المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مشروعية تعدد الزوجات في الإسلام: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ نقول من أقوال المفسرين:

- ‌ ابن جرير رحمه الله:

- ‌ الجصاص رحمه الله:

- ‌ ابن كثير رحمه الله:

- ‌ القرطبي رحمه الله:

- ‌ ابن العربي رحمه الله:

- ‌ محمد رشيد رضا:

- ‌ أحاديث وآثار و‌‌نقول عن المحدثينوشراح الحديث:

- ‌نقول عن المحدثين

- ‌ ما ورد من الأحاديث المرفوعة في أن دية الذمي كدية المسلم:

- ‌ ما ورد مرفوعا في دية المجوسي:

- ‌ ما ورد مرفوعا في تحديد دية المعاهد بألف دينار:

- ‌ تحديد عمر لدية اليهودي والنصراني والمجوسي:

- ‌ نقول عن الفقهاء:

- ‌ الحنفية:

- ‌ صاحب فتح القدير

- ‌ صاحب بدائع الصنائع

- ‌ المالكية:

- ‌ صاحب المدونة الكبرى

- ‌ صاحب بداية المجتهد

- ‌ الشافعية:

- ‌ صاحب نهاية المحتاج

- ‌ صاحب المجموع شرح المهذب

- ‌ الحنابلة:

- ‌ صاحب المغني

- ‌ صاحب كشاف القناع

- ‌ صاحب الإنصاف

- ‌ خلاصة ما تقدم بإيجاز:

- ‌ هل الشيعة الحاليون كفار كلهم أو أئمتهم

- ‌ توضيح الاختلاف بين السنة والشيعة وأقرب الفرق إلى السنة

- ‌ هل طريقة الشيعة الإمامية من الإسلام؟ ومن الذي اخترعها

- ‌ حقيقة الشيعة الإيرانية

- ‌ حكم المبتدع المواظب على بدعته

- ‌ البدعة وأنواعها

- ‌ هل يرد على البدعي عمل البدعة فقط أم جميع أعماله

- ‌ كم قسما تنقسم البدعة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ التثبت في الفتوى

- ‌ النيل من شباب الصحوة، بحجة أن فيهم تطرفا وتزمتا

- ‌ تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

- ‌ تشجيع الدعاة وطلبة العلم على إقامة الدروس والمحاضرات في كافة أنحاء البلاد

- ‌بحث في الوعدوحكم الإلزام بالوفاءبه ديانة وقضاء

- ‌ البحوث

- ‌خلاصة القول في المسألة

- ‌المبحث الأولصفات الدعاة

- ‌ الإيمان العميق:

- ‌ العلم الدقيق:

- ‌ الخلق الوثيق:

- ‌المبحث الثانيطرق الدعوة

- ‌تمهيد:

- ‌العوامل التي تنهض بها الدعوة

- ‌ من ندعو:

- ‌أسلوب القرآن في الدعوة:

- ‌مكان الدعوة

- ‌أين ندعو:

- ‌إلى من ندعو:

- ‌أسلوب السلوك والأخلاق:

- ‌من وسائل الدعوة الخطابة والمحاضرة والدرس:

- ‌ ابتغاء وجه الله:

- ‌ الثقة بالله:

- ‌ اتقاء ما يغضب الله لفظا ومعنى:

- ‌ الصدق:

- ‌ الإحساس بالأمانة:

- ‌أهمية الوقفوحكمة مشروعيته

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأولفي تعريف الوقف

- ‌المبحث الأول: تعريف الوقف لغة:

- ‌المبحث الثانيتعريف الوقف اصطلاحا

- ‌ تعريف الوقف عند الحنفية:

- ‌ تعريف الوقف عند أبي حنيفة

- ‌ تعريف الوقف عند الصاحبين:

- ‌ تعريف الوقف عند المالكية:

- ‌ تعريف الوقف عند الشافعية:

- ‌التعريف المختار:

- ‌الفصل الثانيلمحة من تاريخ الوقف عند المسلمين

- ‌الفصل الثالثفي أهداف الوقف وحكمة مشروعيته

- ‌الهدف العام للوقف:

- ‌الأهداف الخاصة للوقف:

- ‌الفصل الرابعفي حكم الوقف وبيان مشروعيته

- ‌أدلة عامة شملت جميع أنواع التبرعات ومنها الوقف:

- ‌أدلة نصت عن جواز الوقف كوقف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما ثبت من وقف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وموافقته على ذلك وحثه عليه

- ‌إجماع العلماء من السلف ومن بعدهم على القول بصحة الوقف

- ‌ أدلة الفريق الثاني. وهم القائلون بجواز الوقف في السلاح والكراع فقط

- ‌الخاتمة

- ‌ مشروعية تعدد الزوجات في الإسلام:

- ‌ شروط تعدد الزوجات في الإسلام:

- ‌ العدد

- ‌ النفقة:

- ‌ العدل بين الزوجات:

- ‌ مبررات تعدد الزوجات في الإسلام:

- ‌ موقف أعداء الإسلام من تعدد الزوجات:

- ‌قائمة مصادر ومراجع البحث

- ‌سجود الشكروأحكامه في الفقه الإسلامي

- ‌المبحث الأول: حكم سجود الشكر:

- ‌المبحث الثاني. متى يشرع سجود الشكر

- ‌المسألة الأولى: السجود عند حدوث نعمة خاصة:

- ‌المسألة الثانية: السجود عند حصول نعمة تسبب فيها:

- ‌المسألة الثالثة: السجود عند رؤية مبتلى:

- ‌المبحث الثالث: هل لسجود الشكر شروط

- ‌المبحث الرابع: صفة سجود الشكر وكيفيته:

- ‌المسألة الأولى: هل يجب لسجود الشكر تكبير في أوله أو في آخره

- ‌المسألة الثانية: هل يجب في سجود الشكر ذكر معين

- ‌المسألة الثالثة: هل يجب في سجود الشكر تشهد أو سلام

- ‌المبحث الخامس: سجود الشكر في أثناء الصلاة:

- ‌المسألة الأولى: السجود عند قراءة سجدة (ص) في أثناء الصلاة:

- ‌المسألة الثانية: هل يسجد للشكر إذا بشر بما يسره وهو يصلي:

- ‌المبحث السادس: سجود الشكر على الراحلة بالإيماء

- ‌المبحث السابع: قضاء سجود الشكر:

- ‌الخاتمة

- ‌اهتمام القرآن بالحياة الآخرة:

- ‌إمكانية البعث والأدلة عليه:

- ‌نهاية العالم وفناؤه:

- ‌البراهين على إمكانية البعث:

- ‌أثر عقيدة الإيمان بالآخرة في حياة الإنسان

- ‌المراجع

- ‌إيضاح البيانعنمعنى أم القرآن

- ‌مقدمة

- ‌مؤلف الكتاب

- ‌إيضاح البيان عن معنى أم القرآن:

- ‌مخطوطة الكتاب:

- ‌ إيضاح البيان عن معنى أم القرآن

- ‌خاتمة:

- ‌تأكيد أمر القلاقل: وهي سورة الكافرون والإخلاص والفلق والناس

- ‌مصادر التحقيق

- ‌ صح تسمية الله بالمحسن في ثلاثة أحاديث

- ‌ جاء تسمية الله بهذا الاسم في أقوال بعض المحققين من أهل العلم

- ‌ ما صح تسمية الله به جاز التعبيد لله به

- ‌ إن أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة مشتقة وغير جامدة

- ‌ ثلاث فوائد مهمة:

- ‌فهرس المراجع

- ‌تنبيه على نشرة مكذوبةيروجها بعض الجهلة

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ مشروعية تعدد الزوجات في الإسلام:

فلقد سبقته إلى إباحته الأديان السماوية التي أرسل بها أنبياء الله قبل محمد صلى الله عليه وسلم " اليهودية والنصرانية" والنظم الدينية الأخرى كالوثنية والمجوسية، فلما جاء الإسلام أبقى على التعدد مباحا ووضع له أسسا تنظمه وتحد من مساوئه وأضراره التي كانت موجودة في المجتمعات البشرية التي انتشر فيها التعدد.

كما أن الشريعة الإسلامية لم تجعل نظام تعدد الزوجات فرضا لازما على الرجل المسلم، ولا أوجبت الشريعة الإسلامية على المرأة أو أهلها أن يقبلوا الزواج برجل له زوجة أو أكثر. بل أعطت الشريعة المرأة وأهلها الحق في القبول إذا وجدوا أن في هذا الزواج منفعة ومصلحة بابنتهم أو الرفض إذا كان الأمر على العكس من ذلك.

وسنتحدث هنا على تعدد الزوجات في الإسلام بتركيز شديد ومن خلال أربعة مباحث هي:

1 -

مشروعية تعدد الزوجات في الإسلام.

2 -

شروط تعدد الزوجات في الإسلام.

3 -

مبررات تعدد الزوجات في الإسلام.

4 -

موقف أعداء الإسلام من تعدد الزوجات.

ص: 228

وتفيد هاتان الآيتان كما فهمها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعون وجمهور المسلمين الأحكام التالية:

1 -

إباحة تعدد الزوجات حتى أربع كحد أعلى.

2 -

أن التعدد مشروط بالعدل بين الزوجات، ومن لم يكن متأكدا من قدرته على تحقيق العدل بين زوجاته فإنه لا يجوز له أن يتزوج بأكثر من واحدة. ولو تزوج الرجل بأكثر من واحدة وهو واثق من عدم قدرته على العدل بينهن فإن الزواج صحيح وهو آثم.

3 -

العدل المشروط في الآية الأولى هو العدل المادي في المسكن والمأكل والمشرب والملبس والمبيت والمعاملة.

4 -

تضمنت الآية الأولى كذلك شرطا ثالثا هو القدرة على الإنفاق على الزوجة الثانية وأولادها، كما يظهر في تفسير قوله تعالى:{أَلَّا تَعُولُوا} (1) أي: لا تكثر عيالكم فتصبحوا غير قادرين على تأمين النفقة لهم، والأرجح أن العول الجور.

5 -

تفيد الآية الثانية أن العدل في الحب والميل القلبي بين النساء غير مستطاع، وأنه يجب على الزوج ألا ينصرف كلية عن زوجته فيذرها كالمعلقة، فلا هي ذات زوج ولا هي مطلقة، بل عليه أن يعاملها بالحسنى حتى يكسب مودتها، وإن الله لا يؤاخذه على بعض الميل إلا إذا أفرط في الجفاء، ومال كل الميل عن الزوجة الأولى (2).

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل كل العدل في الأمور المادية بين زوجاته ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يميل عاطفيا إلى زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها أكثر من بقية زوجاته، وكان عليه الصلاة والسلام يبرر ميله القلبي هذا بقوله:«اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك (3)» وقد زعم بعض من ليس له علم بالشريعة الإسلامية أن القرآن الكريم منع تعدد

(1) سورة النساء الآية 3

(2)

مصطفى السباعي: المرأة بين الفقه والقانون بيروت 1982م ص-97 - 98.

(3)

سنن الترمذي بيروت 1394هـ، جـ3 ص 304، سنن أبي داود، جـ1 ص 333.

ص: 229

الزوجات في الآيتين السابقتين، بحجة أن الآية الأولى تبيح التعدد شريطة العدل بين الزوجات. وتقرر الآية الثانية- كما يزعمون- أن العدل بين الزوجات مستحيل، وعلى هذا الاعتبار فإن التعدد مشروط بأمر يستحيل القيام به، وبالتالي فهو ممنوع.

ونرى هنا أن هذه الدعوى باطلة كل البطلان للأسباب التالية:

1 -

أن العدل المشروط في الآية الأولى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (1) هو غير العدل الذي حكم باستحالته في الآية الثانية {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} (2) فالعدل في الآية الأولى هو العدل في الأمور المادية المحسوسة والذي يستطيع الإنسان أن يقوم به، وهو العدل في المسكن والملبس والطعام والشراب والمبيت والمعاملة. أما العدل المستحيل الذي لا يستطيعه الرجل فهو العدل المعنوي في المحبة والميل القلبي.

2 -

ليس معقولا أن يبيح الله تعدد الزوجات ثم يعلقه بشرط مستحيل لا يقدر الإنسان على فعله، ولو أراد الله سبحانه وتعالى أن يمنع التعدد لمنعه مباشرة وبلفظ واحد، وفي آية واحدة، لأن الله قادر على ذلك وعالم بأحوال عباده.

3 -

نص الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على تحريم الجمع بين الأختين فقال عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (3) كما «نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن أن تنكح المرأة على عمتها أو العمة على ابنة أخيها، أو المرأة على خالتها أو الخالة على بنت أختها (4)» .

فما هو معنى تحريم الجمع بين الأختين والجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها إذا كان التعدد- أصلا- محرما؟.

4 -

ثبت من الحديث النبوي الشريف أن العرب الذين دخلوا في الإسلام

(1) سورة النساء الآية 3

(2)

سورة النساء الآية 129

(3)

سورة النساء الآية 23

(4)

سنن الترمذي، جـ2 ص 297.

ص: 230

كان لدى بعضهم أكثر من أربع زوجات، وكان لدى قيس بن ثابت عندما أسلم ثمان زوجات، وكان لدى غيلان بن سلمة الثقفي عشر زوجات وكان عند نوفل بن معاوية خمس زوجات، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقتصر كل واحد منهم على أربع زوجات فقط ويفارق الأخريات. وهذا دليل قوي على إباحة الإسلام للتعدد.

5 -

عدد الرسول صلى الله عليه وسلم زوجاته، وكان في عصمته عندما توفي تسع زوجات. كما أقر تعديد أصحابه للزوجات. وظل المسلمون يقومون بالتعدد خلال 1400سنة لفهمهم التام واعتقادهم الراسخ بإباحة الإسلام للتعدد ويرى الدكتور مصطفي السباعي أن القائلين بهذه الدعوى الباطلة عبارة عن فريقين؛ الأول منهما حسن النية، رأى هجوم الغربيين ومن يجري في فلكهم على نظام تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية، فظن أنه يستطيع بهذا القول أن يخلص الإسلام مما يتهمونه به.

أما الفريق الثاني فيرى السباعي أنه فريق سيئ النية، وهدفه هو أن يخدع المسلمين بهذا القول الباطل ويشككهم في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ومن جاء بعدهم من المسلمين خلال أربعة عشر قرنا، بحجة أنهم جميعا لم يفهموا الآيات الكريمة التي ورد فيها ذكر التعدد (1).

ويرى الشيخ محمود شلتوت أن الآية الثانية (2) تتعاون مع الآية الأولى (3) على تقرير مبدأ التعدد الأمر الذي يزيل التحرج منه، وفي ضوء هذا المبدأ عدد النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته، وعدد الأصحاب والتابعون زوجاتهم، ودرج المسلمون بجميع طبقاتهم وفي جميع عصورهم يعددون الزوجات، ويرون أن التعدد مع العدل بين النساء حسنة من حسنات الرجال إلى النساء بصفة خاصة وإلى

(1) مصطفي السباعي: المرأة بين الفقه والقانون ص 101.

(2)

هي: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ".

(3)

هي: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ".

ص: 231

المجتمع بصفة عامة (1) ويصف الشيخ محمود شلتوت القائلين بأن التعدد غير مشروع لارتباطه بشرط يستحيل القيام به بأنهم يعبثون بآيات الله ويحرفونها عن مواضعها (2).

كذلك وضحت السنة النبوية الشريفة أفضلية الزواج بأكثر من واحدة، فقد جاء في صحيح البخاري (3) أن سعيد بن جبير قال:"وقال لي ابن عباس: هل تزوجت قلت: لا. قال فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء ".

ويذكر ابن حجر (4) أن معنى هذا الحديث هو أن خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم هو من كان أكثر نساء من غيره ممن يتساوى معه فيما عدا ذلك من الفضائل. وورد في حديث نبوي آخر ما معناه: أن بعض الصحابة أرادوا أن يضاعفوا جهودهم في العبادة، وينقطعوا لها، ويتركوا شهوات الدنيا، فقال واحد منهم:«أما أنا فلا آكل اللحم. وقال الثاني: أما أنا فأصلي ولا أنام. وقال الثالث: أما أنا فأصوم ولا أفطر. وقال الرابع: أما أنا فلا أتزوج النساء. فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك خطب في الناس وقال: إنه بلغني كذا وكذا، ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام، وآكل اللحم، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني (5)» .

"وأتزوج النساء" الواردة في الحديث تشمل الزوجة الواحدة وأكثر من الواحدة.

ويبين ابن قدامة في معرض حديثه عن النكاح أن الإسلام يحث على تعدد الزوجات وأن التعدد ليس مجرد إباحة، ولكنه مندوب إليه، فيقول:" ولأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج وبالغ في العدد، وفعل ذلك أصحابه، ولا يشتغل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا بالأفضل "(6).

(1) محمود شلتوت: الإسلام عقيدة وشريعة، القاهرة 1395 هـ ص 183

(2)

المرجع نفسه ص 182.

(3)

كتاب النكاح، جـ5 ص 1951.

(4)

فتح الباري، بشرح صحيح الإمام البخاري، الرياض جـ 9 ص 114.

(5)

صحيح مسلم بيروت 1389 هـ جـ9 ص 114.

(6)

ابن قدامة: المغني، جـ 6 ص 447.

ص: 232

ويلاحظ كذلك أن الإسلام أباح للمسلم بأن يعاشر ما ملكت يمينه من الإماء دون التقيد بعدد معين، كما قال تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (1) ولكن الشريعة الإسلامية لا تسمي هذه المعاشرة زواجا، وإنما يطلق عليها تسريا والحكمة من التسري هي أنه يترتب على التسري بعض الالتزامات والحقوق ومنها أن ولد الأمة "ملك اليمين " الذي أنجبته من سيدها يعتبر ابنا شرعيا لذلك السيد، ويولد حرا، والأمة نفسها تصبح تبعا لذلك أم ولد. وهذا العمل قصد منه- بلا شك- تيسير عتق ملك اليمين (2).

وقد قامت عدة حركات- مناوئة للعقيدة الإسلامية- تطالب بمنع التعدد أو تقييده، وكان من أبرزها تلك الحركة التي قامت في الديار المصرية سنة 1365هـ / 1945 م، ونادى القائمون بها بمنع تعدد الزوجات أو على الأقل، وضع شروط جديدة له غير الشروط التي حددتها الشريعة الإسلامية من أجل الحد من الإقبال على التعدد، ومؤدى الشروط الجديدة هو عدم إباحة تعدد الزوجات إلا بوجود مبرر قوي يخضع تقديره للقضاء، وأن على من يرغب أن يعدد أن يقدم دليلا على أن زواجه بامرأة أخرى له مبرر قوي، فإذا اقتنع القاضي بما أبداه الرجل من أسباب تدعوه للزواج على زوجته، أذن له القاضي عند ذلك بالزواج. وإذا لم يقتنع القاضي رفض طلب الرجل.

وقد حدد بعض هؤلاء الدعاة نوع المبرر المقبول الذي يسمح القضاء بموجبه بتعدد الزوجات، ويتمثل في حالتين فقط لا ثالث لهما، وهما مرض الزوجة مرضا مزمنا لا شفاء منه، وعقم الزوجة الثابت بمرور أكثر من ثلاث سنوات عليه. وفي غير هاتين الحالتين يحرم القانون على الرجل الزواج على امرأته.

(1) سورة النساء الآية 3

(2)

صبحي الصالح: النظم الإسلامية نشأتها وتطورها، بيروت 1982م ص 471.

ص: 233

ويرى أصحاب هذه الدعوى أن الزواج بواحدة هو الأصل في الإسلام، وأن التعدد هو الاستثناء، ولا يعمل بالاستثناء إلا عند الضرورة (1).

ونقول نحن هنا إن هذا الكلام غير صحيح، فالآيتان الكريمتان اللتان جاء فيهما تشريع التعدد وهما الآية (3) والآية (129) من سورة النساء لم يظهر فيهما ما يفيد أن الزواج بواحدة هو الأصل، وأن التعدد هو الاستثناء والعكس- في نظرنا- هو الصحيح، فقد بدأت الآية الكريمة (3) بالتعدد وهو الأصل، ثم ذكرت الزواج بواحدة، وهو الاستثناء والأصل دائما يقدم على الاستثناء.

كذلك لم تشترط آيتا التعدد أن تكون الزوجة مريضة، أو عقيما لكي يتسنى للرجل الزواج عليها. هذا بالإضافة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من أصحابه بعد نزول آيتي التعدد أن يفارقوا ما زاد على الأربع زوجات، ولم يقل لهم آنذاك أن بقاء أكثر من زوجة لدى الرجل مشروط بكون زوجته مريضة مرضا مستعصيا أو بكونها عقيما. وكان الوقت آنذاك وقت تشريع.

ويرى الشيخ محمد أبو زهرة أن تقييد تعدد الزوجات بدعة دينية ضالة لم تقع في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عصر الصحابة، ولا في عصر التابعين (2).

وإذا كان نظام تعدد الزوجات يفرض على الزوجة الأولى لظرف من الظروف زوجة أخرى، فإنه لا يحرمها من أن تكون سيدة منزلها والمتصرفة في شئونه، فالإسلام يجعل لكل امرأة متزوجة الحق في أن تكون لها دار مستقلة، ولا يجعل لإحدى الزوجات سيطرة على الزوجات الأخريات.

ويرى بعض الفقهاء أن للمرأة الحق في أن تشترط وقت زواجها أن لا يتزوج زوجها عليها، فإذا تم الزواج، ولم يلتزم الزوج فيما بعد بهذا الشرط كان للمرأة الحق في طلب الطلاق، كما يظهر في النص الفقهي التالي: " وإن

(1) العطار: تعدد الزوجات بيروت 1396 هـ ص 279 - 286.

(2)

محمد أبو زهرة: تنظيم الإسلام للمجتمع، القاهرة 1385هـ ص 77 - 79.

ص: 234

تزوجها وشرط لها أن لا يتزوج عليها، فلها فراقه إذا تزوج عليها " (1) وإذا فات الزوجة أن تشترط هذا الشرط في عقد الزواج فإن لها الحق في طلب الطلاق إذا قصر زوجها في حق من حقوقها أو ألحق بها أذى، ولا نختلف هنا على أن اشتراك امرأة مع امرأة أخرى أو أكثر في زوج واحد لا يريحها ولا يمنحها السعادة التي تنشدها في حياتها ولكن الضرر الذي يلحق بالمرأة عند اشتراكها مع غيرها في زوج واحد أقل كثيرا من الضرر الذي يلحق بها إذا بقيت بدون زواج.

ونرى هنا أن الغيرة عند بعض النساء تكون قوية جدا لدرجة أنها تسيطر على كل تصرفاتها، وتكون أشد ما تكون عند اقتران زوجها بامرأة أخرى والغيرة أمر عاطفي بحت، يظهر منها ثلاثة مشاعر مختلفة هي حب المرأة لزوجها، وأنانيتها المفرطة في الاستئثار به دون غيرها من النساء، ثم خوف المرأة على مستقبلها. والعاطفة لا تقدم إطلاقا على الشرع في أي أمر من الأمور وكما أن تعدد الزوجات يبعث الألم والغيرة في نفس الزوجة الأولى فإنه يبعث الأمل في نفس الزوجة الجديدة، ويتيح لها أن تحيا حياة زوجية آمنة زد على ذلك أنه ليس كل النساء هن المتزوجات فقط، فالتشريع جاء لكل النساء المتزوجات وغير المتزوجات، فإذا وفق بعضهن في الحصول على أزواج فما هو ذنب الأخريات- وهن بلا شك كثيرات- أن يبقين بدون زواج وقد جعل لهن الإسلام الحق كل الحق في الزواج والعيش في بيت وأسرة تماما مثل المتزوجات؟

ويرى العقاد - ونحن معه- أن تحريم التعدد يكره المرأة على حالة واحدة لا تملك سواها، وهي البقاء عزباء لا عائل لها، وقد تكون عاجزة عن إعالة نفسها (2). وعلى وجه العموم فإن أخذ بعض الرجال والنساء بنظام تعدد الزوجات يعد برهانا واضحا وقويا على أنهم اختاروا طريق الاستقامة بدلا من طريقة الغواية والضلال، لأن التعدد يرسم سبيلا للمحافظة على الأخلاق،

(1) ابن قدامة: المغني، جـ 6 ص 548.

(2)

المرأة في القرآن بيروت 1389هـ ص 107 - 108.

ص: 235