الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن العدل مطلوب في الفعل وفي الحكم، وجاء التخصيص في الآية بالقول؛ لأن أكثر ما يكون فيه العدل أقوال، كالشهادة والحكم.
وقوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (1) فهو أخذ بالإنسان عما جرت به عادته، من التأثر لغيرهم؛ ولهذا تعين على المسلم أن ينطق بالحق، ويقول الصدق، دون أن يميل للقرابة، أو تحمله العداوة على الظلم والإجحاف، للآخرين، قال تعالى:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (2).
(1) سورة الأنعام الآية 152
(2)
سورة المائدة الآية 8
الوصية التاسعة: {وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا}
(1)
الوفاء بالعهد أصل من أصول الشريعة التي يتحقق من خلالها الخير والعدل والصلاح، واستقامة أحوال المجتمع، فعلى المسلم أن يكون وفيا مع الله، فيما عاهد عليه الله من الاستقامة على العقيدة، والبعد عن قتل الولد أو إهماله، وعدم ممارسة الفواحش، ما ظهر منها وما بطن، وصيانة النفوس، والمحافظة على مال اليتيم، وحسن التعامل في الكيل والوزن، وكل المبادلات التجارية، وتطبيق العدل على كل الناس.
وبالجملة فيتعين على كل مسلم الوفاء بما عاهد عليه الله: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (2)، وقول الله تعالى:{وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (3)، وقوله تعالى:
(1) سورة الأنعام الآية 152
(2)
سورة الإسراء الآية 34
(3)
سورة الفتح الآية 10
من {الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (1){لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} (2) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (3).
فالمسلم عليه الوفاء بكل التزام من عقد أو عهد؛ لأن تنفيذ العهد دليل بر ووفاء، والإخلال به من مظاهر الكفر والنفاق، قال عليه الصلاة والسلام، فيما يرويه عن ربه عز وجل:«ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته - وذكر منهم- رجلا أعطى بي ثم غدر (4)» الحديث، وقال عليه الصلاة والسلام:«ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان (5)» .
وهذا طرف يبين عظم العهد وضرورة التنفيذ، ولا أدل على ذلك من ختام الآية بقوله تعالى:{ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (6) فهذا التعقيب الإلهي البديع في موضعه، حيث جاء بعد التكاليف الواردة في الآيتين:{لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (7) والذكر ضد الغفلة، والقلب الذاكر غير الغافل، وهو يذكر عهد الله كله، ويذكر وصاياه المرتبطة بهذا العهد ولا ينساها.
(1) سورة الأحزاب الآية 23
(2)
سورة الأحزاب الآية 24
(3)
سورة المائدة الآية 1
(4)
رواه ابن ماجه رقم 2442 كتاب الرهون جـ2.
(5)
رواه ابن ماجه رقم 2872 كتاب الجهاد ج 2.
(6)
سورة الأنعام الآية 152
(7)
سورة الأنعام الآية 152