الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صنوف البلاء وألوان الشدائد، وبخاصة أصحاب الدعوات وحملة الرسالات من أنبياء الله ورسله المصطفين الأخيار الذين جعل الله من حياتهم وجهادهم دروسا بليغة لمن بعدهم، ليتخذوا منها أسوة، ويتعزوا بها عما يصيبهم من متاعب الحياة وأذى الناس (1)، فآدم يعاني المحن إلى أن خرج من الدنيا، ونوح بكى ثلاثمائة عام، وإبراهيم يكابد النار وذبح الولد، ويعقوب بكى حتى ذهب بصره، وموسى يقاسي فرعون ويلقى من قومه المحن، وعيسى ابن مريم لا مأوى له إلا البراري في العيش الضنك، ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين يصابر الفقر، وقتل عمه حمزة وهو من أحب أقاربه إليه، ونفور قومه عنه، وغير هؤلاء من الأنبياء والأولياء مما يطول ذكره (2).
يقول الماوردي: ومن تسهيل المصائب أن يتأسى المصاب بذوي الغير، ويتسلى بأولي العبر، ويعلم أنهم الأكثرون عددا، والأسرعون مددا، فيستجد من سلوة الأسى وحسن العزا ما يخفف شجوه ويقل هلعه (3).
(1) د. يوسف القرضاوي، الصبر في القرآن، ص 97
(2)
المنبجي، تسلية أهل المصائب، ص 31
(3)
أدب الدنيا والدين، ص 283
الخاتمة:
وفي آخر المطاف خلص البحث إلى نتائج علمية عديدة،
أبرزها ما يلي:
أولا: أن الصبر في اللغة يستخدم بمعان عدة، منها: الحبس والمنع، والشدة والقوة، والجمع والضم، والثبات.
ثانيا: أن الصبر في الاصطلاح لفظ عام، يختلف تعريفه باختلاف الموطن الذي يحتاج إليه فيه، ولذا عرف بتعريفات كثيرة، لعل أشملها أنه: الثبات على أحكام الكتاب والسنة.
ثالثا: أن الصبر في الجملة واجب بإجماع الأمة. وأما حكمه التفصيلي فيختلف باختلاف نوع المصبور عنه أو المصبور عليه، فلكل نوع حكم يخصه من الأحكام التكليفية الخمسة.
رابعا: أن العلماء قسموا الصبر إلى أقسام عدة باعتبارات مختلفة، وأن هذه الأقسام تندرج عموما تحت ثلاثة أقسام رئيسة هي: الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصيته، والصبر على المحن والمصائب.
خامسا: أنه لعظم شأن الصبر على الطاعة ورد الأمر به على كل من: الصلاة، والجهاد، والقيام بأمر الدعوة إلى الله، والثبات على الدين والعض عليه بالنواجذ، وعلى غير ذلك من أنواع الطاعات والعبادات.
سادسا: أن العبد يحتاج إلى الصبر على الطاعة في حالات ثلاث هي: قبل الشروع في الطاعة، وحال القيام بها، وبعد الفراغ منها.
سابعا: أنه على قدر الإيمان واليقين يكون الابتلاء، وأن الله سبحانه وتعالى إذا أحب قوما ابتلاهم.
ثامنا: أن أنبياء الله ورسله قد سطروا أروع الأمثلة في الصبر على البلاء.
تاسعا: أن للصبر آدابا ظاهرة، وآدابا خفية.
وتتمثل الآداب الظاهرة في: الصبر عند حلول البلاء بالعبد، والاسترجاع، وسكون اللسان، وسكون الجوارح، وعدم إظهار أثر المصيبة، واجتناب إقامة المآتم، واشتغال المصاب بما هو أصلح له، والبقاء في البلدة التي يصيبها وباء.
وتتمثل الآداب الخفية في: الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره، والاستعانة بالله والتوكل عليه، وحسن الظن بالله، والإخلاص له سبحانه، وعدم تمني الموت.
عاشرا: أن أبرز فضائل الصبر في القرآن تتمثل في التالي:
1 -
اقتران الصبر بأركان الإسلام وقيمه ومقامات الإيمان.
2 -
معية الله سبحانه للصابرين.
3 -
ظفرهم بمحبته سبحانه.
4 -
إطلاق البشرى لهم بأن جمع سبحانه لهم ثلاثة لم يجمعها لغيرهم، وهي: الصلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم.
5 -
إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم، وتوفيتهم أجورهم بغير حساب.
6 -
ضمان النصر والمدد لهم من الله.
7 -
ضمان سلامتهم من شر الأشرار، وحفظهم من كيد الأعداء.
8 -
مدح الله لهم وثناؤه عليهم.
9 -
دخولهم الجنة وتسليم الملائكة عليهم.
10 -
أنهم هم الذين يلقون الأعمال الصالحة والجزاء عليها.
11 -
أنهم هم الذين ينتفعون بآيات الله ويتعظون بها.
12 -
أنهم أهل الميمنة.
13 -
أن الصبر من عزم الأمور.
14 -
أنه يورث الإمامة في الدين.
حادي عشر: أن أبرز فضائل الصبر في السنة تتمثل في التالي:
أ- تعريف الإيمان بالصبر والسماحة.
2 -
أن الصبر ضياء.
3 -
أنه خير عطاء أعطيه الإنسان وأوسعه.
4 -
أن الصابر على طاعة الله وعن معصيته أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة.
5 -
أن الصبر على البلاء أحد أربع خصال الخير في الدنيا والآخرة.
6 -
اقتران الصبر بالنصر.
7 -
توفيق الله الصابرين.
8 -
عظم أجر الصبر على الأذى من الناس.
9 -
تكفير الذنوب والخطايا.
10 -
نيل المكافأة في الدنيا.
11 -
الفوز بالجنة في الآخرة.
12 -
إكرام الصابرين بتحية الملائكة لهم في الجنة.
ثاني عشر: أن أبرز فضائل الصبر في آثار سلف الأمة وعلمائها تتمثل في التالي:
1 -
أن الصبر نصف الإيمان.
2 -
أنه ملاك الإيمان وذروته.
3 -
أنه لا إيمان لمن لا صبر له.
4 -
أنه معقل للمؤمن.
5 -
أنه كنز من كنوز الخير.
6 -
أنه من خصال البر.
7 -
أنه من أفضل الأعمال.
8 -
أنه مقام أولي العزم من الرسل.
9 -
أنه أفضل العدة للمسلم.
10 -
أنه سبب دخول الجنة والنجاة من النار.
11 -
أنه مطية لا تكبو.
12 -
ارتباطه الوثيق بالتقوى.
13 -
أنه مما يدرك به العبد رغائب الدنيا والآخرة.
14 -
أنه من حسن التوفيق وأمارات السعادة للمسلم.
15 -
أنه حمية من أدواء القلب، وحفظ لصحة العبودية.
16 -
أنه عوض عن كل ما يفقده المسلم من متاع الحياة الدنيا.
ثالث عشر: أن مما يعين المسلم على الصبر على طاعة الله:
1 -
تقوية باعث الدين.
2 -
معرفة حسن عاقبة الطاعة وأجرها العظيم عند الله.
3 -
قصر الأمل.
4 -
الدعاء.
رابع عشر: أن مما يعين المسلم على الصبر عن معصية الله:
1 -
تقوية باعث الدين.
2 -
إضعاف باعث الشهوة.
3 -
اللجوء إلى الله تعالى.
4 -
الاستعانة بالصلاة.
5 -
التفكر في مفاسد المعصية وسوء عاقبتها.
خامس عشر: أن مما يعين المسلم على الصبر على المحن والمصائب:
1 -
الإيمان بقضاء الله وقدره.
2 -
الاستعانة بالله.
3 -
فقه مضمون الاسترجاع.
4 -
اليقين بحسن الجزاء عند الله.
5 -
اليقين بالفرج
6 -
المعرفة بطبيعة الحياة الدنيا.
7 -
رؤية نعم الله.
8 -
علم المصاب بأن حظه من المصيبة بحسب موقفه منها.
9 -
الاقتداء بأهل الصبر والعزائم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.