الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ محمد بن عثيمين: فإن قال قائل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة (1)» قلنا: نعم قال ذلك، ولكنه لم يقل ليس في العروض التي لا تراد لعينها، وإنما تراد لقيمتها ليس فيها زكاة.
وقوله: (عبده ولا في فرسه) كلمة مضافة للإنسان لاختصاص، يعني الذي جعله خاصا به يستعمله وينتفع به كالفرس والعبد والثوب، والبيت الذي يسكنه والسيارة التي يستعملها. كل هذا ليس فيه زكاة؛ لأن الإنسان اتخذها لنفسه، ولم يتخذها ليتجر بها يشتريها اليوم، ويبيعها غدا، وعلى هذا فمن استدل بهذا الحديث على عدم زكاة العروض فقد أبعد. (2).
(1) صحيح البخاري الزكاة (1464)، صحيح مسلم الزكاة (982)، سنن الترمذي الزكاة (628)، سنن النسائي الزكاة (2472)، سنن أبي داود الزكاة (1595)، سنن ابن ماجه الزكاة (1812)، مسند أحمد (2/ 477)، سنن الدارمي الزكاة (1632).
(2)
الشرح الممتع: 6/ 140، 141، وينظر التمهيد لابن عبد البر ج: 17 ص 135.
المبحث الرابع: في حكم الزكاة في العقار المعد للبيع بعد اكتمال بنائه، وتأخر بيعه
وتحته مطلبان:
الأول: أن يتأخر العقار المعد للبيع بعد اكتمال بنائه، ويكون سبب تأخر بيعه انتظار زيادة ربح، وغلاء سعر. فهذا اختلف العلماء في حكم الزكاة فيه على ثلاثة أراء.
1 -
ذهب الحنفية (1)، والشافعية (2)، والحنبلية (3) إلى وجوب الزكاة فيه بشروط تقدم ذكرها في المبحث الثاني.
2 -
وذهب المالكية (4) إلى عدم وجوب الزكاة فيه في كل سنة إلا إذا باعه فيزكيه لسنة واحدة، وإن تأخر بيعه سنين، واشترطوا لذلك شروطا تقدم ذكرها في المبحث الثاني.
3 -
وذهب الظاهرية (5) إلى عدم وجوب الزكاة فيه مطلقا.
وتقدمت أدلة الجميع - مع الرد على الرأي غير المختار- في المبحث الثالث.
المطلب الثاني: أن يتأخر العقار المعد للبيع بعد اكتمال بنائه، ويكون سبب تأخر بيعه كساد سوق.
(1) المبسوط: 2/ 190.
(2)
روضة الطالبين ج: 2 ص 127.
(3)
المغني: 4/ 248.
(4)
موطأ مالك ج: 1 ص 255.
(5)
المحلى بالآثار، 4/ 12، 13.
اختلف العلماء في حكم الزكاة فيه على ثلاثة آراء.
1 -
ذهب الحنفية (1)، والشافعية (2)، والحنبلية (3) إلى وجوب الزكاة فيه بشروط. (4).
2 -
وذهب الظاهرية (5) إلى عدم وجوب الزكاة فيه مطلقا، وتقدمت أدلتهم في المبحث الثالث.
3 -
وذهب المالكية (6) إلى عدم وجوب الزكاة فيه في كل سنة إلا إذا باعه فيزكيه لسنة واحدة، وإن تأخر بيعه سنين، واشترطوا لذلك شروطا (7).
قسم المالكية التجار إلى قسمين: متربص، ومدير:
فالمتربص: هو الذي يشتري السلع وينتظر بها الأسواق فربما
(1) المبسوط: 2/ 190.
(2)
روضة الطالبين ج: 2 ص 127.
(3)
المغني: 4/ 248.
(4)
تقدم ذكرها في المبحث الثاني، وأدلة تقدم ذكرها في المبحث الثالث.
(5)
المحلى بالآثار: 4/ 12، 13.
(6)
موطأ مالك ج: 1 ص 255.
(7)
تقدم ذكرها في المبحث الثاني.
أقامت السلع عنده سنين فهذا عنده لا زكاة عليه إلا أن يبيع السلعة فيزكيها لعام واحد، وحجتهم أن الزكاة شرعت في الأموال النامية فإذا زكى السلعة كل عام وقد تكون كاسدة نقصت عن شرائها فيتضرر فإذا زكيت عند البيع، فإن كانت ربحت فالربح كان كامنا فيها فيخرج زكاته، ولا يزكي حتى يبيع بنصاب ثم يزكي بعد ذلك ما يبيعه من كثير وقليل.
وأما المدير: فهو الذي يبيع السلع في أثناء الحول فلا يستقر بيده سلعة فهذا يزكي في كل سنة الجميع يجعل لنفسه شهرا معلوما يحسب ما بيده من السلع والعين والدين الذي على المليء الثقة ويزكي الجميع (1).
قال الإمام ابن عبد البر: من ابتاع سلعة للتجارة ولم يكن من أهل الإدارة فبارت عليه، ولم يكن له ناض يجب عليه فيه الزكاة وحبس السلعة سنين وهو بتلك الحال فلا زكاة عليه فيها حتى يبيعها ويزكي لعام واحد إذا باعها، وعروض التجارة عند مالك إذا كانت مدارة بخلافها إذا كانت غير مدارة وإن كانت الزكاة جارية فيها كلها إلا أن المدارة تزكى في كل عام وغير المدارة إنما تزكى بعد البيع لعام واحد، وقد قال جماعة من أهل المدينة وغيرهم إن المدير
(1) شرح الزرقاني على الموطأ 2/ 109، القوانين الفقهية لابن جزي ج: 1 ص 70.
وغيره سواء يقوم في كل عام ويزكي إذا كان تاجرا، وما بار وما لم يبر من سلعته إذا نوى به التجارة بعد أن يشتريها للتجارة سواء، وهو قول صحيح إلى ما فيه من الاحتياط؛ لأن العين من الذهب والورق لا نماء لها إلا بطلب التجارة فيها فإذا وضعت العين في العروض للتجارة حكم لها بحكم العين فتزكى في كل حول كما تزكى العين وكل من انتظر بسلعته التي ابتاعها للتجارة وجود الربح متى جاءه فهو مدير (1)
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين يرحمه الله: مسألة مهمة يكثر السؤال عنها وذلك حين تكسد الأراضي المعدة للبيع.
مثاله: اشترى إنسان أرضا وقت الغلاء ولم يجد من يشتريها منه لا بقليل ولا بكثير، فهل عليه زكاة في مدة الكساد، أو لا؟
الجواب: يرى بعض العلماء: أنه لا شيء عليه في هذه الحال؛ لأن هذا يشبه الدين على المعسر في عدم التصرف فيه حتى
(1) الكافي لابن عبد البر 1/ 97.
يتمكن من بيعها، فإذا باعها حينئذ قلنا له: زك لسنة البيع فقط، وهذا في الحقيقة تيسير على الأمة، وفيه موافقة للقواعد؛ لأن هذا الرجل يقول: أنا لا أنتظر الزيادة أنا أنتظر من يقول: بع لي، والأرض نفسها ليست مالا زكويا في ذاتها حتى نقول: تجب عليك الزكاة في عينه.
أما الدراهم المبقاة في البنك، أو في الصندوق من أجل أن يشتري بها دارا للسكنى، أو يجعلها صداقا، فهي لا تزيد لكن لا شك أن فيها زكاة.
والفرق بينها وبين الأرض الكاسدة: أن الزكاة واجبة في عين الدراهم، وأما الزكاة في العروض فهي واجبة في قيمتها، وقيمتها حين الكساد غير مقدور عليها فهي بمنزلة الدين على المعسر (1).
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن صداق المرأة على زوجها تمر عليه السنون المتوالية لا يمكنها مطالبته به لئلا يقع بينهما فرقة ثم إنها تعوض عن صداقها بعقار، أو يدفع إليها الصداق بعد مدة من السنين فهل تجب زكاة السنين الماضية أم إلى أن يحول الحول من حين قبضت الصداق؟
فأجاب: الحمد لله، هذه المسألة فيها للعلماء أقوال:
قيل: يجب تزكية السنين الماضية سواء كان الزوج موسرا أو
(1) الشرح الممتع 6/ 32، 33.
معسرا.
وقيل: يجب مع يساره وتمكنها من قبضه دون ما إذا لم يمكن تمكينها من القبض.
وقيل: تجب لسنة واحدة كقول مالك وقول في مذهب أحمد.
وقيل: لا تجب بحال كقول أبي حنيفة وقول في مذهب أحمد.
وأضعف الأقوال من يوجبها للسنين الماضية حتى مع العجز عن قبضه فإن هذا القول باطل فإما أن يجب لهم ما يأخذونه مع أنه لم يحصل له شيء فهذا ممتنع في الشريعة ثم إذا طال الزمان كانت الزكاة أكثر من المال.
وأقرب الأقوال: قول من لا يوجب فيه شيئا بحال حتى يحول عليه الحول، أو يوجب فيه زكاة واحدة عند القبض فهذا القول له وجه، وهذا له وجه، وهذا قول أبي حنيفة وهذا قول مالك وكلاهما قيل به في مذهب أحمد. والله أعلم. (1).
طرح سؤال على اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء صيغته ما يلي:
س: أراض مملوكة لنا وهي تسمى بالمرافق كالمدارس. وهذه الأرض لا يمكننا التصرف فيها بالبيع إلا بعد أخذ موافقة الجهات
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج: 25 ص 47، 48.