الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س: بعض الناس يحاولون
النيل من شباب الصحوة، بحجة أن فيهم تطرفا وتزمتا
، فما تعليق سماحتكم على ذلك؟
جـ: الواجب تشجيع الشباب على الخير. وشكرهم على نشاطهم في الخير، مع توجيههم إلى الرفق والحكمة. وعدم العجلة في الأمور لأن الشباب وغير الشباب يكون عندهم زيادة غيرة، فيقعون فيما لا ينبغي فالواجب توجيه الشيخ والشاب إلى أن يتثبت في الأمور وأن يتحرى الحق في كل أعماله حتى تقع الأمور منه في موقعها، وقد رأى رجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعض المنكرات، فحملته الغيرة لله على أن قال لصاحب المنكر: والله لا يغفر الله لك، فقال الله عز وجل:«من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان إني قد غفرت له وأحبطت عملك (1)» رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وما ذلك إلا لأنه تجاوز الحد الشرعي بجزمه بأن الله لا يغفر لصاحب هذا المنكر، وذلك يوجب على المؤمن التثبت والحذر من خطر اللسان وشدة الغيرة.
والمقصود أن الشاب والشيخ وغيرهما كلهم عليهم واجب إنكار المنكر. لكن بالرفق والحكمة والتقيد بنصوص الشرع. فلا يزيدون على الحد الشرعي. فيكونون غلاة كالخوارج والمعتزلة، ومن سلك سبيلهم، فيكونون جفاة متساهلين بأمر الله. ولكن يتحرون الوسط في كلامهم وإنكارهم. وتحريهم للأسباب التي تجعل قولهم مقبولا ومؤثرا. ويبتعدون عن الوسائل التي قد تنفر من قبول قولهم، ولا ينتفع بهم المجتمع، لقول الله عز وجل:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (2) الآية.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه (3)» . . وقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به، اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه (4)» رواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها.
(1) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2621).
(2)
سورة آل عمران الآية 159
(3)
صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2594)، سنن أبو داود الأدب (4808)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 125).
(4)
صحيح مسلم الإمارة (1828)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 258).
س: إن هداية الناس ثمرة لانتشار العلم الشرعي بين الناس، ولكن من الملاحظ أن الباطل أكثر انتشارا عبر الصحافة، وكافة وسائل الإعلام ومناهج التدريس، فما موقف الدعاة والعلماء من هذا؟
جـ: هذه واقعة منتشرة في الزمان كله، وحكمة أرادها الله سبحانه كما قال تعالى:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (1)، ويقول سبحانه:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (2).
لكن هذا يختلف: ففي بلاد يكثر، وفى بلاد يقل، وفي قبيلة يكثر، وفي قبيلة يقل، وأما بالنسبة إلى الدنيا فأكثر الخلق على غير الهدى. ولكن هذا يتفاوت بالنسبة إلى بعض الدول، وبعض البلاد، وبعض القرى، وبعض القبائل. فالواجب على أهل العلم أن ينشطوا، وألا يكون أهل الباطل أنشط منهم. بل يجب أن يكونوا أنشط من أهل الباطل، في إظهار الحق والدعوة إليه. أينما كانوا: في الطريق وفي السيارة، وفي الطائرة وفي المركبة الفضائية، وفي بيته وفى أي مكان. عليهم أن ينكروا المنكر بالتي هي أحسن. ويعلموا بالتي هي أحسن، بالأسلوب الطيب. والرفق واللين، يقول الله عز وجل:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (3)، ويقول سبحانه:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (4). . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (5)» ، ويقول صلى الله عليه وسلم:«إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه (6)» . فلا يجوز لأهل العلم السكوت وترك الكلام للفاجر والمبتدع والجاهل،
(1) سورة يوسف الآية 103
(2)
سورة الأنعام الآية 116
(3)
سورة النحل الآية 125
(4)
سورة آل عمران الآية 159
(5)
صحيح مسلم الإمارة (1893)، سنن الترمذي العلم (2671)، سنن أبو داود الأدب (5129)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 120).
(6)
صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2594)، سنن أبو داود الأدب (4808)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 125).