الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله ملحوظا، فهو أهل لأن يتحمل المتاعب ويصبر على المكاره.
وإذا العناية لاحظتك عيونها
…
نم فالمخاوف كلهن أمان
واصطد بها العنقاء فهي حبائل
…
واقتد بها الجوزاء فهي عنان
ولما هدد فرعون - مستخدما سيف القهر والجبروت - موسى عليه السلام وقومه أن يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم، قال موسى لقومه:{اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا} (1).
ولعل حاجة الصابرين إلى الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه هي بعض أسرار اقتران الصبر بالتوكل على الله في آيات كثيرة مر بنا بعضها، مثل قوله:{الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (2)، وقوله على ألسنة الرسل:{وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (3). (4).
(1) سورة الأعراف الآية 128
(2)
سورة العنكبوت الآية 59
(3)
سورة إبراهيم الآية 12
(4)
د. يوسف القرضاوي، الصبر في القرآن، ص 96 بتصرف يسير.
ثالثا: فقه مضمون الاسترجاع:
الاسترجاع من أبلغ علاج المصائب وأنفعه للعبد المصاب في عاجله وآجله، فإنه يتضمن أصلين عظيمين إذا استشعرهما العبد تسلى عن مصيبته: أحدهما:
أ- أن نفسه وأهله وماله وولده ملك لله عز وجل حقيقة، وقد جعله الله عنده عارية، فإذا أخذه منه فهو كالمعير يأخذ عاريته من المستعير.
ب- أن نفسه وأهله وماله وولده محفوفة بعدمين، عدم قبلها، وعدم بعدها. وملكه لها إنما هو متعة معارة في زمن يسير.
ج- أنه ليس هو الذي أوجدها من عدم، حتى يكون ملكه حقيقة، ولا هو الذي يحفظها من الآفات بعد وجودها، ولا هو الذي يبقي عليها وجودها، فليس له فيها تأثير ولا ملك حقيقي.
د- أن تصرفه فيها تصرف العبد المأمور المنهي، لا تصرف المالك الحقيقي. ولذا لا يباح له من التصرفات فيها إلا ما وافق أمر هذا المالك (1).
ويؤيد ما تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لله ما أخذ وله ما أعطى (2)» ، وقول لبيد:
وما المال والأهلون إلا ودائع
…
ولا بد يوما أن ترد الودائع
الثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، ولا بد أن خلف الدنيا وراء ظهره، ويأتي ربه يوم القيامة فردا كما خلقه أول
(1) انظر: ابن القيم، زاد المعاد، ج 4 ص 189.
(2)
رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب (الجنائز)، الباب (32)، الحديث رقم 1284، ج 3 ص 151. رواه مسلم في صحيحه في كتاب (الجنائز)، باب (البكاء على الميت)، ج 6 ص 224.