الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا أراد الله تعالى بالعبد حسن الاستماع بأن يصيره صوفياً صافياً، لا
يزال يرقيه في رتب التزكية والتحلية، حتى يخلص من مضيق عالم الحكمة إلى
فضاء القدرة ويزال عن بصيرته النافذة سجف الحكمة، فيصير سماعه
ب (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) كشفاً وعياناً، وتوحيده وعرفانه تبياناً وبرهاناً، وتندرج
له ظلم الأطوار في لوامع الأنوار. انتهى.
وقال الِإمام ولي الدين محمد بن أحمد الملَّوى في كتاب "تبيين معادن المعاني":
قال بعض الصديقين: فالحد والمطلع يدق أمرهما ويغمض، ويختص
بدركهما الأكابر العارفون، وقد يضيق عن كثير منه نطاق النطق.
والظهر: سهل لكل وارد، وفيه يتكلم علماء الرسوم.
وأما البطن: فيكاد يختص به أرباب القلوب، وعلماء الحقائق، قد علم
كل أناس مشربهم. ثم (قال) : إن مطلع كل حرف هو المأتى الذي يؤتي
منه. انتهى.
اشتمال القرآن على جميع العلوم
وروى أبو عبيد أيضاً عن عبد الله - هو ابن مسعود رضي الله عنه
قال: إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن، فإن فيه خبر الأولين والآخرين.
ورواه الطبراني - قال الهيثمي بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح -
ولفظه: من أراد العلم فليثور القرآن، فإن فيه علم الأولين والأخرين.
وعزا ابن رجب في كتاب "الاستغناء بالقرآن " هذا اللفظ إلى يعقوب بن
أبي شيبة في مسنده.
وروى يعقوب بن أبي شيبة عنه - أيضاً رضي الله عنه أنه قال: إن
الله عز وجل أنزل في هذا القرآن تبيان كل شيء، وأن علمنا يقصر عنه.
وروى أبو خيثمة زهير بن حرب في كتاب "العلم" عن مسروق
قال: ما نسأل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء، إلا وعلمه في القرآن، إلا أن علمنا يقصرعنه.
وروى عبد بن حميد في تفسيره عن علي رضي الله عنه قال: ما من
شيء إلا علمه في القرآن، ولكن رأى الرجال يعجز عنه.
وروى البزار في مسنده من طريق شهر، عن عبد الرحمن بن غنم، أن
الحارث ابن عميرة بكى عند معاذ رضي الله عنه حين احتضر معاذ، وقال
له: إنما أبكي لما يفوتني منك من العلم، فقال معاذ: إن الذي تبغي من
العلم بين لوحي المصحف، فإن أعياك تفسيره، فأطلبه من ثلاثة: عويمر أبي
الدرداء أو سلمان الفارسي، أو ابن أم عبد.
وإياك وذلة العالم، وجدال منافق بالقرآن.
وللبخاري عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي رضي الله عنه: هل عندكم
شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟.
قال: لا والذي فلق الحب، وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هذه الصحيفة.
قلت: وما في هذه الصحيفة؟.
قال: العقل. وفكاك الأسير، وألا يقتل مسلم بكافر.
قال الحافظ زين الدين بن رجب: سبب هذا السؤال: أن غلاة الشيعة
زعمت أن القرآن جزء يسير من الوحي، وأن جميعه عند علي، وأنه اختص
بعلم تلك الأجزاء كلها هو وذريته، فلذا كان إذا سئل - هو أو أحد من
ذريته - اشتد نكيره.
وللشيخين عن طلحة بن مُصرِّف قال: سألت ابن أبي أوفى: أأوصى
النبي صلى الله عليه وسلم؟. قال: لا.
قلت: كيف كتب على الناس الوصية ولم يوص؟.
قال: أوصى "بكتاب الله عز وجل".
وروى الإِمام أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كان أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعدوا يتحدثون في الفقه، كانوا يأمرون أن يقرأ رجل سورة.
ولأبي عبيد عن مسروق قال: ما يسأل أصحاب محمد عن شيء إلا
وعلمه في القرآن، ولكن علمنا يقصر عنه.
وله عن الحسن رحمه الله قال: ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن
يُعلم فيما أنزلت، وما أراد بها.
وله عن عمرو بن مرة قال: إني لأمرُّ بالمثل من كتاب الله لا أعرفه
فأغتم به لقول الله تبارك وتعالى: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) .
وله عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: لو أَعْيَتْني آية من كتاب الله.
فلم أجد أحداً يفتحها عليَّ إلا رجلًا بِبَرْكِ الغِمَاد لرحلتَ إليه.
قال: وهو أقصى حِجْر باليمن.
هذا، ولما لم يجمع كتاب من الكتب السالفة هذه الحروف التي فصل
إليها هذا الحديث الذي رواه ابن مسعود، وكانت جامعة لصلاح الدارين.
أفرد كتابنا بالذكر، ففصل ما فيه، ولم يذكر أحوال الكتب الماضية في ذلك، لأنه لم يجمع كتاب منها جميع هذه الأحرف السبعة.