الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد رتب الله سبحانه الأجر العظيم والثواب الجزيل على طاعته والعمل بمرضاته، وأخبر بذلك في آيات كثيرة في كتابه الكريم، منها: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} (1){خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} (2). فإذا علمت النفس ذلك كله كرهت الراحة والبطالة في دار الفناء، رغبة منها في الحصول على الراحة الأبدية في دار البقاء. ولا سيما وأن التريث والمصابرة خصلة تتسق مع سنن الكون القائمة ونظمه الدائمة، فالزرع لا ينبت ساعة البذر، ولا ينضج ساعة النبت، بل لا بد من المكث شهورا حتى يجتنى الحصاد المنشود. والجنين يظل في بطن أمه شهورا حتى يستوي خلقه. وقد أعلمنا الله عز وجل أنه خلق العالم في ستة أيام، وما كان ليعجز أن يقيم دعائمه في طرفة عين أو أقل (3).
(1) سورة الكهف الآية 107
(2)
سورة الكهف الآية 108
(3)
محمد الغزالي، خلق المسلم، ص 135، ط الثانية 1400 هـ 1980 م، دار القلم، دمشق.
ثالثا: قصر الأمل:
فمن قصر أمله ورأى سرعة انقضاء أجله، كان ذلك أدعى لأن يصبر على فعل الطاعات، فلا يصرف أوقاته إلا فيما ينفعه في آخرته. يقول الله تعالى:
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك (2)» . ويقول أيضا: «ما ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا، أو فقرا منسيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال، فالدجال شر غائب ينتظر، أو الساعة، والساعة أدهى وأمر (3)» .
ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: أخوف ما أخاف عليكم اثنان: طول الأمل، واتباع الهوى. ألا وان
(1) سورة الحديد الآية 16
(2)
أخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد، باب (التحضيض على طاعة الله)، الحديث رقم 2، ص 2، بتحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، ط دار الكتب العلمية، بيروت. كما أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب (الرقاق)، الحديث رقم 7846، ج 4 ص 341، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(3)
رواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب (الرقاق)، الحديث رقم 7906، ج 4 ص 356، 357، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. وروى الترمذي نحوه في سننه في كتاب (الزهد)، الباب (3)، الحديث رقم 2311، ج 4 ص 552، وقال: حديث حسن غريب. وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم 1666، ج 4 ص 163، ط الأولى 1408 هـ 1988 م، مكتبة المعارف، الرياض.