الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى الِإمام أبو عمرو الداني في كتابه "المقنع في الرسم" عن حذيفة
رضي الله عنه، أنه قال لعثمان بن عفان رضي الله عنه: ما كنت صانعاً إذا
قال الناس: قراءة فلان، وقراءة فلان كما صنع أهل الكتاب؟ ، فاصنع الآن فجمع عثمان الناس على هذا المصحف، وهو حرف زيد رضي الله عنه.
حرق عثمان الصحف بعد نسخ المصحف
ولابن أبي داود في كتاب المصاحف، عن سالم وخارجه: أن أبا بكر
الصديق رضي الله عنه كان جمع القرآن في قراطيس، وكان قد سأل زيداً بن
ثابت رضي الله عنه النظر في ذلك، فأبي حتى استعان عليه بعمر رضي
الله عنه، ففعل، فكانت تلك الكتب عند أبي بكر رضي الله عنه، حتى
توفي، ثم عند عمر رضي الله عنه حتى توفي، ثم عند حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليها عثمان رضي الله عنه، فأبت أن تدفعها، حتى عاهدها ليردنها إليها، فبعثت بها إليه، فنسخها عثمان في هذه المصاحف، ثم ردها إليها، فلم تزل عندها حتى أرسل إليها مروان، فأخذها فحرقها.
وفي رواية: فلما كان مروان أمير المدينة، أرسل إلى حفصة رضي الله
عنها يسألها عن الصحف ليحرقها.
وفي رواية أبي عبيد: ليمزقها، وخشى أن يخالف بعض الكتَّاب
بعضا فمنعته إياها.
قال ابن شهاب: فحدثني سالم بن عبد الله قال: فلما توفيت حفصة.
أرسل إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بعزيمة ليرسلن بها ساعة رجعوا
من جنازة حفصة فأرسل بها عبد الله بن عمر إلى مروان فغشاها.
وحرقها.
وفي رواية أبي عبيد: فمزقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك اختلاف
لما نسخ عثمان رضي الله عنه.
وفي رواية: فأمر بها فشقت.
وقال مروان: إنما فعلت هذا، لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف.
فخشيت - إن طال بالناس زمان - أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب.
أو يقول: إنه قد كان منها شيء لم يكتب.
وروى الطبراني - قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح - عن سالم أن
مروان كان يرسل إلى حفصة رضي الله عنها يسألها عن المصحف الذي
نسخ منه القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها، فلما دفنا حفصة، أرسل
مروان إلى ابن عمر رضي الله عنهما أرسل إلي بذلك الصحف.
فأرسلها إليه.
وقال أبو عبيد في الفضائل - بعد أن روي الحديث -: لم تسمع في
شيء من الحديث أن مروان هو الذي مزق المصحف إلا في هذا الحديث.
وروى أبو عبيد عن عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة قال: أتى علي رجل
وأنا أصلي فقال: ثكلتك أمك، ألا أراك تصلي، وقد أمر بكتاب الله أن
يمزق؟. قال: فتجوزت في صلاتي، وكنتُ لا أحْبَسُ، فدخلت الدار فلم أحبس، ورقيت فلم أحبس فإذا أنا بالأشعري، وإذا حذيفة وابن مسعود رضي الله عنهم يتقاولان، وحذيفة يقول لابن مسعود: ادفع إليهم المصحف. فقال:
والله لا أدفعه، فقال: ادفعه اليهم فإنهم لا يألون أمة محمد صلى الله عليه وسلم خيراً، فقال: والله لا أدفعه، أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة، ثم أدفعه إليهم؟.
والله لا أدفعه إليهم.
وللبخاري وأبي عبيد وعبد بن حميد، عن خارجة بن زيد بن ثابت، أنه
سمع زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: لما نسخنا الصحف في المصحف.
فقدت آية من سورة الأحزاب، كنتُ كثيرا أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها، لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة الأنصاري.
وفي رواية: فالتمسناها، فوجدناها مع خزيمة الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين:
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)
وفي رواية: مع خزيمة، فألحقناها في سورتها في الصحف.
قال عبد في روايته: ؤكان خزيمة يُدعى ذا الشهادتين، فقتل يوم
صفين، مع عليٍّ رضي الله عنهما.
وفي الأثر الأول دلالة على أنه كان لا أمره الصديق رضي الله عنه ألا
يكتب إلا إذا كان قد وجد مكتوباً بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وأمره، وقابله - مع ذلك - على المحفوظ في صدور الرجال.
وفي هذا الأخير دليل من قوله: "نسخنا الصحف في المصاحف" إلى
آخره أنه أعاد التتبع كما فعل أولًا، ليصح قوله: "فقدت آية من سورة
الأحزاب". لأن افتقادها فرع العلم بها، ومن أبعد البعيد: أن يكون سمع
النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً يقرؤها ولا يحفظها، ولا سيما وهو مذكور فيمن جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
والظاهر من هذا التتبع الذي لا يجوز لمن مارس أمثال هذه الهمم أن
يفهم غيره: أن يكون لا ينقل آية، إلا إذا وجد من صفاتها على حسب ما
هي مكتوبة عدد التواتر، ولإرادة حفظ هذا المكتوب بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وبأمره إذا جاز له لمثل هذه النازلة، نهى صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو، فلا يوجد مثل هذه الواقعة، فلا تكون الثقة به
وإن كان محفوظاً في الصدور، كالثقة به إذا وجد ما كتب منه