الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسيأتي إن شاء الله بيان المراد بقوله: سميعاً عليماً، عزيزاً حكيماً، في
سورة النحل.
بيان المراد بالأحرف السبعة
واختلفوا في المراد بسبعة أحرف.
فقال المعظم: هي لغات.
واختلفوا في معنى سبعة، هل هو الحصر، أو المبالغة؟.
واختلف من قال بالحصر في التعيين:
فعن أبي عبيد القاسم بن سلام: إنها لغة قريش، وهذيل، وثقيف.
وهوازن وكنانة، وتميم واليمن.
وعند بعضهم: خزاعة.
وعند آخرين: الأزد، وربيعة.
وعن علي وابن عباس رضي الله عنهم: أنه أنزل بلغة كل حي من
أحياء العرب.
وهذا يدل على أنهما فَهِمَا أن المراد بالسبعة: المبالغة، لا الحصر.
قال أبو شامة في كتابه "المرشد الوجيز": وهذا هو الحق، لأنه إنما
أبيح أن يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب، فلا ينبغي أن يوسع على
قوم دون قوم، انتهى.
وهذا في غاية الموافقة للأحاديث الذاكرة أن السبب في المراجعة:
التخفيف على الأمة، والله الهادي.
وروى ابن جرير في مقدمة التفسير، وأبو عبيد في الغريب والفضائل.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: سمعت القراء فوجدتهم
متقاربين فاقرأوا كما علمتم، وإياكم والاختلاف والتنطع، فإنما هو كقول
أحدكم: هلم وتعال، وإنه من قرأ منكم على حرف، فلا يتحولن عنه إلى
غيره.
وقال ابن جرير: فمعلوم أن عبد الله رضي الله عنه لم يعن بقوله هذا
من قرأ ما في القرآن من الأمر والنهي، فلا يتحول إلى قراءة ما فيه من
الوعد والوعيد ونحو ذلك.
وإنما عني: أن من قرأ بحرف، فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه.
وحرفه: قراءته.
تقول العرب لقراءة الرجل: حرف فلان، ولواحد من حروف الهجاء
المقطعة: حرف، كما تقول للقصيدة: كلمة.
فمن قرأ بحرف أبي، أو بحرف زيد، أو غيرهما من القراء، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه، فإن الكفر ببعضه كفر بجميعه، والكفر بحرف من ذلك، كفر بجميعه.
وروى البزار، وأبو يعلى، وابن جرير واللفظ له، عن أنس رضي الله
عنه أنه قرأ: "إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلا" فقال له بعض
القوم: يا أبا حمزة إنما هي: "وأقوم قيلا". فقال: أقوم، وأصوب، وأهدى
واحد.
وفي رواية غيره، سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول في قوله
تعالى: "وأقوم قيلا" قال: وأصدق قيلا. فقيل له: إنما تقرأ: وأقوم. فقال: أقوم وأصدق واحد.
قال الهيثمي: ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، ورجال البزار
ثقات.
وللشيخين، وأبي عبيد، وابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرأني جبريل على حرف - قال ابن جرير فاستزدته فزادني، وقال الشيخان - فراجعته فزادني، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف.
قال ابن شهاب: بلغني أن تلك الأحرف إنما هي في الأمر يكون
واحداً لا يختلف في حلال، ولا حرام.
وللطبراني في الأوسط - قال الهيثمي: وفيه جعفر لم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات - عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: أتى محمداً صلى الله عليه وسلم المَلَكانِ، فقال أحدهما: اقرأ القرآن على حرف، فقال الآخر: زده، فما زال يستزيده حتى قال: اقرأ القرآن على سبعة أحرف.
ولأبي عبيد، وأبي بكر بن أبي شيبة، والِإمام أحمد، والطبراني، وابن
جرير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه رضي الله عنه، أن جبريل عليه
السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ القرآن على حرف، فقال له ميكائيل: عليه السلام: استزده. فاستزاده، فقال: على حرفين، فقال ميكائيل عليه السلام: استزده، فقال له: زدني، قال: خذه على ثلاث أحرف، حتى بلغ سبعة أحرف فسكت ميكائيل، فقال جبريل: على سبعة أحرف، كلها كاف شاف.
كقولك، هلم وتعال، وأقبل، واذهب.
وفي رواية: أدبر وأسرع وأعجل، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية
عذاب بآية رحمة.
قال الهيثمي: وفيه علي بن زيد بن جدعان، وهو ثقة سيء الحفظ.
وقد توبع، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.
ورواه مُسَدد في تفسيره ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل عليه السلام ومعه ميكائل عليه السلام، فقال جبريل: خذ القرآن على حرف.
فأوما إليه ميكائيل: أن استزده، فقال: زدني، قال: خذه على حرفين فقال: استزده، فقال زدني، قال: خذه على ثلاثة أحرف، فكل مرة يومىء إليه: أن استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، قال: فسكت ميكائيل، فقال جبريل: خذه على سبعة أحرف، كلها كاف شاف، كقول الرجل: هلم وأقبل، واذهب وأدبر ما لم تختم آية رحمة بعذاب، أو عذاب برحمة.
وأخرجه الِإمام أحمد بإسنادين - قال الهيثمي: رجال أحدهما رجال
الصحيح - والبزار، وأبو جعفر بن جرير الطبري في أول تفسيره، عن أبي
هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنزل القرآن على سبعة أحرف.
عليم حكيم غفور رحيم.
وفي رواية: أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر -
ثلاث مرات - فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم فردوه إلى عالمه.
وفي رواية: فاقرأوا ولا حرج، ولكن لا تجمعوا ذكر رحمة بعذاب، ولا
ذكر عذاب برحمة
ورواه عنه - أيضاً - أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده، وابن حبان في
صحيحه ولفظه: أنزل القرآن على سبعة أحرف: عليماً حكيما، غفوراً رحيماً.
وروى الِإمام أحمد، والحميدي، وأبو يعلى، في مسانيدهم، وابن جرير
والطبراني في الكبير - قال الهيثمي: ورجاله ثقات - عن أم أيوب الأنصارية
رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نزل القرآن على سبعة أحرف أيها قرأت، أصبت.
وروى الِإمام أحمد، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، في مسنديهما عن عمرو
ابن العاص، رضي الله عنه، أن رجلًا قرأ آية من القرآن، فقال له عمرو:
إنما هي كذا وكذا، لغير ما قرأها الرجل، قال الرجل: هكذا أقرأنيها رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى أتياه، فقال: يا رسول الله، آية كذا، وكذا، فقرأها عليه فقال: صدقت، فقال الآخر: أليس أقرأتنِيها - على نحو ما قرأها على صاحبه - فرد صاحبه عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، أنزل القرآن على سبعة أحرف.
فأي ذلك قرأت، فقد أصبت.
وفي رواية: فأي حرف قرأتم، فقد أصبتم، ولا تتماروا فيه، فإن المراء
فيه كفر.
ورواه الإمام أحمد، وأبو عبيد في الفضائل، عن أبي قيس مولى عمرو
بن العاص قال: سمع عمرو بن العاص رجلا يقرأ آية من القرآن، فقال:
من أقرأكها؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على غيرهذا.
فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهما: يا رسول الله آية كذا وكذا، ثم قرأها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت وقال الآخر: يا رسول الله، فقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أليس هكذا يا رسول الله؟. فقال:
هكذا أنزلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فأي ذلك قرأتم أصبتم، ولا تماروا فيه، فإن المراء فيه كفر، أو آية الكفر
قال الحافظ الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح، إلا أنه مرسل.
وللبخاري والنَّسائي، وأبي عبيد، عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه
سمع رجلًا يقرأ آية سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها على خلاف ذلك.
قال: فأخذت بيده فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال: اقرأ فكلاكما محسن، ولا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا.
وروى أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو يعلى، في مسنديهما، عن عبد الله
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف.
زاد أبو يعلى: ولكل آية منها ظهر وبطن.
ورواه الطبراني عنه، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن صاحبكم خليل الله، ونزل القرآن على سبعة أحرف.
لكل آية منها ظهر وبطن.