الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَقْلُوْبُ
قوله:
242 -
وَقَسَّمُوا المَقْلُوْبَ قِسْمَيْنِ إلى:
…
مَا كَانَ مَشْهُورَاً بِراوٍ أُبْدِلا
243 -
بِواحدٍ نَظِيْرُهُ، كَيْ يَرْغَبَا
…
فِيهِ، لِلاغْرَابِ إذا مَا اسْتُغْرِبَا
الشرح: من أنواع الحديث الضعيف المقلوب، وهو قسمان:
أحدهما: أن يكون مشهوراً براوٍ فيجعل مكانه راوٍ آخر في طبقته ليصير بذلك غريباً مرغوباً فيه كحديثٍ مشهور عن سالمٍ فيجعل مكانه نافعٌ، فيصير غريباً مرغوباً فيه.
وفَعَل ذلك حماد بن عمرو النَّصِيبي الوَضَّاع فيما روى عمرو بن خالد الحَرَّاني، عن حماد بن عمرو النَّصِيبي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً:«إذا لقيتم المشركين في طريقٍ فلا تبدأوهم [55 - ب] بالسلام» الحديث.
فهذا مقلوبٌ قَلَبَه حماد المتروك فجعله عن الأعمش، وإنما هو معروف بسهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، هكذا رواه مسلمٌ في «صحيحه» من رواية شُعبة، والثوري، وجَرير بن عبد الحميد، وعبد العزيز بن محمد الدَّرَاوردي، كلهم عن سُهَيْل.
وقوله:
244 -
وَمِنْهُ قَلْبُ سَنَدٍ لِمَتْنِ
…
نَحْوُ: امْتِحَانِهِمْ إمَامَ الفَنّ
245 -
في مائَةٍ لَمَّا أتَى بَغْدَادَا
…
فَرَدَّهَا، وَجَوَّدَ الإسْنَادَا
الشرح: هذا القسم الثاني من المقلوب، وهو أن يُؤخذ إسنادُ متنٍ فَيُجْعل على متنٍ آخر، ومتن هذا فيجعل بإسنادٍ آخر، وهذا يكون لقصد الإغراب، فيكون كالوضع، ويكون اختباراً لحفظ المحدث كما يرتكبه المحدثون كثيراً، وفي جوازه نظر. وممن فعله شعبة وحماد بن سلمة.
وقوله: «نحو امتحانهم» (خ) يعني بذلك ما رواه (ن)(1) بسنده إلى الرازي أبي أحمد الحسن (2)، قال: سمعت أبا أحمد بن عدي يقول: سمعت عدة مشايخ يحكون أنَّ البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديثٍ فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسنادٍ آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس، إلى كلِّ رجلٍ عشرة أحاديث، وأمرُوهم إذا حضروا المجلس يُلْقُون ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس [56 - أ]، فحضر المجلس جماعةُ أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرهم ومن البغداديين، فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا أعرفه. فسأله عن آخر
(1)(1/ 321).
(2)
كذا، وصوابه: أحمد بن الحسن الرازي. كما في «شرح الناظم» .
فقال: لا أعرفه. فما زال يُلقى عليه واحداً بعد واحد حتى فرغ من عشرته، و (خ) (1) يقول: لا أعرفه فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فَهِم، ومن كان منهم غير ذلك يقضي على (خ) بالعجز والتقصير وقلة الفهم، ثم انتدب آخر من العشرة فسأله عن حديثٍ من تلك الأحاديث المقلوبة فقال (خ): لا أعرفه. فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه. فلم يزل يلقي عليه واحداً بعد واحد حتى فرغ من عشرته، و (خ) يقول: لا أعرفه. ثم انتدب إليه الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، و (خ) لا يزيدهم على: لا أعرفه. فلما علم (خ) أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، على الولاء، حتى أتى على العشرة فَرَدَّ كلَّ متن على إسناده وكُلَّ إسنادٍ إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورَدَّ متونَ الأحاديث كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها، فأَقَرَّ له الناسُ بالحفظ، وأذعنوا له بالفضل.
وقوله: «بغدادا» بدالين مهملتين، أحد لغاتٍ جمة فيه [56 - ب]، نبهتُ عليها في «الكافي» شرحي لمغني ابن هشام، نفع الله تعالى به.
وقوله:
246 -
وَقَلْبُ مَا لَمْ يَقْصِدِ الرُّوَاةُ
…
نَحْوُ: (إذَا أُقِيْمَتِ الصَّلَاةُ
…
)
247 -
حَدَّثَهُ - في مَجْلِسِ البُنَاني -
…
حَجَّاجٌ، اعْنِي: ابْنَ أبي عُثمَان
(1) أي: البخاري.
248 -
فَظَنَّهُ - عَنْ ثَابِتٍ - جَرِيْرُ،
…
بَيَّنَهُ حَمَّادٌ الضَّرِيْرُ
الشرح: من أقسام المقلوب ما انقلب على راويه ولم يقصد قلبه، كالحديث الذي رواه جرير بن حازم، عن ثابت البناني، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» .
فهذا حديث انقلب إسناده على جرير، والحديث مشهور ليحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هكذا رواه الأئمة الخمسة من طُرُق تدور على يحيى، وهو عند مسلم والنسائي من رواية حجاج بن أبي عثمان الصَّوَّاف، عن يحيى. وأما جرير فما سمعه إلا من حَجَّاج فانقلب عليه.
وقوله: «حدثه» (خ) يعني أن حماد الضرير بن زيد قال: كنت وجرير بن حازم عند ثابت البناني، فحدث حجاج بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير بسنده المذكور عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، فظن جرير أنه إنما حدث به ثابت عن أنس قال الطَّبَّاع إسحاق بن عيسى: حدثنا جرير بن حازم بهذا، فأتيت حماد بن زيد فسألته عن الحديث، فقال: وَهِم أبو النَّضْر-يعني جريراً- إنما كنا جميعاً في مجلس البناني، وذكر [57 - أ] نحوه.
قلت: «والبُنَاني» بضم الباء الموحدة، وبعده نون، فألف، فنون، نسبةً إلى بُنَانة بن سعد بن لؤي بن غالب، وهو أبو محمد ثابت بن أسلم، من تابعي البصرة، صحب أنس بن مالك أربعين سنة.