الشكر ذكر معين

- ‌المسألة الثالثة: هل يجب في سجود الشكر تشهد أو سلام

- ‌المبحث الخامس: سجود الشكر في أثناء الصلاة:

- ‌المسألة الأولى: السجود عند قراءة سجدة (ص) في أثناء الصلاة:

- ‌المسألة الثانية: هل يسجد للشكر إذا بشر بما يسره وهو يصلي:

- ‌المبحث السادس: سجود الشكر على الراحلة بالإيماء

- ‌المبحث السابع: قضاء سجود الشكر:

- ‌الخاتمة

- ‌اهتمام القرآن بالحياة الآخرة:

- ‌إمكانية البعث والأدلة عليه:

- ‌نهاية العالم وفناؤه:

- ‌البراهين على إمكانية البعث:

- ‌أثر عقيدة الإيمان بالآخرة في حياة الإنسان

- ‌المراجع

- ‌إيضاح البيانعنمعنى أم القرآن

- ‌مقدمة

- ‌مؤلف الكتاب

- ‌إيضاح البيان عن معنى أم القرآن:

- ‌مخطوطة الكتاب:

- ‌ إيضاح البيان عن معنى أم القرآن

- ‌خاتمة:

- ‌تأكيد أمر القلاقل: وهي سورة الكافرون والإخلاص والفلق والناس

- ‌مصادر التحقيق

- ‌ صح تسمية الله بالمحسن في ثلاثة أحاديث

- ‌ جاء تسمية الله بهذا الاسم في أقوال بعض المحققين من أهل العلم

- ‌ ما صح تسمية الله به جاز التعبيد لله به

- ‌ إن أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة مشتقة وغير جامدة

- ‌ ثلاث فوائد مهمة:

- ‌فهرس المراجع

- ‌تنبيه على نشرة مكذوبةيروجها بعض الجهلة

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌أثر عقيدة الإيمان بالآخرة في حياة الإنسان

ويورد القرآن أيضا قصة إبراهيم عليه السلام وكيف أمره الله بتفريق أجزاء الطير، ثم أراه كيف يعيدها مرة أخرى للحياة {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (1). ويورد القرآن قصة أصحاب الكهف وكيف أماتهم الله ثلاثمائة وتسعة أعوام ثم بعثهم. وكانوا نموذجا حيا لإمكانية البعث والمعاد {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} (2)، فهذه النماذج جميعها وغيرها مما ورد في القرآن تدل أوضح الدلالة وأبينها على إمكانية البعث وتحققه ولا يماري فيها إلا معاند متكبر.

(1) سورة البقرة الآية 260

(2)

سورة الكهف الآية 21

ص: 330

‌أثر عقيدة الإيمان بالآخرة في حياة الإنسان

إن للإيمان باليوم الآخر أثرا عظيما في حياة الناس أفرادا وجماعات، إذ تختلف حياة من يؤمن باليوم الآخر عن ذلك الذي لا يؤمن بأن هناك حياة أخرى بعد هذه الحياة، كما تختلف حالة المجتمعات التي يسود بين أفرادها الإيمان بالآخرة عن تلك المجتمعات التي يؤمن أفرادها بأن الدنيا هي نهاية المطاف، ويظهر هذا الأثر في حياة الإنسان الفكرية والنفسية والخلقية، فالذي يؤمن بالحياة الأخرى يجد من خلال هذه العقيدة تفسيرا لكثير من ظواهر الحياة الإنسانية وما ينبغي أن يسود حياة الإنسان من قيم وفضائل وأخلاق وتضحيات، إذ أن الذي يعتقد بأن الحياة الدنيا هي نهاية المطاف ستكون غايته الأولى وهمه الأكبر الحصول على أكبر قدر من متعها ولذائذها المادية،

ص: 330

وسيصير همه في هذا المجال، الصراع من أجله. ومن ثم لن يعرف معنى للقيم الإنسانية، كمعاني الإخاء والمساواة والفضائل الإنسانية؛ من تعاون على الخير إذا ما تصادمت مع متعه الدنيوية، بينما الذي يؤمن بأن الدنيا هي عبارة عن دار ابتلاء وامتحان، وأن متاعها زائل موقوت وأن كل متاع يفوته فيها امتثالا لأمر الله وطاعته، سيعوض عنه في الآخرة متاعا أعلى وأحق وأبقى، وأن كل مجانبة لأمر الله من أجل متاع الدنيا يجازى عليه في الآخرة عذابا ليس في طاقة البشر احتماله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} (1). إن من يدرك هذا ستهون عنده قيمة الحياة الدنيا قياسا إلى الآخرة، وسيبذل جهده في سبيل إبراز أعلى القيم الإنسانية من خلال عمله.

وللإيمان بالحياة الآخرة أثر أيضا في سلوك الإنسان وتصرفاته- فمن يؤمن بأن هناك حياة أخرى، تجده يعيش مطمئنا راضيا يتمتع بالسكينة والقناعة وأمثالها من المشاعر التي هي أساس الحياة الإنسانية، لأن مثل هذا الشخص مطمئن غاية الاطمئنان إلى عدالة الله المطلقة ورحمته وكرمه ومتيقن تماما بأن الدنيا وما فيها موقوت وأنها الطريق إلى وجود حقيقي وخالد. ومن ثم فيتحمل مثل هذا الشخص الابتلاء، ويتحلى بالصبر على المصائب عن رضى، فيصبر على الضراء، كما يعتبر النعم نوعا من الابتلاء يستحق موقف الشكر، ويستخدم ما يناله من نعم فيما يعود عليه وعلى غيره بالخير والنفع، ومن ثم يكون سعيدا في حال السراء والضراء، كما عبر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان ذلك خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان له خيرا، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن (2)» أما الشخص الذي لا يؤمن بحياة أخرى فإنه يسابق السنوات القليلة المحدودة التي يعيشها في الدنيا، ويسيطر عليه شعور الضيق والقلق والاضطراب كلما تقدم به العمر وقصرت به طموحاته وآماله، وغالبا ما يكون

(1) سورة النساء الآية 56

(2)

مسلم، كتاب الزهد، باب المؤمن أمره كله خير. جـ 8، ص:227.

ص: 331

أمثال هؤلاء عرضة للأمراض النفسية والعصبية، والإصابة بأنواع الاكتئاب النفسي والقلق والانتحار، لأنه حصر الوجود كله في هذه الحياة الدنيا فإن فشل فيه أو عجز عن القيام بما يسعى له فقد قيمة الحياة والوجود بأسره. . بينما المؤمن تتسع الحياة عنده لتشمل الآخرة، ويكون له منها غاية وهدف يسعى لتحقيقه ويسعد بذلك كما عبر ربعي بن عامر التميمي:(إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها- ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام)(1).

أما الأثر الأخلاقي للإيمان باليوم الآخر، فيتمثل في الشعور الدائم برقابة الله تعالى، فالذي يؤمن بالله يعلم ما توسوس به نفس الإنسان، وإنه محص عليه كل أعماله صغيرة كانت أم كبيرة ومحاسبه على ما يقدم، لن يجرؤ على الإقدام على غير ما يرضي الله من أقوال أو أفعال، وسيكون في حذر دائم ويقظة لا تغفل عن المحاسبة. وقد اتخذ القرآن من التذكير بهذه الحقائق وسيلة إلى الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة والقيم الإنسانية والتمسك بها:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (2){وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} (3)، مؤكدا أن هذه الحياة الدنيا متاع زائف، ولحظات عابرة، ومن ثم لا ينبغي الأخذ منها إلا بالقدر المأذون فيه، وما فات منها لا ينبغي الحسرة عليه، وما أصاب الإنسان لا ينبغي السرور به - فضلا عن عدم التكالب عليها وإضاعة العمر في سبيل الصراع حولها. وبدلا من هذا ينبغي السعي إلى النعيم المقيم، واللذة التي لا تنفد، والمتاع الذي لا يزول، ولا يحول في دار غير هذه الدار وحياة غير هذه الحياة" {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (4){اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (5){سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (6).

(1) حياة الصحابة، " الكاندهلوي " جـ 1. ص:220.

(2)

سورة البقرة الآية 223

(3)

سورة البقرة الآية 272

(4)

سورة العنكبوت الآية 64

(5)

سورة الحديد الآية 20

(6)

سورة الحديد الآية 21

ص: 332