الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشاذروان وجميع الحجر؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالطواف بجميع البيت في قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف من وراء الحجر والشاذروان، وقال:«خذوا عني مناسككم» ، وطاف الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من ورائه كله، وهذا يقتضي وجوب الطواف خارج الحجر كله، سواء كان كله من البيت أو بعضه، ولأنه وإن كان بعضه من البيت فالمعتمد هو الاقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فوجب الطواف بجميعه، ولأنه الأحوط. والله أعلم.
(1) سورة الحج الآية 29
الشرط الثامن: أن يكمل سبعة أشواط، كل مرة يبدأ من الحجر الأسود حتى يعود إليه:
ولو بقي شيء من الأشواط السبعة لم يصح طوافه، سواء قلت البقية أو كثرت، وسواء بقي في مكة أو ذهب إلى وطنه، ولا يجبر بالدم.
وبهذا قال جمهور العلماء منهم: الأئمة؛ مالك (1)، والشافعي (2)، وأحمد، (3)، وبه قال: عطاء وإسحاق، وأبو ثور (4)، وعند الحنفية أكثر الأشواط شرط (5).
(1) الشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2/ 27، مواهب الجليل 3/ 64.
(2)
الأم 2/ 152، المجموع 8/ 21، 22، نهاية المحتاج 3/ 269.
(3)
الشرح الكبير مع المغني 3/ 402، كشاف القناع 2/ 485.
(4)
المجموع 8/ 22.
(5)
بدائع الصنائع 3/ 1110 (الفرض ثلاثة أشواط وأكثر الرابع).
وقال أبو حنيفة (1): إكمال الأشواط السبعة ليس شرطا، ولكنه واجب، فإذا طاف أربعة أو ثلاثة أشواط وأكثر الرابع، فيلزمه إتمام ما بقي من السبعة إن كان بمكة، أو الدم إن سافر لبلده؛ لأنه أتى بأكثر الطواف، والأكثر يقوم مقام الكل فيما يقع به التحلل في باب الحج.
أما إن طاف أقل من ذلك، فيلزمه الرجوع في طواف الإفاضة، ولا يجبره بالدم؛ لأنه فرض.
وخالف ابن الهمام (2) الحنفية في هذا القول، وجزم بأن السبعة ركن ولا يجزئ أقل منها؛ لأن الطواف ليس من قبيل ما يقام فيه الأكثر مقام الكل.
وقد استدل من اشترط سبعة أشواط كاملة بما يلي:
1 -
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف سبعا كاملة، وهذا بيان للطواف المأمور به، فلا يجوز النقص منه، كالصلاة.
2 -
إن مقادير العبادات لا تعرف بالرأي والاجتهاد، وإنما تعرف بالتوقيف، ورسول الله صلى الله عليه وسلم طاف سبعة أشواط فلا يعتد بما دونها.
والراجح عندي أن عدد الطوفات السبع شرط لصحة الطواف؛ لأن العبادات توقيفية، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمراره على سبعة أشواط في حجه وعمرته مع قوله:«خذوا عني مناسككم» فكان ذلك بيانا للعدد المطلوب من الأشواط، ولأن الطواف صلاة، كما صح ذلك (3).
والصلاة لو
(1) بدائع الصنائع 3/ 1110، فتح القدير 2/ 495.
(2)
البحر الرائق 2/ 353، فتح القدير 3/ 56.
(3)
انظر ص210 من هذا البحث.
نقص منها ركعة بطلت، فكذلك الطواف يجب أن يكون سبعة كاملة، ولو نقص منها شوط أو بعضه بطل، فيجب التأكد من كمال الأشواط، فيبدأ من الحجر الأسود وينتهي من حيث بدأ، وينبغي الاحتياط في البدء بحيث يجعل الحجر الأسود عن يمينه، وينتهي بأن يجعل الحجر الأسود في نهاية الشوط الأخير عن يساره؛ ليتأكد من إكمال الشوط الأخير بيقين؛ لأن بعض الطائفين يبدأ على الخط المقابل للحجر الأسود، وينتهي ويخرج من الطواف قبل أن يصل إليه، وهذا خطأ؛ لأنه لم يكمل شوطه، والله أعلم بالصواب.
الشك في عدد الطواف:
الشك؛ إما أن يكون في أثناء الطواف، أو بعد فراغه منه، فإن شك بعد فراغه، فلا يلتفت إلى هذا الشك؛ لأنه من تلاعب الشيطان ووسوسته، ولا شيء عليه في هذا الشك.
وأما إن كل الشك في أثناء الطواف، فيلزمه الأخذ بالأقل؛ لأنه المتيقن، فلو شك في طواف أربعة أو خمسة جعلها أربعة؛ لأنها اليقين وأكمل الباقي. وهذا القول: أجمع عليه العلماء، ذكره ابن المنذر (1).
أما إذا طاف واعتقد أنه أكمل سبعة أشواط، وأخبره عدل أو عدلان أنه إنما طاف ستا، لم يلزمه العمل بقولهما، لكن يستحب له احتياطا أن يأخذ بالأقل، ولو اختلف الطائفان معا في عدد الطواف. فيأخذان بقول المتيقن الذي لا يشك، وإن لم يكن أحدهما متيقنا، فيأخذان بما تيقناه،
(1) المغني والشرح الكبير 3/ 392، المجموع 8/ 21، 22، الأم 2/ 152، الإجماع ص20.