الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُعَلَّلُ
قوله:
193 -
وَسَمِّ مَا بِعِلّةٍ مَشْمُوْلُ
…
مُعَلَّلاً، وَلَا تَقُلْ: مَعْلُوْلُ
الشرح: يعني أن الحديث إذا شملته علةٌ من علل الحديث يسمى مُعَلَّلاً لا معلولاً كما هو في عبارة الكثير من المحدثين، والترمذي، وابن عدي، والدارقطني، وأبي يعلى الخليلي، والحاكم، وغيره من الفقهاء في باب القياس حيث قالوا:«العلة والمعلول» قال ابن الصلاح: وهو مرذولٌ عند أهل العربية واللغة، وقال النووي: لحن. واختار (ن) المُعَلَّ.
وقوله:
194 -
وَهْيَ عِبَارَةٌ عَنْ اسْبَابٍ طَرَتْ
…
فِيْهَا غُمُوْضٌ وَخَفَاءٌ أثَّرَتْ
195 -
تُدْرَكُ بِالخِلَافِ وَالتَّفَرُّدِ
…
مَعَ قَرَائِنٍ تُضَمُّ، يَهْتَدِيْ
196 -
جِهْبَذُهَا إلى اطِّلَاعِهِ عَلَى
…
تَصْويْبِ إرْسَالٍ لِمَا قَدْ وُصِلَا
197 -
أوْ وَقْفِ مَا يُرْفَعُ، أوْ مَتْنٌ دَخَلْ
…
في غَيْرِهِ، أوْ وَهْمِ وَاهِمٍ حَصَلْ [43 - أ]
198 -
ظَنَّ فَأمْضَى، أوْ وَقَفْ فأحْجَمَا
…
مَعْ كَوْنِهِ ظَاهِرَهُ أنْ سَلِمَا
الشرح: يعني أن المعلل هو ما فيه سببٌ قادحٌ غامضٌ مع أن ظاهره السلامة منه، ويتمكن منه أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب. ويتطرق ذلك إلى
الإسناد الجامع لشروط الصحة ظاهراً ويُدرَك ذلك بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له مع قرائن منضمة إلى ذلك، يهتدي الناقد بذلك إلى اطلاعه على إرسال في الموصول أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث أو وهم واهمٍ بغير ذلك بحيث يغلب على ظنه ذلك فأمضاه وحكم به، أو تردد في ذلك فوقف وأحجم عن الحكم بصحة الحديث، وإن لم يغلب على ظنه صحة التعليل بذلك، مع كون الحديث المعلل ظاهره السلامة من العلة.
فقوله: «جهبذها» . قلت: هو بكسر الجيم، وإسكان الهاء، وبعده باء موحدة مكسورة، فذال معجمة.
وقوله: «أن سَلما» ، هو بفتح الهمزة، مخفف النون مصدريةٌ في موضع رفع على الخبر، لقوله:«ظاهره» والجملة من مبتدأ وخبر في موضع نصبٍ خبر لكونِهِ.
وقوله: «فأحجما» .
قلت: هو بالحاء المهملة، وبعده جيم، فميم، أي: كَفَّ. انتهى.
ومثال العِلَّة في الحديث: حديث رواه الترمذي وحسنه أو صححه، وابن حبان، والحاكم وصححه [43 - ب]، من رواية ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً:«من جلس في مجلسٍ فَكَثُرَ فيه لَغَطُه» الحديث.
قال الحاكم: في «العلوم» له: هذا حديثٌ من تأمله لم يشك أنه من شرط الصحيح، وله علةٌ فاجتنبه، ثم روى أن مسلماً جاء إلى البخاري فسأله عن
علته فقال: هذا حديث مليح، ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث الواحد، إلا أنه معلول؛ حدثنا به موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب: حدثنا سهيل، عن عون بن عبد الله (1).
وقوله:
199 -
وَهْيَ تَجِيءُ غَالِباً في السَّنَدِ
…
تَقْدَحُ في المتْنِ بِقَطْعِ مُسْنَد
200 -
أوْ وَقْفِ مَرْفُوْعٍ، وَقَدْ لَا يَقْدَحُ
…
(كَالبَيِّعَانِ بالخِيَار) صَرَّحُوا
201 -
بِوَهْمِ (يَعْلَى بْنِ عُبَيدٍ): أبْدَلا
…
(عَمْراً) بـ (عَبْدِ اللهِ) حِيْنَ نَقَلا
202 -
وَعِلَّةُ المتْنِ كَنَفْي البَسْمَلَهْ
…
إذْ ظَنَّ رَاوٍ نَفْيَها فَنَقَلَهْ
203 -
وَصَحَّ أنَّ أَنَساً يَقُوْلُ: (لا
…
أحْفَظُ شَيْئاً فِيهِ) حِيْنَ سُئِلَا
الشرح: يعني أن العلة تكون غالباً في السَّنَد، أي الإسناد، وهو الأكثر، وتكون في المتن.
والتي تكون في الإسناد قد تقدح في صحة المتن، وقد لا تقدح. فالتي تقدح في المتن كالتعليل بالإرسال والوقف، والتي لا تقدح كحديث يعلى بن عبيد، عن الثوري، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم [44 - أ]:«البيعان بالخيار» (خ) فوهم فيه يعلى بن عبيدٍ الطنافسي أحد رجال الصحيح على سفيان في قوله: عمرو بن دينار، وإنما
(1) قال البخاري: هذا أولى فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماع من سهيل. وقد رد الناظم هذه الحكاية عن البخاري في شرحه (1/ 276).
المعروف من حديث سفيان عن عبد الله بن دينارٍ عن ابن عمر، هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان كالفضل بن دكين وعبيد الله بن موسى العبسي، ومحمد بن يوسف الفِرْيَابي، وغيرهم.
فقوله: «بقطع مسند» . قلت: لك أن تقرأه بكسر النون اسم فاعلٍ من أَسْنَدَ رباعياً، وبفتحها اسم مفعول منه، بمعنى: الحديث، أي: الإسناد والمرسلُ صالح لهما (1). انتهى.
وقوله: «أَبْدَلا» (خ) يعني أن السبب في توهم يعلى كونه ترك عبد الله بن دينار وأتى بعمرو بن دينار، فأدخل الباء على المتروك وهو جائز.
وقوله: «وعلة المتن» (خ) يعني أن مثال علة المتن انفراد مسلم في «الصحيح» من رواية الوليد بن مسلمٍ: حدثنا الأوزاعي، عن قتادة: أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال: «صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها» .
ثم رواه من رواية الوليد، عن الأوزاعي: أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: أنه سمع أنس بن مالكٍ يذكر ذلك [44 - ب].
وروى مالك في «الموطأ» ، عن حُميد، عن أنسٍ قال:«صليت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم» ، وزاد فيه الوليد: عن مالك: «صَلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
(1) كذا وقعت العبارة في الأصل، وفيها خلل ظاهر.
قال أبو عمر: «هو عندهم خطأ» ، وحديث أنسٍ أَعَلَّه الشافعي رضي الله عنه فيما نص عليه البيهقي في «المعرفة» عنه أنه قاله في «سنن حرملة» جواباً لسؤال أورده (1).
وقوله: «إذ ظن» (خ) يعني أن بعض الرواة ظن فهماً منه أن معنى قول أنس «يستفتحون بالحمد لله» أنهم لا يبسملون، فرواه على ما فهمه بالمعنى، وأخطأ في فهمه.
وقوله: «وصح» (خ) هذا دليلٌ على قوله: «إذ ظن» (خ)، أي: والدليل على أن أنساً لم يُرِد بما قاله نفي البسملة: ما صح عنه من رواية أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال: سألت أنس بن مالك: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه، وما سألني عنه أحدٌ قبلك. كذا رواه أحمدُ في «مسنده» ، وابن خزيمة في «صحيحه» ، والدارقطني قائلاً: هذا إسناد صحيح.
قال البيهقي في «المعرفة» : وفي هذا دليل على أن مقصود أنسٍ ما ذكره الشافعي.
وقوله: [45 - أ]
204 -
وَكَثُرَ التَّعْلِيْلُ بِالإرْسَالِ
…
لِلوَصْلِ إنْ يَقْوَ عَلَى اتِّصَال
205 -
وَقَدْ يُعِلُّوْنَ بِكُلِّ قَدْحِ
…
فِسْقٍ، وَغَفْلَةٍ، وَنَوْعِ جَرْح
(1) راجع كلام الشافعي في شرح الناظم (1/ 281).
206 -
وَمِنْهُمُ مَنْ يُطْلِقُ اسْمَ العِلَّةِ
…
لِغَيْرِ قادحٍ كَوَصْلِ ثِقَة
207 -
يَقُوْلُ: مَعْلُوْلٌ صَحِيْحٌ كَالذّيْ
…
يَقُوْلُ: صَحَّ مَعْ شُذُوْذٍ احْتَذِيْ
الشرح: يعني أنهم قد يُعِلُّون بأمور ليست خفية كالتعليل بالإرسال، وفِسْق الراوي وضعفه، ومالا يقدح أيضاً.
قال ابن الصلاح: وكثيراً ما يُعَلِّلون الموصول بالمرسل مثل أن يجيء الحديث بإسنادٍ موصولٍ وبإسناد منقطع أقوى من إسناد الموصول.
وقوله: «إن يَقْوَ» (خ) أي: إن يقوي الإرسال على الاتصال.
وقوله: «ومنهم» (خ) يعني أن بعضهم يُطلق اسم العلة على ما ليس بقادح مِن وجوه الخلاف كالحديث الذي وصله الثقة الضابط وأرسله غيره.
وقوله: «يقول» (خ) يعني حتى يقول: مِنْ أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول. والقائل ذلك هو أبو يعلى الخليلي في «الإرشاد» لما قال: «إن أقسام الحديث كثيرةٌ: صحيح متفق عليه، وصحيحٌ معلول، وصحيح مختلف فيه» . ثم مَثَّل الصحيحَ المعلول بحديث رواه إبراهيم بن طهمان، والنعمان بن عبد السلام، عن مالكٍ، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«للمملوك [45 - ب] طعامه وشرابه» . رواه أصحاب مالك كلهم في «الموطأ» عن مالكٍ، قال: بلغنا عن أبي هريرة.
قال: الخليلي فقد صار الحديث بتبيين الإسناد صحيحاً يُعتمد عليه، ثم قال: وكان مالكٌ يرسل الأحاديث لا يبين إسنادها، وإذا استقصى عليه من
يتجاسَر سؤاله ربما أجابه بالإسناد.
وقوله: «كالذي» (خ) يعني كما قال بعضهم في الصحيح ما هو صحيحٌ شاذٌ.
وقوله:
208 -
وَالنَّسْخَ سَمَّى (التِّرْمِذِيُّ) عِلَّهْ
…
فَإنْ يُرِدْ في عَمَلٍ فَاجْنَحْ لَهْ
الشرح: يعني أن الترمذي سمىَّ النسخ علةً من علل الحديث.
وقوله: «فإن يُرد» ، هو من الزوائد على ابن الصلاح، ويعني: إن أراد (ت) أنه علةٌ في العمل بالحديث فهو كلام صحيح فَمِلْ له إلى كلامه، وإن يراد أنه علةٌ في صحة نقله فلا؛ لأن في الصحيح أحاديث كثيرة منسوخة.
فقوله: «فاجنح» بالجيم، والنون، والحاء المهملة، أَمْرٌٌ من جَنَحَ إلى كذا: إذا مال إليه. انتهى.