المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير الظهر والبطن والحد والمطلع - مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور - جـ ١

[برهان الدين البقاعي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌من تقاريظ العلماء

- ‌تقريظ شرف الدين المناوي

- ‌تقريظ ابن الشحنة

- ‌تقريظ حسام الدين الطهطاوي

- ‌تقريظ القاضي عز الدين الحنبلي

- ‌تقريظ الشيخ الأقصرائي

- ‌تقريظ سيف الدين السيرافي

- ‌تقريظ محيي الدين الكافيجي

- ‌تقريظ العلامة نقي الدين الشمني

- ‌تقريظ تقي الدين الحصني

- ‌سورة الفاتحة

- ‌ضابط المكي والمدني

- ‌ذكر علماء العدد

- ‌نفي السجع عن القرآن

- ‌عدد آيات الفاتحة

- ‌مقصود سورة الفاتحة

- ‌فضائل القرآن

- ‌كيفية نزول الوحي

- ‌نزول الكتب السماوية في رمضان

- ‌نزول القرآن منجماً

- ‌فضل كلام الله على سائر الكلام

- ‌فضل حامل القرآن

- ‌فضيلة السواك عند القراءة

- ‌النهي عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو

- ‌رفع القرآن

- ‌ما بنبغي لحامل القرآن

- ‌حفظ الله للقرآن

- ‌فضل القرآن وقارئه

- ‌تجريد القرآن مما ليس منه

- ‌كتابة القرآن في الشيء الطاهر

- ‌تحريم قراءة القرآن منكوساً

- ‌تفسير نكس القرآن

- ‌ثواب قراءة القرآن

- ‌معنى الحرف المقابل بالحسنة

- ‌إعراب القرآن بمعنى توضيحه

- ‌نقط المصحف وشكله

- ‌ثواب في علَّم ولده القرآن

- ‌من أفضل الأعمال تلاوة القرآن

- ‌فضل من تعلم القرآن وعلَّمه

- ‌وجوب الاعتصام بالقرآن والسنة

- ‌الحث على تعاهد القرآن لكي لا يُنْسى

- ‌المنع من أخذ أجرة على قراءة القرآن

- ‌النهي عن تلحين القرآن

- ‌ذم نسيان القرآن

- ‌نهي صاحب القرآن عن أن يسأل به الناس

- ‌استحباب تحسين الصوت بالقرآن

- ‌تحريم التلحين في قراءة القرآن

- ‌ما جاء في الإِسرار والجهر بالقراءة قي الصلاة وغيرها

- ‌المراد بحسن الصوت

- ‌ثواب من يستمع القرآن

- ‌تحزيب القرآن

- ‌منع الجنب من قراءة القرآن

- ‌فضبلة إحياء الليل بتلاوة القرآن

- ‌النهي عن الغلو في القرآن

- ‌حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن

- ‌النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود

- ‌البكاء عند قراءة القرآن

- ‌ما يفعله مدعو الإيمان عند سماع القرآن

- ‌كراهة الجمع بين سورتين فأكثر في الركعة الواحدة

- ‌ما جاء في الصعق عند قراءة القرآن

- ‌ذم الرياء بقراءة القرآن

- ‌لا يتكلم القاريء بكلام آخر وهو يقرأ

- ‌الوقت الذي يستحب فيه ختم القرآن

- ‌فضيلة الدعاء عند ختم القرآن

- ‌إنزال القرآن من سبعة أبواب

- ‌لكل آية ظهر وبطن وحد ومطلع

- ‌تفسير الظهر والبطن والحد والمطلع

- ‌اشتمال القرآن على جميع العلوم

- ‌إنزاله على سبعة أحرف

- ‌بيان المراد بالأحرف السبعة

- ‌النهي عن المراء والجدال في القرآن

- ‌خطأ من يقول في القرآن برأيه

- ‌جمع الصحابة رضي الله عنهم للقرآن

- ‌2 - جمع عثمان رضي الله عنه

- ‌حرق عثمان الصحف بعد نسخ المصحف

- ‌الذين جمعوا القرآن من الصحابة

- ‌دقة المسلمين في جمع القرآن

- ‌تأييد الناس عثمان في حرق الصحف

- ‌عدد المصاحف التي نسخها عثمان

- ‌المنع من القراءات الشاذة

- ‌ترك البسملة بين الأنفال وبراءة

- ‌بدعة تزيين المصحف

- ‌النهي عن خلط سورة بسورة في القراءة

- ‌فضائل القرآن بخصوص السور

- ‌ما جاء في البسملة

- ‌فضل سورة الفاتحة

- ‌الاستشفاء والرقية بفاتحة الكتاب

- ‌ما جاء في أن الفاتحة تعدل ثلثي القرآن

- ‌كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن

- ‌الدليل على أن البسملة آية من الفاتحة

- ‌فضل " آمين " بعد الفاتحة

الفصل: ‌تفسير الظهر والبطن والحد والمطلع

منها: عند ابن حميد - ونحوه - في كتاب "الأدب"، عن عبد الرحمن بن

عوف القرشي، وليس أحد العشرة، بل غيره.

قال أبو حاتم الرازي وغيره: ورواه أبو عبيد في الفضائل والغريب

عن الحسن رحمه الله، ولفظه: ما أنزل الله آية، إلا لها ظهر وبطن، ولكل

حرف حد، ولكل حد مطلع.

‌تفسير الظهر والبطن والحد والمطلع

وقال الحسن: الظهر هو الظاهر، والبطن هو السر، من قول الجاهلية:

ضربت أمري ظَهْراً لِبَطْنٍ.

والحد: هو الحرف الذي فيه علم الخير والشر.

ص: 373

والمطلع: الأمر والنهي.

وفي رواية أنه قيل: إنها المطلع. قال: يطلع قوم يعملون به.

وقال أبو عبيد في الغريب: أحسبه - يعني: الحسن - ذهب إلى قول عبد

الله بن مسعود رضي الله عنه: ما من حرف - أو قال: آية - إلا قد عمل

بها قوم، أو لها قوم سيعملون بها.

فإن كان هذا إلى هذا، فهو وجه.

وإلا، فإن المطلع في كلام العرب، هو المأتي الذي يؤتي منه، حتى

يعلم علم القرآن من ذلك المأتي.

والمصعد: يصعد إليه في معرفة علمه.

وقال في كتاب الغريب أيضاً في تفسير - هول المطلع -: قال

الأصمعي: المطلع: موضع الاطلاع من إشراف إلى نجد.

قال أبو عبيد: فشبه ما أشرف عليه من أمر الآخرة بذلك.

وقد يكون المطلع: المصعد من أسفل إلى المكان المشرف، وهذا من

الأضداد.

وقال أبو عمرو: مطلع: مأتى، يؤتي منه.

ص: 374

وهو شبيه المعنى بالقول الأول. يقال: مطلع هذا الجبل من مكان كذا

أي مصعده وماتاه.

والظهر والبطن: قال الحسن: العرب تقول: قلبت أمري ظَهْراً لِبَطْن.

وقال غيره: الظهر: لفظ القرآن، والبطن: تأويله.

وفيه قول ثالث - وهو عندي أشبه الأقاويل بالصواب - وذلك: أن الله

تعالى قد قص أنباء القرون الظالمة، فأخبر بذنوبهم، وما عاقبهم به، فهذا هو

الظهر.

إنما هو حديث حدثك به عن قوم، فهو في الظاهر خبر.

وأما الباطن منه: فإنه صير ذلك الخبر عظة لك، وتحذيراً وتنبيهاً أن

تفعل فعلهم، فيحل بك ما حل بهم من عقوبة، انتهى.

فصار الذي تحصل من هذا أن الظهر: ما كان فهمه ظاهراً من

الكلام.

والبطن: ما اختص بفهمه الفَطِنُ من المعاني التي لا يوصل إليها إلا

بالتأمل.

والحد: غاية ما ينتهي إليه من الظاهر والباطن.

فإن الحد: طرف الشيء. والمطلع: الطريق الموصل إلى ذلك الحد.

فالمراد منه: أن الله سبحانه لم يخاطبنا بشيء إلا وفهمُه ممكن، إما

للكافة أو للخاصة، أو لخاصة الخاصة الذين يطلعهم الله تعالى على ذلك

الطريق الموصل إلى الحد والله أعلم.

ص: 375

وقال الِإمام شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي في الباب الثاني

من كتاب "عوارف المعارف " بعد رواية أثر عبد الله بن مسعود هذا: وهذا

الكلام محرض لكل صاحب همة، أن يصغي إلى موارد الكلام، ويفهم دقائق

معانيه، وغامض أسراره من قلبه.

فللصوفي - بكمال الزهد في الدنيا، وتجريد القلب عما سوى الله تعالى -

مطلع من كل آية، وله بكل مرة في التلاوة مطلع جديد، وفهم عتيد، وله

بكل فهم عمل جديد.

فَفَهْمفمْ يدعو إلى العمل، وعملهم يجلب صفاء الفهم، ودقيق النظر في

معاني الخطاب. فمن الفهم علم، ومن العلم عمل، والعلم والعمل يتناوبان

فيه، وهذا العمل آنفاً، إنما هو عمل القلوب، غير عمل القالب، وأعمال

القلوب - للطفها وصقالتها - مشاكلة للعلوم، لأنها نيات وطويات، وتعلقات روحية وتأدبات قلبية، ومسامرات سرية، وكلما أتوا بعمل من هذه الأعمال رفع لهم علم من العلم، وأطلعوا على مطلع من فهم الآية جديد.

ويخالج سرى أن يكون المطلع ليس بالوقوف بصفاء الفهم على دقيق

المعنى وغامض السر في الآية، ولكن المطلع: أن يطلع عند كل آية على شهود المتكلم بها لأنها مستودع وصف من أوصافه، ونعت من نعوته، فتتحدد له التجليات بتلاوة الآيات وسماعها، ويصير له مراء منبئة عن عظيم

الجلال.

ص: 376

ولقد نقل عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه أنه قال: لقد تجلى

الله تعالى لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون.

فيكون لكل آية مطلع من هذا الوجه.

فالحد: حد الكلام.

والمطلع: الترقي عن الكلام إلى شهود التكلم.

وقد نقل عن جعفر الصادق - أيضاً -: أنه خرَّ مغشياً عليه وهو في

الصلاة فسئل عن ذلك فقال: ما زلت أردد الآية حتى سمعتها من المتكلم

بها.

فالصوفي لما لاح له نور ناصية التوحيد، وألقى سمعه عند سماع الوعد

والوعيد وقلبه بالتخلص عما سوى الله تعالى، صار بين يدي الله حاضراً

شهيداً، يرى لسانه - أو لسان غيره - في التلاوة كشجرة موسى عليه السلام، حيث أسمعه الله منها خطابه إياه بإني "أنا الله "، فإذا كان سماعه من الله تعالى، واستماعه إلى الله، صار سمعُه بصرَه، وبصره سمعَه، وعلمُه عمله، وعملُه علمَه، وعاد آخرُه أوله، وأولُه آخره.

ومعنى ذلك: أن الله تعالى خاطب الذر بقوله: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)

فسمعت النداء على غاية الصفاء، ثم لم تزل الذرات تتقلب في الأصلاب.

وتنتقل إلى الأرحام، قال الله تعالى:(الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) .

يعني: تقلب ذرتك في أصلاب أهل السجود من آبائك

الأنبياء، فما زالت تنتقل الذرات حتى برزت إلى أجسادها، فاحتجبت

بالحكمة عن القدرة، وبعالم الشهادة عن عالم الغيب، وتراكم ظلماتها بالتقلب في الأطوار.

ص: 377