الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن البكاء على الميت على وجه الرحمة حسن مستحب، حيث يقول ما نصه: لكن البكاء على الميت على وجه الرحمة حسن مستحب، وذلك لا ينافي الرضا، بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه، وبهذا يعرف معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لما بكى على الميت وقال:«إن هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء (1)» ، فإن هذا ليس كبكاء من يبكي لحظه لا لرحمة الميت، فإن الفضيل بن عياض لما مات ابنه علي فضحك وقال:(رأيت أن الله قد قضى فأحببت أن أرضى بما قضى الله به) حاله حال حسن بالنسبة إلى أهل الجزع. وأما رحمة الميت مع الرضا بالقضاء وحمد الله تعالى كحال النبي صلى الله عليه وسلم فهذا أكمل، كما قال تعالى:{ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} (2)، فذكر سبحانه التواصي بالصبر والمرحمة (3).
(1) صحيح البخاري التوحيد (7448)، صحيح مسلم الجنائز (923)، سنن النسائي الجنائز (1868)، سنن أبي داود الجنائز (3125)، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1588)، مسند أحمد (5/ 207).
(2)
سورة البلد الآية 17
(3)
مجموع الفتاوى، ج 10 ص 47.
5 -
عدم إظهار أثر المصيبة:
ويكون ذلك باجتناب إظهار المصاب أثر المصيبة عليه، واجتناب تغيير الحال أو تعطيل المعاش، ونحو ذلك لما فيه من إظهار
الجزع المنافي للصبر.
يقول ابن قدامة: من حسن الصبر أن لا يظهر أثر المصيبة على المصاب (1).
ويقول ابن القيم: مما يقدح في الصبر إظهار المصيبة والتحدث بها، وكتمانها رأس الصبر (2). ويقول البهوتي: وكره لمصاب تغيير حاله وتعطيل معاشه (3).
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: من إجلال الله ومعرفة حقه ألا تشكو وجعك ولا تذكر مصيبتك (4). وروى الإمام أحمد عن الأحنف بن قيس أنه شكا إليه ابن أخيه وجعا في ضرسه، فقال الأحنف: لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة ما ذكرتها لأحد (5).
وروي أنه مات ابن لأحد قضاة البصرة، فاجتمع إليه العلماء والفقهاء فتذاكروا ما يتبين به جزع الرجل من صبره، فأجمعوا أنه إذا ترك شيئا مما كان يصنعه فقد جزع (6).
(1) مختصر منهاج القاصدين، ص 299.
(2)
عدة الصابرين، ص 274.
(3)
الروض المربع، ج 1 ص 357.
(4)
ابن قدامة، مختصر منهاج القاصدين، ص 300.
(5)
الزهد، ص 288.
(6)
ابن القيم، عدة الصابرين، ص 273.