الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 -
البقاء في البلدة التي يصيبها وباء:
تدل الأحاديث الصحيحة أن من آداب الصبر أيضا ولوازمه بقاء المسلم في البلد الذي يصيبه وباء وهو مقيم فيه، حيث روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فقال:«كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للعالمين، ما من عبد يكون في بلد يكون فيه ويمكث فيه لا يخرج من البلد صابرا محتسبا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد (1)» .
كما روى البخاري أيضا عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه (3)» .
(1) صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب القدر، الباب (15)، الحديث رقم 6619، ج 11 ص 514. وكتاب (الطب)، الباب (31)، الحديث رقم 5734، ج 10 ص 192.
(2)
صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الطب، الباب (31)، الحديث رقم 5730، ج 10 ص 179.
(3)
يعني الطاعون. (2)
المبحث الثاني: آداب الصبر الحفية:
تتمثل أبرز آداب الصبر الخفية فيما يلي:
1 -
الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره:
وذلك بألا يكون في قلبه شيء من الجزع على ما قضاه الله وقدره عليه، وألا ييأس على ما فاته، ولا يفرح بما جاءه، ويوقن بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، قال تعالى:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (1){لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (2)، وقال تعالى:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (3).
قال علقمة لما سئل عن هذه الآية: هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيرضى لها ويسلم (4) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط (5)» .
(1) سورة الحديد الآية 22
(2)
سورة الحديد الآية 23
(3)
سورة التغابن الآية 11
(4)
ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج 4 ص 400، 451. والمنبجي، تسلية أهل المصائب، ص 209.
(5)
رواه الترمذي في سننه في كتاب الزهد، باب (ما جاء في الصبر على البلاء)، الحديث رقم 2401، ج 4 ص 601، وقال: حديث حسن غريب. ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب الفتن، باب (الصبر على البلاء)، الحديث رقم 4531، ص 666، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 46/ 1، ج 1 ص 276.