الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ج) قال
صاحب المجموع شرح المهذب
جـ 17 ص 414 - 417:
فصل - ودية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم. ودية المجوسي ثلثا عشر دية المسلم لما روى سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه جعل دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ودية المجوسي ثمانمائة درهم. وأما الوثني إذا دخل بأمان وعقدت له هدنة، فديته ثلثا عشر دية المسلم؛ لأنه كافر لا يحل للمسلم مناكحة أهل دينه، فكانت ديته ثلثي عشر دية المسلم كالمجوسي.
وأما من لم تبلغه الدعوة فإنه إن عرف الدين الذي كان متمسكا به وجبت فيه دية أهل دينه، وإن لم يعرف وجبت فيه دية المجوسي؛ لأنه متحقق وما زاد مشكوك فيه فلم يجب.
وقال أبو إسحاق: إن كان متمسكا بدين مبدل وجبت فيه دية أهل ذلك الدين، وإن كان متمسكا بدين لم يبدل وجبت فيه دية مسلم؛ لأنه مولود على الفطرة ولم يظهر منه عناد فكملت ديته كالمسلم، والمذهب الأول لأنه كافر فلم تكمل ديته كالذمي، وإن قطع يد ذمي ثم أسلم ومات وجبت فيه دية مسلم؛ لأن الاعتبار في الدية بحال استقرار الجناية وهو في حال الاستقرار مسلم. وإن جرح مسلم مرتدا فأسلم ومات من الجرح لم يضمن.
وقال الربيع: فيه قول آخر أنه يضمن لأن الجرح استقر وهو مسلم، قال أصحابنا: هذا من كيس الربيع. والمذهب الأول؛ لأن الجرح وجد فيما استحق إتلافه فلم يضمن سرايته كما لو قطع الإمام يد السارق فمات منه.
(فصل) ودية المرأة نصف دية الرجل؛ لأنه روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن عمر، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم.
الشرح: خبر سعيد بن المسيب رواه الشافعي والدارقطني والبيهقي أما قوله: روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي إلخ، فقد أخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال:" دية المرأة نصف دية الرجل "، كما أخرج البيهقي عن علي رضي الله عنه دية المرأة على النصف من دية الرجل وهو رواية إبراهيم النخعي عنه وفيه
انقطاع وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق الشعبي عنه، وأخرج البيهقي عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«دية المرأة نصف دية الرجل» قال البيهقي في إسناده لا يثبت مثله "، وقال في بداية المجتهد: إن الأشهر عن ابن مسعود وعثمان وشريح وجماعة: أن دية جراحة المرأة مثل دية جراحة الرجل إلا الموضحة فإنها على النصف.
أما الأحكام: فإن دية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم وبه قال عمر وعثمان رضي الله عنهما، وابن المسيب وعطاء وإسحاق. وقال عروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز ومالك: ديته نصف دية المسلم لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عقل الكافر نصف دية المسلم (1)» رواه أحمد والنسائي والترمذي، وحسنه وصححه ابن الجارود. وفي لفظ رواه أحمد والنسائي وابن ماجه قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين، وهم اليهود والنصارى. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والزهري وزيد بن علي والقاسمية ديته كدية المسلم، وقال أحمد:(إن قتله عمدا فديته مثل دية المسلم) دليلنا ما روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار وثمانية آلاف درهم. ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلم، قال: وكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا، فقال: إن الإبل قد غلت قال ففرضها عمر على أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاة ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة. قال وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية (2)» فإذا كانت الدية ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم للمسلم والذمي على النصف من ذلك، ثم زاد من قيمة الدية للمسلم من حيث لم يزدها لأهل الكتاب، تبين لنا أن دية المسلم التي بلغت ألف دينار أو اثني عشر ألف درهم مع بقاء دية الذمي أربعمائة دينار أو أربعة آلاف درهم؛ لأنها لم ترفع فيما رفع من الدية. نقول تبين لنا أن دية الذمي على الثلث من دية المسلم.
فرع: دية المجوسي ثلثا عشر دية المسلم، وبه قال مالك وقال أبو حنيفة
(1) سنن النسائي القسامة (4807)، سنن ابن ماجه الديات (2644)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 224).
(2)
سنن أبو داود الديات (4542).
ديته مثل دية المسلم. وقال عمر بن عبد العزيز: ديته مثل دية اليهودي والنصراني وهو نصف دية المسلم عندهم.
دليلنا ما روي عن عمر وعثمان وابن مسعود وغيرهم أنهم قالوا: (دية المجوسي ثمانمائة درهم ثلثا عشر دية المسلم. فإذا كانت دية المسلم اثني عشر ألف درهم، فإن ثلثي عشرها ثمانمائة ولا مخالف لهم في الصحابة. فدل على أنه إجماع وأما عبدة الأوثان إذا كان بيننا وبينهم هدنة أو دخلوا إلينا بأمان فلا يجوز قتلهم، فمن قتل منهم وجبت فيه دية المجوسي؛ لأنه كافر لا يحل للمسلم مناكحة أهل دينه، فكانت ديته كالمجوسي ثلثي عشر دية المسلم. وأما الكافر الذي لم تبلغه الدعوة فلا يجوز قتله حتى يعرف أن هاهنا رسولا يدعو إلى الله. فإن أسلم وإلا قتل فإن قتله قاتل قبل أن تبلغه الدعوة، وجبت فيه الدية.
وقال أبو حنيفة (لا دية فيه) دليلنا أنه قتل محقون الدم فوجبت فيه الدية كالذمي.
إذا ثبت هذا، فاختلف أصحابنا في قدر ديته، فمنهم من قال تجب فيه دية المسلم لأنه مولود على الفطرة، ومنهم من قال: إن كان متمسكا بدين مبدل وجبت فيه دية أهل ذلك الدين، مثل أن يكون متمسكا بدين من بدل من اليهودية والنصرانية، وإن كان متمسكا بدين من لم يبدل منهم وجبت فيه دية مسلم؛ لأنه مسلم لم يظهر منه عناد. ومنهم من قال تجب فيه دية المجوسي؛ لأنه يقين وما زاد مشكوك فيه وهذا هو الأصح؛ لأن الشافعي رضي الله عنه قال: هو كافر لا يحل قتله. وإذا كان كافرا وجبت فيه أقل دياتهم لأنه اليقين.
وإن قطع يد ذمي ثم أسلم ثم مات من الجراحة وجبت فيه دية مسلم؛ لأن الاعتبار بالدية حال الاستبرار. وإن قطع مسلم يد مرتد ثم أسلم ثم مات من الجراحة لم يضمن القاطع دية النفس ولا دية اليد. وقال الربيع فيه قول آخر أنه يضمن دية اليد والمذهب الأول؛ لأنه قطعه في حال لا يجب ضمانه، وما حكاه الربيع من تخريجه.