الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويوثق الروابط الاجتماعية، ويحفظ للبيت المسلم أمنه واستقراره، وهو الطريق السليم المشروع لإشباع الرغبات دون التردي في مهاوي الشهوات.
2 -
شروط تعدد الزوجات في الإسلام:
شرع الله سبحانه وتعالى تعدد الزوجات وأباحه لعباده، وحددت الشريعة الإسلامية له شروطا لا يجوز الأخذ به دونها وهي:
(أ)
العدد
.
(ب) النفقة.
(ج) العدل بين الزوجات.
(أ) العدد:
كان نظام تعدد الزوجات معروفا ومباحا قبل ظهور الإسلام وكانت الديانة اليهودية (1) والديانات الوضعية مثل الوثنية والمجوسية والبوذية تبيح التعدد بغير تحديد للعدد. ولم يرد في الديانة المسيحية نص صريح يمنع أتباع هذه الديانة من التزوج بامرأتين أو أكثر (2).
وكان نظام تعدد الزوجات معروفا لدى القبائل العربية في الجاهلية ولم تكن له آنذاك ضوابط معينة ولا حدود معروفة. وقد تضمن الحديث النبوي الشريف- كما ذكرنا سابقا- عدة شواهد على وجود التعدد لدى العرب قبل الإسلام على هذا النحو غير المحدد، ومنها:
1 -
(1) اليهودية: ديانة سماوية أرسل بها موسى عليه السلام لبني إسرائيل.
(2)
مصطفى السباعي. المرأة بين الفقه والقانون ص 74، أحمد علي طه: تعدد الزوجات القاهرة 1394هـ ص 8.
(3)
سنن ابن ماجه جـ1 ص 628.
(4)
من سبل السلام للصنعاني جـ 3 ص 224: " قيس بن الحارث ". (3)
2 -
3 -
وروي «عن نوفل بن معاوية أنه قال: أسلمت وتحتي خمس نسوة فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فارق واحدة وامسك أربعا (2)» ولما ظهر الإسلام هذب التعدد، ووضع له الأسس والشروط المناسبة وقيده بالعدد، وجعله قاصرا على أربع زوجات فقط، وشدد فيه على العدل بين الزوجات في الأمور المادية التي يستطيع الإنسان القيام بها. واشترط فيه قدرة الرجل على الإنفاق على زوجاته وأولاده. وظهر هذا بوضوح في الآية الكريمة:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (3).
ويلاحظ أن التعدد في الإسلام ليس مشروطا- كما يقال- بكون الزوجة الأولى مريضة أو لا تنجب، وإنما هو مباح من الأصل، وللمسلم أن يتزوج اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ما دام يرى في نفسه القدرة على الإنفاق على زوجاته والعدل بينهن (4).
وها هو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو يعرف أن لدى الصديق أكثر من زوجة ولم يكن مريضات ولا عقيمات. وعرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته حفصة كذلك على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو زوج لإحدى بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يجد رضي الله عنه في ذلك غضاضة ولا ضررا على ابنته.
وهناك ثلاث وجهات نظر حول الحد الأقصى لتعدد الزوجات تخالف ما أجمع عليه المسلمون وهو أنه لا يجوز الزواج بأكثر من أربع، وهي:
(1) سنن الترمذي، جـ3 ص 435، سنن ابن ماجه، جـ1 ص 638.
(2)
الصنعاني سبل السلام، جـ3 ص 224، ابن قدامة. المغني، جـ 6 ص 540
(3)
سورة النساء الآية 3
(4)
محمود شلتوت: الإسلام عقيدة وشريعة ص 187.
أولا: زعم فريق أن الآية الكريمة: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (1) تفيد إباحة الجمع إلى تسع زوجات، مستدلين على زعمهم بأن الكلمات:{مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (2) الواردة في الآية الكريمة ألفاظ مفردة معدول بها عن أعداد مفردة، وأن الواو الموجودة بين هذه الكلمات للجمع، فيكون معنى {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (3) اثنين وثلاثا وأربعا ومجموعها تسع (2+3+4=9).
ثانيا: ويقول فريق آخر أن الآية الكريمة: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (4) تفيد إباحة الجمع للرجل إلى ثماني عشرة زوجة، ويرون أن الكلمات:{مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (5) ألفاظ مفردة معدول بها عن ألفاظ مكررة وأن الواو الموجودة بين هذه الكلمات للجمع، وتفسير الآية الكريمة عندهم هو فانكحوا ما طاب لكم من النساء اثنين اثنين، وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا فيكون المجموع حسب فهمهم ثماني عشرة (2+2 + 3+3+4+4 =18).
ثالثا: وادعى فريق ثالث أن الآية الكريمة: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (6) تبيح تعدد الزوجات بدون حصر للأسباب التالية:
1 -
أن صيغة: {مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (7) تفيد العموم، وأن {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (8) كلمات معدول بها عن أعداد مكررة إلى غير نهاية ذكرت بعد صيغة العموم السابقة الذكر على سبيل المثال لا الحصر والتحديد وأنها بهذا الوضع تفيد رفع الحرج عن المسلم في تزوج من شاء من الزوجات إلى غير حد.
2 -
أن الزواج كملك اليمين كلاهما غير مقيد بعدد.
(1) سورة النساء الآية 3
(2)
سورة النساء الآية 3
(3)
سورة النساء الآية 3
(4)
سورة النساء الآية 3
(5)
سورة النساء الآية 3
(6)
سورة النساء الآية 3
(7)
سورة النساء الآية 3
(8)
سورة النساء الآية 3
3 -
أن الأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقييد تعدد الزوجات بأربع إنما هي أخبار آحاد، وخبر الآحاد لا ينسخ به القرآن الذي فهموا منه أنه يبيح تعدد الزوجات بدون حد.
ونقول لهؤلاء أن المراد هو أحد هذه الأعداد، فمثنى يراد بها اثنتين، وكلمة ثلاث يراد بها ثلاثة، وكلمة ورباع يراد بها أربعة، وأن الواو الموجودة بين هذه الكلمات هي للتخيير وليست للجمع، فقد أجمعت الأمة الإسلامية على أنه لا يجوز الزواج بأكثر من أربع نسوة، ولم ينقل عن أحد في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بعده إلى يومنا هذا أنه جمع بين أكثر من أربع زوجات، وأن فهم هؤلاء للآية الكريمة:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (1) فهم خاطئ بني على أساس خاطئ، ولو كان تعدد الزوجات يباح في الإسلام إلى تسع أو إلى ثماني عشرة أو إلى ما لا نهاية لصرح القرآن بهذا ولم يدع للمسلمين مجالا للشك والحيرة، كما أن تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بأكثر من أربع زوجات يعتبر من خصوصياته التي لا يجوز الاقتداء به فيها (2).
وقد يسأل بعض من الناس عن حكمة تحديد الإسلام للحد الأقصى لعدد الزوجات بأربع فقط لا أقل ولا أكثر. وهنا نقول إن التحديد العددي لكثير من الأمور شيء يعلمه الله سبحانه وتعالى وحده، فبالنسبة للأمور الشرعية لا نعلم لماذا كان عدد الصلوات المفروضة في اليوم والليلة خمس صلوات فقط؟ ولماذا لم تكن أربعا أو ستا؟ ولا نعلم شيئا عن تحديد عدد ركعات صلاة الظهر بأربع، وصلاة المغرب بثلاث ركعات فقط بينما صلاة الفجر ركعتان.
وهكذا الأمر بالنسبة لعدد الأعضاء في جسم الإنسان؛ فالإنسان له عينان ويدان ورجلان، فما الحكمة في الاقتصار على عينين فقط أو يدين فقط؟ ولماذا تشتمل اليد الواحدة والرجل الواحدة على خمس أصابع فقط؟ وليست أربع أو ست أو أكثر أو أقل؟ علم هذه الأمور عند الله تعالى. ولم تخل كتابات بعض
(1) سورة النساء الآية 3
(2)
انظر هذه القضية في كتاب تعدد الزوجات لعبد التواب هيكل ص 22 - 54.