الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولعل أبرز ما يذكر في الالتزام بهذا الأدب: أم سليم رضي الله عنها زوجة أبي طلحة رضي الله عنه عندما توفي ولدها منه، وأبوه غائب، فتجلدت وصبرت صبرا جميلا، حيث هيأت ابنها للدفن ونحته في جانب المنزل، ولما قدم أبو طلحة جهزت له أكله، وتزينت له حتى أصاب منها حاجته، ولما سأل عن الصبي أخفت عنه موته، وأوهمته بأنه سكنت نفسه بالنوم لوجود العافية، وذلك حرصا منها على عدم إزعاج زوجها بموت ابنه ليبيت مستريحا بلا حزن. ولما أصبح أخبرته بموته فحمد الله واسترجع، وغدا على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فدعا لهما بأن يبارك لهما في ليلتهما.
يقول سفيان بن عيينة: قال رجل من الأنصار: رأيت لهما تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن.
6 -
اجتناب إقامة المآتم:
يقول الطرطوشي: وأما المآتم فممنوعة بإجماع العلماء (1) وقد روى الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه
(1) كتاب الحوادث والبدع، ص 137.
قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة، يعني أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعدون الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه وأكل الطعام عندهم نوعا من النياحة، لما في ذلك من التثقيل عليهم وشغلهم مع ما هم فيه من اشتغال الخاطر بموت الميت، وما فيه من مخالفة السنة، لأنهم مأمورون بأن يصنعوا لأهل الميت طعاما، فخالفوا ذلك وكلفوهم صنعة الطعام لغيرهم، واتفق الأئمة الأربعة على كراهة صنع أهل الميت طعاما للناس يجتمعون عليه مستدلين بحديث جرير بن عبد الله المذكور.
وأما إعداد الطعام لأهل الميت وبعثه إليهم فمستحب. يقول ابن قدامة: يستحب إصلاح طعام لأهل الميت يبعث به إليهم، إعانة لهم، وجبرا لقلوبهم، فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلاح طعام لأنفسهم، وقد روى أبو داود في سننه بإسناده عن عبد الله بن جعفر أنه قال: لما جاء نعي جعفر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعاما، فإنه قد أتاهم أمر