الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، فيدخلون عليهم من كل باب (2)». .
(1) صحيح مسلم الزهد والرقائق (2979)، مسند أحمد (2/ 168)، سنن الدارمي الرقاق (2844).
(2)
سورة الرعد الآية 24 (1){سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}
المبحث الثالث: فضائل الصبر في آثار سلف الأمة وعلمائها:
نقل عن سلف الأمة وعلمائها الكثير من الآثار والأقوال التي تبين قيمة الصبر ومنزلته وفضله، وأورد فيما يلي أهم هذه الآثار والأقوال:
1 -
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وجدنا خير عيشنا بالصبر.
وفي رواية: إن أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريما.
ويقول رضي الله عنه: الصبر ملاك الإيمان (1). ويقول كذلك: لو أن الصبر والشكر بعيران لم أبال أيهما ركبت.
ويقول أيضا: نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين (2)، ويعني بالعدلين: الصلاة والرحمة، وبالعلاوة: الهدى. والعلاوة: ما يحمل فوق العدلين على البعير وأشار به إلى قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (3). .
2 -
ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: بني الإسلام على أربع دعائم: اليقين، والصبر، والجهاد، والعدل (4).
ويقول: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا جسد لمن لا رأس له، ولا إيمان لمن لا صبر له.
(1) الغزالي، إحياء علوم الدين، ج 4 ص 59.
(2)
الغزالي، إحياء علوم الدين، ج 4 ص 59. وأبو طالب المكي، قوت القلوب، ج 1 ص 194.
(3)
سورة البقرة الآية 157
(4)
المكي، قوت القلوب، ج 1 ص 194. والغزالي، إحياء علوم الدين، ج 4 ص 59.
ويقول: (الصبر مطية لا تكبو)(1). ويقول أيضا: (لو كان الصبر رجلا كان أكمل الرجال)(2). ويقول أيضا: (الصبر كفيل بالنجاح)(3).
ويقول كذلك محددا أركان الصبر: الصبر على أربع شعب: على الشوق، والشفقة، والزهد، والترقب. فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات (4).
3 -
ويقول خالد بن الوليد رضي الله عنه: يا أهل الإسلام إن الصبر عز، وإن الفشل عجز، وإن النصر مع الصبر (5).
4 -
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: الصبر نصف الإيمان (6).
(1) الماوردي، أدب الدنيا والدين، ص 276. وابن القيم، عدة الصابرين، ص 101.
(2)
ابن أبي الدنيا، الصبر والثواب عليه، ص 159.
(3)
التنوخي، الفرج بعد الشدة، ج 1/ ص 154.
(4)
ابن أبي الدنيا، الصبر والثواب عليه، ص 25. والمكي، قوت القلوب، ج 1 ص 200.
(5)
ابن قتيبة، عيون الأخبار، ج 1 ص 258، ط الأولى 1406 هـ 1986 م، دار الكتب العلمية، بيروت.
(6)
المكي، قوت القلوب، ج 1 ص 194. وانظر: ابن القيم، عدة الصابرين، ص 116.
5 -
ويقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه: أفضل العدة الصبر على الشدة (1).
6 -
ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه: ذروة الإيمان الصبر للحكم، والرضا بالقدر (2).
7 -
ويقول عمران بن حصين رضي الله عنه: ثلاث يدرك بهن العبد رغائب الدنيا والآخرة: الصبر عند البلاء، والرضا بالقضاء، والدعاء في الرخاء (3).
8 -
وتقول أم الدرداء رضي الله عنها: إن الراضين بقضاء الله الذين ما قضى الله لهم رضوا به، لهم في الجنة منازل يغبطهم بها الشهداء يوم القيامة (4).
9 -
ويقول الحسن البصري رحمه الله: الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده.
(1) الماوردي، أدب الدنيا والدين، ص 276.
(2)
الغزالي، إحياء علوم الدين، ج 4 ص 59. والمكي، قوت القلوب، ج 1 ص 195.
(3)
ابن أبي الدنيا، الصبر والثواب عليه، ص 65.
(4)
المنبجي، تسلية أهل المصائب، ص 209.
10 -
ويقول مجاهد رحمه الله: (الصبر معقل)(1).
11 -
ويقول سفيان بن عيينة رحمه الله: لم يعط العباد أفضل من الصبر، به دخلوا الجنة (2).
12 -
ويقول إبراهيم التيمي رحمه الله: ما من عبد وهب الله له صبرا على الأذى، وصبرا على البلاء، وصبرا على المصائب إلا وقد أوتي أفضل ما أوتيه أحد بعد الإيمان بالله (3).
13 -
ويقول وهب بن منبه رحمه الله: ثلاث من كن فيه أصاب البر: سخاوة النفس، والصبر على الأذى، وطيب الكلام (4).
14 -
وقيل لسفيان الثوري رحمه الله: ما أفضل الأعمال؟ قال: الصبر عند الابتلاء (5).
15 -
ويقول قتادة رحمه الله: الصبر من الإيمان بمنزلة اليدين من الجسد
…
، ولو كان الصبر رجلا لكان كريما جميلا (6).
16 -
ويقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيرا
(1) ابن أبي الدنيا، الصبر والثواب عليه، ص 60.
(2)
المرجع السابق، ص 55، 51.
(3)
المرجع السابق، ص 28.
(4)
المرجع السابق، ص 38، 39.
(5)
المكي، قوت القلوب، ج 1 ص 197.
(6)
ابن أبي الدنيا، الصبر والثواب عليه، ص 112.
مما انتزعه منه (1)، أي أن الصبر عوض عن كل ما يفقده الإنسان من متاع الحياة الدنيا.
17 -
ويقول الماوردي: إن من حسن التوفيق وأمارات السعادة: الصبر على الملمات، والرفو (2) عند النوازل، وبه نزل الكتاب وجاءت السنة،
…
فنزل الكتاب بتأكيد الصبر فيما أمر الله به وندب إليه، وجعله من عزائم التقوى فيما افترضه وحث عليه (3).
18 -
ويقول أبو طالب المكي:
…
ومن الصبر حبس النفس على التقوى، والتقوى اسم جامع لكل خير، فالصبر معنى داخل في كل بر، فإذا جمعهما العبد فهو من المحسنين، وما على المحسنين من سبيل، ومنه قوله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (4). (5).
ويقول: التقوى والصبر معنيان، أحدهما منوط بالآخر، لا يتم كل واحد منهما إلا بصاحبه، فمن كانت التقوى مقامه كان الصبر حاله، فصار الصبر أفضل الأحوال من حيث كانت التقوى
(1) المرجع السابق، ص. 3. والمنبجي، تسلية أهل المصائب، ص 193.
(2)
أي السكون والهدوء والطمأنينة، من رفوت الرجل إذا سكنته. انظر ابن منظور، لسان العرب، مادة (رفأ).
(3)
أدب الدنيا والدين، ص 276.
(4)
سورة يوسف الآية 90
(5)
قوت القلوب، ج 1 ص 196.
أعلى المقامات، إذ الأتقى هو الأكرم عند الله تعالى، والأكرم على الله تعالى هو الأفضل (1).
ويقول: قد شرف الله تعالى الصبر بأن أضافه إليه بعد الأمر به، فقال تعالى:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} (2)، وقال:{وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (3). (4).
ويقول أيضا: اعلم أن الصبر سبب دخول الجنة وسبب النجاة من النار، لأنه جاء في الخبر أن الجنة حفت بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، فيحتاج المؤمن إلى صبر على المكاره ليدخل الجنة، ويحتاج إلى صبر عن الشهوات لينجو من النار (5).
ويقول كذلك: الصبر مقام أولي العزم من الرسل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقدوة بهم، وباهى الله تعالى بهم عباده، فقال تعالى:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (6). . .، وجعل الله تعالى الصبر من العزائم في قوله:{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (7). (8).
(1) المرجع السابق، ج 1 ص 197.
(2)
سورة النحل الآية 127
(3)
سورة المدثر الآية 7
(4)
المرجع السابق.
(5)
المرجع السابق، ج 1 ص 200.
(6)
سورة الأحقاف الآية 35
(7)
سورة آل عمران الآية 186
(8)
المرجع السابق.
19 -
ويقول ابن القيم في معرض بيانه كيف يكون الصبر نصف الإيمان: إن الإيمان مبني على ركنين: يقين، وصبر وهما الركنان المذكوران في قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (1)، فباليقين يعلم المؤمن حقيقة الأمر والنهي والثواب والعقاب، وبالصبر ينفذ ما أمر به ويكف نفسه عما نهي عنه، ولا يحصل له التصديق بالأمر والنهي أنه من عند الله وبالثواب والعقاب إلا باليقين. ولا يمكنه الدوام على فعل المأمور وكف النفس عن المحظور إلا بالصبر، فصار نصف الإيمان، والنصف الثاني: الشكر بفعل ما أمر به وبترك ما نهي عنه (2).
ويقول أيضا: إن الدين مبني على أصلين: الحق، والصبر. وهما المذكوران في قوله تعالى:{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3)، ولما كان المطلوب من العبد هو العمل بالحق في نفسه وتنفيذه في الناس، وكان هذا هو حقيقة الشكر، لم يمكنه ذلك إلا بالصبر عليه، فكان
(1) سورة السجدة الآية 24
(2)
عدة الصابرين، ص 116، 117.
(3)
سورة العصر الآية 3