الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في نفسه ليس بنور (1).
ونخلص إلى أن المحققين من أهل السنة والجماعة أثبتوا أن الله سبحانه وتعالى: في نفسه نور، وسمى نفسه نورا، وصفته النور، ومنه النور، والمنور لغيره هو: نور، وكل ذلك - كما تقدم - ثابت في الكتاب، والسنة، وأقوال الأئمة؛ فهو نور، لكنه سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (2) فهو نور لا كالنور المخلوق، نور يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، نور يليق بالخالق، ومختلف عن نور المخلوق الذي هو خالقه سبحانه، والذي أخبرنا بهذا هو سبحانه، وأخبرنا بذلك رسوله الذي هو أعلم خلقه به.
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية ج 6 ص 396.
(2)
سورة الشورى الآية 11
الفصل الثاني: احتجب سبحانه عن خلقه بالنور
قال مسلم: باب في قوله عليه السلام: «نور أنى أراه (1)» وفي قوله: «رأيت نورا (2)» .
وأخرج بسنده من «حديث أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟
قال: " نور أنى أراه (3)» وفي الرواية الأخرى: «رأيت نورا (4)» .
(1) صحيح مسلم الإيمان (178)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3282)، مسند أحمد (5/ 157).
(2)
صحيح مسلم الإيمان (178)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3282)، مسند أحمد (5/ 175).
(3)
صحيح مسلم الإيمان (178)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3282)، مسند أحمد (5/ 157).
(4)
صحيح مسلم، كتاب الإيمان، ج 1 ص 161، 162 رقم الحديث 291، 292، 293.
وأخرج أيضا من حديث أبى موسى قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: " إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور (وفي رواية أبي بكر: النار) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه (1)» .
قال النووي:. . . ومعناه حجابه نور فكيف أراه، قال الإمام أبو عبد الله المازري: الضمير في أراه عائد على الله سبحانه وتعالى، ومعناه: أن النور منعني من الرؤية. . .
وقوله: «رأيت نورا (2)» معناه رأيت النور فحسب ولم أر غيره. . . . . (3)
ثم قال:. . . معنى " سبحات وجهه ": نوره وجلاله وبهاؤه. . . . . (4)
قال ابن تيمية:. . . فأخبر أنه حجب عن المخلوقات بحجابه
(1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، ج 1 ص 161، 162 رقم الحديث 291، 292، 293.
(2)
صحيح مسلم الإيمان (178)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3282)، مسند أحمد (5/ 175).
(3)
صحيح مسلم بشرح النووي ج 3 ص 12، 13، 14
(4)
صحيح مسلم بشرح النووي ج 3 ص 12، 13، 14
النور أن تدركها سبحات وجهه، وأنه لو كشف ذلك الحجاب لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه، فهذا الحجاب عن إحراق السبحات يبين ما يرد في هذا المقام. (1)
وقال ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: معناه كان ثم نور وحال دون رؤيته نور فأنى أراه. قال: ويدل عليه أن في بعض الألفاظ الصحيحة: «هل رأيت ربك؟ فقال: " رأيت نورا (2)» . . .، ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الآخر:«حجابه النور (3)» فهذا النور هو والله أعلم النور المذكور في حديث أبي ذر رضي الله عنه «رأيت نورا (4)» .
وقال ابن حجر:. . وبهذا يتبين مراد أبي ذر بذكره النور، أي النور حال بين رؤيته له ببصره. (5)
وقال ابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية:. . . فيكون - والله أعلم - معنى قوله لأبي ذر «رأيت نورا (6)» : أنه رأى الحجاب، ومعنى قوله " نور أنى أراه؟ " إي فكيف أراه
(1) مجموع الفتوى ج 6 ص 396.
(2)
صحيح مسلم الإيمان (178)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3282)، مسند أحمد (5/ 175).
(3)
صحيح مسلم الإيمان (179)، سنن ابن ماجه المقدمة (196)، مسند أحمد (4/ 405).
(4)
اجتماع الجيوش الإسلامية ص 7
(5)
فتح الباري ج 8 ص 608.
(6)
صحيح مسلم الإيمان (178)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3282)، مسند أحمد (5/ 175).
والنور حجاب بيني وبينه يمنعني من رؤيته؟ فهذا صريح في نفي الرؤية. والله اعلم. (1)
واختلف الصحابة، هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟ أم لا؟ ثم اختلف من أثبت الرؤية هل رآه بأم عينيه؟ أم رآه بقلبه؟
فريق أثبتوا الرؤية القلبية، منهم ابن عباس رضي الله عنه وفريق آخر نفوا الرؤية؛ منهم عائشة رضي الله عنها.
قال ابن حجر: " وعلى هذا فيمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر، وإثباته على رؤية القلب.
ثم المراد برؤية الفؤاد رؤية القلب لا مجرد حصول العلم، لأنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بالله على الدوام. (2)
لكن حديث ابن عباس الذي أخرجه أحمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت ربي عز وجل (3)» ، عمدة من أثبت الرؤية.
(1) شرح العقيدة الطحاوية ص 214 ط الأولى.
(2)
فتح الباري ج 8 ص 608.
(3)
ذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 3460 وقال عنه: صحيح