الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د- واشترط الحنابلة (1):
1 -
أن يملك عروض التجارة بفعل كالشراء وقبول الهدية. والمعنى: دخلت في ملكه باختياره.
2 -
أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة وإن نواه بعد ذلك، وإن ملكه بإرث وقصد أنه للتجارة لم يصر للتجارة؛ لأن الأصل القنية، والتجارة عارض فلم يصر إليها بمجرد النية كما لو نوى الحاضر السفر لم يثبت له حكم السفر بدون الفعل، وعن أحمد رواية أخرى أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية.
3 -
أن تبلغ قيمتها نصابا.
4 -
مضي الحول.
(1) المغني ج: 2 ص 336، المبدع 2/ 378، 379، الممتع 6/ 22، 142.
المبحث الثالث: في حكم الزكاة في العقار المعد للبيع أثناء إنشائه
اختلف العلماء في حكم الزكاة في العقار المعد للبيع أثناء إنشائه على ثلاثة أراء:
أ- ذهب الحنفية (1)، والشافعية (2)، والحنبلية (3) إلى وجوب
(1) المبسوط: 2/ 190.
(2)
روضة الطالبين ج: 2 ص 127.
(3)
المغني: 4/ 248.
الزكاة فيه بشروط تقدم ذكرها في المبحث الثاني.
2 -
وذهب المالكية (1) إلى عدم وجوب الزكاة فيه في كل سنة إلا إذا باعه فيزكيه لسنة واحدة، وإن تأخر بيعه سنين، واشترطوا لذلك شروطا تقدم ذكرها في المبحث الثاني.
3 -
وذهب الظاهرية (2) ومن وافقهم (3) إلى عدم وجوب الزكاة فيه مطلقا.
أدلة الرأي الأول وهم الجمهور استدلوا بما يلي:
بقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} (4).
قال الإمام ابن جرير: القول في تأويل قوله تعالى: {مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} (5) يعني بذلك جل ثناؤه زكوا من طيب ما كسبتم بتصرفكم إما بتجارة، وإما بصناعة من الذهب والفضة، ويعني بالطيبات: الجياد يقول: زكوا أموالكم التي اكتسبتموها حلالا وأعطوا في زكاتكم الذهب والفضة الجياد منها دون الرديء كما حدثنا محمد بن المثنى. عن مجاهد في هذه الآية:
(1) موطأ مالك ج: 1 ص 255.
(2)
المحلى بالآثار: 4/ 12، 13.
(3)
كالشوكاني: الدراري المضية شرح الدرر البهية في المسائل الفقهية ص 211.
(4)
سورة البقرة الآية 267
(5)
سورة البقرة الآية 267
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} (1) قال: من التجارة (2).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكان المهاجرون تغلب عليهم التجارة، والأنصار تغلب عليهم الزراعة، وقد قال الله للطائفتين:{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (3) فذكر زكاة التجارة، وزكاة الخارج من الأرض، وهو العشر أو نصف العشر (4)، وبعموم قوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (5) وعروض التجارة لا شك أنها مال بل من أعم الأموال فكانت أولى بالدخول (6).
ب- وبما رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة فقيل: منع بن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي علي ومثلها معها " ثم قال: يا عمر أما شعرت أن
(1) سورة البقرة الآية 267
(2)
تفسير الطبري ج: 3 ص 80.
(3)
سورة البقرة الآية 267
(4)
مجموع الفتاوى ج: 8 ص 532، 533.
(5)
سورة التوبة الآية 103
(6)
ينظر: تفسير القرطبي 8/ 246، توضيح الأحكام 3/ 69.
عم الرجل صنو أبيه (1)».
محل الشاهد من الحديث: أنهم طلبوا من خالد زكاة أدراعه، وأعتاده - آلات الحرب - ظنا منهم أنها للتجارة، وأن الزكاة واجبة فيها، فبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن خالدا لم يجعلها للتجارة، وإنما جعلها وقفا في سبيل الله فلا زكاة فيها (2).
ج- وبما رواه البخاري ومسلم أيضا واللفظ للبخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه (3)» .
وجه الاستشهاد من الحديث: هو ما نشاهده في هذا الزمن
(1) صحيح البخاري ج: 1 ص 455، كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى:" وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله " رقم الحديث 1468، صحيح مسلم 2/ 676، 677، كتاب الزكاة، باب في تقديم الزكاة ومنعها، رقم الحديث 983.
(2)
ينظر شرح النووي على صحيح مسلم ج: 7 ص 56.
(3)
صحيح البخاري ج: 1 ص 3، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث 1. صحيح مسلم ج: 3 ص 1515، كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، رقم الحديث 1907.
من بعض التجار في العقارات حيث يقومون بإعداد مشاريع سكنية بالعشرات، أو أكثر، للاستثمار، وطلب الربح، فإذا سألنا التاجر ماذا يريد بهذا المشروع؟ لقال أريد النقود - من الذهب، أو الفضة، أو الأوراق - أبني أو أشتري وأبيع إذا حصل من ورائها ربح، لا قصد لي في ذاتها، وإنما قصدي ثمنها.
وعروض التجارة ليست مقصودة لذاتها، وإنما المقصود منها النقود، والنقود تجب الزكاة فيه بالإجماع، والأمور إنما تعتبر بمقاصدها، وعليه تجب الزكاة في العقار التجاري قياسا على النقود باعتبار المقصود، والدليل هذه القاعدة الفذة المنتزعة من هذا الحديث الصحيح (1).
د- وبما رواه الحاكم بسنده إلى أن قال: حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام حدثنا عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز (2)
(1) ينظر التمهيد لابن عبد البر 17/ 125، 126، الشرح الممتع لابن عثيمين 6/ 141.
(2)
المستدرك على الصحيحين ج 1/ 545، كتاب الزكاة، رقم الحديث 1431، سنن الدارقطني 2/ 101، كتاب الزكاة، باب ليس في الكسر شيء، رقم الحديث 27. قال الحافظ ابن حجر في حديث أبي ذر - بعد ذكره لطرق الحديث وتضعيفها -: له طريق رابع رواها الدارقطني والحاكم من طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام عن عمران وذكر لفظ الحديث أعلاه إلى أن قال: وهذا إسناد لا بأس به. التلخيص الحبير ج: 2 ص 179. وصححه النووي في المجموع 6/ 397.
صدقته، ومن رفع دنانير أو دراهم أو تبرا وفضة لا يعدها لغريم ولا ينفقها في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة».
نوع الاستدلال من الحديث: حيث إن الزكاة لا تجب في عين الثياب والسلاح فثبت أنها واجبة في قيمته، وتعين الحمل على زكاة التجارة. (1).
هـ: وبما رواه أبو داود حيث قال: حدثنا محمد بن داود بن سفيان ثنا يحيى بن حسان ثنا سليمان بن موسى أبو داود ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان عن سمرة بن جندب قال: «أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع (2)» . .
(1) ينظر: مغني المحتاج 1/ 397.
(2)
سنن أبي داود الزكاة (1562).
قال الإمام الصنعاني: الحديث دليل على وجوب الزكاة في مال التجارة (1).
وقال ابن حزم: واحتجوا- على وجوب الزكاة في عروض التجارة - بخبر صحيح عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: كنت على بيت المال زمان عمر بن الخطاب فكان إذا خرج العطاء جمع أموال التجار ثم حسبها غائبها وشاهدها ثم أخذ الزكاة من شاهد المال عن الغائب والشاهد.
وبخبر صحيح رويناه عن ابن عباس أنه كان يقول: لا بأس بالتربص حتى يبيع، والزكاة واجبة فيه.
(1) سبل السلام 4/ 54.
وبخبر صحيح عن ابن عمر: ليس في العروض زكاة إلا أن تكون لتجارة. (1)
(1) المحلى ج: 5 ص 234.
دليل الرأي الثاني القائل بعدم وجوب الزكاة في العقار المعد للبيع إلا إذا باعه فيزكيه لسنة واحدة وإن تأخر بيعه سنين وهم المالكية ومن قال بقولهم.
استدلوا بما يلي:
دليلهم: أن الزكاة شرعت في الأموال النامية فإذا زكى السلعة كل عام وقد تكون كاسدة نقصت عن شرائها فيتضرر فإذا زكيت عند البيع فإن كانت ربحت فالربح كان كامنا فيها فيخرج زكاته ولا يزكي حتى يبيع بنصاب ثم يزكي بعد ذلك ما يبيعه من كثير وقليل. (1).
قال الدسوقي: قال ابن بشير: فإن أقامت عروض الاحتكار أحوالا لم تجب عليه إلا زكاة سنة واحدة، لأن الزكاة متعلقة بالنماء أو بالعين لا بالعروض فإذا أقامت أحوالا ثم بيعت لم يحصل فيها
(1) المنتقى 2/ 90، القوانين الفقهية لابن جزي 1/ 70.
النماء إلا مرة واحدة فلا تجب الزكاة إلا مرة واحدة ولا يجوز أن يتطوع بالإخراج قبل البيع فإن فعل فهل يجزئه قولان والمشهور عدم الإجزاء؛ لأن الزكاة لم تجب بعد (1)
…
.
قال الإمام الزرقاني: الأصل المجمع عليه في الزكاة إنما هو في الأموال النامية أو المطلوب فيها النماء بالتصرف (2).
الرد: إن دليل المالكية دليل ضعيف لمخالفته ما سبق ذكره من الأدلة الشرعية الثابتة. (3).
- قال الإمام الكاساني: وما ذكره المالكية غير سديد؛ لأنه وجد سبب وجوب الزكاة وشرطه في كل حول فلا معنى لتخصيص الحول الأول بالوجوب فيه كالسوائم والدراهم والدنانير، وسواء كان مال التجارة عروضا، أو عقارا، أو شيئا مما يكال، أو يوزن؛ لأن الوجوب في أموال التجارة تعلق بالمعنى وهو المالية والقيمة وهذه الأموال كلها في هذا المعنى جنس واحد. (4).
- اضطرابهم في اعتبار النماء شرطا في إيجاب الزكاة حيث
(1) حاشية الدسوقي ج: 1 ص 473.
(2)
شرح الزرقاني على الموطأ 2/ 141.
(3)
ينظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز 14/ 163.
(4)
بدائع الصنائع 2/ 20، 21.
أعملوه أحيانا، وأهملوه أحيانا.
من ذلك إيجابهم الزكاة في الدين على الدائن وإن كان عاجزا عن تنمية دينه. (1).
قال ابن عبد البر: وأما المدير الذي يكثر خروج ما ابتاع عنه ويقل بواره وكساده ويبيع بالنقد والدين فإنه يقوم ما عنده من السلع ويحصي ما عنده من العين وماله من الدين عند مليء وثقة مما لا يتعذر عليه أخذه ويقوم عروضه يفعل ذلك في كل عام (2).
فالدين مال غير نام ومع هذا تجب فيه الزكاة، والشرط لا بد أن يكون منضبطا.
ومن ذلك الخضار بأنواعها، والفواكه بأنواعها، والزهور بأنواعها، والأخشاب في الغابات الشاسعة وغير ذلك مما أنشئت له المزارع الضخمة تنتجه وتصدره إلى مختلف أقطار الأرض ويكسب منه مكاسب كثيرة فلا تجب الزكاة في ذاته مع أنه مال نام (3).
قال الحطاب: وقال مالك: وليس في الفواكه كلها رطبها ويابسها زكاة، ولا في الخضر زكاة. (4).
(1) ينظر في: أبحاث وأعمال الندوة التاسعة لقضايا الزكاة المعاصرة ص 242.
(2)
التمهيد لابن عبد البر ج: 17 ص 128.
(3)
أبحاث وأعمال الندوة التاسعة لقضايا الزكاة المعاصرة ص 243.
(4)
مواهب الجليل: 2/ 280.
- إنه لا يوجد نص لا من كتاب الله تعالى، ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدل على أن النماء شرط في الزكاة، والعلة المستنبطة أول ما يسقطها تخلفها، فإذا تخلفت العلة عن إثبات الحكم فمعنى ذلك أنها ليست علة (1)، وقد مر معنا أنواع من الأموال يوجد فيها النماء وليست فيها زكاة، وأموال ليست فيها نماء ومع ذلك فيها زكاة.
أدلة الرأي الثالث القائل بعدم وجوب الزكاة فيه مطلقا وهم الظاهرية (2) ومن وافقهم (3).
استدلوا بما يلي:
- بما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه (4)» .
قال ابن حزم: وصح عنه عليه السلام: «ليس على المسلم
(1) أبحاث وأعمال الندوة التاسعة لقضايا الزكاة المعاصرة ص 344.
(2)
المحلي بالآثار: 4/ 12، 13.
(3)
كالشوكاني: الدراري المضية شرح الدرر البهية في المسائل الفقهية ص 211.
(4)
صحيح البخاري 2/ 532، كتاب الزكاة، باب ليس على المسلم في عبده صدقة، رقم الحديث 1395 صحيح مسلم 2/ 675، كتاب الزكاة، باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه، رقم الحديث 982.
في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر (1)».
والفرس والعبد اسم للجنس كله ولو كان في شيء من ذلك صدقة لما أغفل عليه السلام بيان مقدارها، ومقدار ما تؤخذ منه. (2).
- وبما رواه البخاري ومسلم أيضا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، ولا فيما دون خمس ذود صدقة، ولا فيما دون خمس أواق صدقة (3)» . .
قال ابن حزم: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن لا زكاة في عروض التجارة وهو أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة ولا فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة (4)» ، وأنه أسقط الزكاة عما دون الأربعين من الغنم وعما دون خمسة أوسق من التمر والحب فمن أوجب زكاة في عروض التجارة فإنه يوجبها في كل ما نفى عنه عليه السلام الزكاة مما ذكرنا (5).
(1) صحيح البخاري الزكاة (1464)، صحيح مسلم الزكاة (982)، سنن الترمذي الزكاة (628)، سنن النسائي الزكاة (2472)، سنن أبي داود الزكاة (1595)، سنن ابن ماجه الزكاة (1812)، مسند أحمد (2/ 477)، موطأ مالك الزكاة (612)، سنن الدارمي الزكاة (1632).
(2)
المحلى 4/ 35.
(3)
صحيح البخاري الزكاة (1405)، صحيح مسلم الزكاة (979)، سنن الترمذي الزكاة (626)، سنن النسائي الزكاة (2487)، سنن أبي داود الزكاة (1559)، سنن ابن ماجه الزكاة (1793)، مسند أحمد (3/ 97)، موطأ مالك الزكاة (576)، سنن الدارمي الزكاة (1633).
(4)
صحيح البخاري الزكاة (1459)، صحيح مسلم الزكاة (979)، سنن الترمذي الزكاة (626)، سنن النسائي الزكاة (2487)، سنن أبي داود الزكاة (1559)، سنن ابن ماجه الزكاة (1793)، مسند أحمد (3/ 97)، موطأ مالك الزكاة (576)، سنن الدارمي الزكاة (1633).
(5)
المحلى ج: 4 ص 44.
الرد: ويجاب عن ذلك بحمله على عدم وجوب الزكاة في أعيانها، وهذا لا ينافي وجوب الزكاة في قيمتها من الذهب والفضة؛ فإنها ليست مقصودة لأعيانها، وإنما هي مقصودة لقيمتها فكانت قيمتها هي المعتبرة، وبذلك يجمع بين أدلة نفي وجوبها في العروض، وإثباتها فيها (1).
قال أبو عمر ابن عبد البر: أجرى العلماء- من الصحابة والتابعين ومن بعدهم- سائر العروض كلها على اختلاف أنواعها مجرى الفرس والعبد، إذا اقتني ذلك لغير التجارة، وهم فهموا المراد وعلموه، فوجب التسليم لما أجمعوا عليه (2).
ويقول: لا زكاة في العروض إذا لم يرد بها التجارة؛ لأنها إذا أريد بها التجارة جرت مجرى العين؛ لأن العين من الذهب والفضة تحولت فيها طلبا للنماء فقامت مقامها (3).
قال الإمام النووي: وأما الجواب عن حديث «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة (4)» فهو محمول على ما ليس للتجارة، ومعناه لا زكاة في عينه بخلاف الأنعام، وهذا التأويل متعين للجمع بين الأحاديث (5).
(1) المغني لابن قدامة 4/ 249، فتاوى اللجنة الدائمة 9/ 310، 311.
(2)
التمهيد 17/ 135.
(3)
التمهيد 17/ 125.
(4)
صحيح البخاري الزكاة (1464)، صحيح مسلم الزكاة (982)، سنن الترمذي الزكاة (628)، سنن النسائي الزكاة (2472)، سنن أبي داود الزكاة (1595)، سنن ابن ماجه الزكاة (1812)، مسند أحمد (2/ 477)، سنن الدارمي الزكاة (1632).
(5)
المجموع 6/ 41، مغني المحتاج 1/ 397.