الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطواف وأهم أحكامه
دراسة فقهية مقارنة
د / شرف بن علي الشريف (1)
مقدمة:
الحمد لله الذي جعلنا من جيران بيته الحرام، والصلاة والسلام على من أرسله ربه رحمة للأنام، نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإن البيت العتيق، وهو الكعبة المشرفة بمكة المكرمة، هو بيت الله عز وجل، أضافه لنفسه تشريفا وتكريما لهذا البيت، قال تعالى:{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (2) وقد شرف الله بيته من وجوه كثيرة. شرف الله بقعته وأرضه على غيرها، وبوأ الله مكانه لخليله إبراهيم عليه السلام، وأوجب على المستطيع من المسلمين حجه، وقد جعله الله آمنا؛ يأمن فيه الناس والطير والوحش، وفيه آيات كثيرة، مثل: مقام إبراهيم عليه السلام، وإهلاك من أراده بسوء مثل أصحاب الفيل. وفي هذا البيت من العلامات والدلالات التي تدل على حرمته وتعظيمه الشيء الكثير، ومنها أن الله سبحانه وتعالى جعله قبلة وشرع الطواف به، ولهذا اتفق المسلمون جميعا أنه لا يشرع الطواف إلا بهذا البيت؛ لأن الله
(1) عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة - جامعة أم القرى بمكة المكرمة.
(2)
سورة الحج الآية 26
أمر به بقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1)، ومن طاف بغيره من شجر أو حجر أو قبر أو مسجد فهو ضال، بل من اعتقد الطواف بغيره دينا وقربة لله عز وجل فهو مشرك كافر، نسأل الله العافية.
فهذا الطواف المشروع بالبيت العتيق هو الوحيد في مكة المكرمة، ولا يوجد في غيرها من بقاع العالم، له أحكام كثيرة مهمة، ويجب على المسلمين معرفتها. وحسب اطلاعي لم أجد مؤلفا مستقلا يذكر أحكام الطواف مع أهميتها، وحاجة كثير من المسلمين لها شديدة، وخاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه الأخطاء في الطواف؛ لجهل كثير من المسلمين بتعاليم دينهم منها أحكام الطواف، فعزمت متوكلا على الله جل وعلا جمع ما تفرق من أحكام الطواف، ووضعها في بحث مستقل، بعبارة سهلة، أذكر فيه آراء الفقهاء الأربعة مع أدلتها، وبعد الموازنة بين الأدلة أرجح ما عضده الدليل، وقد أذكر بعض الملاحظات المهمة، وقد أذكر إضافات يسيرة، أراها ضرورية لأن توجد في هذا البحث وهي اجتهادات أرجو أن توفق للصواب.
ومنهج البحث دراسة فقهية موضوعية مقارنة، تقوم على الترجيح على أساس قوة الدليل، ويتكون هذا البحث من مقدمة، وفصلين وخاتمة، فالمقدمة أتكلم فيها عن أهمية الكعبة واحترامها عند المسلمين، وعن الطواف وأهمية معرفة أحكامه. أما الفصل الأول فأتكلم فيه عن الطواف
(1) سورة الحج الآية 29