الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما تسعى إليه: من عزة ومنعة، ومن غنى وسعادة وأمن واطمئنان.
ومن مفاخر التربية في الإسلام، اتساع دائرتها، وتنوع مجالاتها، وسمو توجيهاتها، وشمولها لكل جانب من جوانب الحياة الإنسانية. إنها تتعهد الإنسان، سواء كان ذكرا أم أنثى، بالتقويم والتوجيه، والتسديد والرعاية، والترغيب والترهيب، منذ خروجه إلى الدنيا إلى أن ينتهي منها، وتعمل على تسليحه بالفضائل، وتنفيره من الرذائل.
فهذه الوصايا العشر، التي يتصدرها أمر الله بالمنع من الشرك، وتحريمه بصفته الذنب العظيم، الذي لا يغفر:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} (1)، وقوله تعالى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (2).
والشرك لا يصح معه عمل، ولا يستحق المشرك عن عمله الحسن الثواب، قال تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (3).
(1) سورة النساء الآية 48
(2)
سورة لقمان الآية 13
(3)
سورة الفرقان الآية 23
الوصية الأولى: تحريم الشرك:
وإذا جاءت الوصية الأولى بتحريم الشرك؛ فهي ملزمة بالتوحيد وإفراد الله بالعبادة، ويكون التوحيد شاملا: لتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، توحيدا خالصا لا تشوبه شائبة.
ومن ينظر في هذه الآيات؛ يجدها قوام هذا الدين كله، وهي خلاصة الإسلام، أنها قوام حياة الضمير بالتوحيد، وقوام حياة الأسرة بأجيالها
المتتابعة بالتكاتف والتآلف، وقوام حياة المجتمع بالتكافل والتراحم والتعفف والعفاف والطهارة، فيما يجري فيه من معاملات، وفيها قوام حياة الإنسانية، وما يحيط الحقوق فيها من ضمانات مرتبطة بعهد الله، كما أنها بدأت بتوحيد الله.
إن الأمور التي جمعتها هذه الآيات الثلاث لهي أمور هائلة، تصدرتها قضية الدين الأساسية، قضية العقيدة والتوحيد، وإفراد الله بالعبادة والاستسلام لله، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك، قال تعالى:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} (1) - لا ما تدعونه أنتم أنه حرمه بزعمكم - لقد حرم عليكم ربكم الذي له حق الربوبية، وهي القوامة والتربية والتوجيه والحاكمية، فهذا حقه المطلق وموضع سلطانه.
فالباري جل وعلا قد حرم على الناس الشرك، والقاعدة التي يقوم عليها بناء العقيدة، وترجع إليها التكاليف والفرائض، هي الأصل الذي يتعين أن يستقر ويثبت قبل الدخول في الأوامر والنواهي، وقبل تفصيل التكاليف والفرائض، فيتعين على الناس أن يعترفوا بالله ربا وإلها، وحاكما ومتصرفا، في كل أحوالهم: يؤمنون بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا.
إنها دعوة لتنقية الضمير من شوائب الشرك، وتنقية العقل من شوائب الخرافة، وتنقية المجتمع من عادات وتقاليد الجاهلية، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. إن الشرك في كل صوره وأشكاله، هو
(1) سورة الأنعام الآية 151