الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقرر المؤتمر أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد تملك السلعة المشتراة للآمر وحيازتها ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الوعد السابق هو أمر جائز شرعا طالما كانت تقع على المصرف مسؤولية الهلاك قبل التسليم وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي.
وأما بالنسبة للوعد وكونه ملزما للآمر أو المصرف أو كليهما فإن الأخذ بالإلزام هو حفظ لمصلحة التعامل واستقرار المعاملات وفيه مراعاة لمصلحة المصرف والعميل وإن الأخذ بالإلزام أمر مقبول شرعا. وكل مصرف مخير في أخذ ما يراه في مسألة القول بالإلزام حسبما تراه هيئة الرقابة الشرعية لديه، اهـ.
و
خلاصة القول في المسألة
أن لأهل العلم فيها خمسة أقوال:
أحدها: أن الوفاء بالوعد مستحب ومن مكارم الأخلاق وأن التخلف عن الوفاء به من الأمور المكروهة ولكنه لا يلزم قضاء.
الثاني: أن الوفاء بالوعد لازم ديانة وقضاء مطلقا سواء أكان له سبب أم لا سبب له.
الثالث: أن الوفاء بالوعد لازم قضاء وديانة إذا كان له سبب سواء أدخل الموعود في سبب الوعد أم لم يدخل.
الرابع: أن الوفاء بالوعد لازم قضاء وديانة إذا كان له سبب ودخل الموعود في سبب الوعد.
الخامس: أن الوفاء بالوعد لا يلزم ديانة ولا قضاء إذا لم يكن للوعد سبب بحيث لم يتضرر الموعود من إخلاف الوعد.
والذي يظهر لي بعد تأملي أدلة القول بلزوم الوفاء بالوعد مطلقا أن القول بلزوم الوفاء بالوعد مطلقا سواء أكان للوعد سبب أم لم يكن له سبب هو القول الذي تسنده الأدلة الصريحة من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أقوال وأفعال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن القياس الصحيح على
النذر ومن التوجيهات الصحيحة لأقوال مجموعة من أهل العلم بالتفسير والحديث واللغة والفقه، وفي القول بذلك مصلحة كبرى لعموم المسلمين وتسهيل لمعاملاتهم التجارية وليس في ذلك ترتيب مضرة على الواعد فهو الذي التزم على نفسه ولغيره بما لا يلزمه ابتداء طائعا مختارا غير مكره ولا ملجأ.
والوعد عهد وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود والوعود والعهود واعتبر صلى الله عليه وسلم المتخلف عن الوفاء بالوعد فيه خصلة من خصال المنافقين وأن إخلاف الوعد كذب والكذب نوع من الفجور.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويجنبناه وألا نقول على الله إلا الحق. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم من كل ذنب وخطأ وخطيئة وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
صفحة فارغة
الدعوة إلى الله
منهجها ومقوماتها
د / محمد بن أحمد الصالح (1)
أستاذ الفقه بكلية الشريعة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. . أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله وظيفة الرسل. . ومهمة الأنبياء. . ليردوا الناس إلى توحيد الخالق. . لأن الناس هم الأساس الحقيقي للتغيير، والجماهير هم الذين ذهب إليهم الأنبياء والرسل وعلى رأسهم أميرهم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد اتجهوا إلى أفراد الأمة يقوون الضعيف، ويعلمون الجاهل، ويشدون أزر المستوحش في هذه الحياة، كل ذلك لغرس الإيمان بالله في النفوس، والاعتماد عليه، والتعلق به، والاستناد إليه عندما يشعرون بالضعف والمسكنة، أمام متاعب الحياة، ولهذا قال الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (2).
وهكذا كانت مهمة خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (3).
وكان الأمر له أمرا إلى الدعاة من بعده.
(1) ورد لكاتب البحث ترجمة في العدد العاشر ص 303.
(2)
سورة الأنبياء الآية 25
(3)
سورة المائدة الآية 67
(4)
سورة النحل الآية 125
وكانت أهم صفات الأمة المسلمة الدعوة إلى الله يصفها بها رب العالمين الإيمان لأهميتها ويجعل منها أساس الخيرية على العالمين، قال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (2). وهكذا يجعل واجب هذه الأمة الدعوة إلى الله أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر على رأي، ويجعله واجب طائفة منها على وجه آخر. تبعا لاختلاف حول تفسير قوله تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (3).
فالذين فسروا منكم بأن من بيانية. قالوا إنه واجب الأمة كلها وأن الغرض " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الدعوة إلى الله " فرض عين على كل قادر عليه والذين فسروا من بأنها تبعيضية قالوا أنه واجب طائفة من الأمة إذا قامت به سقط عن الباقين، ولعلهم استدلوا بقوله تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (4).
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وإذا كانت هذه مهمة الأنبياء والمرسلين فقد وجب أن يكون الدعاة من بعدهم على مستوى رفيع يتسنى معه حسن حمل الرسالة وحسن أدائها، ونتناول بإذن الله في مبحثين: صفات الدعاة، ثم طرق الدعوة إلى الله.
(1) سورة الشورى الآية 15
(2)
سورة آل عمران الآية 110
(3)
سورة آل عمران الآية 104
(4)
سورة التوبة الآية 122