الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَنْعَنَةُ
قوله:
136 -
وَصَحَّحُوا وَصْلَ مُعَنْعَنٍ سَلِمْ
…
مِنْ دُلْسَةٍ رَاويْهِ، والِلِّقَا عُلِمْ
الشرح: العنعنة فَعْلَلَة من عَنْعَنَ الحديث إذا رواه بلفظ «عن» مِنْ غير بيان للتحديث والإخبار والسماع.
واختُلِف في حكمه، والصحيح المعمول به وهو مذهب الجماهير من الأئمة المحدثين وغيرهم، أنه متصل بشرط سلامته (1) من التدليس وإمكان لقائهما.
قلت: والدُّلسة بضم الدال فُعْلَة من دَلِس -وهو قياس مصدر فعِل بكسر العين- .... (2) في العيوب. انتهى.
وقوله:
137 -
وَبَعْضُهُمْ حَكَى بِذَا إجمَاعَا
…
و (مُسْلِمٌ) لَمْ يَشْرِطِ اجتِمَاعَا [29 - ب]
138 -
لكِنْ تَعَاصُراً، وَقِيلَ: يُشْتَرَطْ
…
طُوْلُ صَحَابَةٍ، وَبَعْضُهُمْ شَرَطْ
139 -
مَعْرِفَةَ الرَّاوِي بِالاخْذِ عَنْهُ،
…
وَقيْلَ: كُلُّ مَا أَتَانَا مِنْهُ
(1) في الأصل: سلامتهما.
(2)
كلمة لم تظهر لي، ومراد العبارة واضح أن التدليس هو إخفاء العيوب.
140 -
مُنْقَطِعٌ، حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ،
…
..................................
الشرح: يعني أن بعضهم وهو أبو عمر (1) وأبو عمرو الداني ادَّعيا الإجماع على أن المعنعن مُتصل بشرطه، وزاد الداني أن يكون معروفاً بالرواية عنه.
وقوله: «ومسلم» (خ) يعني أن مسلماً أنكر في خطبة «صحيحه» اشتراط ثبوت اللقاء، وادعى أنه قول مخترع لم يسبق قائله إليه، وأن القول الشائع المتفق عليه إمكان لقائهما في كونهما في عصرٍ واحد، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا.
وقوله: «وقيل يشترط» (خ) يعني أن السمعاني أبا المظفر شَرَط طُول الصُّحبة بينهما.
وقوله: «وبعضهم» (خ) يعني أن الداني شرط ما ذكرناه.
وقوله: «وقيل» (خ) يعني أن بعضهم ذهب إلى أن المعنعن مرسل ومنقطع حتى يتبين اتصاله بغيره.
وقوله:
...........................
…
وَحُكْمُ (أَنَّ) حُكمُ (عَنْ) فَالجُلُّ
141 -
سَوَّوْا، وَللقَطْعِ نَحَا (البَرْدِيْجِيْ)
…
حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ في التَّخْرِيج
الشرح: هذا تفريعٌ على العنعنة، وهو ما إذا قال الراوي:«أن فلاناً قال كذا» ،
(1) يعني ابن عبد البر.
كقول الزهري: أن سعيد بن المسيب قال [30 - أ] كذا.
فالجمهور سووا بين الرواية بالعنعنة والرواية بلفظ «أن» ، وبه قال الإمام مالك رضي الله عنه والجمهور، فيما حكاه أبو عُمر في «التمهيد» ، وأنه لا اعتبار بالحروف والألفاظ بل باللقاء والمجالسة والسَّماع والمشاهدة.
قلت: و «الجُل» بضم الجيم وتشديد اللام انتهى.
وقوله: «وللقطع» (خ) يعني أن البرديجي نحا أي ذهب إلى أن مُطْلَقه محمول على الانقطاع ولا يلحق بـ «عن» حتى يتبين السماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى.
قلت: والبَرْدِيجي بفتح الباء الموحدة، وإسكان الراء، وكسر الدال المهملتين، وبعدهما مثناة تحت ساكنةٌ، فجيم، نسبةً إلى بَرْدِيج بليدة بأقصى أذربيجان، بينها وبين بردعة أربعة عشر فرسخاً، وهو أبو بكر البردعي المقدم ذكره، حافظ ثقة إمام انتهى.
وقوله:
142 -
قَالَ: وَمِثْلَهُ رَأى (ابْنُ شَيْبَهْ)
…
كَذا لَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْ صَوْبَهْ
الشرح: يعني أن ابن الصلاح قال: «وجدت ما حكاه ابن عبد البر عن البرديجي للحافظ الفحل يعقوب بن شيبة في «مسنده» الفحل».
وقوله: «كذا له» يعني أن ابن الصلاح أقام من قول ابن شيبة في مسنده لما ذَكَر رواية قيس بن سعد [30 - ب]، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن الحنفية: أن عماراً مَرَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يُصَلِّي، وجعله مرسلاً لقوله
«أن عماراً» فعل، ولم يقل:«عن عمارٍ» أنه وافق البرديجي فيما قاله. وقوله: «ولم يُصَوِّب» (خ) يعني أن ابن الصلاح في هذه الإقامة لم يُعَرِّج صوب مقصد بن شيبة، وبيانه أن الذي فعله ابن شيبة هو صوابٌ من العمل، وهو الذي عليه عمل الناس، وما جعله مرسلاً من لفظ «أن» إنما جعله مرسلاً من جهة كونه لم يسند حكاية القصة إلى عمارٍ، فلو قال:«إن عماراً قال مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم» لما جعله مرسلاًَ، فلما قال:«أن عماراً فعل» كان ابن الحنفية هو الحاكي لقصة لم يدركها إذ لم يدرك مرور عمارٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكان نقله لذلك مرسلاً.
وقوله:
143 -
قُلتُ: الصَّوَابُ أنَّ مَنْ أدْرَكَ مَا
…
رَوَاهُ بالشَّرْطِ الَّذي تَقَدَّمَا
144 -
يُحْكَمْ لَهُ بالوَصْلِ كَيفَمَا رَوَى
…
بـ (قَالَ) أو (عَنْ) أو بـ (أنَّ) فَسَوَا
الشرح: بَيَّنَ بذلك قاعدةً يُعْرَف بها المتصل من المرسل فقال من الزيادة على ابن الصلاح: أن الراوي إذا روى حديثاً فيه قصةٌ أو واقعةٌ فإن كان أدرك ما رواه [31 - أ] بأن حكى قصة وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين صحابي والراوي لذلك صحابيٌّ أدرك الواقعة فهي متصلةٌ، وإن لم يُعلم أنه شاهدها.
وإن لم يدرك الواقعة فمرسل صحابي.
وإن كان الراوي تابعياً فمنقطع.
وإن روى التابعي عن الصحابي قصة أدرك وقوعها كان متصلاً، وإن لم
يدركها وأسندها الصحابي كانت متصلة، وإن لم يدركها ولا أسند حكايتها إلى الصحابي فمنقطعة، كرواية ابن الحنفية عن عمارٍ.
وقوله: «بالشرط» (خ) يعني لابد من اعتبار السلامة من التدليس في التابعين ومن بعدهم.
وقوله:
145 -
وَمَا حُكِي عَنْ (أحمَدَ بنِ حَنْبَلِ)
…
وَقَولِ (يَعْقُوبٍ) عَلَى ذا نَزِّل
الشرح: يعني أن ما حكاه ابن الصلاح عن الإمام أحمد وعن قول ابن شيبة المتقدم في «مسنده» فنزله على هذه القاعدة التي زادها (ن) على ابن الصلاح، والذي قاله أحمد ما رواه الخطيب في «الكفاية» بإسناده إلى أبي داود، قال: سمعت أحمد قيل له إن رجلاً قال: «عروة أن عائشة قالت: يا رسول الله» . «وعن عروة عن عائشة» سواء؟ قال كيف هذا سواء، ليس هذا بسواء. فَفَرَّق الإمام بين اللفظين لكون عروة في اللفظ الأول لم [31 - ب] يُسند ذلك إلى عائشة ولا أدرك القصة فكانت مرسلة، بخلاف اللفظ الثاني فإنه أسند ذلك إليها يعني فكانت متصلة.
وقوله:
146 -
وَكَثُرَ استِعْمَالُ (عَنْ) في ذَا الزَّمَنْ
…
إجَازَةً وَهْوَ بِوَصْلٍ مَا قَمَنْ
الشرح: يعني إن حمل «عن» على السماع مقيد بالزمن المتقدم بخلاف هذه الأزمان فإنها محمولة على الإجازة، فإذا قال أحدٌ قرأت على فلان عن فلان ونحوه فَظُنَّ به الرواية إجازةً.
قلت: «وإجازةً» منصوب على البيان انتهى.
وقوله: «وهو بوصل» (خ) يعني أن هذا الظن لا يخرجه عن الاتصال؛ لأن الإجازة في حكم الاتصال لا القطع. و «قَمَن» بفتح القاف والميم، قلت: وبعده نون انتهى، ويجوز كسر الميم إلا أن الفتح هنا يتعين لمناسبة «زَّمَن» (1)، ومعناه حقيق وجدير بذلك.
(1) أي لمناسبة قوله: «ذا الزَّمَن» في آخر الشطر الأول.