الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقتل، ففي سورة الأنعام يرد ذكر الفواحش بعد النهي عن قتل الأولاد، وقبل النهي عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وفي سورة الإسراء جاء النهي عن قتل الأولاد في الآية (31)، والنهي عن قربان الزنا في الآية التي تليها (32)، وفي الآية (33) النهي عن قتل النفس، وقال تعالى:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (1).
وأسلوب القرآن الكريم في تقبيح الزنا والتنفير منه يدل على أن هذه الجريمة تؤدي إلى شر مستطير، فهي تلوث العرض، وتدنس الفراش، وتفسد النسل، وتلحق العار والخسارة في الدنيا والآخرة.
فما ظهر الزنا في قوم إلا ظهر فيهم الطاعون، وفشت فيهم الأمراض التي لم تعرف فيمن قبلهم، على أن المرأة إذا حملت من السفاح فإما أن تقتل الولد؛ فتزهق نفسا بغير حق، وإما أن تلحقه بزوجها، وتثبت له نسبا باطلا، وتثبت له محرمية مزيفة، وتجعله يرث مالا حراما إلى غير ذلك من الشرور والمفاسد التي قد تصيب المجتمع بالكثير من الكوارث؛ ولذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:«أيما امرأة ألحقت بقوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها جنته (2)» .
(1) سورة الفرقان الآية 68
(2)
رواه ابن ماجه في سننه في باب: (من أنكر ولده) ج2 ص916 حديث (2743).
الوصية الخامسة: النهي عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق:
لقد جاء النهي عن هذه المنكرات الواردة في الآية متواليا ومتتابعا؛
لأن كلا منها جريمة قتل من نوع ما، بل إنها جرائم قتل في الحقيقة.
فالجريمة الأولى: الشرك بالله فهي قتل للفطرة.
والثانية: قتل الأولاد وهي تحطيم للأسرة.
والثالثة: الزنا جريمة قتل للجماعة.
والرابعة: جريمة قتل للنفس المفردة.
فلا يجوز إذا قتل النفس التي حرم الله قتلها في حال من الأحوال، إلا في حال فعلها لشيء يوجب قتلها، فقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة (1)» ؛ وذلك لأن الإسلام ينظر إلى وجود الإنسان على أنه بنيان بناه الله تعالى، فلا يحق لأحد أن يهدمه إلا بالحق، وبذلك يقرر الإسلام عصمة الدم الإنساني، ويعتبر من اعتدى على نفس واحدة فكأنما اعتدى على الناس جميعا، قال تعالى:{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (2).
وبهذه الأوامر والنواهي: تصان الدماء، وتحترم الأعراض، ويسود الأمان والاطمئنان بين الناس فـ «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله
(1) متفق عليه.
(2)
سورة المائدة الآية 32