الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظفره بها (1).
ومن لوازم الاستعانة بالله والتوكل عليه ألا يفقد المبتلى ثقته في عون الله له مهما اشتد الخطب وعظم البلاء، وألا يقنط من رحمته سبحانه، فإن فعل فما ذلك بمبدل ما به من بلاء، بل سيفقد به كل نافذة مضيئة، وكل رجاء في الفرج، وسيستبد به الضيق، فيزداد بلاء على بلائه وكربا على كربه، يقول تعالى:{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} (2).
(1) المرجع السابق، ج 2 ص 127.
(2)
سورة الحج الآية 15
3 -
حسن الظن بالله:
وذلك بأن يعلم المبتلى أن الذي ابتلاه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه، ولا ليعذبه به، وإنما ليمتحن إيمانه وصبره ورضاه، وليسمع تضرعه وابتهاله، وليراه طريحا ببابه، لائذا بجنابه، مكسور القلب بين يديه، رافعا الشكوى إليه (1). يقول عبد القادر الجيلاني: يا بني إن المصيبة ما
(1) انظر: محمد المنبجي، تسلية أهل المصائب، ص 225.
جاءت لتهلكك، وإنما جاءت لتمتحن صبرك وإيمانك. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تعالى: أنا عند حسن ظن عبدي بي (1)» . وسئل القاسم بن محمد عن الجزع، فقال: القول السيئ، والظن السيئ (2).
ومن حسن الظن بالله أن يوقن المبتلى بأن ما أصابه من بلاء هو خير له، وإن ظهر له في صورة الشر، فإن الله عز وجل لا يقضي لعباده إلا خيرا، علمه من علمه، وجهله من جهله، فما يقضيه الله من المنع لعبده المؤمن، عطاء وإن كان في صورة المنع، ونعمة وإن كان في صورة محنة، وبلاؤه عافية وإن كان في صورة بلية، ولكن لجهل العبد وظلمه وقصر نظره لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ما التذ به في العاجل، وتمتع به في القريب، وكان ملائما لطبعه خاليا من الأذى، وما علم أن فيما أصابه من بلاء شحذا لقواه، وعلوا لهمته، وتكفيرا لسيئاته، ورفعا لدرجاته، ومضاعفة لحسناته (3).
(1) رواه البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد، الباب (15)، الحديث رقم 7405، ج 13 ص 384. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب (الذكر والدعاء)، باب (الحث على ذكر الله)، ج 17 ص 2، وص 11، 12.
(2)
ابن القيم، عدة الصابرين، ص 273.
(3)
انظر: ابن القيم، مدارج السالكين، ج 2 ص 162، 163.