الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي راغبة في الزواج، فالأفضل لها طبعا أن تتزوج رجلا متزوجا بأخرى فيملأ عليها حياتها، ويؤنس وحدتها بدلا من أن تظل بقية حياتها عزباء.
(د) قد يتوفى أحد إخوان الرجل أو أحد أقاربه، ويترك زوجته وأولاده فيخشى عليهم الرجل من الضياع والتشرد، فيتزوج عند ذلك بدافع إنساني محض بأرملة أخيه أو قريبه ليرعاها ويرعى أولادها، ويحميهم من العوز والضياع (1).
(هـ) قد يكون للرجل المتزوج قريبة لا يأويها أحد غيره، ويكون لديها أولاد لا يمكن أن يؤمن لهم الزوج الغريب الرعاية الكافية، فإذا تزوجها قريبها المتزوج أصلا، وأصبحت في عصمته، فقد كفل لها بذلك ولأولادها الأيتام العطف والحنان والرعاية والحماية من شرور الحياة (2).
وأخيرا نقول إن هذه ليست كل المبررات للأخذ بنظام تعدد الزوجات وهناك بالتأكيد مبررات أخرى تختلف من مجتمع إلى آخر، وتكون دافعا للرجل المسلم على تعدد زوجاته.
ومما لا شك فيه أن نظام تعدد الزوجات- كما رأينا- يحفظ المجتمعات الإنسانية من الفساد الخلقي الذي يؤدي إلى انتشار البغاء وكثرة اللقطاء ويحمي الناس من الإصابات بالأمراض التناسلية التي تنتشر الآن على نطاق واسع ومنها الزهري ومرض انعدام المناعة " الإيدز".
(1) وهبي سليمان: المرأة المسلمة ص 163.
(2)
العقاد: المرأة في القرآن ص 108.
4 -
موقف أعداء الإسلام من تعدد الزوجات:
إن نظام تعدد الزوجات نظام إلهي محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأن كل ما يأتينا من الله سبحانه وتعالى عن طريق القرآن الكريم أو السنة النبوية المشرفة فهو حق لا باطل فيه. وإذا كان لتعدد
الزوجات مساوئ كما يذكر بعض من كتب عن هذا النظام من أعداء الأمة الإسلامية فإن تلك المساوئ ناتجة عن قصورنا وسوء تطبيقنا للنظام، وإن ما يحدث في بعض حالات تعدد الزوجات من خلافات وظلم فإن سببها هو تهاون الزوج وعدم عدالته وسوء معاملته لبعض زوجاته. هذا بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني لدى بعض الزوجات الأمر الذي يدفعها إلى إثارة المشاكل مع زوجها وزوجاته الأخريات.
وفيما يلي بعض الشبه التي يثيرها أعداء الإسلام نحو نظام تعدد الزوجات وسنذكرها ونقوم بالرد عليها إن شاء الله ردا مقنعا، وهي ولله الحمد شبه وليست حقائق كما سنرى. وهذه هي الشبه:
1 -
إباحة الدين الإسلامي للرجل أن يعدد زوجاته وتحريم ذلك على المرأة.
2 -
يكون الزواج بأكثر من امرأة سببا في إثارة الخصام والنزاع بين أفراد الأسرة الواحدة الأمر الذي يؤدي إلى تفكك الأسرة وتشرد الأطفال. وبمعنى آخر يكون التعدد سببا للعداوة بين زوجات الرجل الواحد وتنتقل العداوة بالتالي إلى أولادهن.
3 -
إن في تعدد الزوجات ظلما للمرأة وهضما لحقوقها وإهدارا لكرامتها ووسيلة لتسلط الرجل عليها من أجل إشباع شهواته.
4 -
يؤدي تعدد الزوجات إلى إهمال تربية النشء وتشردهم.
5 -
يكون تعدد الزوجات سببا رئيسا في كثرة النسل، وكثرة النسل يؤدي إلى انتشار الفقر والبطالة في البلاد.
6 -
الظروف الاقتصادية في العصر الحديث لا تسمح للرجل بأن يعدد زوجاته لأن هذا التعدد يفرض عليه أعباء مالية، فهو سيطالب بالإنفاق على عدد من الزوجات والأولاد في الوقت الذي ازدادت فيه مطالب كل فرد وقلت الموارد المالية.
ونقول هنا لأعداء الإسلام الذين يحاربون نظام تعدد الزوجات: إن الله سبحانه وتعالى شرع التعدد، وأباحه لعباده، وأن التعدد سنة أنبياء الله عليهم أفضل الصلاة والسلام، فقد تزوجوا النساء، وجمعوا بينهن في حدود شريعة الله، وأنتم أيها المتحاملون على التعدد أعداء لله ورسوله وأعداء للمرأة نفسها، فالتعدد يكون في معظم الأحيان سياجا يحمي الأسرة من التصدع، ويصون المرأة من الضياع والحرمان.
أما فيما يتعلق بالشبهة الأولى وهي أن الإسلام أباح للرجل أن يعدد زوجاته وحرم ذلك على المرأة فنقول إن المساواة بين الرجل والمرأة في نظام الزواج لا ينبغي أن تكون مساواة مطلقة لاختلاف طبيعة كل من الرجل والمرأة، والمساواة بين مختلفين تعني ظلم أحدهما، فالمرأة خلق الله تعالى لها رحما واحدة، وهي تحمل في وقت واحد ومرة واحدة في السنة ويكون لها تبعا لذلك مولود واحد من رجل واحد. أما الرجل فغير ذلك من الممكن أن يكون له عدة أولاد من عدة زوجات، ينتسبون إليه ويتحمل مسئولية تربيتهم والإنفاق عليهم، وتعليمهم وعلاجهم وكل ما يتعلق بهم وبأمهاتهم من أمور. أما المرأة فعندما تتزوج بثلاثة أو أربعة رجال، فمن من هؤلاء الرجال يتحمل مسئولية الحياة الزوجية؟ أيتحملها الزوج الأول؟ أو الزوج الثاني؟ أم يتحملها الأزواج الثلاثة أو الأربعة؟ ثم لمن ينتسب أولاد هذه المرأة متعددة الأزواج؟ أينتسبون لواحد من الأزواج؟ أم ينتسبون لهم جميعا؟ أم تختار الزوجة أحد أزواجها فتلحق أولادها به؟ (1).
وفي الحقيقة إن سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه جعلت نظام الزوج الواحد والزوجة الواحدة يصلح لكل من الرجل والمرأة. وجعلت نظام تعدد الأزواج لا يصلح للمرأة، بينما جعلت نظام تعدد الزوجات مناسبا جدا للرجل؛ فالمرأة - كما هو معروف- لها رحم واحد، فلو تزوجت بأكثر من رجل لأتى الجنين من دماء متفرقة، فيتعذر عند ذلك تحديد الشخص المسئول عنه
(1) سعيد الجندول: الجنس الناعم في ظل الإسلام، بيروت 1399 هـ، ص 73 - 74.
اجتماعيا واقتصاديا وقانونيا. بينما صلحت طبيعة الرجل لأن يكون له عدة زوجات، فيأتي الجنين من نطفة واحدة، وبالتالي يكون والد هذا الجنين معروفا ومسئولا عنه مسئولية كاملة في جميع الأحوال.
وتقوم المسئولية الاجتماعية في نظام تعدد الزوجات على أساس رابطة الدم وهي رابطة طبيعية متينة، بينما يفتقر نظام تعدد الأزواج إلى أساس طبيعي تبنى عليه الروابط الاجتماعية، لأن الإنسان بغير اقتصار المرأة على زوج واحد لا يستطيع أن يعرف الأصل الطبيعي له ولأولاده (1).
كما أن تعدد الأزواج يمنع المرأة من أداء واجبات الزوجة بصورة متساوية وعادلة بين أزواجها سواء أكان ذلك في الواجبات المنزلية أو في العلاقات الجنسية وبخاصة وأنها تحيض لمدة خمسة أو سبعة أيام في كل شهر، وإذا حملت تمكث تسعة أشهر في معاناة جسدية تحول دون القيام بواجباتها نحو الرجال الذين تزوجوها. وعند ذلك سيلجأ الأزواج- بلا شك - إلى الخليلات من بنات الهوى أو يطلقونها فتعيش حياة قلقة غير مستقرة (2).
وختاما فإن المجتمع لا يستفيد شيئا من نظام تعدد الأزواج للمرأة بعكس نظام تعدد الزوجات للرجل الذي يتيح فرص الزواج أمام كثير من العانسات والمطلقات والأرامل. هذا إلى جانب أنه لو أبيح للمرأة أن تتزوج ثلاثة أو أربعة رجال لزاد عدد العانسات زيادة كبيرة وأصبح النساء في وضع اجتماعي لا يحسدن عليه (3).
وهكذا فإنه ليس من العدالة في شيء أن يباح للمرأة أن تعدد أزواجها بحجة مساواتها بالرجل. وليس عدلا كذلك أن يحرم الرجل من صلاحيته في أن يعدد زوجاته بدعوى مساواته بالمرأة في حق الزواج. وسنرى في الصفحات القليلة لهذا البحث أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى الرجل صلاحية تعدد
(1) عبد الناصر العطار: تعدد الزوجات ص 13 - 16.
(2)
محمد عبده: المسلمون والإسلام، القاهرة 1964م ص 94.
(3)
العطار: تعدد الزوجات ص 13 - 16.
الزوجات لخير المرأة ومن أجل إسعادها، وزيادة فرص الزواج أمامها.
ونأتي بعد ذلك إلى الشبهة الثانية القائلة بأن تعدد الزوجات يؤدي إلى قيام النزاع بين أفراد الأسرة الواحدة نتيجة للعداوة بين زوجات الرجل الواحد وبين أولادهن فنقول: إن هذا النزاع يرجع إلى الغيرة الطبيعية التي لا يمكن أن تتخلص منها النفوس البشرية، فالغيرة موجودة في كل مكان تتساوى فيه الفرص للأفراد، وهكذا تظهر الغيرة بين النساء في ظل نظام تعدد الزوجات.
والغيرة والحزن اللذين تحس بهما المرأة حينما يتزوج زوجها بأخرى شيء عاطفي، والعاطفة لا يصح أن تقدم في أي أمر من الأمور على الشرع (1).
والضرر الذي يلحق بالمرأة نتيجة للتعدد أخف بكثير من الأضرار التي تلحق بها في حالة بقائها بدون زوج.
ويلاحظ أن الغيرة بين الزوجات لم تمنع الرسول عليه الصلاة والسلام ولم تمنع أصحابه من الأخذ بنظام تعدد الزوجات. وتحدث العداوة كثيرا بين الزوجة الواحدة وبين أقرباء زوجها، وقد يرجع ما يحدث من خلافات ومنازعات في بعض حالات تعدد الزوجات إلى تهاون الزوج وضعفه وعدم عدله وإنصافه في معاملة أهل بيته. هذا بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني في نفوس بعض الزوجات بحيث لا يستطعن كبح جماح الغيرة، ومن ثم يعمدن إلى العمل على إلحاق الضرر بضرائرهن، وتعكير صفو الأسرة (2).
كما يلاحظ أن النزاع بين الزوجات وبين الزوج إنما يحدث في الغالب من أجل الحصول على مطلب من مطالب الحياة الأسرية من مأكل وملبس ومسكن وما شابه ذلك. وقد يكون النزاع حول مكانة كل زوجة من زوجها، ومكانة كل ولد لدى والده. ولهذه المنازعات شبيه في حالة وحدة الزوجة ففيه نجد الزوجة تتنازع مع زوجها في بعض الأحيان من أجل مكانتها عنده بالنسبة لأمه أو أخته. وقد تختلف معه خلافا حادا يؤدي إلى الطلاق لأنه لم يوفر لها بعض ما تحتاج إليه من ملابس أو أثاث أو حلي.
(1) زكي شعبان: الزوج والطلاق في الإسلام ص 43.
(2)
محمد عبد الله عرفة: حقوق المرأة في الإسلام ص 96.
ونرى أن علاج هذه المشكلات الأسرية يعتمد في الدرجة الأولى على شخصية الرجل وعلى قدرته على إدارة شئون منزله، فإذا كان الرجل عادلا حازما فإن النزاع لا يجد طريقا إلى منزله. أما إذا كان ضعيف الشخصية فإن النزاع سيدب- بلا شك- بين أفراد أسرته، وسواء أكان لديه زوجة واحدة أم عدة زوجات.
وقد تتألف الأسرة من زوج واحد وزوجة واحدة فقط وأولاد ولكن أمور هذه الأسرة ليست على ما يرام وذلك لوجود تنافر بين الزوجين أو لأن العلاقة الزوجية بينهما لم تقم على أساس سليم. أو يكون النزاع لسوء خلقهما معا أو سوء خلق واحد منهما.
وتقول الشبهة الثالثة: إن في نظام تعدد الزوجات هضما لحقوق المرأة، وإهدارا لكرامتها، وهذا كلام غير صحيح ألبتة، فتعدد الزوجات رحمة للنساء، وذلك لأن عدد الرجال الصالحين للزواج أقل بكثير من عدد النساء الصالحات للزواج كما مر بنا في ثنايا هذا البحث، ووجود المرأة كزوجة ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة في أسرة خير لها من أن تكون بدون زواج. ويقول أحد المفكرين الغربيين المنصفين عن هذا الموضوع:
" إن نظام الزواج بامرأة واحدة فقط وتطبيقه تطبيقا صارما قائم على أساس افتراض أن عدد أعضاء الجنسين متساويا، وما دامت الحالة ليست كذلك، فإن في بقائه قسوة بالغة لأولئك اللاتي تضطرهن الظروف إلى البقاء عانسات "(1).
كذلك نرى أن في التعدد صيانة للمرأة بجعلها زوجة فاضلة بدلا من أن تكون خليلة أو عشيقة. ويجب أن يعلم النساء أن اكتفاء الرجل بزوجة واحدة لا يحقق آمال الكثيرات من النساء اللواتي لهن الحق في أن يكن زوجات وأمهات وربات بيوت. وعدم أخذ الرجال بنظام التعدد يؤدي إلى بقاء الكثيرات من النساء بلا زواج ولا أولاد ولا أسر، وهذا يمثل خطرا كبيرا على
(1) محمد فتحي عثمان: الفكر الإسلامي والتطور ص 232.
المرأة نفسها وعلى المجتمع الذي تعيش فيه (1).
وليس في إباحة الإسلام لتعدد الزوجات ظلما للمرأة ولا هضما لحقوقها فقد أعطاها الإسلام الحق في أن تشترط في عقد الزواج أن لا يتزوج زوجها عليها، ويكون لها حسب هذا الشرط الخيار في أن تطالب بفسخ عقد الزواج إذا تزوج زوجها عليها لأن الزوج قد أخل بشرط من شروطه. أو ترضى بالأمر الواقع وتقبل بمشاركة غيرها لها في بيت الزوجية.
ولو فات الزوجة أن تشترط هذا الشرط في عقد الزواج فإن الشريعة الإسلامية تعطيها الحق في طلب الطلاق إذا قصر زوجها في حق من حقوقها (2).
وإذا كان التعدد يلحق بعض الضرر بالمرأة التي يتزوج عليها زوجها، فإن منفعته مؤكدة للزوجة الجديدة، لأنها لم تقبل بالزواج من رجل متزوج في الأصل إلا لأنها ترى في قبولها فائدة لها، وأن الضرر الذي ينالها كزوجة ثانية أقل بكثير من الأضرار التي ستتعرض لها إذا بقيت بدون زواج، والضرر الكثير يدفع - كما هو معروف شرعا- بالضرر القليل.
ونأتي الآن إلى الشبهة الرابعة التي تقول أن التعدد يكون سببا رئيسيا من إهمال تربية النشء، ونقول إن الإهمال لا ينجم عن التعدد وحده بل إن له أسبابا كثيرة منها عدم مبالاة الأب بتربية أولاده أو انحرافه عن جادة الصواب بشرب الخمر أو تعاطي المخدرات أو لعب القمار أو مصاحبة رفقاء السوء وغير ذلك. وقد يكون الإهمال نتيجة لاختلاف وقع بين الزوجين حول أمر من الأمور المتعلقة بشئون الأسرة.
كما أن فقد الأطفال لمن يعولهم ويتعهدهم بالرعاية والتوجيه يعد سببا من الأسباب التي تحول دون تربيتهم تربية سليمة.
(1) محمد عبد الله عرفة: حقوق المرأة في الإسلام ص 87 وما بعدها.
(2)
أبو زهرة: تنظيم الإسلام للمجتمع، ص 76.
أما بخصوص تشرد الأطفال وارتباطه بتعدد الزوجات فيقول الشيخ محمود شلتوت (1): إنه ليس لتعدد الزوجات من حالات التشرد أكثر من (3%) بالمائة وهي نسبة ضئيلة جدا لا يصح أن يذكر بإزائها أن للتشرد أثرا بتعدد الزوجات، وأن تتخذ تلك العلاقة أساسا للتفكير في وضع حد للتعدد مع ما للتعدد من فوائد اجتماعية كثيرة. واعتمد الشيخ شلتوت في كلامه هذا على إحصائية أجراها مكتب الخدمة الاجتماعية في القاهرة لبحث حالات التشرد.
وتقرر الشبهة الخامسة أن تعدد الزوجات يؤدي إلى كثرة النسل وكثرة النسل تؤدي إلى البطالة والفقر، وهذا بطبيعة الحال منطق غير سليم ومرفوض فكثرة النسل مع حسن التربية من أعظم عوامل قوة الأمة وازدهار حياتها وأوضح الأمثلة على ذلك اليابان والصين. والبطالة والفقر موجودان- كما نعلم- في بعض البلاد العربية والإفريقية وأستراليا مع أن أرضها واسعة، ومواردها كثيرة، ولو أحسن أهلها استغلالها لزال الفقر واختفت البطالة، واستوعبت تلك البلاد أضعاف من يعيشون فيها.
ونرى أن الإكثار من النسل في البلاد الإسلامية مطالب شرعي وهام، فهو يساعد الأمة على زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري، وبه يستغني المسلمون عن العمالة الأجنبية، المخالفة لهم في المعتقد والعادات والتقاليد.
وأخيرا فإن كثرة النسل في المجتمعات الإسلامية ليست سببا في الفقر فإن رزقهم على الله تعالى، وهو الرزاق ذو القوة المتين، والعكس هو الصحيح فإن كثرة الأولاد توسع في الرزق ولا تضيقه، قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} (2){نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} (3) سورة الإسراء، الآية (31). .
(1) الإسلام عقيدة وشريعة، ص 190.
(2)
سورة الإسراء الآية 31
(3)
سورة الإسراء الآية 31
أما الشبهة الأخيرة، وهي أن الظروف الاقتصادية في العصر الحديث لا تسمح للرجل بأن يعدد زوجاته لأن هذا التعدد يفرض عليه أعباء مالية، فهو سيكون مطالبا بالإنفاق على عدد من الزوجات والأولاد، في الوقت الذي ازدادت فيه مطالب كل فرد، وقفت في الوقت نفسه الموارد المالية.
وأقول هنا: إن قضية تعدد الزوجات قضية اجتماعية ودينية وليست قضية اقتصادية، وأن المشكلات الاقتصادية التي تتعرض لها الأسرة عند تعدد الزوجات أهون بكثير من المشكلات الاجتماعية التي تتعرض لها الأسرة عندما يكون بها عانس أو مطلقة أو أرملة، والأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى، والإنسان لا يضمن رزقه في ظل نظام الزوجة الواحدة، حتى يشكو منه في ظل تعدد الزوجات. وقد يكون للرجل الواحد زوجة واحدة ولكنها مسرفة مبذرة، وأكثر خطورة اقتصادية من أربع زوجات صالحات مدبرات لدى رجل آخر.
وفي العصر الحديث، وفي بعض البلاد الإسلامية يزيد دخل الفرد كلما زاد عدد زوجاته، لأن أبواب العمل أصبحت مفتوحة أمام النساء، وكل امرأة تعمل تحصل على راتب شهري وهذا يتيح للزوجة والزوج فرصة طيبة للادخار والاستثمار ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية لكل أفراد الأسرة.
وحديث عبد الله بن مسعود الذي رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلق الإنسان بين أن الرزق والأجل والعمل والشقاوة والسعادة تكتب على الإنسان عند نفخ الروح وهو في بطن أمه بعد مضي 120 يوما (1). . ولا يخرج أي إنسان للحياة إلا ورزقه مقدر له من الله فيجب التوكل عليه سبحانه.
(1) انظر هذا الحديث بتمامه وشرحه الذي رواه البخاري ومسلم في جامع العلوم والحكم لابن رجب ص 44 - 55.