الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن ادعى أنَّ الإنجيل جمعها، وسلم ذلك، لم يقدر أحد أن يقول: إنه
فصلها تفصيلاً يكفي أهل ذلك الدين جميعَ ما ينوبهم من غير احتياج إلى
شيء آخر بخلاف القرآن، فإنه كاف، والله الهادي.
ولأجل أن الكتب الُأوَل لم تكن كافية لمن أنزلت عليهم في كل أمر
ينوبهم كانت تبعث فيهم الأنبياء لتسوسهم وتُعرفَهُم كل ما يجب عليهم.
وإنما نحن فكتابنا كافٍ، ونزول عيسى عليه السلام إلينا في آخر
الزمان، إنما هو لفتنة الدجال ويأجوج ومأجوج، ومثل ذلك مما لا تحتمله
القوى.
وقد طعن الحافظ أبو عمر بن عبد البر في هذا الحديث، وعلى
تقدير صحته يزول عنه - بما قَررتُه - الإشكال، بأن في التوراة الحلال
والحرام، وفي الإنجيل الأمر والنهى، وفي كل منهما المحكم والمتشابه.
وفي الإنجيل والزبور الأمثال، فهي مفرقة في الكتب السالفة غير مجموعة في واحد منها. والله أعلم.
إنزاله على سبعة أحرف
وروى الِإمام أحمد والطبراني في الكبير، وأبو بكر بن أبي شيبة في
مسنديهما عن سمُرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآنُ كل ثلاثة أحرف.
وفي رواية: على سبعة أحرف.
ورواه البزار في مسنده ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نقرأ القرآن. كما أقرَاناهُ، وقال: أنزل القرآن على ثلاثة أحرف، فلا تختلفوا فيه ولا تجافوا عنه.
وفي رواية: ولا تحاجوا فيه، فإنه مبارك كله، اقرأوه كما أُقرِئْتُموه.
ورواه الطبراني وقال: ولا تحاجوا فيه:. بدل: تجافوا عنه.
قال الهيثمي: ورجال أحمد وأحد إسنادي الطبراني والبزار رجال
الصحيح.
ولا يخالف هذا ما يأتي من إنزاله على سبعة أحرف، لأن في تلك
الأحاديث: أن السبعة ما كانت إلا بعد مراجعة، فربما حمل سمرة رضي الله
عنه هذا الحديث عند الثالثة، فاستمر يرويه ثم استمرت المراجعة إلى تمام
السبعة، ولم يسمع تمام المراجعة. أو سمعها - كما في إحدى رواياته - ورأى أن الثلاثة لا تنافي ما فوقها فإنه ليس فيها نفي له.
وروى الطبراني عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ.
ورواه الطبراني - أيضاً - عن معاذ بن جبل موقوفاً عليه.
ومثله لا يقال بالرأي.
قال الهيثمي: ورجاله ثقات.
ولمسلم وغيره عن أبي بن كعب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتُك القرآن على حرف، فقال: أسال الله معافاته ومغفرته، وإني أمتي لا تطيق ذلك ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين.
فقال: أسال الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك. ثم جاءه
الثالثة - فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف، فقال: أسال الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال:
إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيُما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا.
وفي رواية لابن جرير: فمن قرأ منها حرفاً، فهو كما قرأ.
وفي رواية لأبي داود: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبي إني أقرئت القرآن، فقيل لي: على حرف أو حرفين؟.
فقال الملك الذي معي: قل على حرفين، فقلت: على حرفين. فقيل لي: على حرفين أو ثلاث؟. فقال الملك الذي معي: قل على ثلاث، فقلت: على ثلاث، حتى بلغ سبعة أحرف، ثم قال: ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: سميعاً عليماً، عزيزاً حكيماً، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب.
وفي رواية الترمذي وقال: حسن صحيح: أن أبَيًّا رضي الله عنه قال:
لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل، فقالوا: يا جبريل بعثت إلى أمة أميين، فيهم العجوز والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتاباً قط، فقال لي: يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف.
ورواه أبو داود الطيالسي عن أبي رضي الله عنه، أن جبريل عليه
السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم عند أحجار المِرَا. فقال: يا جبريل. فذكر نحوه.
ورواه ابن جرير عن أبي رضي الله عنه قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام عند أحجار المرا. فقال: إني بعثت إلى أمة أميين، منهم الغلام والخادم، والشيخ العاسي، والعجوز، فقال جبريل عليه السلام:
فليقرأوا القرآن على سبعة أحرف.
وروى الإمام أحمد عن حذيفة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقيت جبريل عليه السلام عند أحجار المرا.
فذكره.
وفي بعض طرقه: إن أمتك يقرأون القرآن على سبعة أحرف.
وفي رواية: إن من أمتك الضعيف، فمن قرأ منهم على حرف، فليقرأ
كما علم ولايرجع عنه.
وفي رواية: فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه.
ورواه البزار - قال الهيثمي: وفيه عاصم بن بهدلة وهو ثقة وفيه كلام
لا يضر وبقية رجاله رجال الصحيح - ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي جبريل عليه السلام عند أحجار المرا فقال: إني أرسلت إلى أمة أمية وإلى من لم يقرأ كتاباً قط، فقال جبريل إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف، فقال: ميكائيل عليه السلام: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف.
ورواه أبو عبيد في الفضائل، وأحمد، عن حذيفة رضي الله عنه.
ولفظه: لقيت جبريل عليه السلام عند أحجار المرا، فقلت: يا جبريل إني
أرسلت إلى أمة أمية فيهم، الرجل، والمرأة والغلام، والجارية، والشيخ
الفاني - وقال أحمد: العاسي - الذي لم يقرأ كتاباً قط، فقال: إن القرآن
أنزل على سبعة أحرف.
ورواه الطبراني والبزار بنحوه.
والمرا: قال عبد الغافر الفارسي في "مجمع الغرائب" وابن الأثير في
النهاية:. بكسر الميم: هي قباء، انتهى.
وقال في القاموس: وأحجار المرا: قباء خارج المدينة، وأحجار الزيت:
موضع داخل المدينة.
وهذا بناء منه على أن المدينة: الموضع الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم خاصة
وليس كذلك، بل هي اسم لجميع المحال التي كانت قبائل الأنصار مفرقة
بها، فيما بين أحُد وعَيْر، وبني النضير وقريظة.
فيكون المكان داخل المدينة.
ويوجد في كثير من الكتب "أحجار المرى" بياء بعد الراء ممدوداً، كما هو
الظاهر جمع مروة، مثل فروة وفرا. فنوع من الحجارة صلب براق، وكتابته
بالياء وهم.
وإن كان مقصوراً، جازت كتابته بالياء. والله أعلم.