الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إبراهيم بن الحسين السملالي ت 1378 هـ.
(د)
إن أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة مشتقة وغير جامدة
كما بين ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد واحتج له، وبين أن المراد بالاشتقاق هو أن الاسم دال على صفة لله تعالى وليس علما محضا كما يزعم المعتزلة (1)، وقال في نونيته:
أسماؤه أوصاف مدح كلها
…
مشتقة قد حملت لمعان
وعليه فإن المحسن مشتق من أحسن يحسن إحسانا، ومعناه أن الإحسان وصف لازم له لا يخلو موجود من إحسانه طرفة عين فلا بد لكل مكون من إحسانه إليه بنعمة الإيجاد ونعمة الإمداد.
والله -جل وعلا- يحب من خلقه أن يتقربوا إليه بمقتضى معاني أسمائه، فهو الرحمن يحب الرحماء، وهو الكريم يحب الكرماء، وهو المحسن يحب المحسنين.
قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (2) البقرة / 195.
وقال تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (3) القصص / 77.
وقال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (4) الرحمن / 60.
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (5) النحل / 128.
والإحسان من العبد هو أعلى مقامات الدين وأرفعها كما جاء ذلك في حديث جبريل المشهور، وفسر الإحسان في الحديث بأن يعبد العبد ربه كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله -جل وعلا- يراه لا يخفى عليه منه شيء.
(1) بدائع الفوائد (1/ 22).
(2)
سورة البقرة الآية 195
(3)
سورة القصص الآية 77
(4)
سورة الرحمن الآية 60
(5)
سورة النحل الآية 128
(هـ) وأختم هذه النقاط بذكر
ثلاث فوائد مهمة:
الأولى: إن أسماء الله غير محصورة في عدد معين، وعليه فإن جمع بعض أهل العلم لتسعة وتسعين اسما من أسماء الله الحسنى المذكورة في الكتاب والسنة لا يعني أنهم يرون حصرها في تلك الأسماء التي ذكروها، وإنما
مرادهم تقريب هذه الأسماء إلى الراغبين في حفظها وفهمها والعمل بما تقتضيه، حيث قال صلى الله عليه وسلم:«إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة (1)» ز
الثانية: إن أسماء الله الحسنى المذكورة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين اسما كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (2).
وعليه: فإن من جمع من أهل العلم تسعة وتسعين اسما من أسماء الله وجمع غيره أسماء أخرى، فوافقه الأول في بعضها وخالفه في بعض لا يعني ذلك أن ما اختلفا فيه بعضه ليس من أسماء الله لتجاوز ذلك التسعة والتسعين، بل قد يكون ما جمعاه كله من أسماء الله وإن جاوز التسعة والتسعين، وعلى كل فالعبرة في صحة ذلك الاسم أو عدمها قيام الدليل عليه من الكتاب والسنة.
الثالثة: أسماء الله توقيفية كما نص على ذلك جمع من أهل العلم وهو الحق والصواب ولا ريب في ذلك لأن الله بالنسبة لنا غيب لم نره فلا سبيل لنا أن نسميه بغير ما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم ولأن تسميته بغير ذلك قول عليه بغير علم وهذا من أعظم المحرمات قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (3) إلى قوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (4) الأعراف / 33. ولأن تسميته بغير ما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم أحد أنواع الإلحاد في أسماء الله، وقد توعد الله الملحدين في أسمائه بقوله: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (5) الأعراف. الآية: 180.
هذا ما أردت جمعه في هذا الموضوع، وأسأل الله أن أكون قد وفقت إلى الصواب، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) أخرجه البخاري (8/ 169) ومسلم (2/ 3062) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
الفتاوى (22/ 482).
(3)
سورة الأعراف الآية 33
(4)
سورة الأعراف الآية 33
(5)
سورة الأعراف الآية 180