الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن تعارض الظاهران، صرف أحدهما إلى أقرب ما يحتمله من ظاهر
آخر وإن أشكل الحال، وجب أن نكف، ويقال: آمنا به، كل من عند ربنا.
وروى أبو بكر بن أبي عاصم، عن النواس بن سمعان، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، ولا تكذبوا بعضه ببعض، فوالله إن المؤمن ليجادل بالقرآن فيُغْلَبُ، وإن المنافق - أو قال: الفاجر - ليجادل بالقرآن فَيَغْلِب.
وقال - أبو عبيد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس بن عبيد قال:
كتبت إلى ميمونُ بن مهران، فأتاني كتابه، فذكر فيه أشياء ومنها:
ولا تمارين عالماً ولا جاهلاً، فإنك إذا ما ريت الجاهل خشن
بصدرك، (أولم يطعك، وإذا ما ريت العالم خزن عنك علمه، ثم لم
يبال ما صنعت.
ورواه الدارمي في أوائل مسنده قال: أخبرنا سعيد بن عامر عن
إسماعيل ابن إبراهيم فذكره بمعناه.
خطأ من يقول في القرآن برأيه
وروى أبو داود في العلم، والترمذي في التفسير وقال: غريب وقد
تكلم بعض أهل العلم في سهل بن أبي حزم. والنَّسائي في فضائل القرآن،
وابن جرير في مقدمة التفسير، عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.
والمعنى: أخطأ في إقدامه على الكلام بالرأي.
وروى هؤلاء الأربعة أيضاً في الأبواب المذكورة، وقال الترمذي: حسن
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار.
وقد كتبت في بيان المعنى الرواية التي فيها "بغير علم" فبينت أن النهى
عنه: الكلام بمحض الرأي، من غير استناد إلى شيء من قوانين العلم.
وأما من تدبر كما أمره الله، وتكلم بما أدى إليه اجتهاده، فيما يعلم من
لسان العرب، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأقوال السلف، فأظهر المعنى، لم يُسبق إليه، جارياً على تلك القوانين، غير مخالف لها، فلقد أجاد كل الإِجادة وأفاد أعظم الإفادة.
وروى ابن جرير، وأبو يعلي، والبزار، عن عائشة رضي الله عنها، أنها
قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئاً من القرآن برأيه، إلا آياً تعد، علمهن إياه جبريل عليه السلام.
وهذا الحديث ضعيف.
قال الحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه راو لم يحرر اسمه
عند واحد منهما، أما البزار فقال: عن حفص - أظنه ابن عبد الله - عن
هشام بن عروة وقال أبو يعلي: عن فلان بن محمد، بن خالد، عن هشام.
انتهى.
وأما ابن جرير فسماه: جعفر بن محمد الزبيري، وقال: إنه ممن لا
يعرف في أهل الآثار، فلا يجوز الاحتجاج بخبره. انتهى.
فقد كفانا ضعفُه مؤنتَه.
وعلى تقدير صحته، فالمراد: آي من المغيبات. ونحو ذلك، مما لا
سبيل للبشر إلى الِإطلاع عليه، إلا بالوحي.
وإلا كان ذلك - كما قال ابن جرير - مخالفاً لقول الله تعالى:
(بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) .
فلو اقتصر على آي معدودة، لم يكن مبيناً لهم ما نزل إليهم، بل بعضه
ولكان مخالفاً لما رواه ابن مسعود رضي الله عنه.
قال: كان الرجل إذا تعلم عشر آيات، لم يجاوزهن، حتى يعرف
معانيهن والعمل بهن.
وغير ذلك مما شابهه عنه، وعن غيره من الصحابة، وكلام ابن عباس
البحر في التفسير، وتوسعه فيه معروف، والله الموفق.
ولأبي عبيد - أيضاً - عن إبراهيم التيمي قال: خلا عمر رضي الله عنه
ذات يوم فجعل يحدث نفسه: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد، فأرسل
إلى ابن عباس رضي الله عنهما، فسأل: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها
واحد وقبلتها واحدة؟.
فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين إنا أنزل علينا القرآنُ فقرأناه، وعلمنا فيم نزل وأنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن، ولا يدرون فيم نزل، فيكون لهم فيه رأى، فإذا كان لهم فيه رأى اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا.
قال: فزبره عمر رضي الله عنه وانتهره، فانصرف ابن عباس، ونظر
عمر فيما قال فعرفه، فأرسل إليه فقال: أعد علي ما قلت، فأعاده عليه.
فعرف عمر قوله.
وروى أحمد، وابن عبد الحكم في الفتوح، عن عقبة بن عامر رضي
الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هلاك أمتي في الكتاب واللين.
قالوا: يا رسول الله: وما الكتاب واللين؟.
قال: يتعلمون الكتاب فيتأولونه على غير ما أنزله الله، ويحبون اللين، فيدعون الجماعات والجُمَع.