المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حقيقة الشيعة الإيرانية - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ نقول من أقوال المفسرين:

- ‌ ابن جرير رحمه الله:

- ‌ الجصاص رحمه الله:

- ‌ ابن كثير رحمه الله:

- ‌ القرطبي رحمه الله:

- ‌ ابن العربي رحمه الله:

- ‌ محمد رشيد رضا:

- ‌ أحاديث وآثار و‌‌نقول عن المحدثينوشراح الحديث:

- ‌نقول عن المحدثين

- ‌ ما ورد من الأحاديث المرفوعة في أن دية الذمي كدية المسلم:

- ‌ ما ورد مرفوعا في دية المجوسي:

- ‌ ما ورد مرفوعا في تحديد دية المعاهد بألف دينار:

- ‌ تحديد عمر لدية اليهودي والنصراني والمجوسي:

- ‌ نقول عن الفقهاء:

- ‌ الحنفية:

- ‌ صاحب فتح القدير

- ‌ صاحب بدائع الصنائع

- ‌ المالكية:

- ‌ صاحب المدونة الكبرى

- ‌ صاحب بداية المجتهد

- ‌ الشافعية:

- ‌ صاحب نهاية المحتاج

- ‌ صاحب المجموع شرح المهذب

- ‌ الحنابلة:

- ‌ صاحب المغني

- ‌ صاحب كشاف القناع

- ‌ صاحب الإنصاف

- ‌ خلاصة ما تقدم بإيجاز:

- ‌ هل الشيعة الحاليون كفار كلهم أو أئمتهم

- ‌ توضيح الاختلاف بين السنة والشيعة وأقرب الفرق إلى السنة

- ‌ هل طريقة الشيعة الإمامية من الإسلام؟ ومن الذي اخترعها

- ‌ حقيقة الشيعة الإيرانية

- ‌ حكم المبتدع المواظب على بدعته

- ‌ البدعة وأنواعها

- ‌ هل يرد على البدعي عمل البدعة فقط أم جميع أعماله

- ‌ كم قسما تنقسم البدعة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ التثبت في الفتوى

- ‌ النيل من شباب الصحوة، بحجة أن فيهم تطرفا وتزمتا

- ‌ تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

- ‌ تشجيع الدعاة وطلبة العلم على إقامة الدروس والمحاضرات في كافة أنحاء البلاد

- ‌بحث في الوعدوحكم الإلزام بالوفاءبه ديانة وقضاء

- ‌ البحوث

- ‌خلاصة القول في المسألة

- ‌المبحث الأولصفات الدعاة

- ‌ الإيمان العميق:

- ‌ العلم الدقيق:

- ‌ الخلق الوثيق:

- ‌المبحث الثانيطرق الدعوة

- ‌تمهيد:

- ‌العوامل التي تنهض بها الدعوة

- ‌ من ندعو:

- ‌أسلوب القرآن في الدعوة:

- ‌مكان الدعوة

- ‌أين ندعو:

- ‌إلى من ندعو:

- ‌أسلوب السلوك والأخلاق:

- ‌من وسائل الدعوة الخطابة والمحاضرة والدرس:

- ‌ ابتغاء وجه الله:

- ‌ الثقة بالله:

- ‌ اتقاء ما يغضب الله لفظا ومعنى:

- ‌ الصدق:

- ‌ الإحساس بالأمانة:

- ‌أهمية الوقفوحكمة مشروعيته

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأولفي تعريف الوقف

- ‌المبحث الأول: تعريف الوقف لغة:

- ‌المبحث الثانيتعريف الوقف اصطلاحا

- ‌ تعريف الوقف عند الحنفية:

- ‌ تعريف الوقف عند أبي حنيفة

- ‌ تعريف الوقف عند الصاحبين:

- ‌ تعريف الوقف عند المالكية:

- ‌ تعريف الوقف عند الشافعية:

- ‌التعريف المختار:

- ‌الفصل الثانيلمحة من تاريخ الوقف عند المسلمين

- ‌الفصل الثالثفي أهداف الوقف وحكمة مشروعيته

- ‌الهدف العام للوقف:

- ‌الأهداف الخاصة للوقف:

- ‌الفصل الرابعفي حكم الوقف وبيان مشروعيته

- ‌أدلة عامة شملت جميع أنواع التبرعات ومنها الوقف:

- ‌أدلة نصت عن جواز الوقف كوقف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما ثبت من وقف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وموافقته على ذلك وحثه عليه

- ‌إجماع العلماء من السلف ومن بعدهم على القول بصحة الوقف

- ‌ أدلة الفريق الثاني. وهم القائلون بجواز الوقف في السلاح والكراع فقط

- ‌الخاتمة

- ‌ مشروعية تعدد الزوجات في الإسلام:

- ‌ شروط تعدد الزوجات في الإسلام:

- ‌ العدد

- ‌ النفقة:

- ‌ العدل بين الزوجات:

- ‌ مبررات تعدد الزوجات في الإسلام:

- ‌ موقف أعداء الإسلام من تعدد الزوجات:

- ‌قائمة مصادر ومراجع البحث

- ‌سجود الشكروأحكامه في الفقه الإسلامي

- ‌المبحث الأول: حكم سجود الشكر:

- ‌المبحث الثاني. متى يشرع سجود الشكر

- ‌المسألة الأولى: السجود عند حدوث نعمة خاصة:

- ‌المسألة الثانية: السجود عند حصول نعمة تسبب فيها:

- ‌المسألة الثالثة: السجود عند رؤية مبتلى:

- ‌المبحث الثالث: هل لسجود الشكر شروط

- ‌المبحث الرابع: صفة سجود الشكر وكيفيته:

- ‌المسألة الأولى: هل يجب لسجود الشكر تكبير في أوله أو في آخره

- ‌المسألة الثانية: هل يجب في سجود الشكر ذكر معين

- ‌المسألة الثالثة: هل يجب في سجود الشكر تشهد أو سلام

- ‌المبحث الخامس: سجود الشكر في أثناء الصلاة:

- ‌المسألة الأولى: السجود عند قراءة سجدة (ص) في أثناء الصلاة:

- ‌المسألة الثانية: هل يسجد للشكر إذا بشر بما يسره وهو يصلي:

- ‌المبحث السادس: سجود الشكر على الراحلة بالإيماء

- ‌المبحث السابع: قضاء سجود الشكر:

- ‌الخاتمة

- ‌اهتمام القرآن بالحياة الآخرة:

- ‌إمكانية البعث والأدلة عليه:

- ‌نهاية العالم وفناؤه:

- ‌البراهين على إمكانية البعث:

- ‌أثر عقيدة الإيمان بالآخرة في حياة الإنسان

- ‌المراجع

- ‌إيضاح البيانعنمعنى أم القرآن

- ‌مقدمة

- ‌مؤلف الكتاب

- ‌إيضاح البيان عن معنى أم القرآن:

- ‌مخطوطة الكتاب:

- ‌ إيضاح البيان عن معنى أم القرآن

- ‌خاتمة:

- ‌تأكيد أمر القلاقل: وهي سورة الكافرون والإخلاص والفلق والناس

- ‌مصادر التحقيق

- ‌ صح تسمية الله بالمحسن في ثلاثة أحاديث

- ‌ جاء تسمية الله بهذا الاسم في أقوال بعض المحققين من أهل العلم

- ‌ ما صح تسمية الله به جاز التعبيد لله به

- ‌ إن أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة مشتقة وغير جامدة

- ‌ ثلاث فوائد مهمة:

- ‌فهرس المراجع

- ‌تنبيه على نشرة مكذوبةيروجها بعض الجهلة

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ حقيقة الشيعة الإيرانية

من الفتوى رقم 11461

س: لقد انتشر في بلاد نيجيريا حب آية الله خميني وثورته الشيعية الإيرانية في شباب المسلمين، ويرى هؤلاء الشباب أنه لا يوجد لدى العالم الإسلامي دول تحكم بما أنزل الله إلا الدولة الإيرانية، ولا يوجد رئيس دولة مسلم إلا آية الله خميني، والآن بدأت دعوتهم تنتشر في نيجيريا؛ لذلك نرجو منكم توضيحا كافيا عن‌

‌ حقيقة الشيعة الإيرانية

ورئيس هذه الدولة آية الله خميني وما يدعو إليه، وإن شاء الله إذا وجدنا ذلك سنحاول ترجمته بلغتنا الهوسا واللغة الإنجليزية حتى نتخلص من هذه العقيدة في بلادنا؛ لأن الجمهورية الإيرانية يرسلون للمسلمين في نيجيريا كتبا كثيرة في كل شهر، فأفتونا جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: ما زعمه هؤلاء الشبان من أنه لا يوجد في العالم الإسلامي دولة تحكم بما أنزل الله إلا الدولة الإيرانية، ولا يوجد رئيس دولة مسلم إلا آية الله الخميني - زعم باطل بل كذب وافتراء، يشهد بذلك واقع الدولة الإيرانية ورئيسها عقيدة وعلما، فإن الشيعة الإمامية الاثنى عشرية قد نقلوا في كتبهم عن أئمتهم أن القرآن الذي جمعه عثمان بن عفان رضي الله عنه عن طريق حفاظ القرآن من الصحابة محرف بالزيادة فيه والنقص منه وبتبديل بعض كلماته وجمله، وبحذف بعض آيات وسور منه يعرف ذلك من قرأ كتاب (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب) الذي ألفه حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي في تحريف القرآن وأمثاله مما ألف انتصارا للرافضة، ودعما لمذهبهم كمنهاج الكرامة لابن المطهر، كما أنهم يعرضون عن دواوين السنة الصحيحة كصحيحي البخاري ومسلم، فلا يعتبرونها مرجعا لهم في الاستدلال على الأحكام عقيدة وفقها، ولا يعتمدون عليها في تفسير القرآن وبيانه، بل استحدثوا كتبا في الحديث وأصلوا لأنفسهم أصولا غير سليمة يرجعون إليها

ص: 72

في تمييز الضعيف في زعمهم من الصحيح، وجعلوا من أصولهم الرجوع إلى أقوال الأئمة الاثنى عشر المعصومين في زعمهم، فمن أين يكون لديهم من علم القرآن المتواتر والسنة الصحيحة، وقواعد الشريعة الثابتة وأحكامها ما يطبقون على قضايا أمتهم الإيرانية التي يحكمونها، وكيف يقال مع ذلك لا يوجد رئيس دولة مسلم إلا آية الله الخميني وهو القائل في كتابه (الحكومة الإسلامية) تحت عنوان الولاية التكوينية ص 52:[إن للأئمة مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وأن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل] اهـ إن هذا لهو الكذب الفاضح والبهتان المبين وننصحك بقراءة كتاب " مختصر التحفة الإثنى عشرية " للعلامة محمود شكري الألوسي ورسالة " الخطوط العريضة " لمحب الدين الخطيب وكتاب " منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية " للعلامة الشيخ أحمد بن عبد الحليم بن تيمية و" كتاب المنتقى من منهاج السنة " للذهبي.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 73

من الفتوى رقم 2289

س: كبير علماء بوهرة يصر على أنه يجب على أتباعه أن يقدموا له سجدة كلما يزورونه، فهل وجد هذا العمل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الخلفاء الراشدين؟ وحديثا نشرت صورة لرجل بوهري يسجد لكبير علماء بوهرة في

ص: 73

جريدة - من - الباكستانية المعروفة الصادرة في 6/ 10 / 1977 م ولإطلاعكم عليها نرفق لكم تلك الصورة؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: السجود نوع من أنواع العبادة التي أمر الله بها لنفسه خاصة، وقربة من القرب التي يجب أن يتوجه العبد بها إلى الله وحده، لعموم قوله تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (1)، وقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (2)، ولقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (3)، فنهى سبحانه عباده عن السجود للشمس والقمر، لكونهما آيتين مخلوقتين لله فلا يستحقان السجود ولا غيره من أنواع العبادات، وأمر تعالى بإفراده بالسجود لكونه خالقا لهما ولغيرهما من سائر الموجودات، فلا يصح أن يسجد لغيره تعالى من المخلوقات عامة، ولقوله تعالى:{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} (4){وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} (5){وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} (6){فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (7)، فأمر بالسجود له تعالى وحده، ثم عم فأمر عباده أن يتوجهوا إليه وحده بسائر أنواع العبادة دون سواه من المخلوقات، فإذا كان حال البوهرة كما ذكر في السؤال، فسجودهم لكبيرهم عبادة وتأليه له، واتخاذ له شريكا مع الله أو إلها من دون الله، وأمره إياهم بذلك أو رضاه به يجعله طاغوتا يدعو إلى عبادة نفسه، فكلا الفريقين التابع والمتبوع كافر بالله خارج بذلك عن ملة الإسلام والعياذ بالله.

س: جميع النساء يقبلن يده ورجله، فهل يجوز في الإسلام لرجل غير

(1) سورة النحل الآية 36

(2)

سورة الأنبياء الآية 25

(3)

سورة فصلت الآية 37

(4)

سورة النجم الآية 59

(5)

سورة النجم الآية 60

(6)

سورة النجم الآية 61

(7)

سورة النجم الآية 62

ص: 74

محرم للنساء أن يلمس أيدي كبير العلماء وهذا العمل ليس خاصا بكبير العلماء، بل هو لكل فرد من أفراد أسرته؟

جـ: أولا: ما ذكر من تقبيل نساء البوهرة يد كبيرهم ورجله وتقبيلهن يد كل فرد من أسرته ورجله، لا يجوز ولم يعرف ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا مع أحد من الخلفاء الراشدين، وذلك لما فيه من الغلو في تعظيم المخلوق، وهو ذريعة إلى الشرك.

ثانيا: لا يجوز للرجل أن يصافح امرأة أجنبية منه ولا أن يمس جسدها لما في ذلك من الفتنة، ولأنه ذريعة إلى ما هو شر منه من الزنا ووسائله، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن من هاجرن إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله، إلى قوله (3)» قال عروة: قالت عائشة: «فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد بايعتك كلاما، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك (4)» فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايع النساء مصافحة، بل بايعهن كلاما فقط مع وجود المقتضى للمصافحة ومع عصمته وأمن الفتنة بالنسبة له، فغيره من أمته أولى بأنه يجتنب مصافحة النساء الأجنبيات منه، بل يحرم عليه ذلك فضلا عن تقبيل يده ورجله وأيدي أفراد أسرته وأرجلهم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إني لا أصافح النساء (5)» ، وقد قال الله عز وجل:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (6) الآية.

س: كبير علماء بوهرة يدعي أنه المالك الكلي للروح والإيمان - العقائد الدينية - نيابة عن أتباعه.

(1) صحيح البخاري تفسير القرآن (4891)، صحيح مسلم الإمارة (1866)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3306)، سنن ابن ماجه الجهاد (2875)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 270).

(2)

سورة الممتحنة الآية 12 (1){يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}

(3)

سورة الممتحنة الآية 12 (2){غَفُورٌ رَحِيمٌ}

(4)

الإمام أحمد 6/ 163، 270، والبخاري الأرقام 4180 و 4181 و 4891 و 7214 (الفتح) ومسلم 13/ 10 (النووي) والترمذي رقم 3306، وابن ماجه رقم 2875.

(5)

الإمام أحمد 6/ 357 والإمام مالك في الموطأ، 2/ 982 وابن ماجه برقم 2874، وأخرجه أحمد بلفظ " إني لست أصافح النساء " جـ 6/ 454 و 459.

(6)

سورة الأحزاب الآية 21

ص: 75

جـ: إذا كان كبير علماء بوهرة يدعي ما ذكر فدعواه باطلة سواء أراد بما يدعيه من ملك الروح والإيمان أن الأرواح والقلوب بيده يصرفها كيف يشاء، فيهديها إلى الإيمان أو يضلها عن سواء السبيل، فإن ذلك ليس إلى أحد سوى الله تعالى، لقوله سبحانه:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (1)، وقوله:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} (2)، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن تصريف القلوب بهدايتها وإضلالها إلى الله دون سواه، ولما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم:«قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف يشاء (3)» ، ومن دعائه صلى الله عليه وسلم عند فزعه إلى ربه بقوله:«يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (4)» ، أو أراد بملكه الأرواح الإيمان نيابة عن جماعته أن إيمانه يكفي أتباعه أن يؤمنوا وأنهم يثابون بذلك ويؤجرون وينجون من العذاب، وإن أساءوا العمل وارتكبوا الجرائم والمنكرات فإن ذلك مناقض لما جاء في القرآن من قوله تعالى:{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (5)، وقوله:{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (6)، وقوله:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (7){إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} (8){فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ} (9){عَنِ الْمُجْرِمِينَ} (10){مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (11). الآيات، وقوله:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} (12)

(1) سورة الأنعام الآية 125

(2)

سورة الكهف الآية 17

(3)

الإمام أحمد 2/ 168 و 3/ 112 و257 و 4/ 182 و 6/ 91 و 302 و 251 بألفاظ مختلفة، ومسلم 16/ 203 (النووي) والترمذي برقم 2140 و 3522، وابن ماجه برقم 3834.

(4)

الإمام أحمد بألفاظ مختلفة 4/ 182 و 6/ 91 و 251 و 294 و 302 و 315، الترمذي برقم 3140 و 3022 و 3587.

(5)

سورة البقرة الآية 286

(6)

سورة الطور الآية 21

(7)

سورة المدثر الآية 38

(8)

سورة المدثر الآية 39

(9)

سورة المدثر الآية 40

(10)

سورة المدثر الآية 41

(11)

سورة المدثر الآية 42

(12)

سورة النساء الآية 123

ص: 76

{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (1)، وقوله:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (2)، وقوله:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (3)، إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن كل إنسان يجزى بعمله خيرا كان أم شرا، ولما ثبت في الحديث من «أن النبي صلى الله عليه وسلم قام حين أنزل عليه، فقال: يا معشر قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا (5)» .

س: ويدعي أنه المالك الكلي لجميع أملاك الوقف، وأنه غير محاسب على جميع الصدقات، وهو الله على الأرض، كما ادعى ذلك كبير العلماء المتوفى سيدنا طاهر سيف الدين في قضية بالمحكمة العليا في مدينة بومباي، وله القدرة الكاملة على جميع أتباعه.

جـ: ما ذكر في السؤال عن دعوى كبير البوهرة ملكه الكلي لجميع أملاك الوقف، وأنه غير محاسب على جميع الصدقات وأنه هو الله على الأرض كلها دعاوى باطلة، سواء صدرت منه أم من غيره، أما الأولى فلأن أعيان الأوقاف لا تملك وإنما يملك الانتفاع بغلتها وذلك بصرفها إلى الجهات التي جعلت وقفا عليها لا إلى غيرها، فلا يملك كبير البوهرة أعيان - أي أوقاف - ولا يملك شيئا من غلتها إلا غلة ما جعل وقفا عليه إن كان أهلا لذلك.

وأما الثانية: وهي دعوى أنه غير محاسب فلأن كل امرئ محاسب على

(1) سورة النساء الآية 124

(2)

سورة النجم الآية 39

(3)

سورة فاطر الآية 18

(4)

البخاري برقم 4770 (الفتح)، الدارمي 2/ 305.

(5)

سورة الشعراء الآية 214 (4){وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}

ص: 77

جميع أعماله من التصرف في الصدقات وغيرها بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

وأما الثالثة، وهي دعوى أنه الله في الأرض - فكفر صراح ومن ادعى ذلك فهو طاغوت يدعو إلى تأليه نفسه وعبادتها، وبطلان ذلك معلوم من دين الإسلام بالضرورة.

س: ويدعي أنه يحق له أن يعلن البراءة والمقاطعة الاجتماعية ضد الذين يعترضون على مثل هذه الأعمال.

جـ: إن كانت صفة كبير علماء بوهرة على ما تقدم في الأسئلة فلا يجوز له أن يتبرأ ممن يعترضون عليه فيما ارتكبه من أنواع الشرك، بل يجب عليه قبول نصحهم والإقلاع عن تأليه نفسه وعن دعوى اتصافه بما هو من اختصاص الله تعالى من الألوهية وملك الأرواح والقلوب، ودعوة من حوله إلى عبادته وإلى غلوهم في الضراعة والخضوع له ولأفراد أسرته، بل يجب على من اعترضوا على ما يرتكبه من ألوان الكفر أن يتبرأوا منه ومن ضلاله وإضلاله إذا لم يقبل نصحهم، ولم يعتصم بكتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يتبرأوا من أتباعه وكل من كان على شاكلتهم من الطواغيت وعبدة الطواغيت قال الله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} (1)، وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (2)، وقال:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (3)، وقال:{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ} (4){الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} (5) وقال:

(1) سورة آل عمران الآية 103

(2)

سورة الأحزاب الآية 21

(3)

سورة النحل الآية 36

(4)

سورة الزمر الآية 17

(5)

سورة الزمر الآية 18

ص: 78

{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (1) إلى أن قال سبحانه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (2).

س: هل الإسلام يسمح بالاضطهاد الديني؟ - البوهرة مسلمون يؤمنون بجميع تعاليم الإسلام والقرآن المجيد وكلام الله، ويجب على جميع المسلمين أن يؤمنوا بالقرآن. جـ: الإسلام لا يسمح باضطهاد المسلمين الصادقين في إيمانهم واتباعهم لكتاب الله وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، بل يحرم ذلك وقد يعتبره كفرا، إذا كان واقع كبير علماء بوهرة وأتباعه وما وصفت في أسئلتك فهم كفرة لا يؤمنون بأصول الإسلام ولا يهتدون بهدي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يستبعد منهم أن يضطهدوا الصادقين في إيمانهم بالله وكتابه وبرسوله صلى الله عليه وسلم وسنته، كما اضطهد الكفار في كل أمة رسل الله الذين أرسلهم سبحانه إليهم لهدايتهم.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) سورة الممتحنة الآية 4

(2)

سورة الممتحنة الآية 6

ص: 79

من الفتوى رقم 5508

س:. ما قول علماء الإسلام والفقهاء الكرام في حق فرقة الإسماعيلية - الأغاخانية - التي يسكن أفرادها في البلاد المختلفة خصوصا في البلاد الشمالية

ص: 79

من باكستان، نذكر بعض معتقداتهم وأقوالهم التي تدل على عقائدهم هنا.

1 -

الكلمة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن أمير المؤمنين علي الله، هذه كلمتهم مقام كلمة الإسلام كلمة التوحيد والشهادة ويسمونها بالكلمة الإسلامية الحقيقة.

2 -

الإمام: وهو يعتقدون أن أغاخان شاه كريم هو إمامهم وهو مالك كل شيء من الأرض والسماء وما فيهما وما بينهما بالخير والشر ويعتقدون أنه هو الحاكم في العالم بقضه وقضيضه.

3 -

الشريعة: هم لا يرون إتباع الشريعة الإسلامية، بل يعتقدون أن أغاخان هو القرآن الناطق والقرآن الحقيقي الأصلي، وهو الكعبة وهو البيت المعمور وهو المتبوع المتبع ولا يكون شيء سواه يجب اتباعه، وفي كتبهم أن ما ذكر في القرآن الظاهري من لفظ الله مصداقه الإمام أغاخان.

4 -

الصلاة: هم لا يعتقدون وجوب الصلوات الخمس ويقولون بوجوب الدعوات الثلاثة مكانها.

5 -

المسجد: هم يتخذون معبدا آخر مكان المسجد ويسمونه بجماعت خانه.

6 -

الزكاة: هم يجحدون الزكاة الشرعية ويؤدون مكانها من جميع أصناف المال عشرها للأغاخان ويسمون بمال الواجبات - دوشوند.

7 -

الصوم: ينكرون فرضية صوم رمضان.

8 -

لا يقولون بفرضية حج البيت يعتقدون أن الأصل أغاخان هو الحج.

9 -

السلام: لهم تحية مخصوصة مكان السلام عليكم يقولون عند اللقاء: (علي مدد) أي أعانك علي، ويقولون في جوابه:(مولى علي مدد) مكان وعليكم السلام. هذه نبذة من أقوالهم وعقائدهم، فالآن نسأل عن عدة أمور:

1 -

هل هذه الفرقة من فرق الإسلامية أم من فرق الكفرية؟

2 -

هل يجوز أن يصلى على موتاهم صلاة الجنازة؟

3 -

هل يجوز أن يدفنوا في مقابر المسلمين؟

ص: 80

4 -

هل تجوز مناكحتهم؟

5 -

هل تحل ذبيحتهم؟

6 -

هل يعامل معهم معاملة المسلمين؟

نسأل منكم باسم الله العظيم أن تصدروا جواب الاستفتاء وتزيحوا الشبهات عن قلوب المسلمين، لأن هؤلاء الناس يبطنون عقائدهم إلى الآن، ولذا سماهم المتقدمون من المشايخ بالباطنية، والآن هؤلاء أظهروا عقائدهم ويدعون الناس إليها جهرا ابتغاء لإزاغة المسلمين في عقائدهم ولوجوه أخر لا نعلمها.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: أولا: اعتقاد أن الله حل في علي أو غيره كفر محض مخرج من ملة الإسلام، وكذلك اعتقاد أن هناك أحدا يتصرف في السماء والأرض غير الله سبحانه كفر أيضا قال تعالى:{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (1).

ثانيا: من اعتقد أنه هناك أحدا يسعه الخروج من اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر كفرا يخرج من ملة الإسلام وشريعته هي القرآن الذي أوحاه الله إليه، قال تعالى:{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} (2)، ومن الشريعة السنة النبوية التي هي تبيين وتفصيل للقرآن، قال تعالى:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (3).

ثالثا: من أنكر وجحد شيئا من أركان الإسلام أو من واجبات الدين المعلومة بالضرورة، فهو كافر ومارق من دين الإسلام.

رابعا: إذا كان واقع هذه الطائفة هو ما ذكرته في السؤال فلا يجوز

(1) سورة الأعراف الآية 54

(2)

سورة الإسراء الآية 106

(3)

سورة النحل الآية 64

ص: 81

الصلاة على موتى من ذكر ولا دفنهم في مقابر المسلمين، ولا تجوز مناكحتهم ولا تحل ذبيحتهم ولا معاملتهم معاملة المسلمين.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمي والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 82

من الفتوى رقم 3090

س: جماعة معينة في الباكستان تسمى (البريلوية) أو جماعة نواري نسبة إلى رئيسهم الحالي المعروف بنواري حيث طلبت من فضيلتكم الحكم الشرعي بهم وباعتقادهم وبالصلاة خلفهم؛ ليكون ذلك بردا وسلاما على قلوب كثيرة لا تعرف الحقيقة، ومرة ثانية أذكركم ببعض خرافاتهم واعتقاداتهم الشائعة:

1 -

الاعتقاد بأن الرسول عليه الصلاة والسلام حي.

2 -

الاعتقاد بأن الرسول عليه الصلاة والسلام حاضر وناظر خاصة بعد صلاة الجمعة مباشرة.

3 -

الاعتقاد بأن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام الشفيع مسبقا.

4 -

يعتقدون بالأولياء وأصحاب القبور ويصلون عندهم طالبين منهم قضاء الحاجة.

5 -

إشادة القباب وإضاءة القبور.

6 -

قولهم المشهور: يا رسول، يا محمد صلى الله عليه وسلم.

ص: 82

7 -

يسخطون بمن يجهر بالتأمين ويرفع يديه في الصلاة يعتبرونه وهابيا.

8 -

التعجب الشديد عند استعمال السواك عند الصلاة.

9 -

تقبيل الأصابع أثناء الوضوء والأذان وبعد الصلاة.

10 -

يردد إمامهم دائما بعد الصلاة. . الآية: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (1) وبالتالي فإن جميع المأمومين يصلون على النبي بشكل جماعي بصوت عال.

11 -

يتحلقون بعد صلاة الجمعة واقفين وينشدون ويمدحون بصوت مرتفع.

12 -

بعد ختم القرآن الكريم في تراويح شهر رمضان يطهون الطعام الكثير ويوزعونه في صحن المسجد بالإضافة إلى الحلويات.

13 -

يشيدون المساجد ويهتمون بزخرفتها كثيرا ويكتبون فوق المحراب يا محمد.

14 -

يعتبرون أنفسهم هم أصحاب السنة والعقيدة الصحيحة وغيرهم على خطأ.

15 -

ما الحكم الشرعي بالصلاة خلفهم؟

علما بأنني طالب طب في كراتشي وأسكن بجوار المسجد والمسلطة أو المشرفة عليه تلك الجماعة البريلوية.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: من هذه صفاته لا تجوز الصلاة خلفه ولا تصح لو فعلت من عالم بحاله؛ لأن معظمها صفات كفرية وبدعية تناقض التوحيد الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وتعارض صريح القرآن، مثل قوله سبحانه:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (2)، وقوله:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3) وينكر عليهم البدع التي يفعلونها بأسلوب حسن، فإن قبلوا فالحمد لله وإن لم يقبلوا هجرهم وصلى في مساجد أهل السنة وله في

(1) سورة الأحزاب الآية 56

(2)

سورة الزمر الآية 30

(3)

سورة الجن الآية 18

ص: 83

خليل الرحمن أسوة حسنة في قوله: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} (1).

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) سورة مريم الآية 48

ص: 84

فتوى رقم 1800

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

لقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الرسالة التي أرسلها صاحب السمو الملكي نائب وزير الداخلية إلى سماحة الرئيس العام رقم 2 س 5400 وتاريخ 15/ 5 / 1397 هـ واطلعت على ما جاء في النشرتين اللتين مع كتاب سموه من تفاصيل محاورتين مزعومتين: إحداهما جرت بين طالب درزي يدرس في الأزهر وبين من لقبه الدرزي بشيخ مشايخ الأزهر وسماه مصطفى الرافعي، والأخرى جرت بين من نسب في المنشور إلى السنة وسمي فيه: شيخ الحق الحسيني، وبين من قيل إنه أستاذ درزي يدعى: أبا حسن هاني زيدان، وبناء على طلب سموه مطالعة ذلك والإفادة كتبت ما يلي: أولا: نبذة عن مذهب الدروز يتبين منها حقيقة أمرهم.

ثانيا: بيانا مختصرا عما جاء في المحاورتين يتبين به ما فيهما من دخل وتلبيس.

ص: 84

أولا: نبذة عن مذهب الدروز

أصل الدروز فرقة سرية من فرق القرامطة الباطنية يتسمون بالتقية وكتمان أمرهم على من ليس منهم ويلبسون أحيانا لباس التدين والزهد والورع ويظهرون الغيرة الدينية الكاذبة ويتلونون ألوانا عدة من الرفض والتصوف وحب آل البيت، ويزعمون أنهم حملة لواء الإصلاح بين الناس وجمع شملهم ليلبسوا على الناس ويخدعوهم عن دينهم حتى إذا سنحت لهم الفرصة وقويت شوكتهم ووجدوا من الحكام من يواليهم وينصرهم ظهروا على حقيقتهم وأعلنوا عقائدهم وكشفوا عن مقاصدهم وكانوا دعاة شر وفساد ومعاول هدم للديانات والعقائد والأخلاق.

يتبين ذلك لمن تتبع تاريخهم وعرف سيرتهم من يوم وضع عبد الله بن سبأ الحميري اليهودي أصولهم وبذر بذورهم فورثها لاحقهم عن سابقهم وتواصوا بها وأحكموا تطبيقها واستمر ذلك إلى وقتنا الحاضر.

والدروز وإن كانوا فرعا من فروع القرامطة الباطنية لهم مظاهرهم الخاصة من جهة نسبهم ونسبتهم من الهوة والزمن الذي ظهروا فيه والظروف التي ساعدتهم على الظهور. ونذكر فيما يلي مجمل ذلك وأمثلة له وحكم العلماء فيهم:

1 -

ينسب الدروز إلى درزي وهو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الدرزي وقد يروى اسمه بلفظ عبد الله الدرزي ودرزي بن محمد ويقال: إن محمد بن إسماعيل الدرزي هو تشتكين أو هشتكين الدرزي، وقيل ينسبون إلى طيروز إحدى بلاد فارس، ويرى الزبيدي في التاج أن الصواب ضبط الدرزي بفتح الدال نسبة إلى أولاد درزة وهم السفلة والخياطون والحاكة.

ص: 85

2 -

ظهر محمد بن إسماعيل الدرزي أيام الحاكم بأمره أبي علي المنصور بن العزيز أحد ملوك العبيديين الذين حكموا مصر قريبا من مائتي سنة وزعموا أنهم من آل البيت زورا وبهتانا وأنهم من نسل فاطمة رضي الله عنها.

وقد كان محمد بن إسماعيل الدرزي أولا من الفرقة الإسماعيلية الباطنية التي تزعم أنها من أتباع محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، ثم خرج عليهم واتصل بالحاكم العبيدي ووافقه على دعواه الإلهية ودعا الناس إلى عبادته وتوحيده. وادعى أن الإله حل في علي وتدثر ناسوته وأن روح علي انتقلت إلى أولاده واحدا بعد واحد حتى انتقلت إلى الحاكم وقد فوض إليه الحاكم الأمور بمصر ليطيعه الناس في الدعوة ولما انكشف أمره ثار عليه المسلمون بمصر وقتلوا ممن معه جماعة ولما أرادوا قتله هرب واختفى عند الحاكم فأعطاه مالا وأمره أن يخرج إلى الشام لينشر الدعوة هناك فخرج إليه ونزل بوادي تيم الله بن ثعلبة غربي دمشق فدعاهم إلى تأليه الحاكم ونشر فيهم مبادئ الدروز ووزع فيهم المال فاستجابوا له.

وقد قام بالدعوة أيضا إلى تأليه الحاكم رجل آخر فارسي اسمه حمزة بن علي بن أحمد الحاكمي الدرزي من كبار الباطنية فقد اتصل برجال الدعوة السرية من شيعة الحاكم ودعا إلى تأليهه خفية حتى أصبح ركنا من أركانها ثم أعلن ذلك وادعى أنه رسول الحاكم فوافقه على ذلك. ولما توفي الحاكم وتولى ابنه علي الملقب بالظاهر لإعزاز دين الله. وتبرأ من الدعوة إلى تأليه أبيه طوردت الدعوة في مصر ففر حمزة إلى الشام وتبعه بعض من استجاب له واستقر أكثرهم في المقاطعة التي سميت فيما بعد (جبل الدروز) في سورية.

مبادؤهم:

(أ) يقولون بالحلول، فهم يعتقدون أن الله حل في علي رضي الله عنه ثم حل في أولاده بعده واحدا بعد واحد حتى حل في الحاكم العبيدي أبي

ص: 86

علي المنصور ابن العزيز فالإلهية حلت ناسوته ويؤمنون برجعة الحاكم وأنه يغيب ويظهر.

(ب) التقية، فهم لا يبينون حقيقة مذهبهم إلا لمن كان منهم بل لا يفشون سرهم إلا لمن أمنوه ووثقوا به من جماعتهم.

(جـ) عصمة أئمتهم، فهم يرون أن أئمتهم معصومون من الخطأ والذنوب بل ألهوهم وعبدوهم من دون الله كما فعلوا ذلك بالحاكم.

(د) دعواهم علم الباطن، فهم يزعمون أن لنصوص الشريعة معاني باطنة هي المقصودة منها دون ظواهرها وبنوا على هذا إلحادهم في نصوص الشريعة وتحريفهم لأخبارها وأوامرها ونواهيها.

أما إلحادهم في الأخبار فإنهم أنكروا ما لله من صفات الكمال وأنكروا اليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء من جنة ونار واستعاضوا عن ذلك بما يسمى التقمص أو تناسخ الأرواح وهو انتقال روح الإنسان أو الحيوان عند موته إلى بدن إنسان أو حيوان آخر عند بدء خلقه لتعيش فيه منعمة أو معذبة وقالوا دهر دائم وعالم قائم وأرحام تدفع وأرض تبلع وأنكروا الملائكة ورسالة الرسل واتبعوا المتفلسفة المشائين أتباع أرسطو في مبادئه ونظرياته.

وأما إلحادهم في نصوص التكليف من الأوامر والنواهي فإنهم حرفوها عن مواضعها فقالوا الصلاة معرفة أسرارهم لا الصلوات الخمس التي تؤدى كل يوم وليلة، والصيام كتمان أسرارهم لا الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والحج زيارة الشيوخ المقدسين لديهم، واستحلوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واستحلوا نكاح الأمهات والبنات إلى غير ذلك من التلاعب بالنصوص وجحد ما جاء فيها مما علم بالضرورة أنه شريعة لله فرضها على عباده، ولذا قال فيهم أبو حامد الغزالي وغيره: ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض وهم أشبه بأصحاب رسائل إخوان الصفا في عقائدهم وأعمالهم وطريقتهم.

(هـ) يقولون بقول أهل الطبيعة، فيقولون إن الطبائع مولدة للحياة، والموت

ص: 87

ينشأ عن فناء الحرارة الغريزية كانطفاء السراج عند انتهاء الزيت إلا من اعتبط - أي قتل بحادث مثلا.

(و) النفاق في الدعوة والمخادعة فيها: فهم يظهرون التشيع وحب آلذ البيت لمن يدعونه وإذا استجاب لهم دعوه إلى الرفض وأظهروا له معايب الصحابة وقدحوا فيهم، فإذا قبل منهم كشفوا له معايب علي وطعنوا فيه، فإذا قبل منهم ذلك انتقلوا به إلى الطعن في الأنبياء، وقالوا إن لهم بواطن وأسرارا تخالف ما دعوا إليه أممهم، وقالوا إنهم كانوا أذكياء وضعوا لأممهم نواميس شرعية ليحققوا بذلك مصالح وأغراضا دنيوية. . إلخ.

بم يحكم فيهم:

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما يحكم به في الدروز والنصيرية فأجاب بما يأتي:

وهؤلاء الدرزية والنصيرية كفار باتفاق المسلمين لا يحل أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم بل ولا يقرون بالجزية فإنهم مرتدون عن دين الإسلام ليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى، لا يقرون بوجوب الصلوات الخمس ولا وجوب صوم رمضان ووجوب الحج، ولا تحريم ما حرم الله ورسوله من الميتة والخمر وغيرهما وإن أظهروا الشهادتين مع هذه العقائد فهم كفار باتفاق المسلمين، فأما (النصيرية) فهم أتباع أبي شهيب محمد بن نصير. وكان من الغلاة الذين يقولون إن عليا إله وهم ينشدون:

أشهد أن لا إله إلا

حيدرة الأنزع البطين

ولا حجاب عليه إلا

محمد الصادق الأمين

ولا طريق إليه إلا

سلمان ذو القوة المتين

وأما الدرزية فأتباع هشتكين الدرزي وكان من موالي الحاكم يعني العبيدي أحد حكام مصر الباطنية أرسله إلى أهل وادي تيم الله بن ثعلبة

ص: 88

فدعاهم إلى إلاهية الحاكم ويسمونه (الباري الغلام) ويحلفون به، وهم من الإسماعيلية القائلين بأن محمد بن إسماعيل نسخ شريعة محمد بن عبد الله وهم أعظم كفرا من الغالية يقولون بقدم العالم وإنكار المعاد وإنكار واجبات الإسلام ومحرماته وهم من القرامطة الباطنية الذين هم أكفر من اليهود والنصارى ومشركي العرب وغايتهم أن يكونوا فلاسفة على مذهب أرسطو وأمثاله أو مجوسا وقولهم مركب من قول الفلاسفة والمجوس ويظهرون التشيع نفاقا والله أعلم.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا رحمه الله: ردا على نبذ لطوائف من الدروز:

كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين بل هم الكفرة الضالون، فلا يباح أكل طعامهم وتسبى نساؤهم وتؤخذ أموالهم فإنهم زنادقة مرتدون لا تقبل توبتهم بل يقتلون أينما ثقفوا ويلعنون كما وصفوا ولا يجوز استخدامهم للحراسة والبوابة والحفاظ، ويجب قتل علمائهم وصلحائهم لئلا يضلوا غيرهم ويحرم النوم معهم في بيوتهم ورفقتهم والمشي معهم وتشييع جنائزهم إذا علم موتها ويحرم على ولاة أمر المسلمين إضاعة ما أمر الله من إقامة الحدود عليهم بأي شيء يراه المقيم لا المقام عليه والله المستعان وعليه التكلان.

بيان ما في المحاورة الأولى من الكذب والدجل والتلبيس:

1 -

جاء في صدر المحاورة الأولى أنها جرت بين طالب درزي في الأزهر: شيخ شوقي حمادة وإمام الأزهر الشيخ مصطفى الرافعي ثم لقبه بعد بشيخ مشايخ الأزهر.

وهذا فيه خلط وتلبيس وكذب وافتراء، أما الخلط والتلبيس فإن إمام الأزهر هو الذي يصلي بالناس الصلوات الخمس بالجامع الأزهر وقد يخطب خطبة الجمعة فيه وهو في عمله تابع لوزارة الأوقاف، وأما شيخ مشايخ الأزهر فإنه ليس إماما للصلاة فيه ولا خطيبا للجمعة به وإنما هو مسؤول عن التعليم

ص: 89

بالأزهر ومنصبه أعلى ممن يصلي بالناس إماما، وأما الكذب والافتراء فإنه لم يعرف في تاريخ الأزهر في عهد من العهود ولا في يوم من الأيام أن شخصا يقال له مصطفى الرافعي تولى مشيخة الأزهر أو كان شيخا لمشايخ الأزهر فواقع التاريخ أصدق شاهد على كذب هذه الدعوى وأقوى دليل على أن كاتب هذه النشرة ليس على بينة مما يكتب، وأن هذه المحاورة مصطنعة وليس هذا بعجيب فإن الدروز من الباطنية وشأنهم التلبيس والكذب والتقية والشيء من معدنه لا يستغرب.

2 -

ثم قال الدرزي للشيخ مصطفى الرافعي المزعوم ما رأي فضيلتكم بالدروز؟

فقال الشيخ الرافعي: إن الدروز من حيث عاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم مسلمون إنما من حيث الدين فلا نعدهم مسلمين. اهـ.

إن مثل هذا الجواب لا يصدر عن مسلم عرف عقائد الإسلام وأحكامه وعرف عقائد الدروز وأعمالهم وأحوالهم فضلا عن أن يصدر من شيخ مشايخ الأزهر فإن شرائع الإسلام وواقع تاريخ الدروز يشهد بأن الدروز ليسوا بمسلمين لا في ظواهرهم ولا في بواطنهم فإنهم عندما تتاح لهم الفرصة تنكشف حقيقتهم ويعلنون إلحادهم وكفرهم ويعتدون على دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم ويسعون في الأرض فسادا كما حصل في أيام الحاكم العبيدي أحد حكام العبيديين بمصر، أما عندما تحيط بهم الأزمات ويضيق عليهم الخناق فإنهم يلتزمون التقية ويلبسون لباس التدين ويظهرون بمظهر الغيرة والإصلاح نفاقا وزندقة وهذا هو شأنهم مع المسلمين ومع ذلك استنكر الطالب الدرزي جواب من سماه شيخ مشايخ الأزهر.

3 -

وقال ما السبب؟

فقال الشيخ المزعوم: لأنهم يعبدون الحاكم فازداد الطالب الدرزي غضبا وخطأ الشيخ في ذلك بما يتضمن إنكاره لوجود الإله الحق ويدل دلالة صريحة على كفر الدروز وفساد عقائدهم فقال يخطئ من يقول إننا نؤله حاكما وإنما

ص: 90

نحن نعتقد أن لا إله إلا الله وأنه واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

ومن المعلوم في مذهبنا أن الله ليس كمثله شيء فهو لا يدرك ولا يوصف ولا هو جالس ولا واقف ولا ساهر ولا نائم ولا قائم ولا قاعد، إنه منزه عن الأرواح والعدد. ونعتقد أيضا أن الله سبحانه سيتجلى للناس في اليوم الآخر ويبدو لهم ليتم الإيمان به حقا وصدقا يتأنس إليهم ليثبت الحجة عليهم إذ هم يعجزون عن إدراك كيفيته ولا يبلغون بقوة عقولهم ماهيته وإنما الناظر إليه كالناظر إلى وجهه في المرآة، ألا ترى يا فضيلة الإمام الأكبر عندما تنظر في المرآة صورة تماثل صورتك. قال الشيخ نعم قال الطالب الدرزي هذه الصورة منزهة عن جميع الصفات البشرية لا تأكل ولا تشرب ولا تعي ولا ولا. . نحن نعتقد أنك كما تنظر إلى المرآة وترى صورتك البادية المجردة عن جميع الصفات تبدو لنا صورة الله المنزه عن جميع الصفات. اهـ.

إن الواقع التاريخي والعلمي يشهد بأن الدروز يعبدون الحاكم ويؤلهونه وأن الحاكم العبيدي ادعى الألوهية لنفسه. وكان المقربون إليه من بطانته يدعون إلى عبادته وأن الطالب الدرزي كذاب في استنكاره ذلك ثم لبس وخلط في كلامه وأتى بما هو كفر في رده واستنكاره وقال: يخطئ من يقول: إننا نؤله حاكما فنكر حاكما وإنما الكلام في عبادتهم وتأليههم للحاكم العبيدي الذي كان ملكا على مصر ونفى عن الله الصفات كلها وشبهه بالصورة في المرآة فقال: إن الناظر إليه كالناظر إلى صورته في المرآة، وقال: نحن نعتقد يا فضيلة الإمام الأكبر أنك كما تنظر إلى المرآة وترى صورتك البادية المجردة عن جميع الصفات تبدو لنا صورة الله المنزه عن جميع الصفات فجعله بهذا عدما لا وجود له.

قال الشيخ: ما رأيك بالتقمص؟

قال الطالب: نحن نؤمن بالتقمص وهذا مذهب فلسفي قديم سبق ظهور الفاطميين بل سبق الإسلام إذ رافق البشرية من البداية وقال به كثيرون

ص: 91

من غلاة الفلاسفة القدماء وليس الغريب أن يؤمن الدروز بالتقمص بل الغريب العجيب أن ينفي المسلمون التقمص والقرآن الكريم يقره إنزالا. ثم استدل على التقمص بقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (1) وقوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (2) وبما نسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: «ما زلت أنتقل إليكم من أصلاب المؤمنين إلى أرحام المؤمنات إلى يومنا هذا» . . " إلخ لقد أقر الطالب الدرزي بأن الدروز يؤمنون بالتقمص وهو تناسخ الأرواح بمعنى انتقال الروح من حي عند موته إلى بدن آخر عند خلقه، ودائما ومن المعلوم أن الذين يؤمنون بذلك لا يؤمنون بيوم القيامة الذي صرحت به نصوص الكتاب والسنة وأجمعت عليه الأمة ولا يؤمنون بما فيه من حساب وجزاء بجنة أو بنار ويتأولون نصوص القيامة بخروج إمامهم كرجوع الحاكم في نظر الدروز وظهوره بعد اختفائه ويقولون إن الروح إذا صفت بمجانبة الهوى وبالعلم والعبادة عادت إلى وطنها الأصلي وكملت بموتها وتخلصها من أغلال البدن وقيوده وأما الأرواح أو النفوس المنكوسة المعرضة عن طلب رشدها من الأئمة المعصومين فإنها تعذب ببقائها في الأبدان تتناسخ فيها كلما خرجت من جسد عند موته تلقاها آخر واستدلوا على ذلك بما تقدم وبقوله تعالى:{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} (3).

ولا شك أن تأويلهم للقيامة بخروج إمامهم تحريف للكلم عن مواضعه وخروج بالقرآن عن معناه في لغة العرب التي بها نزل ومخالف لصريح آياته ومعارض لنصوص الأخبار المتواترة الصريحة الدالة على البعث والنشور والحساب والجزاء بجنة أو نار.

(1) سورة البقرة الآية 28

(2)

سورة طه الآية 55

(3)

سورة النساء الآية 56

ص: 92

فتأويلهم ذلك ضلال مبين وكفر صريح وقولهم بتقمص الأرواح للأبدان على ما سبق بيانه محض خرص وتخمين لا أساس له من الصحة ولا مستند له من عقل ولا نقل ودعواهم أن القرآن دل على ذلك كذب وافتراء، فإن معنى قوله تعالى:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} (1) الآية، كنتم أمواتا قبل أن يصوركم الله في الأرحام وينفخ فيكم الروح فأحياكم سبحانه بنفخ الروح فيكم ثم يميتكم بقبض أرواحكم عند انتهاء آجالكم في الدنيا ثم يحييكم يوم البعث والنشور للحساب والجزاء، هذا هو معنى الآية الصريح في لغة العرب التي بها نزل القرآن وشرحته السنة الصحيحة وليس فيها دلالة على أن الروح إذا خرجت من إنسان عند موته تحل في بدن آخر ليكون مخلوقا يحيا في هذه الدنيا، وهذا القول في تفسير آية {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (2) فمعناها من الأرض خلقناكم فكنتم أحياء في الدنيا وإلى الأرض تعودون فتقبرون فيها عند موتكم ومنها نخرجكم أحياء عند البعث والنشور وتفسير الآيتين بما زعموه من تناسخ الأرواح تفسير بالهوى وتحريف لها عما لا يدلان عليه في لغة العرب ومخالف لصريح آيات القرآن والأحاديث الصحيحة المتواترة في بيان معناهما ولإجماع أهل العلم والإيمان.

أما الحديث الذي ذكروه فليس في ديوان من دواوين السنة المعروفة ووجود طبقات كافرة في فترات من العصور دليل على كذبه فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنقل في أصلاب آباء مؤمنين وأرحام نساء مؤمنات في كل طبقات أجداده، بل كان بعضهم مؤمنا كإبراهيم وإسماعيل، وبعضهم كان كافرا، فالحديث موضوع مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قوله تعالى:{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} (3) فهو خبر صريح عن أهل النار من الكفار وبيان لاستمرار عذابهم فيها يوم القيامة وليس فيه دلالة من قريب ولا من بعيد على أن الروح إذا خرجت من بدن عند الموت في الدنيا تقمصت بدنا آخر ليكون حبسا وعذابا لها فتفسيرها بذلك تحريف لها عن موضعها وتلاعب بنصوص القرآن.

(1) سورة البقرة الآية 28

(2)

سورة طه الآية 55

(3)

سورة النساء الآية 56

ص: 93

ختم الدرزي المحاورة باعتراف الشيخ الرافعي المزعوم بأن الدروز هم أفضل فرقة إسلامية على الإطلاق ولا شك أن هذا الاعتراف وهمي لأنه من شيخ مصطنع موهوم.

ولو قدر أن شيخا ما حقيقيا ناقش طالبا درزيا هذه المناقشة وجرت بينه وبين الطالب الدرزي هذه المحاورة لما دل ذلك على صدق النتيجة فكم من محق مغلوب على أمره في النقاش والجدل لضعفه في العلم والمناظرة فاستسلامه لا يدل على صحة مذهب مناظره ولا على صدقه فيما ادعاه واعتقده.

بيان ما في المحاورة الثانية من الكذب والدجل والتلبيس:

جاء في النشرة أن محاورة ثانية كانت بين من ادعى أنه عالم سني وأنه يدعى الشيخ الحق الحسيني يقوم بوظيفة رئيس العلوم الشرقية في إحدى الكليات، وبين أستاذ درزي يدعى الشيخ أبا حسن زيدان وهي عبارة عن أسئلة توجه ممن قيل أنه سني إلى درزي فيجيب عنها، وقد جاءت في أسلوب هزيل وتراكيب ضعيفة من جهة اللغة العربية ومعانيها ضحلة مجملة غير محررة وهذا يدل على أنها مصطنعة لم تحصل أو حصلت بين من لا شأن لهما في العلم ولا يعتد بهما في المناظرة ولا يعول على نتائجها وفيما يلي تفصيل الكلام عليها:

قال السني المزعوم: ما هو دينكم؟ فأجاب الدرزي: ديننا هو الإسلام اهـ.

تقدم في س 3 - 4 أنهم ليسوا بمسلمين، وأنهم أكفر من اليهود والنصارى. . إلخ. . وسيأتي في أجوبة الدرزي وشرحه لعقائد الدروز في أركان الإسلام وغيرها ما يؤكد أنهم ليسوا بمسلمين.

س: ما هو مذهبكم؟

جـ: مذهبنا هو التوحيد لله تعالى والإقرار برسالة الرسول وهو أحد مذاهب التقية في الإسلام اهـ.

أقر الدرزي في جوابه عن هذا السؤال (الثاني) بأن مذهب الدروز التقية

ص: 94

وقد صدق فيما أقر به على قومه، ومن المعلوم أن التقية مواربة وخداع ومراوغة ونفاق في العقيدة والقول والعمل، وقد استعملها الدرزي في نفس الجواب فبين أن مذهب الدروز التوحيد لله تعالى والإقرار برسالة الرسول، ولكن إلههم الذي وحدوه وعبدوه هو الحاكم العبيدي ملك مصر. والرسول الذي يقرون به هو رسول الحاكم الذي اختاره داعية لعبادته كحمزة بن علي بن أحمد الفارسي الحاكمي الدرزي الذي لقبه الحاكم الفاطمي برسول الله فهذا الأسلوب في الجواب أوضح تفسير وأصدق تطبيق للتقية لما فيه من المراوغة والنفاق.

س: هل أنتم سنيين أو شيعيين؟

جـ: لا سنية ولا شيعية بل إحدى الفرق التي أشار إليها الرسول بقوله ستنقسم أمتي من بعدي إلى ثلاثة وسبعين فرقة.

أجمل الدرزي في جوابه عن هذا السؤال (الثالث) فنفى أن يكون الدروز سنيين أو شيعيين ولم يكشف عن حقيقة طائفته بل أبهم فقال: هم إحدى الفرق التي أشار إليها الرسول بقوله: " ستنقسم أمتي من بعدي إلى ثلاثة وسبعون فرقة " فجمع بين اللحن في اللغة وتحريف الحديث والتلبيس على السائل فلم يحدد له الجواب ولم يحرره، وكذب في قوله: إنهم ليسوا شيعيين، فإنهم من القرامطة الباطنية الذين هم من أخبث فرق الشيعة الغالية.

س: هل تصلون بأوقات الصلاة؟

جـ: نعم نصلي، لأن الصلاة واجبة على كل مؤمن لأنها تقرب الصلة بين العبد وخالقه.

س: كيف تكون الصلاة؟

جـ: عندما نصلي على الميت فإننا نستقبل القبلة ولكن الصلاة العادية حلقة ذكر، في السؤال الرابع - الخامس إجمال وقصور وكأنه مقصود ليتمكن الدرزي من الإجمال في الجواب أولا ثم من الهرب والتحريف في المراد بالصلاة

ص: 95

ثانيا وقد فعل فقال: نصلي لأن الصلاة واجبة ولأنها تقرب الصلة بين العبد وخالقه، ثم ألحد في المراد بالصلاة ثالثا فقال: عندما نصلي على الميت نستقبل القبلة وألحد أيضا ففسر الصلاة العادية أنها حلقة ذكر وفي ذلك إنكار أن يكون هناك صلوات خمس بالكيفية التي بينها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وتكذيب لزعمه في الجواب عن السؤال الأول بأن دينهم الإسلام.

س: هل تركعون وقت الصلاة؟

جـ: الركوع عندنا نافلة.

س: هل تسجدون وقت الصلاة؟

جـ: نعم نسجد حين السجود، لأنه فريضة واجبة للتقرب إلى الله والتوسل إليه.

في السؤال السادس والسابع إجمال وقصور أيضا، ومع ذلك أنكر الدرزي أن يكون الركوع فرضا وذكر أنه نافلة، أما السجود فاعترف بفرضيته ولكنه أجمل في كيفيته وكأن هناك تواطؤا بين السائل والمجيب أو السائل والمجيب شخص واحد وهذا مما يناقض قوله في الجواب عن السؤال الأول ديننا الإسلام، لأن الصلاة في الإسلام ليست حلقة ذكر وإنما هي خمس صلوات في كل يوم وليلة بالصفة التي عرفت من الدين بالضرورة فهو مفتر بالنص والإجماع.

س: هل تصومون شهر الصيام؟

جـ: إن البعض وخصوصا الشيوخ يصومون، ولكن في عرفنا أن الصوم الظاهري نافلة وأما الصوم الحقيقي فهو صيانة النفس عن المحرمات وهو في هذه الحالة فريضة لازمة مدى الحياة وليس بأوقات معينة، لأننا نعتقد ألا نفع للصوم الظاهري مع مخالفة ما ينهى الله ورسوله عنه. أنكر الدرزي في جوابه عن السؤال (الثامن) فرض صيام رمضان فقال: إن الصوم الظاهري نافلة وفسر الصيام الحقيقي عنده بصيانة النفس عن المحرمات وهذا إنكار لما علم من الدين بالضرورة وتحريف للنصوص يسقط عن المكلفين ما أوجب الله

ص: 96

تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من شعائر الإسلام وهو كفر صريح وردة عن الإسلام بالنص والإجماع ومناقض لدعواه أن دينهم الإسلام.

هل تحجون؟

جـ: إن الحج في عرفنا هو نافلة أيضا لقول الآية الكريمة: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (1) فكلمة (من استطاع) هي عبارة عن فسحة واسعة للذين لم يستطيعوا أداء فريضة الحج.

في الجواب عن السؤال التاسع سلك نفس المسلك فأنكر فريضة الحج كما أنكر فريضة صيام رمضان، فقال: إن الحج في عرفنا نافلة فجحد فرضيته وهذا كفر. لأنه إنكار لما علم من الدين بالضرورة، ثم موه بإيراد آية صريحة في تأكيد وجوب الحج على المستطيع وإنما الفسحة في الآية لغير القادر عليه بنفسه ولا بنائب عنه. وفي هذا أيضا تكذيب لزعمه في جواب السؤال الأول أن دين الدروز هو الإسلام.

س: وهل منكم من حج إلى مكة؟

جـ: نعم كثير منا من زار مكة المكرمة والمدينة المنورة.

في السؤال (العاشر) إجمال وقصور يهيئ للمجيب طريق الهروب ويمهد له سبيل الحيدة، وإذا أتى المسؤول بجواب إجمالي يمكن حمله على رحلة عادية إلى مكة كالرحلة إلى أي بلد للترفيه عن النفس مثلا، فقال: كثير منا من زار مكة والمدينة المنورة، وهذا هو دين القرامطة الباطنية، فإن دأبهم التلبيس واستعمال التقية كما تقدم.

س: كيف تصلون على الميت؟

جـ: إن صلاتنا على الميت هي على السنية هي على الطريقة الشافعية ولكي نكفيكم مؤونة البحث الكثير فإننا نقدم لكم هذا الكتاب الصادر من لدن مشيخة العقل الجليلة التي هي عندنا المرجع الأعلى للمذهب التوحيدي ومن هذا الكتاب تعرفون حقيقة طقوسنا المذهبية في الصلاة على الميت وفي

(1) سورة آل عمران الآية 97

ص: 97

كتابة عقود الزواج وفي الإرث بعد الموت وخلاف ذلك. وعند تصفح السائل الكتاب التفت إلى المسؤول وقال: أنتم حقا مسلمون.

الجواب عن هذا السؤال (الحادي عشر) كذب وتناقض فإنه نفى نفيا عاما في جواب السؤال الثالث أن يكون الدروز من أهل السنة وأثبت هنا أنهم يصلون صلاة الجنازة على مذهب الشافعي والشافعي من أهل السنة فكيف صارت صلاتهم على الجنازة على مذهبه ثم حاد عن إيضاح الجواب وأحال على كتاب مبهم لم يعينه باسمه حتى يرجع إليه الناس ليعرفوا صدقه في دعواه إن صلاتهم على الميت هي على السنة على مذهب الشافعية ثم ذكر الدرزي أن العالم السني المزعوم قال بعد تصفح الكتاب: إنكم حقا مسلمون، وتقدم أن هذا الاعتراف في مثل هذه المحاورة المصطنعة لا حظ له من الاعتبار بل هو مجرد تمويه وتغرير ودعاية كاذبة لمذهب الدروز.

ولو كان مذهب الدروز يوافق الإسلام لأظهره وبين اسم الكتاب حتى يرجع لمعرفة الحقيقة لكنه خاف الفضيحة فأبهم ولم يوضح كما هو دأبه فيما تقدم ودأب قومه نسأل الله العياذ منه.

س: كيف طريقة تقسيم الميراث عندكم؟

جـ: إن طريقة تقسيم الميراث عندنا هي حسب الفريضة الشرعية إذا لم يترك الميت وصية، وأما إذا ترك وصية فيكون الميراث منطوق الوصية، لأن الوصية عندنا فريضة يجب العمل بموجبها وذلك عملا بالآية الكريمة {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (1) ثم عملا بالآية الكريمة {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (2)

س: كيف طريقة الوصية عندكم؟

جـ: إن طريقة الوصية هي أن للإنسان كل الحق أن يوصي بماله لمن يشاء سواء كان قريبا أو بعيدا.

س: إن مذهب السنة يمنع الوصية للوارث فلماذا أنتم توصون له؟

(1) سورة النساء الآية 11

(2)

سورة النساء الآية 12

ص: 98

جـ: نحن نوصي للوارث عملا بالآية الكريمة: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (1) فمن هذه الآية الكريمة يتبين حقا جليا أن الوصية جائزة للوارث ولغير الوارث ونحن على الطريقة سائرون.

ذكر الدرزي في جواب هذه الأسئلة (12، 13، 14) أن الميراث عندهم حسب الفريضة الشرعية ولم يعينها. ثم قيد ذلك بما إذا لم تكن هناك وصية فإن كانت هناك وصية بكل المال لغير وارث أو لوارث ولو على خلاف الفريضة الشرعية كانت العبرة في توزيع بقية التركة بما نصت عليه الوصية. وهذا يخالف نص الشريعة الإسلامية في أنه لا وصية لوارث. وقد أجمع على ذلك المسلمون، وبذلك يعرف كذبه في جوابه عن السؤال الأول بأن دين الدروز هو الإسلام.

ثم آية {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (2). والتي بعدها فيها بيان للفرائض الشرعية للميراث وتفصيل لأنصباء الورثة وأمر من الله بالوقوف عند الحد الذي قدره الله لكل وارث فلم يترك هنا الخيار فيمن نوصي له من هؤلاء المذكورين في الآيتين ولا الخيار في القدر الذي نوصي به لكل منهم بل بين أنواع الورثة ونصيب كل نوع منهم وألزمنا بذلك وبين سبحانه أن تقسيم التركة عليهم إنما يكون بعد قضاء ما على الميت من الديون وبعد تنفيذ ما أوصى به من المال في حدود الثلث لغير وارث كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فاستدلال الدرزي بالآيتين فيه إجمال وتلبيس وخلط في المراد بالوصية في توزيع المواريث والوصية التي تنفذ قبل التوزيع والتقسيم ثم إنه ضرب صفحا عن السنة التي لا بد من اعتبارها في تقييد الوصية وأعرض عن إجماع المسلمين في ذلك وهذا دأب المبطل في استدلاله، إجمال وتمويه وتشبيه على من يناظره ليخدعه عن الحق بتزيين الباطل له، وبهذا يظهر إلحادهم في القرآن وتحريفهم له عن معانيه الصحيحة ومخالفتهم للرسول

(1) سورة البقرة الآية 180

(2)

سورة النساء الآية 11

ص: 99

صلى الله عليه وسلم قولا وعملا، ولإجماع الصحابة ومن بعدهم من أئمة المسلمين إرضاء لأهوائهم وموافقة لمن على شاكلتهم.

س: هل تعددون الزوجات؟

جـ: كلا نحن لا يجوز بمذهبنا تعدد الزوجات عملا بالآية الكريمة: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} (1){وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} (2){فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} (3)(ولن تعدلوا أبدا على النساء وإن حرصتم) وبما أننا نعتقد أنه لا يمكن العدل بين الاثنين فإن المشرع أوجب علينا الاقتران بواحدة.

أنكر الدرزي في جوابه عن هذا السؤال (الخامس عشر) ما علم من الدين بالضرورة جوازه وهو مشروعية تعدد الزوجات وحاول الاستدلال على باطله بما لا دليل له فيه، فاستدل بقول تعالى:{وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} (4) وقوله تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} (5) ومعلوم أن الآيتين في بيان سنة الله الكونية في خلق الأشياء وأن حكمته اقتضت أن يخلق في كل نوع من الأحياء حيوانات ونباتات ذكرا وأنثى وفي كل نوعين متقابلين ليكون التلقيح والنسل وتستقر الحياة وتحقق المنافع والمصالح وليست الآيتان في حكم تعدد الزوجات من قريب ولا من بعيد فالاستدلال بهما على منع تعدد الزوجات إلحاد في القرآن وميل به إلى غير ما قصد به. وأما قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (6) فصريح مع صدر الآية في جواز تعدد الزوجات عند الأمن من الجور في القسمة بينهن في المعيشة والنفقة وهو ممكن مستطاع، وأما قوله تعالى:{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} (7) فالمقصود منه نفي استطاعة العدل في الحب القلبي والميل

(1) سورة النبأ الآية 8

(2)

سورة الذاريات الآية 49

(3)

سورة النساء الآية 3

(4)

سورة النبأ الآية 8

(5)

سورة الذاريات الآية 49

(6)

سورة النساء الآية 3

(7)

سورة النساء الآية 129

ص: 100

النفسي لا نفي استطاعة العدل في المبيت والنفقة وقد بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وشرحه بقوله وعمله فتزوج زوجات وعدل بينهن في المعيشة والنفقة وقال: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك (1)» .

وأجمع الصحابة على جواز تعدد الزوجات عملوا بذلك وهم عرب وبلغتهم نزل القرآن وهم أفهم من الدرزي وأمثاله ممن يتبعون أهواءهم في تفسير كتاب الله مجاراة للنصارى والملحدين وإرضاء للجنس اللطيف في نظرهم.

وقد حرف الدرزي لفظ الآية الرابعة وهي قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} (2) وأدخل فيها ما ليس منها.

س: هل يجوز عندكم الطلاق؟

جـ: نعم يجوز الطلاق لأسباب مشروعة، وأما الذي يطلق لغير سبب مشروع أو غير تراض بينه وبين مطلوقته فعليه أن يقدم لها نصف ما يملك، وأما إذا كانت هي المتسببة في الطلاق من جراء جرم فعلته فعليها دفع نصف ما تملك للزوج.

اعترف الدرزي في جوابه عن هذا السؤال (16) بأن الطلاق جائز لكن لأسباب مشروعة وأبهم هذه الأسباب التزاما بمبدأ التقية في عدم بيان حقيقة مذهب الدروز كما هو دأبهم في حديثهم مع من يخالفه، ثم أضاف إلى ذلك طامة كبرى وتشريعا ما أنزل الله به من سلطان فأوجب على الزوج أن يقدم لزوجته نصف ما يملك إن طلقها بغير سبب مشروع أو عن غير تراض بينهما، وأوجب عليها أن تدفع نصف ما تملك للزوج إن كان طلقها من أجل جرم فعلته وهذا مخالف صراحة لما شرع في الإسلام من حقوق الزوجين عند الطلاق ومناقض لما قاله في جوابه عن السؤال الأول: ديننا الإسلام.

(1) سنن الترمذي النكاح (1140)، سنن النسائي عشرة النساء (3943)، سنن أبو داود النكاح (2134)، سنن ابن ماجه النكاح (1971)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 144)، سنن الدارمي النكاح (2207).

(2)

سورة النساء الآية 129

ص: 101

س: سمعنا أنكم تعتقدون التقمص وعلى أي شيء تبنونه؟

جـ: نعم نعتقد التقمص ونبني هذا الاعتقاد على سببين أحدهما المنقول والثاني المعقول، فأما المنقول قول الآية الكريمة:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (1) فمن هذه الآية الكريمة وبعض آيات غيرها نفسرها طبقا لهذا المعتقد وأما الذي من المعقول فهو لما كان الله تعالى عادل في خلقه فلماذا جعل بينهم هذا التفاوت العظيم من غنى وفقر وسعد ونحس وحسن وقبيح. طالما الناس يخلقون جديدا في هذه الدنيا فمن هذا التفاوت الكبير ومن اعتقادنا الراسخ بأن الله جل جلاله منتهى العدل ومن الآية الكريمة المار ذكرها فإننا نعتقد التقمص.

ذكر الدرزي التقمص في جوابه عن هذا السؤال (17) وأدلته من النقل والعقل في نظر الدروز وقد تقدم بيان معنى التقمص ومناقشة أدلتهم النقلية عليه في الفقرة الرابعة من مناقشة المحاورة الأولى وبيان أن القول به مجرد خرص وتخمين، فإن تفصيل البعث والجزاء يوم القيامة وبيان نوعه وكيفيته من الأمور السمعية التي لا مجال للعقول في تحديدها.

وأما ما استدلوا به عقلا من كمال عدل الله وحكمته وتفاوت الخلق في سلوكهم وأخلاقهم وأعمالهم وأرزاقهم وأن مقتضى عدله تعالى فيهم أنه يجزي كل نفس بما كسبت بأن يخلقهم مرة أخرى في الدنيا ليوفي كل نفس جزاءها وذلك بجعل روح من مات في بدن آخر في الدنيا لتشقى بوجودها فيه فيقال لا دلالة في ما ذكر على خصوص عود روح عند موت صاحبها إلى بدن آخر في الدنيا بل ذلك مجرد تخمين، وإنما دل على تفصيل الجزاء وكيفيته نصوص الكتاب والسنة الصحيحة الصريحة وأن ذلك يكون في يوم آخر بعد انتهاء الدنيا يسمى يوم البعث والنشور ويوم القيامة. وقد يعجل الله بعض الجزاء لبعض عباده في الدنيا كما يشاء لا كما عينه الدروز في التقمص- التناسخ - خاصة.

(1) سورة البقرة الآية 28

ص: 102

س: هل تعتقدون أن عمر وأبا بكر وعثمان هم أحق من علي بالخلافة بعد النبي أم علي أحق منهم؟

جـ: هذا شيء يعلمه الله تعالى، ولكن نحن نعتقد بأن العمر محتوم عملا بالآية:{وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} (1) وحيث إن أبا بكر وعمر وعثمان توفوا في حياة علي فلو ولي علي الخلافة بعد النبي لكان أبا بكر وعمر وعثمان توفوا في حياته ولم يتسن لهم تأدية رسالتهم إلى الأمة لذلك قضت مشيئة الله عز وجل بما قضت حتى يؤدي كل واحد منهم رسالته في حينها خدمة للأمة بتقدير من الله عز وجل.

حاد الدرزي عن الجواب على هذا السؤال (18) فقال (الله أعلم) ولزم التقية كما هو دأبه ودأب قومه في إخفاء حقيقة مذهبهم على من ليس منهم ثم فلسف تأخير خلافة علي عن الثلاثة الخلفاء فلسفة ملتوية فذكر أن الله علم أن الثلاثة سيموتون قبل علي فجعل خلافتهم قبل خلافته ليؤدي كل منهم رسالته خدمة للأمة ولو تولى علي الخلافة قبلهم لم يتسن لهم أن يتولوها لوفاتهم قبله فاقتضت مشيئة الله أن يكون واقع الخلافة كونا على الترتيب المعروف وفي هذه الفلسفة حيدة عن الجواب عما سئل عنه من الحكم الشرعي إلى بيان ما زعمته حكمة للترتيب الكوني مع ذلك فجوابه مناقض لعقيدتهم في الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم فإنهم يسبون الثلاثة ويؤلهون عليا فالجواب كله حيدة ومواربة وتطبيق لمبدأ التقية، ويفهم من كلامه أن تولي الخلفاء الثلاثة الخلافة قبل علي لم يكن لفضلهم عليه وإنما كان لأمر كوني اقتضته مشيئة الله وهذا خلاف ما أجمع عليه أهل السنة.

س: هل تفضلون أبا بكر وعمر وعثمان وعلي حسب ترتيبهم في الخلافة؟

جـ: نعم ولكن في ذات الوقت لا نفضلهم في المنزلة على أحد بل نعتقد أن عليا أعلى منهم وذلك عملا بكلام الرسول حيث قال في حجة الوداع

(1) سورة المنافقون الآية 11

ص: 103

يوم الخطبة: «من كنت أنا مولاه فعلى مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه (1)» .

تناقض الدرزي في جوابه عن هذا السؤال (19) وغمط الخلفاء الثلاثة الراشدين أبا بكر وعمر وعثمان حقهم في الفضل فقال: نعم، أي نفضل الخلفاء الأربعة حسب ترتيبهم في الخلافة، ثم قال: لا نفضلهم في المنزلة على أحد وهذا صريح في أنهم لا يفضلونهم على أحد من الخلق عامة. ثم أخبر بأن عليا أعلى منهم رضي الله عنهم أجمعين مع أنه ثبت في الأحاديث الصحيحة أن عليا أخبر أن أبا بكر وعمر أفضل منه رضي الله عنهم ومع إجماع الأمة على أن أبا بكر وعمر أفضل منه والجمهور على تفضيل عثمان عليه رضي الله عنهم، ثم استدل لأفضليته عليهم بحديث «من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (2)» الحديث.

فقد أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية بما يأتي:

وأما قوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه (3)» . . . إلخ فهذا ليس في شيء من الأمهات إلا في الترمذي، وليس فيه إلا:«من كنت مولاه فعلي مولاه (4)» أما الزيادة فليست في الحديث. وسئل عنها الإمام أحمد فقال: زيادة (كوفية، ولا ريب أنها كذب لوجوه: " أحدها " أن الحق لا يدور مع معين إلا النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لو كان كذلك لوجب اتباعه في كل ما قال) ومعلوم أن عليا ينازعه الصحابة وأتباعه في مسائل، وجد فيها النص يوافق من نازعه كالمتوفى عنها زوجها وهي حامل.

وقوله: " اللهم انصر من نصره " إلخ خلاف الواقع قاتل معه أقوام يوم (صفين) فما انتصروا، وأقوام لم يقاتلوا فما خذلوا (كسعد) الذي فتح العراق لم يقاتل معه وكذلك أصحاب معاوية وبني أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيرا من بلاد الكفار ونصرهم الله.

وكذلك قوله: " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " مخالف لأصل الإسلام فإن القرآن قد بين أن المؤمنين إخوة مع قتالهم وبغي بعضهم على

(1) سنن الترمذي المناقب (3713)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 119).

(2)

سنن ابن ماجه المقدمة (116)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 281).

(3)

سنن الترمذي المناقب (3713)، سنن ابن ماجه المقدمة (121)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 118).

(4)

سنن الترمذي المناقب (3713)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 368).

ص: 104

بعض، وقوله:" من كنت مولاه فعلي مولاه " فمن أهل الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره، ومنهم من حسنه، فإن كان قاله فلم يرد به ولاية مختصا بها بل ولاية مشتركة وهي ولاية الإيمان التي للمؤمنين والموالاة ضد المعاداة. ولا ريب أنه يجب موالاة المؤمنين على سواهم ففيه رد على النواصب. اهـ.

س: يتضح مما تقدم أن كل شيء عندكم من الاعتقاد تبنونه إما على آية كريمة أو على حديث شريف؟

جـ: نحن لا نعمل بالرأي أو القياس ولكن بما أمرنا به.

لا عبرة بما جاء في هذا السؤال (20) وجوابه من الاعتراف بأن الدروز يبنون عقيدتهم إما على آية أو حديث لما تقدم من أن المناظرة مصطنعة وعلى تقدير أن لها واقعا فليس كل مناظر من المسلمين يمثل أهل السنة ودعوى الدرزي أن الدروز لا يعملون بالرأي ولا بالقياس دعوى يكذبها الواقع بشهادته بإلحادهم وعملهم بالهوى وفيها مواربة وتقية حيث قال: ولكن نعمل بما أمرنا به، فبنى الفعل للمجهول حتى يتم له التلبيس فيمن يكون منه الأمر أهو الحاكم بأمره وسائر الأئمة المعصومين بزعمهم أم غيرهم ولا غرابة فالتقية شعارهم وهم لا يألون جهدا في استعمالها.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 105

من الفتوى رقم 893

س:

(أ) مات رجل وأوصى أن يدفن في تابوت فما الحكم؟

(ب) مات أحد المسلمين وكان عضوا في الجماعة الماسونية، وأقيمت عليه

ص: 105

صلاة الجنازة ثم أقيمت شعائر الماسونية بعد ذلك. فما حكم الإسلام في هذا الميت وفيمن أقاموا أو سمحوا بإقامة هذه الشعائر؟

(جـ) ما هي الماسونية وما حكم الإسلام فيها؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:

جـ:

(أ) لم يعرف وضع الميت في تابوت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم وخير للمسلمين أن يسيروا على نهجهم، ولذا كره وضع الميت في تابوت سواء كانت الأرض صلبة أم رخوة أم ندية، وإذا أوصى بوضعه في تابوت لم تنفذ وصيته وأجاز ذلك الشافعية إذا كانت الأرض رخوة أو ندية ولا تنفذ وصيته عندهم إلا في مثل هذه الحالة.

(ب)(ج) الماسونية هي جمعية سرية سياسية تهدف إلى القضاء على الأديان والأخلاق الفاضلة وإحلال القوانين الوضعية والنظم غير الدينية محلها وتسعى جهدها في إحداث انقلابات مستمرة وإحلال سلطة مكان أخرى بدعوى حرية الفكر والرأي والعقيدة. ويؤيد ذلك ما أعلنه الماسوني. . في مؤتمر الطلاب الذي انعقد في 1865 م في مدينة لييج التي تعتبر أحد المراكز الماسونية من قوله: يجب أن يتغلب الإنسان على الإله، وأن يعلن الحرب عليه، وأن يخرق السماوات ويمزقها كالأوراق، ويؤيده ما ذكر في المحفل الماسوني الأكبر سنة 1922 م صفحة 98 ونصه: سوف نقوي حرية الضمير في الأفراد بكل ما أوتينا من طاقة، وسوف نعلنها حربا شعواء على العدو الحقيقي للبشرية الذي هو الدين. ويؤيده أيضا قول الماسونيين: إن الماسونية تتخذ من النفس الإنسانية معبودا لها، وقولهم: إنا لا نكتفي بالانتصار على المتدينين ومعابدهم، إنما غايتنا الأساسية إبادتهم من الوجود. مضابط المؤتمر الماسوني العالمي سنة 1903 م صفحة 102، وقولهم: ستحل الماسونية محل الأديان، وأن محافلها ستحل محل المعابد. . إلى غير هذا مما فيه شدة

ص: 106

عداوتهم للأديان وحربهم لها حربا شعواء لا هوادة فيها. والجمعيات الماسونية من أقدم الجمعيات السرية التي لا تزال قائمة ولا يزال منشؤها غامضا وغايتها غامضة على كثير من الناس بل لا تزال غامضة على كثير من أعضائها. لإحكام رؤسائها ما بيتوا من مكر سيئ وخداع دفين ولشدة حرصهم على كتمان ما أبرموه من تخطيط، وما قصدوا إليه من نتائج وغايات، ولذا يدبر أكثر أمورها شفويا. وإن أريد كتابة فكرة أو إذاعتها عرضت قبل ذلك على الرقابة الماسونية لتقرها أو تمنعها. وقد وضعت أسس الماسونية على نظريات فأخذت من مصادر عدة، أكثرها التقاليد اليهودية. ويؤيد ذلك أن النظم والتعاليم اليهودية هي التي اتخذت أساسا لإنشاء المحفل الأكبر سنة 1717 م ولوضع رسومه ورموزه وأن الماسونيين لا يزالون يقدسون حيرام اليهودي، ويقدسون الهيكل والمعبد الذي شيده حتى اتخذوا منه نماذج للمحافل الماسونية في العالم، وأن كبار الأساتذة من اليهود لا يزالون العمود الفقري للماسونية، وهم الذين يمثلون الجمعيات اليهودية في المحافل الماسونية وإليهم يرجع انتشار الماسونية والتعاون بين الماسونيين في العالم، وهم القوة الكامنة وراء الماسونية وإلى خواصهم تسند قيادة خلاياها السرية يدبرون أمرها ويرسمون الخطط لها ويوجهونها سرا كما يشاءون، ويؤيد ذلك ما جاء في مجلة أكاسيا الماسونية سنة 1908 م عدد 66 من أنه لا يوجد محفل ماسوني خال من اليهود وأن جميع اليهود لا تحتضن المذاهب بل هنالك المبادئ فقط وكذلك الحال عند الماسونية، ولهذه العلة تعتبر المعابد اليهودية خليفتنا، ولذا نجد بين الماسونيين عددا كبير من اليهود. اهـ.

ويؤيد أيضا ما ذكر في سجلات الماسونية من قولهم: لقد تيقن اليهود أن خير وسيلة لهدم الأديان هي الماسونية، وأن تاريخ الماسونية يشابه تاريخ اليهود في الاعتقاد. . وأن شعارهم هو نجمة داود المسدسة، ويعتبر اليهود والماسونيون أنفسهم معا الأبناء الروحيين لبناة هيكل سليمان، وأن الماسونية

ص: 107

التي تزيف الأديان الأخرى تفتح الباب على مصراعيه لإعلاء اليهودية وأنصارها، وقد استفاد اليهود من بساطة الشعوب وحسن نيتها، فدخلوا في الماسونية واحتلوا فيها المراكز الممتازة، وبذلك نفثوا الروح اليهودية في المحافل الماسونية وسخروها لأغراضهم اهـ. وما يدل على شدة حرصهم على سريتها وبذلهم الجهد في كتمان ما يخططون لهدم الأديان، وتبييتهم المكر السيئ لإحداث الانقلابات السياسية ما جاء في بروتوكولات حكماء صهيون من قولهم، وسوف نركز هذه الخلايا تحت قيادة واحدة معروفة لنا وحدنا، وستتألف هذه القيادة من علمائنا وسيكون لهذه الخلايا ممثلوها الخصوصيون، كي تحجب المكان الذي تقيم فيه قيادتنا حقيقة، وسيكون لهذه القيادة وحدها الحق في تعيين من يتكلم، وفي رسم نظام اليوم، وفي هذه الخلايا سنضع الحبائل والمصائد لكل الاشتراكيين وطبقات المجتمع الثورية، وإن معظم الخطط السياسية السرية معروفة لنا وسنهديها إلى تنفيذها حالما تتشكل، ولكن الوكلاء في البوليس الدولي السري تقريبا سيكونون أعضاء في هذه الخلايا. . وحينما تبدأ المؤامرات خلال العالم فإن بدأها يعني أن واحدا من أشد وكلائنا إخلاصا يقوم على رأس هذه المؤامرات وليس إلا طبيعيا أننا كنا الشعب الوحيد الذي يوجه المشروعات الماسونية ونحن الشعب الوحيد الذي يعرف أن يوجهها ونعرف الهدف الأخير لكل عمل على حين أن الأمميين - أي غير اليهود - جاهلون بمعظم الأشياء الخاصة بالماسونية، ولا يستطيعون حتى رؤية النتائج العاجلة لما هم فاعلون. إلى غير ذلك مما يدل على قوة الصلة بين اليهودية والماسونية، ومزيد التعاون بين الطائفتين في المؤامرات الثورية وإحداث الحركات الهدامة، وعلى أن الماسونية في ظاهرها دعوة إلى الحرية في العقيدة والتسامح في الرأي، والإصلاح العام للمجتمعات، ولكنها في حقيقتها ودخيلة أمرها دعوة إلى الإباحية والانحلال وعوامل هرج ومرج وتفكك في المجتمعات، وانفصام لعرى الأمم ومعاول هدم وتقويض لصرح الشرائع ومكارم الأخلاق وإفساد وتخريب العمران. وعلى هذا فمن كان من المسلمين عضوا في جماعة الماسونية وهو على بينة من أمرها، ومعرفة بحقيقتها

ص: 108

ودفين أسرارها أو أقام مراسمها وعني بشعائرها كذلك فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل وإن مات على ذلك فجزاؤه جزاء الكافرين، ومن انتسب إلى الماسونية وكان عضوا في جماعتها وهو لا يدري عن حقيقتها ولا يعلم ما قامت عليه من كيد للإسلام والمسلمين وتبييت الشر لكل من يسعى لجمع الشمل وإصلاح الأمم، وشاركهم في الدعوة العامة، والكلمات المعسولة التي لا تتنافى حسب ظاهرها مع الإسلام فليس بكافر، بل هو معذور في الجملة لخفاء واقعهم عليه، ولأنه لم يشاركهم في أصول عقائدهم ولا في مقاصدهم ورسم الطريق لما يصل بهم إلى غاياتهم الممقوتة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (1)» الحديث لكن يجب عليه أن يتبرأ منهم إذا تبين له أمرهم ويكشف للناس عن حقيقتهم ويبذل جهده في نشر أسرارهم وما بيتوا للمسلمين من كيد وبلاء ليكون ذلك فضيحة لهم ولتحبط به أعمالهم. وينبغي للمسلم أن يحتاط لنفسه في اختيار من يتعاون، معه في شئون دينه ودنياه وأن يكون بعيد النظر في اصطفاء الأخلاء والأصدقاء حتى يسلم من مغبة الدعايات الخلابة وسوء عاقبة الكلمات المعسولة ولا يقع في حبائل أهل الشرك ولا في شباكهم التي نصبوها للأغرار وأرباب الهوى وضعاف العقول.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

عبد الله بن منيع

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

(1) صحيح البخاري بدء الوحي (1)، صحيح مسلم الإمارة (1907)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1647)، سنن النسائي الطهارة (75)، سنن أبو داود الطلاق (2201)، سنن ابن ماجه الزهد (4227)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 43).

ص: 109

من الفتوى رقم 5235

س: الأنصار - أنصار الإمام المهدي - المنتشرة في غرب السودان والتي يدين بطريقته الملايين من عوام الناس يقول المهدي في منشوراته، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمام جيشي ويبشرني بالنصر. ما رأيكم في هذه الخرافات والدجل نرجوكم الرد؟

ص: 109

الحمد الله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: أولا: دعوى هذا الرجل أنه المهدي وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمام جيشه ويبشره بالنصر كذب وزور ومخالفة لشرع الله ولواقع الأمر المتفق عليه بين أهل الملة الإسلامية، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره إلا يوم البعث لقول الله سبحانه:{ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (1){ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (2) وقوله سبحانه: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (3){ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} (4). وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة (5)» .

ثانيا: سبق أن كتب في المهدي المنتظر عدة كتابات من أجمعها وأقربها للصواب ما كتبه فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد نائب رئيس الجامعة الإسلامية سابقا.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) سورة المؤمنون الآية 15

(2)

سورة المؤمنون الآية 16

(3)

سورة الزمر الآية 30

(4)

سورة الزمر الآية 31

(5)

مسند أحمد بن حنبل (1/ 5).

ص: 110

من الفتوى رقم 948

س: اختلف علماؤنا في البدعة فقال بعضهم: البدعة منها ما هو حسن ومنها ما هو قبيح فهل هذا صحيح؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:

جـ: البدعة هي كل ما أحدث على غير مثال سابق، ثم منها ما يتعلق بالمعاملات وشؤون الدنيا كاختراع آلات النقل من طائرات وسيارات وقاطرات وأجهزة الكهرباء وأدوات الطهي والمكيفات التي تستعمل للتدفئة

ص: 110

والتبريد وآلات الحرب من قنابل وغواصات ودبابات إلى غير ذلك مما يرجع إلى مصالح العباد في دنياهم فهذه في نفسها لا حرج فيها ولا إثم في اختراعها، أما بالنسبة للمقصد من اختراعها، وما تستعمل فيه فإن قصد بها خير واستعين بها فيه فهي خير، وإن قصد بها شر من تخريب وتدمير وإفساد في الأرض واستعين بها في ذلك فهي شر وبلاء، وقد تكون البدعة في الدين عقيدة أو عبادة قولية أو فعلية كبدعة نفي القدر وبناء المساجد على القبور وإقامة القباب على القبور وقراءة القرآن عندها للأموات والاحتفال بالموالد إحياء لذكرى الصالحين والوجهاء والاستغاثة بغير الله والطواف حول المزارات فهذه وأمثالها كلها ضلال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (1)» لكن منها ما هو شرك أكبر يخرج من الإسلام كالاستغاثة بغير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية والذبح والنذر لغير الله إلى أمثال ذلك مما هو عبادة مختصة بالله، ومنها ما هو ذريعة إلى الشرك كالتوسل إلى الله بجاه الصالحين والحلف بغير الله وقول الشخص ما شاء الله وشئت، ولا تنقسم البدع في العبادات إلى الأحكام الخمسة كما زعم بعض الناس لعموم حديث:«كل بدعة ضلالة (2)» .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) سنن الترمذي العلم (2676)، سنن ابن ماجه المقدمة (42)، سنن الدارمي المقدمة (95).

(2)

صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

ص: 111

من الفتوى رقم 2467

س: قدمت إليك الحديث الآتي ذكره فقد أشكل علي ووقع الاختلاف بين الطلبة فيه ثم عرضته عليك لتشرحه لي مكتوبا لأطالع فيه ويطالع كل طالب مثلي ويزيل الوهم في قلوبنا وهذا هو:

ص: 111

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى. ويقول " أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " ثم يقول: " وأنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي (1)» رواه مسلم، ورد هذا الحديث بلفظ كل بدعة ضلالة وأنا ضد البدعة وجاهد معها بسيف السنة الصحيحة عرضت لك هذا الحديث لتشرح لي وتبين ماهية البدعة لغة واصطلاحا حتى لا أنكر شيئا ليس منها. وقد شرح بعض الفقهاء قالوا: إن البدعة على الأحكام الخمسة فهل لهم دليل على ذلك التقسيم فقالوا منها واجبة ومباحة ومكروهة ومندوبة ومحرمة. أطلب من سماحتكم شرح ذلك واضحا ففد وقع بين الطلبة اختلاف في كلمة كل بدعة ضلالة، قالوا لأن لفظ " كل " يقتضي الحصر إلا إذا أتى بعدها استثناء، وأيضا روى أبو داود والترمذي بحديث طويل اختصرت بعضه فقالا:«فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار (2)» . رويا بلفظ إن كل محدثة بدعة إلى آخره، أرجو منك يا سماحة الشيخ حل هذه المشكلة التي انبهمت عني ولا يحلها لي غيرك.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصبحه. . وبعد:

جـ: أولا: هذه الشريعة كاملة من عند الله فليست بحاجة إلى تكميل من البشر، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (3). .

ثانيا: الأصل في باب العبادات التوقيف فمن قال إن هذه العبادة

(1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

(2)

سنن الترمذي العلم (2676)، سنن أبو داود السنة (4607)، سنن ابن ماجه المقدمة (42)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 126)، سنن الدارمي المقدمة (95).

(3)

سورة المائدة الآية 3

ص: 112

مشروعة فعليه أن يأتي بالدليل الشرعي الدال على مشروعيتها وإلا فهي مردودة، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» وفي رواية «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» .

ثالثا: معنى البدعة لغة واصطلاحا أما معناها اللغوي فهو: ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال سابق، وأما معناها الاصطلاحي فهو: إحداث عبادة قولية أو فعلية أو عقدية لم يشرعها الله سبحانه وتعالى والبدع كلها ضلالة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعا: أما تقسيم البدعة في الدين إلى خمسة أقسام فلا نعلم له أصلا في الشرع.

وننصحك بالرجوع إلى " كتاب الاعتصام " للشاطبي فقد تكلم فيه عن البدع بما لا تكاد تجده مجموعا في غيره، وكذلك " كتاب السنن والمبتدعات " و" كتاب الإبداع في مضار الابتداع "، " وتنبيه الغافلين " للنحاس و" زاد المعاد " للعلامة ابن القيم و" اقتضاء الصراط المستقيم " لشيخ الإسلام ابن تيمية.

خامسا: أما لفظ " كل " فليس من ألفاظ الحصر بالمعنى الاصطلاحي بل هو من ألفاظ العموم كما هو مقرر في علم الأصول.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).

(2)

صحيح مسلم الأقضية (1718)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 180).

ص: 113

من الفتوى رقم 2577

س: أطلب شرح الحديث مفصلا والحديث: «كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار (1)» .

نرجو شرحا وافيا لمعنى مفهوم هذه العبارة وما يتعلق بها من محدثات اليوم

(1) سنن أبو داود السنة (4607)، سنن الدارمي المقدمة (95).

ص: 113

مثل الطائرات ومكبرات الصوت وجميع المحدثات التي هي محدثة وبدعة ولكننا نستعملها وهل القرآن الشريف طبعه وكتابته يمكن أن تكون بدعة أو محدثة؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. وبعد:

جـ: أولا قسم العلماء البدعة إلى بدعة دينية وبدعة دنيوية، فالبدعة في الدين هي: إحداث عبادة لم يشرعها الله سبحانه وتعالى وهي التي تراد في الحديث الذي ذكر وما في معناه من الأحاديث.

وأما الدنيوية: فما غلب فيها جانب المصلحة على جانب المفسدة فهي جائزة وإلا فهي ممنوعة ومن أمثلة ذلك ما أحدث من أنواع السلاح والمراكب ونحو ذلك.

ثانيا: الطائرات ومكبرات الصوت ونحو ذلك من الأمور العادية الدنيوية المبتدعة وليس فيها محذور شرعي فاستعمالها لا محذور فيه إذا لم يكن في ذلك ظلم لأحد ولا نصر لبدعة أو منكر وليست داخلة في الأحاديث المحذرة من البدع.

ثالثا: طبع القرآن وكتابته من وسائل حفظه وتعلمه وتعليمه والوسائل لها حكم الغايات فيكون ذلك مشروعا وليس من البدع المنهي عنها، لأن الله سبحانه ضمن حفظ القرآن الكريم وهذا من وسائل حفظه.

رابعا: ننصحك بالرجوع إلى " كتاب تنبيه الغافلين " للنحاس و" الاعتصام " للشاطبي و" السنن والمبتدعات " و" الإبداع في مضار الابتداع ".

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 114