الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العشر من الزيت وذلك إذا بلغ الثمر خمسة أوسق، لأن الزيت أنفع للفقراء، كما أنه لو خير الفقير بين ذلك لاختار الزيت، لأنه لا يحتاج إلى بذل الجهد والنفقة في عصر الثمر، بخلاف ما لو أخذه حبا فإنه يضطر إلى أن يدفع النفقات ويبذل الجهد من أجل عصر الثمر، وقد لا يجد مالا وإن وجد فقد لا يستطيع من الناحية الجسدية فالزيت أفضل.
المطلب الثاني: حكم النفقات على الزيتون:
لقد جرت العادة أن ينفق المزارع على مزروعاته بعض النفقات التي تحتاج إليها هذه المزروعات مثل: الحرث، والسماد، والتنقية، والحصاد ونقله إلى المعصرة وغير ذلك وتسمى هذه بالنفقات الإنمائية، وقد تكون هذه النفقات باهظة كما هو الحال في عصرنا الحاضر. والسؤال هو: هل يجوز خصم هذه النفقات من الغلة وقبل أن تؤخذ الزكاة أم لا؟
لقد وقع الاختلاف فيها بين أهل العلم على قولين:
الأول: لا يجوز خصم أو احتساب هذه النفقات من الغلة وقبل أن تؤخذ الزكاة، ومؤدى هذا القول إخراج الزكاة من الغلة دون الالتفات إلى النفقات مهما بلغت، وقد ذهب إليه الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ومن وافقهم.
وحجتهم في ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: «فيما سقت السماء العشر وما سقي بالنضح ففيه نصف العشر (1)» .
وجه الاستدلال في الحديث: لقد حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة، فلو رفعت المؤنة كان الواجب واحدا، وهو العشر دائما في الباقي، لأنه لم ينزل إلى نصفه إلا للمؤنة، والفرض أن الباقي بعد رفع قدر المؤنة لا مؤنة فيه، فكان الواجب دائما العشر، لكن الواجب قد تفاوت شرعا، مرة العشر ومرة نصفه، بسبب المؤنة، فعلمنا أنه لم يعتبر شرعا عدم عشر بعض الخارج- وهو القدر المساوي للمؤنة- أصلا (2).
الثاني: يجوز خصم النفقات من الغلة قبل أن تؤخذ الزكاة، وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر وعطاء وطاووس ومكحول واختاره ابن العربي ومن المعاصرين القرضاوي (3).
وحجتهم في ذلك:
أولا: روى أبو عبيد عن مكحول قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث الخراص قال: خففوا فإن في المال
(1) صحيح البخاري الزكاة (1483)، سنن الترمذي الزكاة (640)، سنن النسائي الزكاة (2488)، سنن أبي داود الزكاة (1596)، سنن ابن ماجه الزكاة (1817).
(2)
ابن عابدين، الحاشية 2/ 327.
(3)
ابن قدامة، المغني 3/ 17، القرضاوي، فقه الزكاة 1/ 396.
العرية والوطية (1)».
ثانيا: ما روي عن سهل بن أبي حثمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع (2)» .
وجه الاستدلال في الحديثين:
الدلالة في الحديثين واضحة وهي أن على الخارص أن يترك لأصحاب الزروع والثمار (الزيتون) الثلث، أو الربع، وهذا القدر يساوي مقدار ما ينفقه صاحب الثمر (الزيتون) على زيتونه وفي هذا دلالة واضحة على خصم النفقات الإنمائية من الغلة وقبل إخراج الزكاة.
وقد أيد القرضاوي ما ذهب إليه بأمرين: (3):
الأول: إن للكلفة والمؤنة تأثيرا في نظر الشارع، فقد تقلل مقدار الواجب، كما في السقي بآلة، حيث جعل الشارع عز وجل فيه نصف العشر فقط، وقد تمنع الوجوب أصلا، كما في الأنعام المعلوفة أكثر العام، فلا عجب أن تؤثر في إسقاط ما يقابلها من الخارج من الأرض.
(1) أبو عبيد، الأموال ص 611.
(2)
الترمذي، السنن 2/ 77.
(3)
القرضاوي، فقه الزكاة 1/ 396.