الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليك طالبا رحمتك، مبتغيا مرضاتك، وأنت مننت علي بذلك فاغفر لي، وراحمني إنك على كل شيء قدير (1)».
(1) كشاف القناع 2/ 484 (التلخيص الحبير في تخريج الرافعي الكبير على الوجيز) بهامش المجموع 7/ 323.
التطوع في المسجد الحرام بالطواف:
يستحب الإكثار من الطواف كل وقت، لأهل مكة ومن دخلها من غيرهم؛ لأن الطواف نسك فريد، اختص به هذا البلد الأمين - مكة المكرمة - دون غيره من بلدان العالم.
إلا أن العلماء رحمهم الله تعالى اختلفوا في التطوع في المسجد الحرام بالصلاة والطواف، أيهما أفضل، والذي عليه جمهورهم: أن الطواف لغير أهل مكة أفضل، أما أهل مكة فالصلاة لهم أفضل؛ لأن الصلاة في نفسها أفضل من الطواف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه الطواف بالصلاة، ولكن الغرباء لو اشتغلوا بالصلاة لفاتهم الطواف من غير إمكان التدارك، فكان الاشتغال بما لا يمكن تداركه أولى. وروي هذا القول عن ابن عباس، وعطاء، وسعيد بن جبير ومجاهد (1). وقال بعض الشافعية (2)، والحنفية (3)، والحنابلة (4):(الطواف أفضل مطلقا)، واستدلوا بأن الله قدم الطواف على الصلاة في قوله تعالى:{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (5).
(1) المجموع 8/ 56، المغني والشرح الكبير 3/ 586.
(2)
المجموع 8/ 56، المغني والشرح الكبير 3/ 586.
(3)
حاشية ابن عابدين 2/ 502.
(4)
المغني والشرح الكبير 3/ 586، الفروع 3/ 496.
(5)
سورة البقرة الآية 125
وقوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (1).
والذي يظهر لي أن الطواف عند الكعبة أفضل من التطوع؛ لأن الطواف يشتمل على صلاة ركعتين وزيادة دعاء وذكر، ثم إن الطواف مختص بهذا المكان، أما الصلاة ففي كل مكان طاهر، مما يدل على ذلك أن تحية المسجد الحرام الطواف، وقد بالغ بعض العلماء في تفضيل الطواف على غيره من أعمال الحج، فقد حكي عن القرافي أنه قال:(أفضل أركان الحج الطواف؛ لأنه مشتمل على الصلاة، وهو في نفسه شبيه بها، والصلاة أفضل من الحج، فيكون أفضل الأركان)(2) وقال آخر: (والطواف من حيث ذاته أفضل من صلاة التطوع، ولأنه قربة مستقلة، ومشبه بالصلاة)(3).
والحق أن جنس الصلاة أفضل من جنس الطواف، والحج كله لا يقاس بالصلاة، التي هي عمود الدين، فكيف يقاس بها بعض أفعاله، لكنه يقال في أفضلية الطواف لمكانه وزمانه فيقدم العمل المفضول في مكانه وزمانه على الفاضل (4)، لا؛ لأن جنسه أفضل، وهذا ما قصده من فضل الطواف على الصلاة والله أعلم.
(1) سورة الحج الآية 26
(2)
حاشية المدني على كنون بهامش الرهوني على الزرقاني 2/ 436.
(3)
حاشية الجمل 2/ 427.
(4)
انظر فتاوى ابن تيمية 26/ 196.