الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القِسْمُ الثَّانِي: الْحَسَنُ [
12 - ب]
50 -
وَالحَسَنُ المَعْرُوْفُ مَخْرَجاً وَقَدْ
…
اشْتَهَرَتْ رِجَالُهُ بِذَاكَ حَدْ
ش: اختُلِف في حد الحسن فقال الخطابي: «هو ما عُرِفَ مخرجُه واشتهر رجاله» قال: «وعليه مدار أكثر الحديث» . فبالأول خرج المنقطع والمدلس قبل أن يتبين تدليسه.
51 -
(حَمْدٌ) وَقَالَ (التّرمِذِيُّ):مَا سَلِمْ
…
مِنَ الشُّذُوْذِ مَعَ رَاوٍ مَا اتُّهِمْ
ش: «حَمْد» بفتح الحاء المهملة، وإسكان الميم، وبعده دال مهملة، هو أبو سليمان الخَطَّابي، وهو فاعل «حَد» في البيت قبله.
وقوله: (خ)(1) وهذا قول آخر في حد الحسن وهو قول (ت)(2) في «العلل» آخر جامعه: «وما ذكرنا في هذا الكتاب فإنما أردنا به ما حَسُن إسناده عندنا: كل حديث يُروضي لا يكون في إسناده من يُتهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذاً، ويُروَى من غير وجه نحو ذلك، فهو عندنا حديث حسن» .
وقوله:
52 -
بِكَذِبٍ وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ
…
قُلْتُ: وَقَدْ حَسَّنَ بَعْضَ مَا انفَرَدْ
(1) أي: قوله: «ما سلم
…
» إلى آخر البيت.
(2)
رمز للترمذي.
ش: فبكذب يتعلق بـ «اتُّهَم» ، و «لم يكن» (ح) هو بمعنى (1): ولا يكون الحديث شاذاً (خ).
وأورد على الحد المذكور في قوله: «ولم يكن» (خ) بأن الترمذي حَسَّنَ أحاديث لا تروى إلا من حديث واحد، كحديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك» فإنه قال فيه: «حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة، ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة» ، انتهى.
وقوله: [13 - أ]
53 -
وَقِيْلَ: مَا ضَعْفٌ قَرِيْبٌ مُحْتَمَلْ
…
فِيْهِ، وَمَا بِكُلِّ ذَا حَدٌّ حَصَلْ
هذا قول آخر في الحديث (2) الحسن نَصَّ عليه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» و «الموضوعات» : «الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث الحسن» . وبه أراد ابن الصلاح: ببعض (3) المتأخرين، واعترضه القشيري.
قال ابن الصلاح [بعد](4) ما ذكر هذه الحدود الثلاثة: «كل هذا مُستبهَم لا
(1) في الأصل: معنى.
(2)
في الأصل: حديث.
(3)
في الأصل: بعض.
(4)
في الأصل: أما .. وما أثبتناه من المصدر.
يشفي الغليل، وليس في كلام الترمذي والخطابي ما يفصلُ الحسن من الصحيح».
وهذا معنى: «وما بكل ذا حَدٌّ حصل» .
وقوله:
54 -
وَقَالَ: بَانَ لي بإمْعَانِ النَّظَرْ
…
أنَّ لَهُ قِسْمَيْنِ كُلٌّ قَدْ ذَكَرْ
ش: أي: وقال ابن الصلاح: «وقد أمعنت النظرَ في ذلك والبحثَ، جامعاً بين أطراف كلامهم، ملاحظاً مواقع استعمالهم، فتنقح لي واتضح أن الحديث قسمان
…
» إلى آخر كلامه.
ونَزَّل على القسم الأول كلام الترمذي، وعلى القسم الثاني كلام الخطابي، وإليه الإشارة بقوله «كُلٌّ» ، أي: كل واحدٍ من الترمذي والخطابي.
وقوله:
55 -
قِسْماً، وَزَادَ كَونَهُ مَا عُلِّلا
…
وَلَا بِنُكْرٍ أوْ شُذُوْذٍ شُمِلَا
ش: يعني أنه في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذاً أو منكراً سلامته من أن يكون معللاً. وهذه زيادة [من](1) ابن الصلاح على ما ذُكِر.
وقوله:
56 -
وَالفُقَهَاءُ كلُّهُمْ يَستَعمِلُهْ
…
وَالعُلَمَاءُ الْجُلُّ مِنْهُمْ يَقْبَلُهْ
(ش): يشير بذلك إلى قول الخطابي في حده الحسن: «وهو الذي يقبله
(1) زيادة من عندي ليستقيم السياق.
أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء»، فَفَرَّقَ بين العلماء والفقهاء في ذلك.
قوله: [13 - ب]
57 -
وَهْوَ بأقْسَامِ الصَّحِيْحِ مُلْحَقُ
…
حُجّيَّةً وإنْ يَكُنْ لا يُلْحَقُ
ش: يعني أن الحسن ملحق بالصحيح في الاحتجاج به، وإن كان دونه رتبةً، فـ «حُجية» منصوب على التمييز.
وقوله:
58 -
فَإنْ يُقَلْ: يُحْتَجُّ بِالضَّعِيْفِ
…
فَقُلْ: إذا كَانَ مِنَ المَوْصُوْف
59 -
رُوَاتُهُ بِسُوْءِ حِفْظٍ يُجْبَرُ
…
بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ يُذْكَرُ
60 -
وَإنْ يَكُنْ لِكَذِبٍ أوْ شَذَّا
…
أوْ قَوِيَ الضُّعْفُ فَلَمْ يُجْبَر ذَا
ش: هو بضم أول «يُقل» مبنياً للمفعول.
لما قَرَّرَ أن الحسن يحتج به، قيل: كيف يحتج بالضعيف؟ فأجاب بأن الضعف يختلف، فضعيفٌ (1) يزول بمجيئه من وجوه بأن يكون ضعفه نشأ عن ضَعْفِ حفظِ راويه مع كونه صادقاً ديناً، فإذا رأينا حديثاً جاء من وجه آخر عرفنا أنه مما حفظه، ولم يختل ضبطه له، وكذا إذا كان ضعفُه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك، كالمرسَل الذي أرسله إمام حافظ؛ إذ ضعفه قليل يزول بروايته من وجه آخر. ومنه ضَعْفٌ لا يزول بنحو ذلك لقوة ضعفه، وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته، كالضعف الناشئ عن كون الراوي
(1) كذا في الأصل، والأولى: فَضَعْفٌ.
متهماً بالكذب، أو كون الحديث شاذاً (1)، وإلى ذلك الإشارة بقوله: [الموصوف رواته
…
] (2).
ش: فـ «رواتُه» مرفوع مبنياً على الفاعل فيه: «الموصوف» أي: الذي وُصِفَ رواته.
وقوله: [14 - أ]
61 -
أَلَا تَرَى الْمُرْسَلَ حَيْثُ أُسْنِدَا
…
أوْ أرْسَلُوا كَمَا يَجِيءُ اعْتُضِدَا
هذا جوابٌ عمَّن قال: إن الحسن متقاصرٌ عن الصحيح، فكيف يُحتج به إذا انضم إليه من لا يحتج به منفرداً؟ فيقال: نَصَّ الشافعي رضي الله عنه في مراسل التابعين أنه يقبل منها المرسَل الذي جاء نحوه مسنداً، وكذا لو وافقه مُرْسَلٌ آخَر أرسله من أخذ العلم عن غير رجال التابعي الأول (خ) في كلام له ذكر فيه وجوهاً من الاستدلال على صحة مخرج المرسل لمجيئه من وجه آخر.
وقوله:
62 -
وَالحَسَنُ: الْمشهُوْرُ بِالعَدَالَهْ
…
وَالصِّدْقِ رَاوِيهُ، إذَا أَتَى لَهْ
63 -
طُرُقٌ أُخْرَى نَحْوُهَا مِن الطُّرُقْ
…
صَحَّحْتُهُ ........................
(1) العبارة في الأصل: «كون الراوي متهماً بالكذب، [أو كون الراوي متهماً بالكذب]، أو كون الحديث شاذاً» . وهو تكرار. خطأ.
(2)
زيادة من عندي لينضبط السياق.
ش: يعني أن الحَسَن الذي رواه مشهور بالصدق والعدالة إذا أتت له طرقٌ أُخرى حُكِمَ بصحته، كحديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» .
فمحمد بن عمرو من المشهورين بالصدق والصيانة إلا أنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضُعِّفَ لسوء حفظه ووُثِّقَ لصدقه وجلالته فحديثه هذا من هذه الجهة حسن، فلما انضم إليه كونه رُويَ من جهة أخرى زال بذلك ما يُخشى عليه من سوء حفظه، وانجبر بذلك النقصُ اليسير، والتحق بدرجة الصحيح.
فـ «طرقٌ أخرى» فاعل أتى.
وقوله:
.......................
…
........ ُ كَمَتْنِ (لَوْلَا أنْ أَشُقْ)
64 -
إذْ تَابَعُوْا (مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو)
…
عَلَيْهِ فَارْتَقَى الصَّحِيْحَ يَجْرِي
ش: فَقَيَّدَ قولُه: «كمتن» بقوله: «إذ» (خ) إعلاماً بأن التمثيل ليس بمطلق [14 - ب] الحديث، بل بقيد كونه من رواية محمد بن عمرو.
[و](1) أراد بالمتابعة متابعة شيخِ محمد بن عمرو أبي سلمة عليه عن أبي هريرة، فقد تابعَ أبا سلمة عن أبي هريرة عبدُ الرحمن بن هرمز الأعرج، وسعيد المقبري، وأبوه أبو سعيد، وعطاء مولى أم حبيبة (2)، وحميد بن عبد
(1) زيادة من عندي.
(2)
كذا في الأصل، وراجع حاشية تحقيق شرح الناظم (1/ 161 رقم 5).
الرحمن، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، وهو متفق عليه من طريق الأعرج، والمتابعة قد يُراد بها متابعة الشيخ، ومتابعة شيخ الشيخ كما يأتي إن شاء الله.
65 -
قَالَ: وَمِنْ مَظِنَّةٍ لِلحَسَنِ
…
جَمْعُ (أبي دَاوُدَ) أيْ في السُّنَن
ش: يعني أن من مظان الحَسَن «سُنن أبي داود السجستاني» . كذا قال ابن الصلاح.
66 -
فإنَّهُ قَالَ: ذَكَرْتُ فِيْهِ
…
ما صَحَّ أوْ قَارَبَ أوْ يَحْكِيْه
67 -
وَمَا بهِ وَهَنٌ شَدِيْدٌ قُلْتُهُ
…
وَحَيْثُ لَا فَصَالِحٌ خَرَّجْتُهُ
ش: يعني أن ابن الصلاح قال: روينا عنه أنه قال: «ذكرتُ فيه الصحيح، وما يشبهه، ويقاربه» ، وروينا عنه أيضاً ما معناه أنه يذكر في كل باب ما عرفه في ذلك الباب، وقال:«ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصلح من بعض» .
قال ابن الصلاح: فعلى هذا ما وجدته في كتابه مذكوراً مطلقاً، وليس في واحد من الصحيحين، ولا نَصَّ على صحته أحدٌ يميز بين الصحيح والحسن عرفناه، فإنه من الحسن عند أبي داود.
وإلى هذا الإشارة بقوله:
68 -
فَمَا بِهِ وَلَمْ يُصَحَّحْ وَسَكَتْ
…
عَلَيْهِ عِنْدَهُ لَهُ الحُسْنُ ثَبَتْ
ش: «ولم يُصَحَّح» بضم أوله مبنياً على المفعول.
وقوله: [15 - أ]
69 -
و (ابْنُ رُشَيْدٍ) قَالَ -وَهْوَ مُتَّجِهْ-
…
: قَدْ يَبْلُغُ الصِّحَّةَ عِنْدَ مُخْرِجِهْ
ش: هذا اعتراض من أبي عبد الله محمد بن عمر الفِهْري الأندلسي، عُرِف بابن رُشيد بضم الراء المهلمة، وفتح الشين المعجمة، وإسكان المثناة تحت، وبعده دال مهملة، على ابن الصلاح؛ فإنه لا يَلْزَم من كون الحديث لم يَنُصُّ عليه أبو داود بضعف، ولا صححه غيره أن الحديث عند أبي داود حَسَن، إذ قد يكون [عنده](1) صحيحاً وإن لم يكن عند غيره كذلك، واستحسنه أبو الفتح اليَعْمُري، و [هذا] (2) معنى قوله:«وهو متجه» .
70 -
وَللإمَامِ (اليَعْمُرِيِّ) إنَّما
…
قَوْلُ (أبي دَاوُدَ) يَحْكي (مُسْلِما)
ش: يعني أن اليَعْمُري محمد بن سيد الناس تعقب كلام ابن الصلاح في شرح الترمذي قائلاً: «لم يرسم أبو داود شيئاً بالحُسن، وعمله في ذلك شبيه بعمل مسلم الذي لا ينبغي أن يحمل كلامه على غيره، أنه اجتنب الواهي الضعيف، وأتى بالقسمين الأول والثاني، وحديث مَنْ مَثَّل به من الرواة من القسمين المذكورين موجود في كتابه دون القسم الثالث، فكان ينبغي أن يُلْزِمَ أبو عمرو مسلماً ما ألزمه أبا داود، فإن معنى كلامهما واحد.
قلت: واليَعْمَري بفتح المثناة تحت، وإسكان العين المهملة، وبعده ميم مفتوحة (3)، فراء مهملة، انتهى.
(1) زيادة من المصدر.
(2)
زيادة من المصدر.
(3)
هذا وجه، والوجه الآخر: اليعمُري، بضم الميم.
71 -
حَيثُ يَقُوْلُ: جُمْلَةُ الصَّحِيْحِ لا
…
تُوجَدُ عِنْدَ (مَالِكٍ) وَالنُّبَلا
ش: يعني أن قول أبي داود يشبه قول مسلم في الصِّحة والمقاربة حيث يقول إنه ليس كل الصحيح نجده عند مالك وشعبة وسفيان.
وقوله: [15 - ب]
72 -
فَاحْتَاجَ أنْ يُنْزَلَ في الإسْنَادِ
…
إلى (يَزيْدَ بنِ أبي زيَادِ)
ش: يعني فاحتاج أن ينزل -يعني مسلماً- إلى (1) مثل حديث ليث بن أبي سُليم، وعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، لما يشمل الكل من اسم العدالة والصدق وإن تفاوتوا حفظاً وإتقاناً.
وقوله:
73 -
وَنَحْوِهِ، وإنْ يَكُنْ ذُو السَّبْقِ
…
قَدْ فَاتَهُ، أدْرَكَ بِاسْمِ الصِّدْق
ش: يعني أنه لا فرق بين الطريقين، غير أن مسلماً شرط الصحيح فتحرَّج (2) من حديث الطبقة الثالثة، وأبا داوود ما اشترطه فذكر ما يشتد وهنُه والتزم عنده البيان عنه.
وقوله:
74 -
هَلَاّ قَضى عَلى كِتَابِ (مُسْلِمِ)
…
بِمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالتَّحَكُّم
(1) في الأصل: [قال] إلى مثل. وهو حشو.
(2)
في الأصل: فيخرج. خطأ، وانظر حاشية تحقيق شرح الناظم (1/ 165رقم8).
ش: هذا جواب عن اعتراض اليعمري (1)، وهو أن مسلماً التزم الصحة في كتابه فليس لنا أن نحكم على حديث خرجه فيه بأنه حسن عنده لقصور الحسن عن الصحيح، وأبو داود قال: إن ما سكت عنه فصالح. والصالح قد يكون صحيحاً، وقد يكون حسناً عند من يرى الحَسَن دون الصحيح رتبةً، وما نقل عن أبي داود هل يقول بذلك، أو يرى ما ليس بضعيف صحيحاً؟ فكان الأحوط ألا يُرتفع بما سكت عنه إلى الصحة حتى يُعلم أن رأيه هو الثاني، ويحتاج إلى نقل. والضمير المجرور بـ «على» يعود إلى كتاب أبي داود.
وقوله:
75 -
وَ (البَغَوِيْ) إذْ قَسَّمَ المَصْابحَا
…
إلى الصِّحَاحِ والحِسَانِ جَانِحا
ش: قلت البغوي نسبةً إلى بلد من بلاد خُراسان يقال لها «بغ» و «بغشور» وقيل [16 - أ] لأبي القاسم هذا البغوي؛ لأجل جده أحمد بن منيع البغوي، ووُلِدَ هو ببغداد ونشأ بها، وكان محدِّث العراق في عصره، وإليه الرحلة من البلاد، انتهى.
يعني أن البغوي رُدَّ عليه تسميته في كتاب «المصابيح» ما رواه أصحاب السُّنن: الحسان؛ إذ في السنن غير الحسن من الضعيف والصحيح إذا قلنا الحسن ليس أعم من الصحيح.
(1) كذا قال المصنف وهو خطأ فهذا البيت تتمة لكلام اليعمري، وما ذكره هو جواب الناظم عن كلام اليعمري كله، كما تجد تفصيله في شروح «الألفية» .
وقوله:
76 -
أنَّ الحِسَانَ مَا رَوُوْهُ في السُّنَنْ
…
رَدَّ عَلَيهِ إذْ بِهَا غَيْرُ الحَسَنْ
ش: فـ «أَنَّ» بفتح الهمزة بإسقاط «إلى» أي: جانحا «إلى» أن.
وقوله:
77 -
كَانَ (أبُوْ دَاوُدَ) أقْوَى مَا وَجَدْ
…
يَرْوِيهِ، والضَّعِيْفَ حَيْثُ لَا يَجِدْ
ش: هذا بيان لكون السنن فيها غير الحسن، لقول أبي داوود، يعني أنه يذكر في كل باب أصحَّ ما عرفه في ذلك الباب قال ابن منده عنه إنه يخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره؛ لأنه أقوى عنده من رأي الرجال.
وقوله:
78 -
في البَابِ غَيْرَهُ فَذَاكَ عِنْدَهْ
…
مِنْ رَأيٍ اقوَى قَالهُ (ابْنُ مَنْدَهْ)
ش: معناه ما تقدم.
وقوله:
79 -
وَالنَّسَئي يُخْرِجُ مَنْ لَمْ يُجْمِعُوا
…
عَليْهِ تَرْكَاً، مَذْهَبٌ مُتَّسِعُ
ش: قال ابن منده: إنه سمع محمد بن سعد الباوردي -بالباء الموحدة- بمصر يقول: كان مذهب النسائي أن يخرج عن كل من لم يُجْمَع على تركه.
و «مذهبٌ متسعٌ» خبر مبتدأ محذوف أي: «وهو
…
».
وقوله: [16 - ب]
80 -
وَمَنْ عَليها أطْلَقَ الصَّحِيْحَا
…
فَقَدْ أَتَى تَسَاهُلاً صَرِيْحَا
ش: يعني أن من أطلق الصحيح على كتب السنن فقد تساهل كالسِّلَفي، حيث يقول في الكتب الخمسة: اتفق على صحتها المشرق والمغرب.
وكالحاكم حيث يطلق على الترمذي «الجامع الصحيح» وكذا الخطيب أطلق على النسائي: «الصحيح» .
81 -
وَدُوْنَهَا في رُتْبَةٍ مَا جُعِلَا
…
عَلى المَسَانِيْدِ، فَيُدْعَى الجَفَلَى
ش: يعني أن دون السنن في رتبةِ الصَّحيح المصنَّف على المسانيد مما أُفرد فيه حديث كلِّ صحابي على حِدة من غير نظر للأبواب كأبي داوود الطيالسي، ويقال إنه أول مسنَد صُنِّفَ، وكمسند الإمام أحمد، والبزار، والبغوي، والدارمي عند ابن الصلاح، ووَهِم لأنه مُرَتَّبٌ على الأبواب.
و «يُدعَى الجَفَلا» بضم أول الفعل مبنياً للمفعول.
و «الجَفَلا» بضم الجيم (1) والفاء مقصور: الدعوة العامة للطعام، والدعوة الخاصة عندهم تسمى النقرى.
قلت: والنقرى بفتح النون، والقاف، والراء المهملة، وبعده ألف. قال الأخفش: يقال: دُعي فلان في النقرى لا في الجفلا قال طَرَفة الشاعر:
نحن في المَشْتَاة ندعو الجَفَلا
…
لا ترى الآدب فينا ينتقر
(1) كذا، وصوابها: بفتح الجيم. كما في شرح الناظم: (1/ 170).
وكنى بذلك عن [كون](1) المسانيد [دون السنن في مرتبة الصحة، لأن من جمع مسند الصحابي يجمع](2) فيه ما يقع له من حديث الصحابي صَلُح للاحتجاج أم لا.
وقوله:
82 -
كَمُسْنَدِ (الطَّيَالَسِيْ) و (أحْمَدَا)
…
وَعَدُّهُ (لِلدَّارِميِّ) انْتُقِدَا
ش: [17 - أ] فالضمير في «عَدُّه» لابن الصلاح.
قلت: «الطَّيالسي» بفتح الطاء، والياء المثناة تحت، وبعده ألف، فلام مكسورة، فسين مهملة، نسبةً إلى الطَّيَالِسَة التي تجعل على العمائم، وشُهِرَ بهذه النسبة إلى الطَّيالسة أبو داود سليمان، وأصله من فارس وسكن البصرة، يروي عن الدستوائي وغيره، وعن الإمام أحمد، وابن المديني وغيرهما، ومسنده هذا من حَسَنِ الحديث، ولي به رواية، والله أعلم، انتهى.
وقوله:
83 -
والحُكْمُ لِلإسْنَادِ بِالصِّحَّةِ أوْ
…
بِالْحُسْنِ دُوْنَ الحُكْمِ لِلمَتْنِ رَأَوْا
ش: يعني أنهم يرون الحكم (3) بالصحة للإسناد دون المتن، فيقولون: هذا حديث إسناده صحيح، دون قولهم هذا حديث صحيح، وكذلك يقولون في حكمهم على الإسناد بالحسن: هذا إسناده حسن، دون: حديث حسن؛ لأنه
(1) في الأصل: إجماع. خطأ، والتصحيح من المصدر.
(2)
زيادة من المصدر سقطت من الأصل.
(3)
في الأصل: الحاكم. خطأ.
قد يَصِحُّ الإسناد لثقة رجاله، ولا يَصِحُّ الحديث لشذوذٍ أو علةٍ.
وقوله:
84 -
وَاقْبَلْهُ إنْ أَطْلَقَهُ مَنْ يُعْتَمَدْ
…
وَلَمْ يُعَقِّبْهُ بضَعْفٍ يُنْتَقَدْ
ش: يعني أن المعتَمد من المُصَنِّفين إذا اقتصر على: «صحيح الإسناد» ، ولم يذكر له علة، ولم يقدح فيه، فالظاهر الحُكْم بالصحة في نفس الحديث، لعدم العلة والقادح في الظاهر والأصل، كذا قال ابن الصلاح، وزاد (ن): وكذلك لو اقتصر على قوله: «حسن الإسناد» ، ولم يعقبه بضعف فَيُحْكَم له بالحُسْن.
وقوله:
85 -
وَاسْتُشْكِلَ الحسْنُ مَعَ الصِّحَّةِ في
…
مَتْنٍ، فَإنْ لَفْظاً يَرِدْ فَقُلْ: صِفِ [17 - ب]
ش: يعني أن الجماعة استشكلوا قول الترمذي مثلاً أو غيره: «هذا حديث حسن صحيح» ، كيف يجمع بينهما مع كون الحسن قاصراً عن الصحيح، فيكون جَمَعَ إثبات القصور ونفيه في حديث واحد؟ وأجاب ابن الصلاح عنه بجوابين ضَعَّفَهُما القُشيري؛ أحدهما: أن ذلك يرجع إلى الإسناد بأن يكون له إسنادان صحيح وحسن. فأورد (1) عليه القشيري أحاديث قيل فيها ذاك، وليس لها إلا مخرج واحد، كقول الترمذي في مواضع:«هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه» ، كقوله في حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه: «إذا بقى نصف شعبان فلا
(1) في الأصل: «ش» فأورد
…
تصوموا» فقال فيه: «حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ» .
والثاني: أنه أراد بالحسن معناه اللغوي دون العرفي.
قال القشيري: فيلزم عليه أن يُطْلَق على الموضوع إذا كان حَسَن اللفظ حَسَن.
وقد مزج (ن) هذين الجوابين بردهما في هذا البيت وما بعدها بقوله:
86 -
بِهِ الضَّعِيْفَ، أوْ يَرِدْ مَا يَخْتَلِفْ
…
سَنَدُهُ، فَكَيْفَ إنْ فَرْدٌ وصِفْ؟
87 -
وَ (لأبي الفَتْحِ) في الاقْتِرَاحِ
…
أنَّ انفِرَادَ الحُسْنِ ذُوْ اصْطِلَاح
ش: أجاب القشيري أبو الفتح عن ما استشكله في كتابه «الاقتراح» لما رَدَّ الجوابين كما رأيت بأن الحَسَن لا يُشترط فيه أن يكون قاصراً عن الصحة إلا إن انفرد فيراد به حينئذ الحَسَن لا العُرفي (1)، وأما إن ارتفع إلى درجة الصحة [18 - أ] فالحسن حاصل تبعاً للصحة لا محالة؛ لأن وجود الدرجة العليا وهي الحفظ والإتقان، وذلك لا ينافي وجود الدنيا كالصدق، فيقال حسن باعتبار الدنيا، صحيح باعتبار العليا، وعلى ذلك فالصحة أخَصّ، فكل صحيح حسن، وأيده قولهم:«حسن» في الأحاديث الصحيحة كما هو في كلام المتقدمين.
وقد قال ابن المواق: كل صحيح عند الترمذي حسن، ولا ينعكس. وإلى هذا أشار بقوله:
(1) أي: فيراد به الحسن الاصطلاحي. كما هو تعبير الناظم في شرحه (1/ 173).
88 -
وَإنْ يَكُنْ صَحَّ فَليْسَ يَلْتَبِسْ
…
كُلُّ صَحِيْحٍ حَسَنٌ لَا يَنْعَكِسْ
89 -
وَأوْرَدوا مَا صَحَّ مِنْ أفْرَادِ
…
حَيْثُ اشْتَرَطْنَا غَيْرَ مَا إسْنَاد
ش: هذا إيراد أورده ابن سيد الناس على ابن المواق، فقال: قد بقي عليه أنه اشترط في الحَسن أن يُرْوَي نحوه من وجه آخر، ولم يشترط ذلك في الصحيح، فانتفى ما قاله، وعلى هذا فالأفراد الصحيحة ليست بحسنة عند الترمذي؛ إذ يشترط في الحسن أن يروى من غير وجه، كحديث الأعمال، والسَّفَر قطعة من العذاب، ونهى عن بيع الولاء وهبته.
وأجاب (ن)(1) عن هذا بأن الترمذي إنما يشترط مجيئه من وجه آخر إذا لم يبلغ رتبة الصحيح، فإن بلغها لم يشترط ذلك، كقوله في مواضع:«هذا الحديث حديث حسن صحيح غريب» لما ارتفع إلى درجة الصحة أثبت له الغرابة باعتبار فرديته، انتهى.
(1)(1/ 175).